Home»National»الاعتداء على النبات عادة سيئة في الجهة الشرقية

الاعتداء على النبات عادة سيئة في الجهة الشرقية

2
Shares
PinterestGoogle+

النبات مخلوق صاحب الإنسان منذ أن وجد على سطح هذا الكوكب ، وهو يمثل جزءا من قوته اليومي ، ودوائه ، ووقوده ، وأثاثه ، ومركبه ، وظله ، وزينته …. وما لا يعد من منافع النبات. ومن المفروض في مخلوق كالنبات فيه كل هذه الفوائد التي تخدم الإنسان خدمة كبرى أن يحظى بالعناية والرعاية حرصا على حياة الإنسان نفسه قبل الحرص على النبات . و التعامل مع النبات يختلف باختلاف الثقافات . ومعلوم أن الثقافة الإسلامية مثلت أرقى أنواع التعامل مع النبات لأن كتاب الله عز وجل يتحدث عن نبات الجنة التي هي حلم كل مؤمن موحد . وحبا في الجنة اكتسب النبات في الدنيا أهمية بل وقدسية في حياة الإنسان المسلم . ومعلوم أن المسلم يقوم تعامله الاستهلاكي عموما ، والاستهلاك النباتي خصوصا على قاعدة القوام الذي هو وسط بين التبذير والتقتير. فالإنسان المسلم يرى في النبات أفقا من الآفاق التي يريه فيها الله تعالى الحق ، لهذا هو حريص على النبات حرصا شديدا . والإنسان المسلم لا ينظر إلى النبات على اختلاف أشكاله نظرة استهلاك فقط ، بل يستهلك منه ما يستهلك ، ويستعمل ما لا يستهلك زينة له مصداقا لقوله تعالى : ((وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة )) وقوله تعالى : (( وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج )) والبهاجة والبهجان هو الحسن والجمال الذي يدخل البهجة والفرح على النفس ، وما أقرب الصلة بين فعل بهج ـ بفتح الهاء ـ الدال على الفرح ، وـ بكسر الهاء ـ الدال على الحسن والجمال. ومعلوم أن الذي يعطي البهجة والنضار للأرض هو النبات ، لهذا وصفها الله تعالى بالهامدة دون نبات ، ووصفها بذات بهجة بالنبات ، والهمود موت ، والبهجة حياة .والمسلمون من خلال أوصاف القرآن الكريم تعلموا التعامل مع بهجة الأرض ، وعلموا غيرهم ذلك إذ لا زالت الحدائق في الأندلس شاهدة على قيمة النبات في الثقافة الإسلامية ، وعن المسلمين أخذ الغرب تقدير النبات واحترامه ، وتذوق بهجته التي وصفها كتاب الله عز وجل ، وصار يعيد لنا ثقافة احترام النبات التي تعلمها من أجدادنا بعدما ابتلينا في هويتنا الإسلامية بغزوه الثقافي الذي لم نتشربه ،وفي نفس الوقت لم نحافظ على هويتنا، فصرنا في منزلة بين المنزلتين وهي وضعية مسخ تثير السخرية .فالملاحظ في وطننا عموما وفي جهتنا الشرقية خصوصا غياب ثقافة حسن التعايش والتعامل مع النبات.

فالإنسان عندنا يتميز بعدوانية مفرطة ضد النبات بكل أشكاله ، فلا يكاد يختلي بنبات إلا أهلكه وأتلفه شر إتلاف . ولا تكاد الزهور تستنبت في شوارعنا إلا وتمتد إليها الأيادي بالبطش ، ولا تكاد الأشجار تستقر في بطن الأرض بشوارعنا حتى تجتث من جذورها ، ولا تكاد وردة تفتح هنا أو هناك حتى تصير منديلا لمنخر ملوث بالمخاط المنتن . ولا زلنا لا نعرف شم الورد وهو حي في الحدائق والبساتين عن بعد ن ولا يحلو لنا الشم إلا باغتيال الورد بطريقة همجية ووحشية. أما عيوننا فلا تعرف شيئا اسمه البهجة أو الشيء البهيج ذلك أن بهجة الورود حيث تكون فوق سيقانها لا حين يمسح بها مخاط الأنوف المنتنة. وجذوع الأشجار وظلالها عندنا عبارة عن مراحيض نتبول فيها كما تتبول الكلاب مع أن ذلك من الملاعن المنهي عنها شرعا . والأماكن المعشوشبة عندنا ملاعب رياضية بالضرورة ، أو أسرة للنوم. وهذا العدوان ضد النبات لا يقتصر على الأماكن العامة التي هي ملك للجميع يتعين على الجميع الدفاع عنه بل هو عدوان يمتد إلى الأماكن الخاصة فلا يكاد أحد منا يستنبت شجرة أو وردة في حديقة بيته أو قربه حتى يكون ما استنبته هدفا لعدوانية لا مثيل لها خصوصا إذا كانت الأشجار مثمرة. وأكثر الأماكن الخاصة تعرضا للعدوان على النبات الأخضر تلك المجاورة للأحياء الشعبية التي تعز فيها الخضرة بل تنعدم . فالنشء الناشىء في الأحياء الشعبية ينشأ نشأة لا وجود فيها لثقافة التعايش مع النبات حتى لو كان الآباء والأمهات قد انحدروا من البوادي حيث تكون العلاقة مع النبات طبيعية. والذي جعل نشء الأحياء الشعبية يبدي عدوانية على النبات هو كونه لم يألفها في محيطه، ولم يسبق له الاستئناس بها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى قد يرى في الأحياء المجاورة لأحيائه خصوصا تلك التي يستنبت أصحابها النبات في حدائق منازلهم استفزازا لافتقاره لهذا النبات ، ويكون رد الفعل هو العنف ضد ما حرم منه من نبات

. ولقد عاينت هذا العنف من خلال حديقة منزلي القريب من حي شعبي فرأيت عجبا ذلك أن صغار وبعض شباب هذا الحي العجيب يظهرون عداء شديدا للنبات .ولقد استنبت شجرتي توت قبالة الباب لأن شجرة التوت ذات بهجة ، وهي شجرة تساير فصول السنة ، ومن خلالها قد يعرف الإنسان الفصول حيث تلقي أوراقها خريفا وتظل بلا ورق شتاء، وتورق وتثمر ربيعا وصيفا. وما كادت الشجرتان وهما في حكم الملك العام في الشارع تخرج بواكير توتها حتى صارتا هدفا لعدوانية لم أر مثلها حيث يكسر صغار وشباب الحي الشعبي المجاور فروعها من أجل حبات توت لم تنضج بعد . أما حديقة المنزل فلا تكاد تزهر وردة حتى تعدم إعداما حيث يتسلل صغار وشباب الحي سياج الحديقة الصغيرة لممارسة العنف ضدها وظل كل أحضر كفعل الجراد. ولا تكاد أشجار الزيتون في الشوارع المجاورة لهذا الحي الشعبي تظهر حباتها غير الناضجة حتى تمتد إليها الأيادي لجنيها قبل حلول أوان نضجها .

وخلاصة القول أن العد وان على النبات في الأحياء المجاورة لهذا الحي الشعبي ملحوظ بشكل يثير الانتباه ، وأعتقد أن الأمر يتعلق بظاهرة منتشرة في المدينة إذ لا تجد صاحب منزل فيه نبات أو شجر إلا وهو يشتكي من هذه العدوانية المفرطة ضد النبات . ومن أغرب ما عاينته في فجر ليلة من ليالي شهر رمضان الماضي تسور شابين أسوار حدائق المنازل في أحد الشوارع لجني فاكهة الليمون ووضعها في أكياس كبيرة لبيعها في شهر الصيام ، وعجبت لصومهما . إن ظاهرة الاعتداء على النبات في جهتنا ظاهرة سلبية تنال من بهجة مدينة الألفية التي كان من المفروض أن تكون مدينة خضرة وأزهار وورود وحدائق ذات بهجة تدخل البهجة والسرور على القلوب ، وتترك انطباعا جميلا في نفس من يزورها من الزوار المغاربة والأجانب. وما أحوج المدينة إلى جمعيات الدفاع عن البيئة والنبات. ومادامت المسؤوليات تسند لمن لا ثقافة ولا حس بيئي لديه فإن العداون على النبات سيستمر وبشكل فظيع ومخجل كما كان الحال بالنسبة للكارثة البيئية التي لحقت مؤسسة زيري بن عطية التي احتطب رجل تربية ـ يا حسرتاه ـ شجرها وحولها إلى مؤسسة هامدة بعدما كانت ذات بهجة لأنه يفتقر إلى شيء اسمه الذوق بسبب افتقاره إلى شيء اسمه الضمير ، ومع ذلك وجد من يوفر له الحماية من العقاب المناسب لدى من يشاركه انعدام الضمير وانعدام الذوق ، وانعدام الأخلاق .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. abdelbar
    10/05/2011 at 09:49

    ana mowatin aktono bi almanya kayfa yomkoino ata3arofa 3ala jaridatikom wa chokrane

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *