Home»Correspondants»حينما تحول الداخلية رؤساء الجماعات الترابية إلى مجرد شيوخ ومقدمين لديــها

حينما تحول الداخلية رؤساء الجماعات الترابية إلى مجرد شيوخ ومقدمين لديــها

0
Shares
PinterestGoogle+

انشغل المهتمون بالشأن الجماعي  هذه الأيام   بالجدل المحتدم بين الفرقاء السياسيين حول مسودة مشروع القانون التنظيمي رقم 15.34 المتمم والمغير للقانون  التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية ، وكان حري بهم  ألا ينشغلوا بذلك،  ويهبوا إلى تهنئة  وزارة الداخلية  على إنجازها العظيم ، فينحنوا  ثلاث دقائق عند أعتابها الشريفة ، في الرباط وسائر ممثلياتها بالعمالات والأقاليم ، إجلالا  لنجاحها التاريخي  في إخراج القوانين التنظيمية الثلاث المتعلقة بالجماعات الترابية على نحو يكرس سطوتها على مجالسنا المنتخبة ، ويجعل رؤساءنا مجرد شيوخ ومقدمين لدى ولاتها وعمالها ، ينفذون تعليماتهم وقراراتهم  دونما تردد أو تماطل ، يصفقون لمبادراتهم و مخططاتهم  دون كلل أو ملل ، و يمجدونهم بالليل والنهار ، بمحضرهم وغيبتهم ، وإلا عرضوا أنفسهم للعزل القضائي ، فتطير من ايديهم كراسيهم ، و تصير بالتالي مصالحهم في كف عفريت.
لا ندري من أين لوزارة الداخلية كل هذه القدرة السحرية على حياكة القوانين التنظيمية  وفق مقاس المخزن ، وصناعة إجماع ممثلي الأمة حولها ، دون أن تتحرك لذلك شعرة من رأس الراي العام ولا فايسبوك ولا توتير  ؟؟
عبثا نحاول الإجابة على هكذا سؤال دون فهم عميق  للعلاقات المصلحية الموغلة في الكتمان بين أم الوزارات واللاعبين الأساسيين في المشهد السياسي الرسمي ، ولن يتأتى هذا سوى  بسبر أغوار تلك العلاقات الخفية والمعلنة لاستجلاء اسرارها ومكنوناتها ، وعندئذ تتكشف للجميع الحقيقة  ساطعة كما هي لا كما تصورها الأجهزة المتحكمة المعلومة ، وفي مقدمها  وزارة الداخلية أم أجهزة  حكومة الظل أو الدولة العميقة كما يحلو لفقهاء السياسة تسميتها .
آه ، حينما تستمع إلى الخطابات السياسية لأحزابنا ، داخل قبة البرلمان وخارجها  ، تظنها أشبه ما يكون برسالات سماوية ، لكن لما تنظر إلى  أفعالها تجد معظم طلعها كأنها رؤوس الشياطين.
بالأمس مررت القوانين التنظيمية الثلاث بالإجماع رغم ما فيها من ثغرات واختلالات جسيمة  ، وبلعت الأحزاب وقادتها ألسنتها ، فلم  نسمع لها ركزا بخصوص ما انطوت عليه من مقتضيات لا تمت للديمقراطية الحقة  وللحكامة الجيدة بصلة ،  بل تمثل ردة غير مسبوقة عما تحقق للأمة المغربية من حريات وحقوق ومكتسبات جد متقدمة ، وتنزيلا لا ديمقراطيا لأحكام دستور 2011 الذي  جاء بتعديلات جوهرية  مكرسة للحريات والحقوق ، معززة لمبادئ الديمقراطية والعدالة ، وموطدة لمبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة .
وفي المقابل ، راينا كيف اقامت الأحزاب الدنيا بشأن مشروع القانون التنظيمي  رقم 34.15 الذي صودق عليه أول أمس الاربعاء 17 يونيو 2015، ما لا يدع مجالا للشك  أن الإنتخابات هي هاجسها الأوحد ، في حين أن الديمقراطية و الحكامة ، التنمية  المستدامة والمندمجة ، محاربة الفساد والإستبداد ، وما جاورهن .. ما هي إلا شعارات  ترفعها لبلوغ مآرب سياسوية وفئوية بخسة على حساب المصلحة العليا للوطن والمواطن ، لأن حمى الإنتخابات سيطرت على عقلها وتفكيرها حتى أصبحت لا تلهج إلا بذكر المقاعد والمناصب.
طبعا ، المقام لا يسعفنا لإيراد النقائص الخطيرة التي اعترت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية ، الجماعات والأقاليم والعمالات والجهات ، والتي أفرغت المقتضيات الدستورية المتعلقة بها من معناها ومبناها ، و هي النقائص ذاتها التي اثرناها في مقالنا  » مشروع القانون التنظيمي للجماعات الترابية .. تكريس لسلطة عمال الداخلية وإضعاف لسلطة المجالس الجماعية  » ، وهو عبارة عن قراءة منهجية نقدية لمسودات هاته القوانين التي يفترض أنها تجسد ثورة نوعية في نظام الدولة  بشقيه اللامركزية واللاتركيز.
على أي ، لا ينكر إلا جاحد أهمية ما أتي به  القانون التنظيمي رقم 34.15 من أحكام  تعزز تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة ، غير أن طريقة انتخابهن المنصوص عليها في المادة 128 المكررة منه تمثل تنكبا عن الأصول الديمقراطية الكونية ، وتثبيتا لأقدام الريع السياسي الذي يمس بمبدإ السيادة للشعب كحكم دستوري عام ، لأننا نرى أن هذه الطريقة المتهافتة منافية تماما لمبادئ الإقتراع الحر والنزيه ، خاصة بالنسبة للجماعات التي يجري فيها الإنتخاب بالإقتراع الفردي ، إذ لا تتيح تكافؤا حقيقيا للفرص بين جميع المترشحات في الدوائر الملحقة ، وتعطي حظوظا أوفر للفوز بالمقاعد الملحقة الأربعة للمترشحات اللائي لهن علاقة سكنية أو مهنية بتلك الدوائر ، أو اللائي سيلحقن بمترشحين ذوي حظوظ أوفر فقط ، بينما تبقى حظوظ الأكثرية منهن شبه منعدمة ، وهذه الإشكالية لم تكن مطروحة قط في ظل القانون 59.11 الذي نص على الدوائر الإضافية ، حيث كان لجميع ناخبي الجماعة ذات الإنتخاب بالإقتراع الفردي الحق في انتخاب ممثلتيهم في المجلس ، ليقتصر هذا الحق بموجب القانون التنظيمي ارقم 34.15 على ناخبي الدوائر الأربعة الأولى من حيث عدد الناخبين .
النائب الأول لرئيس المجلس البلدي لأحفير ذعبد الإله وهاب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *