Home»Enseignement»أسئلة برسم الفكر التربوي الرسمي

أسئلة برسم الفكر التربوي الرسمي

0
Shares
PinterestGoogle+

أسئلة برسم الفكر التربوي الرسمي

عبد العزيز قريش

ـ هل لوزارة التربية الوطنية رؤية فلسفية وسياسية وعلمية منبثقة من رؤية الحكومة العامة لما يجب أن تكون عليه المنظومة التربوية المغربية في سقفها الأعلى. وفي سقفها الأدنى هل لها رؤية الحزب الذي يديرها على الأقل؟

ـ هل للوزارة سترجة للاشتغال على المنظومة التربوية أم تديرها من منطلق لكل حادث حديث وحسب النوازل؟

ـ هل للوزارة أولويات تعمل عليها انطلاقا من أهميتها وموقعها ودورها في المنظومة التربوية وفي تجويدها؟

ـ بما أن البعد البيداغوجي قطب الرحى في العملية التعليمية التعلمية؛ ما رتبته من بين أولويات الوزارة؟

ـ ما البدائل التي تطرحها الوزارة في البعد البيداغوجي بموازاة أطروحاتها الإدارية بعدما أوقفت مسارات ابعد البيداغوجي؟ وما نتائج هذه البدائل ميدانيا خاصة على المتعلم المغربي؟ وما مدى تحقيقها للأهداف التي لم تحققها أصولها ؟

ـ هل الوزارة واعية باشتغالها على قضايا ومسائل المنظومة التربوية وأثر ذلك عليها على المدى القصير والبعيد ومستعدة في الدخول في محاسبة علمية مع الفكر التربوي المغربي الأدبي؟ فقضية الوعي قضية جوهرية في الوجود والفعل والمعنى معا؛ ذلك أن ( العالم بحاجة إلى الوعي دوما، لأنه بحاجة إلى أن يكون ذا معنى، ولا ينبثق المعنى إلا من خلال ارتباط حقيقي للوعي بالعالم، ليس ارتباطا بين شيئين، غريب أحدهما عن الآخر، أو متناقضين، وإنما ارتباط لا ينفصم، توحد ولا انفصال. المساحة التي يعمل فيها الوعي هي العالم، والمعنى الذي يوجد فيه العالم وينظم ذاته هو الوعي )[1].

ـ هل الوزارة استفادت من ذاكرتها التاريخية وتراكم تجاربها في إحداث النقلة النوعية التي لم تحققها عبر تاريخها وعبر أطروحاتها الماضية والحاضرة؟ وهل تلك الذاكرة ساكنة أم متحركة؟

ـ ما دلالة الذاكرة التاريخية في الفعل الحدثي الحالي للوزارة في السياق الاجتماعي والثقافي والعلمي والسياسي … ومتطلبات الإصلاح ورهاناته الآنية والمستقبلية؟

            أسئلة تنبثق من أعماق التفكير العلمي والثقافي والاجتماعي في أزمة المنظومة التربوية التي تشتد حدتها ودرجتها وعمقها كلما بحث باحث عن نتائج الإصلاح ودعوى التطوير والتجديد التي تبشر بها السياسة التربوية على لسان كل من تقلد هرم وزارة التربية الوطنية، وجاء رسولا للحكومة مبشرا بالتغيير الذي سينقل المنظومة إلى مصاف المنظومات التربوية الرائدة عالميا!.

هذه المنظومات التربوية التي أصبحت فيها التكنولوجيا التعليمية سمة بارزة نحو المستقبل نجد منظومتنا جوهرا لا شكلا يستوطنها تفكير الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ومازالت تحن للماضي حتى في الممارسات التي يطغى فيها العمودي على الأفقي دون استحضار الزمن الوجودي بمعنى الوجود ( زماني في جوهره وبطبيعته )[2] الذي يعمل على التطوير والتجديد وإيجاد الفرق بين الأزمنة الماضية والحاضرة والمستقبلية في كل شيء. فهذا التفكير يتساوق مع الذاكرة السكونية المؤمنة بالماضي دون الحاضر والمستقبل؛ فيكبح التطور والإبداع ويلغي النقد والآخر في نفس الوقت، ولا يهمه إلا ذاته، ولا يسمع إلا لصوته وصداه في غياهب نفسه وامتدادها في الكائنات التي تشكل جغرافيته الحاضنة لتضاريسه! فيصير معها المتعلم متكررا في الزمن في نسخ طبع متجددة مع بعض التعديلات الشكلية الموهمة بالتغيير والتطوير، والحقيقة يبقى الجوهر هو هو! ومن ثمة في إطار المعرفة بنوعية التفكير الذي يسود المنظومة التربوية يمكن استشراف النتائج في البعد البيداغوجي خاصة لأنه هو البؤرة التي تتجمع عندها كل الأبعاد الأخرى بل هي  العدسة التي تتكثف عندها الأشعة على الأقل، وهو أداة القياس التي تنطق بالنتائج.

في ظل الواقع التربوي الحالي المعيش مازال المتعلم المغربي يطلب تعليما نوعيا وظيفيا متماشيا مع معطى عصر الألفية الثالثة ألفية المعرفة. يطلب تعليما مستوعبا للتطورات المتسارعة في الحقل التربوي والتعليمي والحقل العلمي إن على المستوى النظري أو على المستوى التطبيقي الذي يوجد النقلة النوعية في التطور الإنساني والحضاري. وهو ما يدعو إلى تفكير تربوي رسمي يستوعب التغيرات والتطورات الحاصلة في الأنظمة التربوية العالمية الرائدة في مجاله. ويذهب بحنكة المربي العالم الحكيم إلى الأخذ بقوانينها الكونية التي أودعها الله فيها لأجل إحداث تغيير جوهري في منظومتنا التربوية دون دخول هذا الفكر التربوي الرسمي في افتعال قضايا هامشية ينعكس غبارها سلبا على جوهر الفعل التربوي والتعليمي.

فالقراءة المتأنية للحاضر التربوي القائم بيننا اليوم ليجد بؤر الأزمة حاضرة كما كانت البارحة! فمثلا: الأخطاء في التنظير للفعل التعليمي على مستوى المدخل المعرفي والديداكتيكي والموضوعي مازالت مستوطنة ربوع المنهاج الدراسي ومستتبعاته!؟ المفاهيم والتصورات هي الأخرى مازالت تتأرجح بين التحديد واللاتحديد!؟ الأخطاء المعرفية والمنهجية والعلمية مازالت بعد تستعمر الكتب المدرسية؟ التكنولوجيا التعليمية في عمقها مازالت في أغلبها رغم المجهود المبذول شعارا لا فكرا ممارسا!؟ خطاب المنظومة التربوية الرسمي مازال عموديا وشاقوليا ورأسيا وإداريا بامتياز!؟ … والشواهد والدلائل على هذا، مجموع الوقائع المعيشة ونتائج الدراسات العلمية التي قام بها البحث التربوي الأدبي، والبحث التربوي الأدبي حاضر ليدلي بشهادته في الموضوع بكل موضوعية وتجرد؛ لا تحاملا ولا مجاملة.

  فهذه الأسئلة هي برسم مساءلة الواقع التربوي الرسمي المغربي انطلاقا من معطيات الدستور الجديد للمملكة المغربية الذي يؤسس جوهره للشفافية والكفاءة والحكامة والمساءلة والمحاسبة والتحفيز ولقيم دولة الحداثة دولة المدنية والديمقراطية … وبعد مرور مدة زمنية كافية لإبراز النتائج في الميدان. والسؤال الجوهري في هذا الحاضر التربوي الرسمي هو: المتعلم. والمتعلم هنا كتصور وتطبيق ووجود ثم كفعل وناتج فعل وسيرورة فعل واستمرار فعل … فالفكر التربوي الرسمي كفعل دال على الواقع المعيش عليه الإجابة الشافية والكافية والمقنعة حتى لا نستمر في تأزيم المأزم ظنا منا أننا نعالجه والحقيقة عكس ذلك.

إن أسئلة كبرى برسم فكرنا التربوي الرسمي يجب أن تفتح من منطلق الاهتمام بالشأن العام والانخراط في تصحيحه وتطويره وإنجاحه حتى يستقيم تأسيس المستقبل على أسس صلبة. وهذا يتطلب المرونة وسرعة التكيف والاستماع والتشارك. فلم يعد في ألفية المعرفة مقبولا أن يتأخر الفكر التربوي الرسمي ومؤسسته التعليمية عن تطورات الحقل العلمي المتسارعة، فهو الذي يحدث تلك التطورات وهو استباقي في شأنه عن المجتمع وليس متأخرا عنه كما كان سابقا. وبالتالي؛ فالفكر التربوي عامة والرسمي خاصة يرفد من تنوعه لا من أحاديته، ويظل التنوع يصنع التطور وتظل الشمولية والأحادية تصنع التأخر والتخلف. فهذا القانون الاجتماعي تؤسس عليه دولة الحداثة مبدأ جوهريا فيها، وهو مبدأ الحوار وتصريف الاختلاف بإيجاد المشتركات للانطلاق منها، ما؛ تتكامل معه مكونات المشهد الديمقراطي في تناول القضايا والمشاكل والإشكاليات المطروحة والتعاون على مقاربتها في ظل التوافق الناتج عن الحوار والمشتركات والأهداف النفعية حدا أدنى له.

وأنى الفكر التربوي الرسمي من الحوار والتوافق والتنوع في مقاربة قضايا أزمة المنظومة التربوية المغربية؟ ومتى سيقوم بنقد ذاتي من أجل وعي ذاته وموضوع اشتغاله؟ ومتى سيقدم الإجابات عن الأسئلة السابقة المطروحة عليه، وأخرى حاضرة من قبيل التساؤل عن مداخل التجديد في النموذج البيداغوجي؟ وعن الاستفادة من الكفاءة العلمية والتربوية المغربية في إصلاح التعليم ببلادنا؟ وما مصير البحث التربوي في المنظومة التربوية؟ وما مدى استفادة الوزارة من البحوث والدراسات التي قدمت لها؟ … أسئلة؛ لابد من طرحها دون خلفيات أو قراءات متوجسة أو ردود فعلية متسرعة غير متزنة. فالفكر التربوي الرسمي يجب أن يتسم بالانفتاح خاصة على وجهة النظر المخالفة. ما يمكنه من الاستفادة من كل طاقاته وكفاءاته على تعدد وتنوع مشاربها الفكرية والثقافية والاجتماعية واجتهاداتها التربوية. فهل نجد لدى الوزارة مجال التقاطع حول قضايا ومشاكل وإشكالات المنظومة التربوية؟ يأمل الفكر التربوي الأدبي ذلك. والله الموفق.

عبد العزيز قريش


[1]   د. صلاح الجابري، الوعي والعالم: السيكولوجي والباراسيكولوجي، الأوائل، دمشق، سوريا، 2005، ط1، ص.:10.

[2]  د. عبد الرحمان بدوي، الزمان الوجودي، دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1973، ط3، ص.: 46.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. متتبع
    06/08/2013 at 05:04

    وهل تعلم أن أكثر الكلمات التربوية لمعانا لا تفيد جين تكون ذات التربوي منافقة مريضة.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *