Home»National»السيّ عبد العزيز

السيّ عبد العزيز

0
Shares
PinterestGoogle+

جرت العادة أن يتم الإهتمام بالسياسيين والرياضيين والفنانين . ولكن هناك أناسا لهم حضور في حياتنا ويلعبون أدوارا مهمة في المجتمع دون أن يلتفت إليهم أحد. يرحلون في صمت وفي أقصى الحالات يُذكرون بمناسبة تعزية. مدينة وجدة كغيرها من المدن -ولا شك تزخر- بأشخاص يشتغلون في الظل في مواقع عديدة وقد يكون من الإنصاف تسليط  الضوء عليهم…

السّي عبد العزيز فارس المحراب

كانت بدايته في « بيرو عراب » بحي لازاري في مدينة وجدة حيث كان المشرف على الكُتّاب  هناك.تفرّغ لتحفيظ القرآن لأبناء  زملائه من عناصر القوات المساعدة.جلّهم الآن أطر منتشرون في ربوع المملكة ولا أظن أحدا منهم نسي دعابته حين كان يقتضي الأمر ذلك  ولا لسع « الزلاّط » بمختلف الإحجام لرؤوس الصغار النّيام .كان ذلك في بداية الستينات من القرن الماضي وكان يمثل آنذاك  التعليم الأولي قبل أن يعوض الرّوض المسيد وأن تُحفظ بدل القرآن الأناشيد. ومع بداية السبعينات انتقل فقيهنا إلى حي بام بسيدي يحي ومنذ أن شُيد مسجد عمر ابن الخطاب وهو الإمام الراتب هناك.تعاقب على المنبر خطباء كثر وهو باق على العهد متسلح بالعزم وبالصبر.

بعض تلامذته قد أحيلوا على التقاعد وهو مازال يؤم الناس من الصبح إلى العشاء رغم وطأة السّنين والعَياء . قد يكون تلاميذه كُرِّموا من طرف زملائهم  وهم يغادرون مناصبهم أما الحاج عبد العزيز فلن تُكرمه أمّ الميزانيات كغيره من الأئمة  .

 نقرأ هنا وهناك عن تكريم الموظفين بمناسبة ترقية أو انتقال أو إحالة على المعاش أما الأئمة فيعملون في صمت ويدبرون أمورهم لبلوغ آخر الشهر بسلام إلى أن يُكْرمهم الله بحسن الختام.

جل تلاميذه الآن لا يُذكرون إلاّ بعد ذال أو دال ونقطة ومنهم من حاز النياشين والألقاب وهو باق على العهد في المحراب.  تكفيه « السّي » بدون نقط  فبها يرتقي وبها فقط ,فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : »يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها »  .

السّي عبد العزيز قد بلغ من الكبر عتيّا وعمره ناهز الثمانين . إلى متى ستسعفه ساقاه لبلوغ المسجد و عيناه لتحديد مكان الميكروفون؟ صوته قد أصابه الآن بعض الفتور كيف لا والزمن يفتُّ حتى الصخور. ومع ذلك  فلن تحرك  وزارة الأوقاف ساكنا حتى يعجز عن الوقوف(لا قدر الله) لتعين مكانه قيّما شابا مصيره  سلفا معروف.

كم من عميّ عبد العزيز موجود على طول البلاد وعرضها ؟بالتأكيد هم كثيرون والمسئولون بهم لا يكترثون.كيف يكون  حراس العقيدة عند العلي القدير في المراتب العليا وعند معالي الوزير يتقاضون الرواتب الدنيا.كانت إحدى المقولات السائدة تشير إلى  أن للمرأة خرجتان في حياتها خرجة من دار أبيها الى بيت زوجها وخرجة من بيت زوجها الى قبرها. والحال أن للإمام مخرجان إما الإعفاء أو الانتقال إلى دار البقاء.

أبقى الله السّي عبد العزيز لذويه ولأهل حيّه ومتَّعه بالصّحة والعافية وألهم الذين يهمّهم الأمر الاهتمام بالقيمين الدينيين وإحالة المسنين منهم على المعاش براتب مريح يكفيهم ذُلَّ السؤال و القراءة عند قبر أو ضريح.


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *