Home»Enseignement»جروح في قلب مدرسة(بضم الميم)

جروح في قلب مدرسة(بضم الميم)

0
Shares
PinterestGoogle+

جروح في قلب مدرسة(بضم الميم)

1)امرأة ليست أما و لا من ربات البيوت

 

تعود بعض التلاميذ أن يغادروا المدرسة و الدراسة قبل موعد العطلة ’خاصة إذا كانت العطلة في نهاية الدورة الدراسية.لكن إذا كان التلميذ يعتقد أن من حقه أن يتغيب عن الدراسة قبل موعد العطلة ’فان هذا القانون بمفهوم التلميذ لا ينطبق و لا يطبق على المدرس(انه ملزم بالحضور حتى لو لم يوجد التلميذ).

غالبا ما يأتي التلاميذ إلى المدرسة ليستوطنوا ساحة المدرسة ’بينما تبقى جماعة منهم خارجها مكونين طوائف يتبادلون الكلام حتى الساقط منه’ولا يعيرون اهتماما لامرأة تمر بجانبهم أو رجل أو زوج أو أب مع ابنته أو ابنه.أصبح لهم الحق المطلق في احتلال الأماكن العامة حتى لو كان المكان بجوار المسجد  ’حيث يتكدسون باحثين عن أشعة الشمس الدافئة خاصة في الأيام الباردة.

أخلاقنا الإسلامية (إذا كنا فعلا مسلمين)تجعل المسلم لا ينطق فحش الكلام أو يقوم بفحش الأفعال ’فإما أن يتكلم خيرا أو ليصمت و ليغض النظر.ولكن المحزن هو أن يحاسب الإسلام انطلاقا مما يفعله بعض المسلمين حيث لا يميزون بين المرفوض و المقبول من الأقوال و الأفعال و لا بين الحرام و الحلال…

بقي على نهاية الدورة يومان’دخلت المدرسة صباحا باحة المدرسة و ذلك حسب برنامج عملها على الساعة الثامنة.تنتظر جرس الشروع في العمل.وفي اتجاهها نحو قاعة التدريس ’وجدت ثلة من الفتيات التلميذات’واحدة من هن أتت بدون وزرة ’و بدون قلم’و لادفتر أو كتاب .الوزرة هي الدلالة التي تجعل الولد أو البنت تنتسب إلى المدرسة.هذا من الأعراف التقليدية للمدرسة…واحدة من الفتيات جاءت إلى المدرسة للتسلية و النزهة و (قتلا الوقت) ’وتطلق قهقهات مدوية مع صديقاتها.اقتربت المدرسة(بضم الميم) ربما بفضول تربوي’وربما بإحساس الأم نحو أبنائها عندما ترى سلوكا غير مرغوب فيه’و تريد أن تصححه’و ربما اعتقادا منها أن دورها التربوي يفرض عليها واجب النصيحة.وإلا ما الفرق بين المدرسة(بفتح الميم) التي هي مكان التعليم و التربية و مؤسسة السوق أو الحمام أو الملعب الرياضي؟؟؟؟توجهت المدرسة إلى التلميذة بالسؤال التالي÷لماذا أتيت إلى المدرسة و أنت لا تحملين معك دفترا أو قلما أو كتابا و لا حتى ورقة ؟؟؟ردت التلميذة بقسوة و غلظة الرجال القساة(ليس هذا شانك و لا يهمك أمري و لست في دارك’وأنا افعل ما أريد)

توجهت المدرسة إلى حجرة الدراسة و هي تفكر طويلا’ و بعمق’ و بحزن شديد أيضا’وبكثير من خيبات الأمل’وهي تتساءل÷كيف تحول هذا الجيل من الناس إلى وقحين لا يحترمون أي إنسان صغيرا أو كبيرا.ابسط الأمور أن يحترم التلميذ هذا المكان باعتباره مكانا للعلم .وان طلب العلم فريضة على كل مسلم و مسلمة.هكذا علمنا سيدنا الرسول عليه السلام. فأعطى مكانة كبيرة لمن يعلم.وهو القائل (إنما بعثت معلما)و أن مكان العلم هو محراب للفكر و العقل’فيه تتعبد العقول وتتأمل.وان المدرسة هي صورة مصغرة للمجتمع الكبير’وهي الشريان الحيوي للمجتمع’بل هي المكان الذي يمد المجتمع بالصناع و العمال و الأطباء و المهندسين و السياسيين و المصلحين و غيرهم..و أن المدرسة إذا تهدمت قيمها انحل المجتمع و تفكك وتلاشت أوصاله’و تحول أفراده من كائنات إنسانية إلى كائنات حية’يعتدي بعضها على بعض.فمن واجب كل مواطن أن يدافع عن وطنه و مؤسساته.فأي مرض أو عطب أو عطل يصيب مؤسسة اجتماعية سينتقل بالعدوى إلى المؤسسات الأخرى’فتخرب المدنية و الحضارة.

المدرس من مهامه الأولى المحافظة على استمرار و استقرارا لمجتمع و أن يعمل في سبيل حصول التغير في أنماط التفكير و العقليات’ويعمل على تطوير الأخلاق الايجابية.لقد قامت المدرسة(بضم الميم) بهذا الفعل(تنبيه الفتاة) بقناعة أنها مربية و مواطنة وامرأة و أم مسلمة يهمها أمر أبناء المسلمين و بناتهم.وان من واجبها الديني أن تدعو بالمعروف و تنهى عن المنكر’بأي وسيلة كانت.كانت تؤمن أن الإسلام ليس شعارات لفظية ’بل أخلاقا و معاملات و عبادات و علاقات بين الإنسان و أخيه الإنسان,وبين الإنسان و الحيوان ’وبين الإنسان و الطبيعة’وبين الإنسان وخالقه .واعتقدت وهي تقوم بالصلاة يوميا وفي كل أوقاتها’أن من واجبها أن تنصر الملائكة و تلعن الشياطين…

كان اليوم الأخير من العطلة.توجهت كما تفعل دوما نحو باب المدرسة’التي كانت تبعد عن الطريق المعبد مسافة ’وعليها أن تشق طريقا غير معبدة تنتشر فيها الأوساخ والأتربة و النفايات.طريق يتحول إلى مستنقعات في الأيام الممطرة…خطت بضع خطوات وإذا بها تسمع صوتا يناديها أتيا من الخلف.صوتا خشنا لا اعتبار فيه لإنسانية الإنسان.التفتت المدرسة(بضم الميم)صوب الصوت ألآت من مسافة جد قريبة’و إذا بها ترى امرأة في مقتبل العمر جعلت من وجهها لوحة فنية ’إذ لم تترك صباغة أو لونا إلا ووضعته على وجهها.تيقنت المدرسة أن هذه المرآة من نوع خاص.ليست من ربات البيوت.قدمت التحية للمدرسة’و سألتها عن السبب الذي جعلها تتكلم مع ابنتها في موضوع الدفتر و القلم و الكتاب و الوزرة.(أنت لست أمها’ و لا ولية أمرها و لا قرابة لك معها’و أمر ابنتي لا يهم المدرسة لا من قريب ولا من بعيد’وعوض الاهتمام بالآخرين و مشاكلهم ’اهتمي بأمرك.أنت لست وصية على ابنتي’إنها هنا تفعل ما تريد.وأنت إذا لم يعجبك فعلها فاطرقي رأسك مع الجدار’وستجدين الشفاء من عقدك المرضية….أنت هنا لست إلا عاملة فقط .والمدرسة ليست من أملاكك..تذكري هذا جيدا) و كلام اخرمن قاموس الألفاظ الفاحشة.

لما سمعت المدرسة هذا النوع من الكلام الذي لم تألفه لا مع صديقاتها أو أخواتها أو جيرانها’ومخافة أن تسمع أكثر مما سمعته’هبت مهرولة إلى داخل المدرسة حيث تشعر بالأمان.قررت الانسحاب من معركة لا تكافؤ فيها .وتبين لها أنها ستضيع وقتا ثمينا في الاستماع إلى متربصة لا هم لها سوى أن تتصور نفسها في حمام الحي الشعبي تبحث عن المبارزة مع أي آخر و بأي ثمن.و يحلو لها أن تكون هي المنتصرة دائما.انه انتصار الوقاحة و الدناءة واحتقار الآخر على التربية و الأمانة و الضمير المهني و الأخلاقي…

قلت في نفسي وأنا أدون هذه الحقائق المفجعة و الموجعة في نفس الوقت’انه المجتمع الذي جعل وضع المدرس تحت التراب ’وجعل كرامته تحت الرصيف بل تحت الحصير يدنسها كل من هب ودب.إن مجتمعا يضع رجله على أنف المدرس فيدقه دقا ’لا يمكن أن يتطور’ولا أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام’ولا أن يصلح نفسه’و محكوم عليه بالفناء و الانحلال…

وتساءلت السؤال الكبير÷أين مكانة و احترام أهل العلم و المعرفة؟؟و أين نحن من المثل الصيني(من علمني حرفا ’صرت له عبدا).انقلب الكون في بلدي رأسا على عقب’ و صرنا نقول المثل و بمرارة (من علمني حرفا جعلته أضحوكة للناس).

انجاز÷ صايم نورالدين

الأحداث في الموضوع واقعية و حقيقية.وهي مهداة إلى الأستاذة التي تحدثت عن الواقعة.و مهداة أيضا إلى كل من يحمل و تحمل قلما و كتابا و طباشير.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. أم مروى
    29/09/2013 at 00:51

    أستاذي الفاضل فنحن نجد انفسنا في حلبة صراع سيزيفي الأستاذ في المحك عليه أن يخرص ويصم ويعمى ،،،لكن إذا كان الشرفاءو المخلصين الإوفياء لضمائرهم المهني ، أولاىك هم الفضلاء الذين لايوقف عزمهم الاان يقضي الله أجلهم ،لأفض الله فوك أستاذنا وجعلك بصرا كاشفا لحق كل. أمل يرجو رضا الله قبل رضا العبد ٥٥

  2. أم مروى
    30/09/2013 at 20:23

    السلام عليكم بحق ،لقد غداالاستاذفي حلبة لا يجد أذان صاغية فيحمل صخرة المعاناة على كتفيه لعله يلقى من يصغي اليه من قريب أو بعيد ،فان وجد هانت متاعبه ،لكن مهما يكن بالأستاذ عمله لا يتوقف على الدرس فحسب ،فهو المربي بعد الوالدين ليكون جيله جيلا ينبوعه ومصبه الأخلاق لو أن الوعي فينا لما وجدنا من يجهز على الأستاذ أجهز الذئب الشرس

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *