Home»Femme»اتحاد العمل النسائي في الذكرى الخامسة والعشرين

اتحاد العمل النسائي في الذكرى الخامسة والعشرين

0
Shares
PinterestGoogle+

اتحاد العمل النسائي في الذكرى

الخامسة والعشرين

بقلم : محمد صلحيوي

في لقاء صحفي، وقف الأستاذ مصطفى بوعزيز باعتباره مؤرخا، على قضية غاية الأهمية، تتعلق بمن يكتب التاريخ؟؟ إذ أكد –مع تسجيل أسفه- على أن تاريخ المغرب مازال يكتبه السياسيون، ومازالت مراكز البحث العلمي والموضوعي هامشية. الأمر الذي ينتج ذاكرة جمعية مشوهة ومثقوبة، لأن السياسي يكتب وفق مصالحه القريبة والبعيدة.

حاولت تطبيق هذا الرأي الواضح على تاريخ الحركة النسائية المغربية وتحديدا تاريخ اتحاد العمل النسائي، وهو يحيي ذكرى تأسيسية الخامسة والعشرين التي صادفت هذه السنة انعقاد مؤتمره الرابع. مسترجعا منعطفات ومخاضات هذا التنظيم الذي تأسس في 03-11-1987، ليس كسياسي بل كمعايش لمخاضات التأسيس والتطور والمآل .

1-الإطـــار العـــام:

المعروف وسط اليساريين الديمقراطيين المغاربة، أن أواخر سبعينيات القرن الماضي، عرفت تحولا جذريا في الكثير من القضايا، أهمها على الإطلاق قضيتان، القضية الوطنية والقضية الديمقراطية، فبخصوص القضية الأولى: كانت الأطروحة أن الموقف الوطني متعال على الموقف من النظام، وكان الجواب الحاسم على الأطروحة العدمية. أما الأطروحة الثانية: هي أن السلاح الأمضى للتغيير هي الديمقراطية، وقد كثفها الراحل عبد السلام الموذن حين قال: بأن الثوري الحقيقي هو المؤمن بكل جوارحه وانفعالاته بالديمقراطية، متجاوزا بذلك معادلة  » إصلاح أم ثورة  » وكانت النتيجة الموضوعية لتناقضات المجتمع والسياسة، تبلور إذا الخط الوطني الديمقراطي الراديكالي كتيار ديمقراطي أعاد أسس الاعتبار للكثير من القضايا المتفرعة عن القضية الأساسية التي هي الديمقراطية، على رأسها قضايا الشباب والنساء، باعتبارهما قضايا- هنا أيضا- متعالية عن متطلبات الصراع الطبقي المباشر. ولقد كان مؤتمر المنظمة في سنة 1978 لحظة حاسمة لتسييد الاختيار الديمقراطي لنضال اليسار المغربي، ليجد تصريفه الميداني في 18 نوفمبر 1979  بصدور أول عدد لجريدة أنوال، وبعدها جريدة / مجلة الشباب الديمقراطي » وبعدها بثلاث سنوات جريدة 8 مارس في 3 نوفمبر 1983. وانطلقت مسيرة نضال شبابي ونسائي برؤية جديدة على المجتمع المغربي بقواه التقدمية،  وكانت الأرضية الفكرية- الإيديولوجية لميلاد اتحاد العمل النسائي في 3 نوفمبر 1987.

2- اتحاد العمل النسائي الذي كان:

كان صدور جريدة 8 مارس تتويجا لنقاش عميق بين مناضلات ومناضلي منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بشكل أساسي، نقاش تمحور حول نوعية المبادرة التي يجب الإقدام عليها: هل الانطلاق من الدعوة لتجميع الطاقات النسائية بمختلف انتماءاتهن في تنظيم نسائي واحد؟ أم، إطلاق مبادرة فكرية إيديولوجية في صيغة جريدة التأسيس الفكري والإيديولوجي؟ تطور النقاش لصالح الرأي الثاني، وهو الرأي الذي أعطى جريدة 8 مارس.

انطلقت التجربة بمنطلقات جديدة على التربة الفكرية المغربية في رؤيتها للمرأة، منها:

طبيعة القضية: والأساس في ذلك أن المسألة النسائية قضية مجتمعية، وليست قضية النساء وحدهن، وبالتالي فإن التناقض هو ما بين الفكر الذكوري والفكر النسائي، الطرف الأول ينطلق من وعي التشيئ ويحدد هوية المرأة انطلاقا من الجسد، والثاني ينطلق من إنسانية المرأة ويحدد هويتها من عقلها، وبالتالي النضال من أجل أنسنة العلاقة، والنتيجة اصطفاف على أساس الأطروحتين اجتماعيا.

ب- الخصوصية: ومؤداها أن المسألة النسائية فوق طبقية كبعد هيمني، وهو الجواب على التصورات الميكانيكية السائدة آنذاك وسط القوى التقدمية والتي اعتقدت أن تحرر النساء نتيجة حتمية للتحرر الاقتصادي ، وهي بهذا همشن العوامل الثقافية والترسانة القانونية المحافظ.

ج- الاستغلال المزدوج: والقصد هو تأكيد استغلال المرأة من طرف المجتمع ضمن علاقات الإنتاج، ومضاعفة استغلالها داخل المنزل من طرف الرجل بمنطق ذكوري، وبالتالي كانت الأطروحة ردم هذه الوضعية انطلاقا من تقاسم الأتعاب والمسؤوليات، وتحميل المجتمع مسؤولية أبنائه وبناته.

وكان على المناضلات والمناضلين وهم يواجهون مجتمعا محافظا بتلك المنطلقات، أن يجبن- يجيبوا على قضايا فرعية كمفهوم حرية المرأة المناقض تماما لمفهوم الحرية البورجوازية، ومفهوم النسائية المصادمة تماما لمفهوم النسوانية الذي يختصر الصراع ضد الرجال، وليس ضد الفكر الذكوري أي يلخصه كصراع جنسي، وكان عليهن-عليهم أن يجبن-يجيبوا على أن الأساس هو المساواة في الوظيفة الاجتماعية التي هي نتاج مجتمعي خالص. وليس على وضيفة طبيعية خلقية، إن صدور جريدة 8 مارس شكل آنذاك نقلة نوعية وتاريخية في النضال النسائي الذي هو اساس حداثة ودمقرطة المجتمع، وكانت منظمة العمل الديمقراطي الحاضنة لهذا المشروع بمناضلاتها ومناضليها، لقد تأسست لجان دعم 8 مارس في كل منطقة تواجدت فيها المنظمة، وتحملت المناضلات المسؤولية في القيادات الجهوية- وجدة، فاس،البيضاء،الرباط، تطوان،مراكش،مكناس،بني ملال، الخ…-بالاضافة لتحول منازل مجموعة من المناضلات الى مقرات 8 مارس، كمنزل عائشة لخماس -رغم معاناتها نتيجة اعتقال زوجها المناضل محمد بلمقدم ضمن مجموعة عيوش والحجامي- ومنزل المناضلة سامية عباد الأندلسي، وفاطمة التزاوي، ولطيفة اجبابدي، والسعدية اسعدي وثريا التناني- قبل وبعد خروجها من السجن ضمن مجموعة القالب سعيد وزوجها المناضل محمد المرابط- وحكيمة الناجي وعائشة الحجامي، والمناضلة رحمة نظيف، والمناضلة خديجة امتي.. وتلتحق بهن مناضلات أخريات كعائشة خمليش، وحكيمة فنيدي-رحمها الله-وعائشة ابوناي وأمينة اشكر، وأخريات كثيرات.

إن هذه الثلة من الرياديات والرياديين قد جعلن وجعلوا من جريدة 8 مارس الوسيلة التواصلية والإعلامية الأمضى لغرس فكر نسائي جديد والمتوج بتأسيس تنظيم موازي لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وهو اتحاد العمل النسائي في 3-11-1987 والذي رفع وتيرة النضال النسائي لتكون مبادرة الحملة من أجل المليون توقيع لتغيير مدونة الأحوال الشخصية، والمنطلقة يوم 8 مارس 1992، إحدى المآثر الكبرى لاتحاد العمل النسائي، والتي ترجمت الحملة في العمق نوعية الوعي- التأثير الذي أنتجه الأفق الرؤيوي لنضال المواقع –الجبهات الذي أطلقته المنظمة في 1983 .. وللحقيقة التاريخية القول أن اتحاد العمل النسائي لم ينظم فقط مناضلات ومناضلي المنظمة، بل الكثير من مناضلات الأحزاب التقدمية اللائي لم يجدن في تنظيماتهن مكانا لقناعاتهن النسائية، إضافة لكثير من المثقفين والمثقفات، كالناقدة زهور كرام والباحثة فاطمة الزهراء ازراويل، وزهور العلوي، وعائشة التاج، وأخريات كثيرات.

وخلاصة المرحة بأكملها، هي التالية من حيث الجوهر: إن النضال النسائي كمقياس للنضال الاجتماعي العام من أجل الدمقرطة والحداثة هو نضال فكري تنويري كموجة لتنمية القدرات والمهارات والأدوار النسائية وشكل المسكوت عنه إحدى يافطات وعناوين هذا النضال، والذي عبرت عنه 8 مارس الجريدة بفتحها ملفات البغاء – التحرش الجنسي- وخادمات البيوت وربات البيوت استغلال العاملات. وعبر عنه إتحاد العمل النسائي تنظيميا وفي الطرح القانوني بمطلب تغيير المدونة .

3- اتحاد العمل النسائي الكائن:

أعطت – أنتجت مبادرة المليون توقيع من أجل تعديل مدونة الأحوال الشخصية زخما حقيقيا للنضال النسائي ، وتفرعت فروع التنظيم النسائي الموازي لمنظمة العمل وقد تحرك اتحاد العمل النسائي- آنذاك- في ظل شرط لوضع سياسي وسمه النهوض الديمقراطي الذي قادته القوى الوطنية، والذي توج بتأسيس الكتلة الديمقراطية – منظمة العمل الديمقراطي الشعبي –التقدم والاشتراكية- الاتحاد الاشتراكي – الاستقلال- والتي رفعت مطلب الإصلاح الدستوري والسياسي، وفي صلبه المطلب الأساسي لاتحاد العمل النسائي المتمثل في التنصيص الدستوري على المساواة الكاملة بين النساء والرجال، إلا إن منطق التناقض لا يرحم أحدا، فبعد انتخابات مجلس النواب 1993 برزت على السطح الإعلامي تناقضات الحقل السياسي، وتبلور خطان سياسيان داخل الكتلة:

1-              خط- تيار التغيير من داخل المؤسسات كأفق استراتيجي.

2-              خط – تيار التغيير من داخل مواقع الحركة الجماهيرية كأفق استراتيجي.

وقد اخترق هذا الاصطفاف كل القوى، بما في ذلك اتحاد العمل النسائي كتنظيم- جمعية موزاية للمنظمة- ما أفرز في لحظة من اللحظات، وبالتحديد دورة اللجنة المركزية المحضرة لانعقاد المؤتمر الوطني للمنظمة، رأي الاستقلالية التامة عن المنظمة، وكان هناك رأيان: رأي رافض للاستقلالية التامة، ورأي مدافع عن الاستقلالية التامة، كانت حجة الرأي الأول مكثفة في أن التأسيس كان ضمن منطق وفلسفة دمقرطة الدولة والمجتمع كخيار فكري وسياسي بعد ذلك. والنضال السياسي رافعة بكل خصوصياته للنضال الديمقراطي أما الرأي الثاني فقد اعتمد حجة الاشتغال بدور الشباب والتمكن من صفة الجمعية ذات المنفعة العامة. ولأن مثل هذا الخلاف لا يحسم لا كميا ولا سياسيا، لأن النضال النسائي أكبر من خلاف سياسي وتنظيمي وشخصي حتى، ولأنه جرى –حدث- ، واتحاد العمل النسائي توسع بالتحاق أفواج من المناضلات اللائي لم يعشن مخاضات التأسيس الاعلامي والتنظيمي، فإن المسألة تحولت مع تطور الأيام الى أمر واقع، وبدأنا نعاين جمعيات تنموية متفرعة عن اتحاد العمل النسائي، وترأسها مناضلات قياديات وبدأنا نعايش أيضا مبادارات الطرز والخياطة، ودخول مصطلحات النخيل والسيدة والحرة… ليدخل اتحاد العمل النسائي مرحلة التيهان الفكري والتنظيمي، ويتراجع إشعاعه بشكل كبير، وليغيب دوره الطليعي للمسألة النسائية، ولعل إيقاف جريدة 8 مارس سنة 1995 لم يكن فقط لغياب الدعم، بل أيضا لتراجع البوصلة الإشعاعية.

4-            التحاد العمل النسائي الممكن:

إن المعادلة التي أفرزتها تجربة اتحاد العمل النسائي الرائدة هي التالية: من جهة مرحلة التأسيس النظري والتحسيس القضياتي والتأطير التنظيمي كانت الموجه لتنمية قدرات ومهارات النساء المغربيات، ضمن منطق التنظيم الموازي لمنظمة العمل، ومن جهة ثانية نوادي وجمعيات تنموية وشراكات موجهة للتأسيس والتحسيس والتأطير ضمن منطق الاستقلالية التامة. فما هو الممكن؟

إن نتائج وتمظهرات الحراك الديمقراطي مغربيا وشرق أوسطيا، تؤكد الحاجة إلى استرجاع اتحاد العمل النسائي دوره النضالي المتميز، اعتبارا للردة التي تعرفها المجتمعات المذكورة على واجهة حقوق المرأة، لذلك فالمطلوب:

أ‌-                 رد الاعتبار للثقافة النسائية التغييرية، بمنطلقاتهـا المدنيـة والحداثيــة والتحرريــة.

ب‌-             تركيب لحظتين: لحظة التنظيم والتأسيس النظري، ولحظة الاستقلالية والموازاتية والحصول على تنظيم اتحاد العمل النسائي جماهيري تقدمي ديمقراطي مستقيل كفضاء لكل الحساسيات والمناضلات الديمقراطيات.

وتحية لرائدات اتحاد العمل النسائي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *