Home»International»من العبث محاسبة حكومة ستة أشهر في مجلس المستشارين وكأنها قضت ست سنوات في الحكم

من العبث محاسبة حكومة ستة أشهر في مجلس المستشارين وكأنها قضت ست سنوات في الحكم

0
Shares
PinterestGoogle+

من العبث محاسبة حكومة ستة أشهر  في مجلس المستشارين وكأنها قضت ست سنوات في الحكم

 

محمد شركي

 

تابعت جلسة مجلس المستشارين اليوم ، فأثار انتباهي  أسلوب المحاسبة الذي خضعت له  حكومة عبد الإله بنكيران التي  لا يزيد عمرها عن ستة أشهر ، حيث بدت الملاحظات  من طرف  المستشارين الذين ينوبون عن أحزابهم  سواء في المعارضة أم في الائتلاف الحكومي  في شكل محاسبة  عسيرة . والغريب  أن  أحزاب بعض هؤلاء المستشارين وبغض الطرف عن الطريقة التي  تأسست بها بعضها  وفرضت على الشعب فرضا ، كانت وراء أزمة المغرب  سواء الاقتصادية أم الاجتماعية  أم التربوية .  ولقد أفسدت بعض هذه الأحزاب ما وسعها الإفساد  في المغرب ، واليوم صارت تحمل  حزب العدالة والتنمية ما جنته على المغرب  ، وكأنه  لم يبدأ ممارسته للحكم منذ ستة أشهر فقط . ولقد حمل بعض المستشارين سواء من  المعارضة أم من الائتلاف حكومة بنكيران مسؤولية ما يعاني منه المغرب منذ استقلاله  . وبدا لي المشهد كما وصفه الملك الراحل الحسن الثاني  ذات يوم عبارة عن سيرك ، كما ذكرتني هذه الجلسة في مجلس المستشارين  بحكاية الحيوانات المرضى بالطاعون حيث افتخرت السباع الضارية بجرائمها ، في حين حوسب الحمار  الحساب العسير بسبب قبضة عشب  قضمها أمام دير فاعتبر ذلك لعنة  ألحقت بالحيوانات لعنة الطاعون  الفتاك . فنفس الحكاية  أعيدت في مجلس المستشارين  حيث حوسبت حكومة بنكيران على   تردي القطاعات وعلى رأسها  الصحة والتعليم  والشغل  ،علما بأن هذه القطاعات كانت تحت مسؤولية وزراء من الأحزاب التي   يحاسب اليوم مستشاروها حكومة بنكيران  الحساب العسير، وكأن هذه الحكومة هي التي  أوصلت قطاع الصحة والتعليم والتشغيل إلى  درجة الإفلاس . ومع شديد الأسف  بدا مجلس المستشارين يمارس السيرك بالمعنى الحقيقي لا بالمعنى المجازي . فما معنى أن  تطلب مستشارة الاتحاد الاشتراكي من رئيس الحكومة أن يعتذر للنساء المغربيات لأنه استعمل في حديثه  في برنامج  بلا حدود  عبارة لغط النساء بالحمام  ، وكأن لغط النساء في الحمام  صار أمرا مقدسا  من قبيل قدسية  السامية   يقتضي ممن أثاره أن يعتذر ، وكأنه  أمر جلل  مع أن العبارة متداولة في المغرب لقرون  ويقصد بها   ضجيج حمام النساء  حيث   ترتفع الأصوات  ولا تكاد تفهم لاختلاطها ، وليس في استعمال هذه العبارة ما يمثل إساءة للنساء المغربيات  ، ولكن المستشارة الاتحادية كان له قصد آخر  ابتسم له  رئيس الحكومة  والتقطت عدسة الكاميرا ابتسامته كأنه قال لها  عرفت ما تريدين أيتها المستشارة الشاطرة  . في ستة أشهر  كان على حكومة بنكيران أن  تصلح ما أفسد غيرها  في عقود  وإلا تعرضت للنقد واعتبرت حكومة أقوال لا حكومة أفعال . والمؤسف أن  يركب بعض  مستشاري الأحزاب  انتقاد الرأي العام لرئيس الحكومة  بسبب  عبارة  أهم من عبارة حمام النساء ، وهي عبارة كفى وبركة أيها المفسدون  من أجل استغلالها  الاستغلال  الحزبي  أو كما يعبر عنه أحيانا الحزبوي  أو السياسوي  البخس .

ولقد كان رئيس الحكومة أشطر وأذكى عندما قال لو كانت الميداليات توزع في مجلس  النواب ومجلس المستشارين كما توزع في الرياضة،  لكان الكثير من النواب والمستشارين خارج قبة البرلمان ومجلس المستشارين ، وهذا يعني  أن  رئيس الحكومة  يريد القول  لو طبق القانون  لكان المحاسبون لحكومته موضع المساءلة عما اقترفوه  في حق هذا الوطن  من فساد وإفساد . والغريب  أن يسأل  عن الفساد  من يجب أن يساءل عنه . وهنا كان رئيس الحكومة أيضا ذكيا عندما  أجاب  السائل  هات بالمفسدين وأنا سأاحاسبهم  ، وكأنه قال له  بصيغة أخرى  يجدر بك أن  تقدم نفسك أولا للمحاسبة  ،لأن الشعب  عندما طالب  بمحاربة الفساد  من خلال الشعارات المرفوعة رفع معها  أسماء وصور لمن اعتبرهم مفسدين  . وقد اتضح  من جلسة اليوم  أن السيد بنكيران  يعرف جيدا الساحرات والعفاريت والأشباح  وأن الذي يمنعه من  محاسبتهم هو أنهم  خصوم وحكام في نفس الوقت . فعندما  يتمنى رئيس الحكومة لو كانت الميداليات توزع في  مجلس النواب ومجلس المستشارين  كما توزع في  المحافل الرياضية، فهذا يعني بكل جلاء أن  الساحرات والعفاريت يوجدون في مجلس النواب وفي مجلس المستشارين  كما يوجدون خارج هذا المجلس ، ولا يمكن  القبض على من كان خارج  هذين المجلسين دون البدء  بالقبض على من كان بداخلهما حتى  لا يصير  المفسدون  أهل صلاح بمجرد وجودهم تحت قبة البرلمان  وتحت غطاء الحصانة ، فلتسقط الحصانة البرلمانية  على كل مفسد  ، ولتبدأ مساءلة  الذين نصبوا أنفسهم  محاسبين لحكومة عمرها  ستة أشهر بينما عمر فسادهم عقود من السنين .

ولقد كان حلم  المفسدين  ألا يصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم ، أما وقد وصل فلا بد أن يصير مصيره كمصير حمار الحيوانات المرضى بالطاعون  يحاسب عن قضمة  عشب الدير  ، في حين  لا  تحاسب السباع الضارية عن  جرائم الفتك . وصدق من قال لأهل العراق  :  » عجبا لكم أهل العراق تقتلون سبط النبي  وتسألون عن دم البعوض  »  لقد  أغرق المفسدون المغرب في المشاكل  ، واليوم صاروا يتباكون عليه ويحملون حزبا لما يقض ستة أشهر في الحكم وهو مسط ائتلاف ما اقترفوه من  فساد في عقود عم البر والبحر  . عرفنا اليوم يا سيد بنكيران  لماذا   قلت لهم كفى وبركة ،لأنهم بقدرة  قادر يسائلونك  ، ولو كان قانون الميداليات ساري المفعول  حيث يسائلونك لما   حق لهم أن يوجدوا حيث هم ، ولكانوا  موضع  مساءلة  تليق بهم في مخافر الشرطة ، و قاعات المحاكم ، وعنابر الإصلاحيات .  ونحن نلتمس لك اليوم عذرا عما كان منك  من  تردد في الجهر بالتصريح لا بالتلميح  بالساحرات وعفاريت المفسدين  ، وكان الله في عونك مع الحيوانات المرضى بالطاعون  ، وستكون محظوظا إن نجوت من  ذنب قضمك عشب الدير الذي جر لعنة الفساد على المغرب .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. اليوم اليوم و لبس غدا.
    08/08/2012 at 23:06

    اننا في عصر السرعة والصواريخ وكانت حركة20 فبراير وثورات الربيع العربي قد شخصت كل جوانب الفساد وظعت رهن اشارة الحكومات و السلطات الانتقالية كل الحلول وآليات العمل بالاضافة الى التكنولوجيات الحديثة التي سهلت و تسهل كل شيء. غير هذا انه التباطؤ المصطنع والتماطل لربح الوقت على حساب تقدم لبلاد والمجتمع. 6 شهور تطلق فيها عشرات الصواريخ و الأقمار الاصطناعية في العوالم الديمقراطية المتحضرة، لخدمة كل البشريةو ليس 30 مليون نسمة فقط.

  2. كريم
    09/08/2012 at 00:40

    ستة اشهر مدة كافية وكبيرة جدا لتقويم مدى فعالية مؤسسة او حكومة وحكومة بن كيران لم يظهر منها مايفرح لحد الان بل ظهر العكس ويقول المثل المغربي(الخروف الزين من الربك يبان(

  3. ب.ب.من جرادة
    09/08/2012 at 09:52

    يا أستاذ شركي… هل ما زلت تضن أن بنكيران و من معه يصلحون لجر قطار التنمية الى الأمام؟؟؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *