Home»Jeunes talents»مجموعة فاكهة النون القصصية للقاص علي عبدوس الرؤيا الشعرية والمنظور السردي

مجموعة فاكهة النون القصصية للقاص علي عبدوس الرؤيا الشعرية والمنظور السردي

0
Shares
PinterestGoogle+

مجموعة فاكهة النون

للقاص علي عبدوس

الرؤيا الشعرية والمنظور السردي

الجزء 1

تبدو ذات السارد  في مجموعة فاكهة النون القصصية كقلعة شالة  في العاصمة الرباط أو كعروس الأسطورة المتسيدة على تاريخ عمالقة البحر تمنح للون والشكل والحلم والإنسان الأمل والبهجة والطهارة وتهب للعقم الأنوثة والفحولة و الخصب والإنجاب أو كحوض سمك النون الذي يتوسط جنان القلعة الذي  تحرسه الجن والأسطورة والخرافة ليعطي للزوار الوعد بتحقيق الأحلام والبلسم من داء البؤس والإحباط وقلق العصر. حيث تحكي القلعة تاريخا شامخا من أسطورة الإنسان غدا موروثا ثقافيا يحفظ كنوز أسرار سليمان وأعراف الجماع البشري و يحقق بحبل الرجاء التوازن النفسي المفقود ويقلص من مسافة التوتر بين الذات المثلى والذات الحقيقية للإنسان تماما  كتاريخ السارد الشخصي الذي يحيل على متن وقائع حياته وحياة الأشياء والكلمات من حوله حيث شغفه بمجازات اللغة واختراقاتها للواقع ولعنف المعيش اليومي وزيغ المعيش العاطفي  وولعه بفتنة الكلمة وجمالية تعبيرات الشعر الآسرة للقلب والعين والسمع كيـــــــــــــف لا وهوالمدرس الخبير بأسرار العربية وآيات  إعجازها وهو الجليس المستأنس بألفة الشعراء والمؤنس  لوحشة إلقاء القصيدة في مجالس أدبية شبه فارغة يزيد فيها عدد الملقين على عدد المتلقين. وهو المفتش حارس منظومة اللغة والحريص على تداولها وسلامتها وألقها وإشعاعها في زمن حضارة الصورة وتراجع سلطة الخطاب وهيمنة فنون  البريق والإثارة من غناء ورقص…والمجرب الخبير بالحياة المراكم للتجربة لإعادة توثيق صلته بالشعر واللغة و قراءة التاريخ الشخصي واستعادة تفاصيله وانتقاء أبرز المحطات المحلية ووالوطنية والقومية والأحداث المرتبطة بمرحلة الطفولة والمراهقة  والشباب والرجولة وما تتسم به من عفوية و حماسة وفورة مشاعر وإقبال على الحياة وولع بجمال الطبيعة وجاذبية المرأة ومغامرات عاطفية ومزالق نفسية وزلات سلوكية في أفق كشف المستور والإعلان عن المسكوت عنه واللامفكر فيه وكسر الطابوهات على طريق تصحيح  رؤية السارد للأشياء والكلمات والعوالم الداخلية المشتعلة والخارجية المثيرة بمنطق طفولي حالم  بريئ  تارة  وبمنطق شبابي عاطفي متخيل تارة أخرى وتقويم المسارات الحياتية واختبار نجاعة نهائج التفكير وإحداث الهزة النفسية التي تحقق الرضى عن الذات وتقدير الأشياء من حوله وفي طليعتها الطبيعة والبحر والمرأة والشعر والمدينة والإنسانيات… في  اتجاه وضع المشروع السردي الشخصي على السكة وبلورة  الخط الكتابي الذي يمزج بين السرد والشعر والوصف . وفي هذا السياق الحياتي و المساق  الأدبي المتميز بامتلاك السارد  لحساسية شعرية مفرطة  تلون طريقة صياغته لرؤيته للمرأة والطبيعة والشعر بتأثيرات نزارية ونزق نواسي واستيهامات صوفية وعجائبية كافكاوية تحكم صلته بالذات والآخر وترهن  علاقته باللغة باعتبارها بنية شعرية تنتظم عناصرها علاقات وعواطف وقيم  وخيال وليست مجرد دوال ومدلولات علاقات تنحرف بالواقع وتخترق المألوف وتحول القبيح جميلا والخراب عمرانا وتستدرج العادي غريبا ثم عجيبا فخياليا بفضل حدق مهارة تشغيل أدوات  الوصف بأشكاله الحسي والنفسي والسردي والخيالي حتى غدا النص بامتياز نصا وصفيا يمتح من خطاب الشعر المنثور الذي يخضع لظاهرة الاقتصاص وعملية التسريد.

 من هنا يصعب على الدارس تصنيف هذا المنجز السردي نظرا لتداخل الحدود والفواصل وصعوبة إخضاع النص لمعايير دقيقة تكشف هويته النصية فيحسب على جنس القصة القصيرة جدا تارة لاحتفاء تكويناته النصية  ببلاغة الحذف والانتقاء والتقصير أويندرج في إطار فن القصة القصيرة  نظرا لاشتغاله على الحدث الكلامي المفجر للغة والمنزاح عن الواقع  من خلال التنويع بين الجملة السردية النواة والجملة السردية التفصيلية التي يحكمها نظام المتوالية السردية البسيطة المعتمدة على الحالات والتحولات الحدثية كما يمكن تصنيفه ضمن السيرة الذاتية أو الغيرية الحريصة على التأريخ الشخصي  واسترجاع وقائع من الماضي واستعادة ذكريات سعيدة أو مأساوية بل قد يصنف نص من نصوص المجموعة ضمن  قصة المثل كما تقدمها الكائنات النصية في مؤلف كليلة ودمنة  لابن المقفع  أو في إطار معارضة الأعمال القصصية الرائدة وإعادة إنتاج نظامها السردي في أحد نصوص المجموعة  بل يمكن إدراجها ببساطة انطلاقا من تداخل خطاب الشعر بخطاب السرد  في خانة الشعر الوجداني الغزلي الوصفي المنثور تارة أخرى.

مما يسمح بطرح الأسئلة النقدية المشروعة حول الشكل والمعمار السردي والرؤية السردية والأسلوب القصصي واللغة وتفجير الجملة السردية والانحراف عن الواقع… من قبيل:

ما العلاقة بين الخطاب الشعري والخطاب السردي في نص فاكهة النون ؟

إذا كانت اللغة لاتقلد إلا اللغة والخطاب لايحاكي إلا الخطاب:

فمن الذي يشكل الامتداد ومن الذي يشكل العمق ؟

هل الشعري أزاح السردي ؟ أم أن السردي ينحت لغة الحكاية والوصف من الشعري؟ هل من معايير لتصنيف القصة القصيرة أم أن محكي الحذف يروي القصر ويحكي الانتقاء ويسرد الانتظار؟ وهل من مقاييس لتصنيف و تقطيع الوصفي والسردي أم أن قص الأحداث يأخذ شكل سباق الخيل أهم مافيه  البداية والنهاية؟

لذا فالمجوعة القصصية تطرح بإلحاح عدة فرضيات تسعف في بلورة الأطروحة النقدية منها أن :

-القاص متشرب بروح القصيدة العربية الفصيحة  و مستضمرلقواعد لمح إشاراتها و شفرات تكثيف معانيها وقوانين صناعة إيحاءات صورها ومشاهدها  ومتشبع بخصوصيات متن الخطاب الشعري  وقيمه التعبيرية والجمالية  لكنه يفضل عن اقتناع  اختيار صيغة جنس الشعر كإطار للتعبير عن تجربته بلغة العصرالذي يعيش فيه حيث يحتفي بعالم السرد فيصنع له  وجودا  في كون الملفوظ  ووجودا موازيا في حضارة الصورة والوصـــــــــــــــــف .

-القاص متأثر بإنجازات العلم وجنوحه نحو العوالم الدقيقة والجزئيات التفصيلية في علوم الوراثة وثورة الجينات وتوجهه نحو تصغير المكبر كما حدث للحاسوب الذي كان يتجاوز حجمه الغرفة فصار على مقاس كف اليد فحذا حذوه وقصر عالم القصة وفق قواعد السرد ونماذج الحكاية واختار منظورات دقيقة لينفذ إلى عوالم الـذات    الحبلى بالتيه تارة والانكسار تارة أخرى وليؤطرتفاصيل الموضوع الخارجي  كذلك في أفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق

تسييد الذات الساردة وجعلها  تلعب دور بطولة السرد وتتقمص دور شخصية الوصف وتضطلع بمهمة إسناد النعوت للكائنات النصية والموجودات الحسية و والمخلوقات الباطنية  والقوى الفاعلة داخل الكون السردي .

ولعل ما يستوقف المقتحم للعالم السردي لمجموعة فاكهة النون الخطاب المقدماتي المؤثت بعتبات النص التي تشكل المداخل الرئيسية للعالم القصصي من جهة  وبمحيطات النص  التي تعتبر منارات دالة في الكون السردي. ومن جملة ذلك العنوان الذي يشكل علامة سيميولوجية دالة  تحيل على متون النص ومرجعياته الفنية والفكرية  التي تتماهى في عشق جسد اللغة وإلباسه أيقونة النموذج المثال كما ترجع بنا إلى هوامش نواة المعنى وتشكلاته  المحاذية والمتحرفة عن واقع التجربة القصصية المكثفة بالمشترك الرمزي وإيقونات الذات المنكسرة المبرحة بزيغ المعيش العاطفي وعنف المعاش اليومي . فإذا كان عنوان فاكهة النون يتردد مرتين أولا  كنص كامل مختزل لعناوين المجموعة وكنص مقتطف مزين لباقاتها المختارة بدقة من عدة حقول دلالية كالمرأة والطبيعة والبحر والعلاقات الإنسانية في إطار بلاغة ذكر الجزء وإرادة الكل فإنه يبقى في جميع الأحوال  مركبا إضافيا وجملة إسمية حذف أحد طرفيها وهو الخبر الذي يتولى النص الكبير الإخبار عن  عوالمه السردية واللغوية بتفصيلات مقتضبة تسد مسد بلاغة الحذف والتقصير والاقتصاص ليشعر بطعم محلول السعادة ومسكن أوجاع الزمن وممرن العلاقات مع الأخرى/ المرأة التي لم  تكن من نصيبه لكنها  تملك مفاتيح الأمل ومبررات الوجود ووسائل الخلاص من ترسبات النفس البشرية وتجليات الإحباط والنكوص والحيرة  والإدبار عن الحياة في أفق البحث عن المعادل الموضوعي الذي يحقق الإدماج المجتمعي للبطل  وتوازنه النفسي من خلال درجة كتابة غير محايدة تورط اللغة في تفجيرات المعنى المعقول واللامعقول على حد سواء  وتشتط بالرؤيا السردية في متاهات الخيال الاسترجاعي تارة والخيال الإبداعي تارة أخرى .

 إن نص علي عبدوس القصصي جدير بالقراءة لاقتحام كونه السردي المستفز للذاكرة الحدثية الجمعية ومعانقة عوالم تيمته النووية / المرأة المؤطرة  بتيمات التعلق بالبحر وجاذبية فضاءات مدن الساحل وما تثيره مرابع الشباب من مساقط الذكرى ويوحي به نبع ملحمة الماء والإنسان من إيحاءات الوجود الذاتي على المستوى الفردي والجماعي و ما يقدمه من مفاتيح الامتلاء بثغل  تاريخ مأساة الواقع وأزمات الإنسان ونسغ  انتظارية الأمل.

محمد ابراهيمي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *