Home»Enseignement»العنف ضد المدرس خطر يهدد وجود المدرسة

العنف ضد المدرس خطر يهدد وجود المدرسة

0
Shares
PinterestGoogle+

من  أهم  أمارات   فساد   الأمم  وتردي
أوضاعها   وتحلل  قيمها   حين  يهان   فيها
المربي  ويحتقر    وتتهاوى   قيمته
الإجتماعية   إلى  الحضيض  …
هل  هناك  ما  هو  أفظع  وأشنع  من   أن
يشعر  رجل  التربية  أنه  مهدد  في  كل  وقت
وحين  في  سلامته  الجسدية   ،وحين  نعتاد
على  سماع  أخبار  الإعتداء   على  رجال
التعليم   من  طرف  تلاميذ  أوذويهم
أومن  طرف  غرباء … وذنبهم   الوحيد  أنهم
اثروا  اختيار   مهنة   لم  تعرف  الأمم
قبلنا  مثلها  شرفا   ونبلا   وعظما  …
قبل  أيام   سمعنا  بجريمة  نكراء    كان
مسرحها    قرية  نائية  من  قرى   إقليم
شيشاوة   وذهبت  ضحيتها    أستاذة  في
مقتبل  العمر …وحسب  الرواية   فالجناة
لم  يكفيهم  ما  أذاقوا  المدرسة  من  سب  و
شتم   فارتأو ا  من  شدة  الحنق   وكراهية
رجل  التعليم     الإعتداء  عليها  جسديا
وبشكل  فظيع   مما  أفقدها  إحدى  عينيها

حكاية  خديحة  الشايب  مؤلمة  ومؤثرة
حقا …لم  تكن  غربتها   وبعدها  عن  أهلها
،ولا   قساوة   ظروف  القرية  وخشونتها
كافيا  لتنعم  على  الأقل  بعلاقات
إنسانية  مع  أهل  القرية  تشعرها  بالأمن
والإطمئنان … والأكيد   أنها  لم  تكن
تتوقع  قط  سيناريو  أسوأ   مثل  الذي  جرى
لها …
حكاية  خديجة  تتكرر  بكثرة   وإن  بشكل
أقل  حدة   ومأساوية  … و يكفي  القارئ
القيام  ببحث  بسيط  عبر  محرك  البحث  ،
أو الإطلاع  على  الدفاتر  التي  يصدرها
التضامن  الجامعي  المغربي  سنويا
للتعرف  على  الحجم  الخطير  الذي  بلغته
ظاهرة  تعنيف  المدرسين  ،علما  أن
الكثير  من  الحالات   لا  تصل  إلى   أيدي
القضاء ولا نسمع  بها   إما  بسبب  كون
هذا  العنف  جاء  كرد  فعل  على  تعنيف
المدرس  لأحد التلاميذ    (عنف  متبادل)أو
بعد  تدخلات  قصد  الصلح   بين  الطرفين
واستجداء   المدرس/الضحية  قصد  التنازل
عن حقه  في  المتابعة  القضائية ،وفي  بعض
الحالات  يفضل  الضحية  عدم  متابعة
الجاني  تخوفا  من  عملية  انتقام  أو
تصفية  حسابات  مستقبلا …
أدى  برنامج  تعميم  التمدرس الذي
طبقته  بلادنا  في  العشريتين  السابقتين
إلى  انتشار  المدارس  ( أو  ما  يشبه
المدارس )في  أوساط  معزولة   لا  تتوفر
فيها  أدنى  شروط  العيش والأمن  مما  جعل
الاف  المدرسين  خصوصا  الإناث  منهم
يؤدون  مهنتهم  في  خوف  مستمر…  فلا  عجب
أن  تسمع بين  الحين  والاخر  حوادث  تحرش
جنسي   واغتصاب   واعتداءات  بدنية   لا
يمكنها أن تمر دون   أن  تترك  اثارا
وندوبا  نفسية  صعبة  الزوال   في  نفوس
الضحايا … وهذا  لا   يعني   أن  المدن
تستثنيها  الظاهرة .ففيها  أيضا يستفحل
العنف  يوما  بعد  يوم    خصوصا  في  أوساط
المدارس  الثانوية  حيث  يجد  المدرس
نفسه  أكثر  فأكثر يؤدي  عملا  محفوفا
بالمخاطر  أمام  شباب   يزداد  اقتناعه
بأهمية   العنف  في  تدبير  الخلافات ومع
انتشار  المخدرات  والعقاقير  المهلوسة
داخل  الأوساط  المدرسية …
سؤال  ملح   يتبادر  إلى  ذهني  هو :  لماذا
يعنف  المدرس؟

_لا  يجب إغفال  كون  ظاهرة  العنف  ظاهرة
نفسية  وسوسيولوجية  مستشرية  في
المجتمع  ككل  حيث يشتكي  المواطن  في  جل
المدن  المغربية  من  فقدان  الإحساس
بالأمن  و حدوث  انفلاتات  أمنية
واعتداءات   في  واضحة  النهار  من  طرف
منحرفين ، الذين  تتزايد   خلاياهم
انتشارا  و يستقطبون  المزيد  من  الشباب
العاطل  اليائس  المحبط   …
التناول  السوسيولوجي  للعنف  يدفعنا
إلى  الإشارة  إلى   العنف  الرمزي  الذي
تحدث عنه  بيير  بورديو  .فالمؤسسات
الإجتماعية  والسياسية  والإقتصلدية
تتظافر   جهودها  لتمارس  القهر  والتسلط
على  الفرد   مما  يؤدي  إلى  تولد  الرغبة
لديه في  التمرد  والإنتقام  واللجوء
إلى  العنف  انتقاما  منها   ورغبة  في
فرض  الذات   المهمشة  المسحوقة وانتزاع
الإعتراف  بها  بالقوة  …    وترى
باربارا  ويتمر  أن   العنف  يجد   له
أساسا  ثقافيا   من  خلال  سعي  النظام
الثقافي  نحو  شرعنته  .وهكذا  يتسامح
المجتمغ  مع   الفرد  المستعمل  للعنف
إذا  كان  موجها  ضد  « الغير  العقلانيين  »
أي  ضد   غير  الرجال  (الأطفال  والنساء
مثلا)…و  يؤدي  ذلك  إلى  تمجيد  العنف
لكونه  سلوكا  رجاليا  وفرصة  لإثبات
أسطورة  الجاني /البطل …
_حقيقة  مهمة   يؤكدها  علماء   نفس
معاصرون     وهي  ازدياد  حوادث  العنف
والجرائم  وضعف قدرة  الشباب  على
التحكم    في  النوازع  العدوانية
واللجوء  إلى  العنف  لتصريف  الغضب
…ويؤكد  هؤلاء (بيتر  سالوفي    جون  ماير
دانييل  غولمان  الخ ) أن  منشأ  ذلك  هو
ترك   الحياة  الإنفعالية   للفرد  عوضة
لخبرات  خاطئة  وجهل  مؤسسات  التربية
بأهمية  التربية  الإنفعالية  في  إكسابه
طرق  ومهارات  إدارة  حياته  الإنفعالية
بنجاح  …فالثقة  بالنفس  والوعي
بالمشاعر   الذاتية   والقدرة  على
إدارتها  ، وإدراك  مشاعر  الاخرين  ،
والقدرة  على  التعاطف  والمهارات
الإجتماعية … مهارات  لم  تعد  ترتبط  _
حسب  دراسات   باحثين   _بمزاج   يتوارث  بل
نستطيع  تعليمها  لأطفالنا  خصوصا  في
الفترة   ما  بين  6  سنوات  و12سنة   حيث
تكون  المسارات  العصبية  في  أوج  تشكلها
في  مخ  الطفل  …
_تتعدد  إذن  الأسباب  المتحكمة  في
انتشار  ظاهرة  العنف  ،ولعل  فهمنا  لتلك
الأسباب  من شأنه   مساعدتنا  على  فهم
ظاهرة  العنف  الموجه  ضد  المدرس   لكن
ذلك  سيبقى  ناقصا  إن  نخن أغفلنا   حقيقة
مهمة  ومرة    وهي  الصورة النمطية
المتدنية   لرجل  التعليم  داخل المجتمع
حيث  ساهم  عوامل  عديدة   كوسائل
الإعلام  ، النظام  السياسي  ، ضعف
الأجور ، المدرس  نفسه  في  بعض  الحالات
، عطالة  الخريجين،تراجع  دور  المدرسة
…في  رسم  صورة   كاريكاتورية   تستسغر
المدرس  وتبخس  من  قيمته  ،ولذلك  فلا
يرى  الشخص مانعا  من  الدخول  في  مشاداة
وعراك  مع  رجل  التعليم  وإهانته  حتى  لو
كانت  الأسباب  في  بعض  الأحيان   تافهة
، أو  حتى   بدون  وجود  أي  سبب  …
تعنيف  المدرس  هو  جرس  إنذار ،وبرهان
على  أن  المدرسة  التي  طالما  حافظت  على
قدسيتها   وحرمتها    وسمو  رسالتها  تمر
بأحلك  الظروف  على  مر  التاريخ  …تعنيف
المدرس  هو  إهانة   للعلم  والتعلم
وترسيخ  للجهل   …فمتى  سنستيقض  جميعا
لنقول   لا  لتحطيم  كرامة  الأستاذ  ولا
للإجهاز  على  المدرسة ….

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. فايدي اعدادية المكي الناصري
    04/05/2012 at 00:04

    مع الاسف النقابات لاتناقش كرامة رجل التعليم وتترك الاستاذ المعنف يعاني لوحده.
    وان ذهب للقضاء فلا ينصف .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *