Home»Correspondants»جرادة : الصم البكم خارج أية مساعدة …

جرادة : الصم البكم خارج أية مساعدة …

0
Shares
PinterestGoogle+

من العادة أن تقدم خلال شهر رمضان الفضيل مساعدات للفئات الهشة وهي مساعدات رغم محدوديتها إلا أنها تترك أثرا بليغا في نفوس المستفيدين . غير انه ليست كل الفئات الهشة تستفيد من هذه المساعدات بل هناك فئات من المعاقين تظل على الهامش  بدون مساعدة نظرا لمجموعة من الاعتبارات  بمزاجية أعوان السلطة . وتظل فئة الصم البكم من الفئات الأكثر هشاشة والتي تعتبر نفسها خارج أية مساعدات ، علما أن العديد من هؤلاء متزوجون لهم أبناء ويعيشون على الإعالة التي تقدمها لهم أسرهم . فإذا كانت العديد من الدول هي من تعتني بالمعاق حيث يتوصل الفرد بمنحة عن الإعاقة ومنحة للأم التي تعتني بالطفل المعاق الصغير حتى لا يحرم من الإحساس بالأمومة والقرب من الأسرة ، فانه لحسن حظ حكوماتنا المغربية فان الأسر هي التي تقوم بإعالة هؤلاء المعاقين بدل أن تتحمل الدولة ولو جزءا من مصاريف المعيشة واللباس والأدوية سيما وان بعض الإعاقات هي إعاقات مركبة وتحتاج إلى أدوية باهظة الثمن فكيف هو الحال بالنسبة لمن له أكثر من معاق ،  إضافة إلى ما تنتجه الإعاقة من أمراض نفسية للمعاق ونحن في مجتمع لا يعترف بالإعاقة بقدر ما يصبح شخصا منبوذا في المجتمع ومرفوض اجتماعيا وكم هو الألم الذي تتحمله الأسرة اتجاه هذه الأوضاع من إهمال الدولة وثقافة المجتمع المبنية على رفض المعاق . للأسف حتى المساعدة الطبية – رميد –   لم تقدم الشيء الكثير للمعاقين وها هو وزير الصحة السيد الوردي ومن داخل الحكومة لمح إلى مشكل في  المساعدة الصحية لغياب التزامات الدولة المادية اتجاه هذه الخدمة ، أما وان تكون خدمة خاصة بالمعاقين كما هو معمول به في جميع الدول للطابع الاعتباري لهذه الفئة ، سيكون هذا الأمر ربما من المستحيلات في غياب بنية صحية ملائمة وفي غياب موارد بشرية متخصصة ، وصعوبة الحصول على الأدوية ، وفي خضم هشاشة الخدمات الطبية ، فان المعاق لا يزال لم يجد ما يتلاءم  مع وضعه الاعاقي حيث يصبح تحت رحمة الطب الخاص وهي تكلفة مادية ستتحملها الأسرة … حتى بطاقة المعاق لم تر النور منذ عقود فمنذ فتحت حكومة السيد عبد الرحمان اليوسفي الأمل  والمعاقون ينتظرون ، لقد دعي المعاقون حينها إلى تعبئة ملف لأجل هذا الغرض وتكلفت الأسر مجهودات جبارة من اجل تعبئة هذه الملفات من خلال الطواف بين المستشفيات والأطباء الخصوصيين واللجان الطبية وفي الأخير ظل كل شيء عالقا ،  ولما طال الانتظار تم الاتصال بنواب برلمانيين لمساءلة الوزارة المختصة ، فكان الجواب إن هناك قانونا عالقا بالأمانة العامة للحكومة !! ومنذ ذلك الحين توالت الحكومات من حكومة السيد جطو والسيد عباس الفاسي ومات من مات من المعاقين وهرم من هرم منهم ولم يعط ولو الحق في الاعتراف بالإعاقة ، وها هي الحكومة الحالية تعاود نفس المسار ، والأسر تعاود نفس المتاعب والمصاريف من وثائق وملفات وتخطيطات  طبية … وما إلى ذلك ولا ندري إن كان الأمر سينتهي إلى نتيجة . وبقدر ما جعلتنا وسائل التواصل الاجتماعي ننفتح على العام ونتعرف على واقع الإعاقة خارج المغرب بقدر ما لامسنا الوضع المأساوي الذي يعيشه المعاق المغربي ، وكم كانت دموع رئيس الحكومة صادمة وهو الشخصية السياسية التي على رأس الحكومة القادرة على فعل الكثير بما يفره هذا المنصب السياسي ،  إلا انه هل كان هناك من ينتبه إلى دموع الأسر والأمهات المغربيات التي تسيل على وضع فلذات أكبادها ، وهل يعرف السيد وزير الصحة انه داخل العديد من الأسر يوجد  » بويا عمر  » يسجن فيه معاقون إن لم يكن ذلك بالسلاسل فانه سجن معنوي خوفا عليهم من أن يتعرضوا للاهانة وللاستغلال بكل أنواعه ومنه الاستغلال الجنسي الذي صدم المغاربة مؤخرا ، في غياب مؤسسات تقوم بتعليمهم وتأهيلهم ورعايتهم . والحال إن الصم البكم يحتاجون إلى إدماج حقيقي في المجتمع والى لغة أصبحت تدرس وفي بعض الدول تستدعى بعض الأسر لتعلم هذه اللغة للتواصل مع أبنائها المعاقين ، بل إن وسائل تكنولوجية ذكية سهلت عملية التواصل عن بعد بالإشارة توفرها دول لمعاقيها الصم البكم ، والغريب أن اغلب اللقاءات التي جمعتنا بصم بكم يظهر أن الغالبية الساحقة لم تخضع لتعلم لغة الإشارة كما هي متعارف عليها إلا من حركات محدودة وبسيطة تضطر كل أسرة لاستعمالها.  وبما أن الإحصاء الذي أجراه السيد لحليمي يكون قد كشف عن وضع المعاق المأساوي وعن حجم الأسر التي تعاني ، والأكيد أن اغلب الأسر من طبقات فقيرة وفي أحسن الأحوال متوسطة ما يوضح عدم قدرتها على مواجهة تكاليف الإعاقة حيث بعض هذه الأسر تدفع بالمعاق إلى الشارع للتسول أو امتهان مهن هامشية مذلة … ونتمنى أن تأخذ الدولة بعين الاعتبار هذه الإحصاءات ، وعندما نتحدث عن المصاريف الباهظة فان الدولة عندما تفرض الزيادات في بعض المواد ومنها الأساسية كالماء والكهرباء والغذائية ، فإنها لا تنتبه إلى وضع الأسر ذات الفرد المعاق الذي يحتاج إلى اهتمام يومي مكلف نظرا لطبيعة الإعاقة وما تستلزمه من نظافة وتغذية وأدوية وغيرها . وكلها مصاريف مكلفة إضافة إلى المجهودات التي تبذلها هذه الأسر في أن تضمن ولو جزء يسير من الحياة الكريمة لهؤلاء المعاقين ، لا نعتقد أن الحكومة التي تفكر بمنطق التوازنات تضع في الاعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للأسر المغربية ، كما أن لا احد يريد ان ينتبه إلى المطالب الموجهة إلى المسؤولين للانتباه إلى أن هناك فئات من هذا الوطن تعيش على الهامش مهضومة في حقوقها وكرامتها ، وبالمناسبة إذا كانت بعض دول تقدم منحة عن الإعاقة ، فانه في ألمانيا تقوم الدولة بمراجعة الاقتطاعات التي تتعرض لها أجور الأسر حيث تقوم بإرجاع بعض الاقتطاعات للأسر ذات الوضع الاجتماعي معين ومنها تلك التي بها معاق .

وما يرفع من حجم إحباط الصم البكم هو أنهم يعيشون التهميش داخل بعض  الجمعيات والتي بعضها يجعل من الانتماء إلى الجمعية توظيفا كميا وسياسيا أحيانا وهو ما جعل  الصم البكم نظرا للتهميش الذي يلاقونه ينفردون بعدة وقفات احتجاجية وطنية ومحلية لإثارة الانتباه إلى وضعهم ، فكثيرا ما تتعامل الجمعيات مع المساعدات التي تتلقها أو التي يعهد لها بالتصرف فيها إلى منطق الولاءات والقرابة  وشيء من التوظيف السياسي  و … ما يؤدي إلى تهميش أشخاص وفئات بحرمانهم من حقهم من تلك المساعدات . وقد طالب العامل السابق لإقليم جرادة من هذه الفئة الانتظام في جمعية حتى يسهل التواصل والتعامل معهم ، وفعلا تم تأسيس جمعية وحيدة لهذه الفئة  توجهت بملفات مطلبية في العديد من المناسبات لكن الإنصات إلى تلك المطالب لم يتحقق هو ما جعل هذه الفئة تعاود احتجاجاتها ويبدو أن الجمعية التي لم تعد قادرة على القيام بدورها التواصلي في غياب من يقوم بهذا الدور من الأعضاء الأسوياء الذين حصلوا على شغل أبعدهم عن الجمعية أصبح الصم البكم معزولون لأنه لم يعد هناك من يتحدث عنهم ، أو ينوب عنهم في إيصال مشاغلهم ، كما أنه كلما تغيرت الإدارة المغربية إلا وتغيرت العقلية ووقعت القطيعة ما يجعل معالجة العديد من الملفات تقف في نصف الطريق ، إن لم يتم إهمالها بالمرة، فيعود الاحتجاج إلى الواجهة . وبالمناسبة كان هناك اجتماع مع مسؤول محلي لتجاوز هذه الوضعية وتجاوز الإهمال الذي تتعرض له هذه الفئة بان يتم التواصل مباشرة بأسر المعاقين إلا أن شيئا من هذا تحقق حسب بعضهم .

الصم البكم لا يملكون لسانا يمكن أن يبلغوا به أحاسيسهم ومطالبهم وحقوقهم وحتى تلك الوقفات والاحتجاجات الصامتة لم تجد من يحسن قراءتها ، لكن تكفي بعض الحركات البسيطة من الاهتمام والمساعدة من طرف المسؤولين لتشعرهم بأنهم موجودون وبان لهم بعض الحقوق …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *