Home»Jeunes talents»نافذة على المدرسة العمومية:المجموعة القصصية « الاستبداد الناعم « للقاص المغربي علي عبدوس :مقاربة ميكروسردادية :تأويل المتلقي

نافذة على المدرسة العمومية:المجموعة القصصية « الاستبداد الناعم « للقاص المغربي علي عبدوس :مقاربة ميكروسردادية :تأويل المتلقي

0
Shares
PinterestGoogle+

*-تأويل المتلقي

أ-اللغة وماهية الحكي:

رغم أن الصورة النوعية في أقصوصة « الاستبداد الناعم « حدثية ، فإن ظلالها الوصفية، ووشاحاتها الإيحائية ،ترخي بفيئها على اللغة التي يمتشقها السرد، وتؤطرها الرؤية السردية من الخلف التي يحكمها اللاتبئيرأو التبئير الصفر حسب جيرارجونيت 3، ليلتقط  الوصف بعين الأحادية صور الشخصية، وصور المكان ،ويبئر  بتأطيرات زوايا النعوت الحسية والنفسية ، صور الموضوع وتلوينه  بحساسيات لغوية ،تمتح تارة من الحقيقة لتشهد على الواقع ،ومن المجازات تارة أخرى  لتنحرف به عن المألوف، وتخترق من خلاله  المعتاد ،وتنزاح به على بساط الشطحات  الصوفية، لتفصح عن الوجد الداخلي المعلن والمسكوت عنه، وتكشف عن مجاهدات النفس البشرية ومكابداتها ،أو تحلق بواسطة أجنحة الخيال الشعري في آفاق عشق الذات ،حتى ثمالة الشعور الفردي بالنرجسية ،والتعلق بأهداب جمال المحبوبة، حتى نخاع اللاشعور الجمعي بالرضى.

ب- وظائف اللغة :

 يهيمن على لغة النص »الاستبداد الناعم » المزاوجة بين السرد والوصف والحوار، والخضوع لتنظيمات الجملة النواة بشكل يتأبى عن الإشباع السردي،فيغلب الصيغة الفعلية الشاهدة على الحدث ، و المؤطرة بالفعل الناقص(كانت ، كنا،أكن…) المتردد داخل شبكة السرد ليدل على عدم بلوغ البطل لمأرب الوصال التام ، وعلى نسخ الأحكام السابقة عن الشخصية المبحوث عنها، التي يحيل عليها اسم « أمينة « … أكثر من إثباته ،عن طريق الجملة التفصيلية المتخنة بالنعوت الحسية،  والأحوال النفسية ، والظروف والمظروفات، والجار والمجرور، الدالة على التعلق بمضافات نفسية وثقافية ذات حمولة رمزية، والشاهدة على مسرح تحولات التجربة العاطفية ، والمرهنة للمغامرة باختراق وازع القيم ،والتحريف عن ضمير العرف المجتمعي… المقيدة بطيف من المفعولات، المعبرة عن عجز البطل عن تجاوز الطابوهات، وتحرير النفس من قيد المكبوتات التي

1.          ألبست لغة السرد أثواب التجسيم والتشخيص والتنغيم، من خلال اعتماد التصوير بواسطة التشبيه والاستعارة والأنسنة، المتحققة عن طريق الاندماج والمشاركة الوجدانية :(اشتقت إلى ابتسامة عينيها…حملت ألمي…الأغاني معطرة بغنة كمنجة.. أقطع المسافات محلقا في السماء..وابتسامتها في خيالي ذابت في المجهول..أتعثر في الأعين المحملقة وضجة الأطفال.ص3/8* و( أحسست بالرغبة المتبادلة تنتشر فينا ،حولنا كالحريق.) ص9 /*9، والجمل المتوازنة الموقعة بتنويع القوافي ،وبصيغ المشتقات العاملة كاسم الفاعل واسم المفعول وصيغة المبالغة ،الدالة على فاعلية البطل، ووصف مشاعره وحركاته، داخل فضاء يتكرر، وتتكرر معه بعض الكلمات الدالة ، من قبيل :( بحرارة ، قبلتني ،قبلتها، المدينة ،أمينة، تضحك، الجميل …)(طافحة ، الجامح ،الشامخة،  معطرة ،المتموج، مترنحا، باسمة ،الجميل ،شجيا،غريب، قديمة ،لذيذ ،مشدوهة، مستجدات…)  ( توقفتا عن الحديث، والضحك ،حين استوى الإدراك…هرعت أمينة فاتحة ذراعيها، حضنتني وهي تصيح أمام الملأ والدموع في عينيها…).الشيء الذي زاد من الإيقاع والنغمية الداخلية،التي تقرب الكتابة السردية من المعمار الشعري الحديث ،فتتحقق المعادلة الفنية الصعبة:سردية الشعر تساوي  شعرية السرد .

ج- ماهية الحكي:

يخضع نظام الحكي في أقصوصة « الاستبداد الناعم » لبرنامج سردي دقيق، يكشف عن نمطه الرومانسي، حيث يقوم به باختيار نحوي وبلاغي يجعل الراوي يتماهى في شخصية المؤلف داخل صيغة « حكاية بضمير المتكلم » كما يرى جيرار جونيت ،ليمرر رسالة مفارقة: » إنسانية الإنسان مرتهنة، بتحرره من الطابوهات المفضية إلى الاستئثار النفسي. »ص 254إلى متلقي عربي مغربي شاب منفتح على معرفة الأخرى، وربط علاقات مختلفة معها بعيدا عن رقيب القيم،  أو كهل ذي نزوع رومانسي يروم من العودة إلى الماضي،  اقتحام عنف المعيش العاطفي بزيغ المعاش العاطفي، بواسطة قناة تصريف حدث المغامرة النفسية ، واستعادة ذكريات الشباب عن طريق لغة مرهفة ذات حساسية شعرية، ونعومة تصويرية منفتحة على الشعر، والاحتفاء بالوجد، والوصف الخارجي والداخلي للموضوع  ،وعلى التشكيل الذي يرسم أشكال المكان، والشخوص ،ويلون العواطف الإنسانية  بألوان الرؤية للواقع ،ويصبغها بطيف الحلم ليصنع الحالة الفنية ،عن طريق تحويل الذكرى إلى حكاية رومانسية ، يساعده في ذلك اختراق الزمن لإحداث منفذ للتنفيس، والتواصل مع الراهن. لكن يعيقه عامل السن ،والحرص على نقاء وبقاء القيم.

وتعبر الخطاطة السردية عن مسارات السرد نحو حركة ارتدادية نحو الزمان، واندفاعية خطية داخل المكان ،لتحقيق تقعر الحكي في اتجاه الحفر في أعماق النفس الإنسانية ، والنبش في هوامش ترسباتها المنزاحة عن العرف، بداية ثابثة  تلجأ إلى وصف « أمينة » بعد تزايد الشوق والإحساس بالفقد والغياب، مما يسوغ بمنطق التبرير الشروع في البحث عنها ، ومرورا بتحول تعذر العثور على المبحوث عنه في مساقط الهوى القديمة ،وبرفض المجتمع بإيعاز من وازع القيم هذا الوصال الذي أصبح  بمنطق الإقناع محظورا، بفعل التغيرات الطارئة على وضعية العشيقين ،وانتهاء بلحظة حميا لقاء مقطوع بعين الرقيب مفضي إلى بريق سعادة  .

وتكشف الحالات والتحولات  وتسلسل الأحداث ،عن حبكة قصصية بسيطة ،تزاوج بين الجملة السردية النواة المتكونة ،من الراوي/بطل المغامرة العاطفية، والفعل السردي، والزمان ،والمكان:( البطل يبحث عن أمينة في مدينتها عندما زاد عليه الشوق) والجملة السردية التفصيلية، التي تتداخل فيها الأمكنة والشخوص(البطل يبحث داخل زمن الشروع  وزمن اليأس وزمن الوصل وفي عدة أمكنة كحي القصدير والعاصمة ومدينة المحبوبة …عن أمينة رغم رفض الساكنة ومراقبة الرجل القوي ووازع القيم).

 يشي التنظيم الداخلي للمتوالية السردية عن حسن التخلص، وجودة التضمين ،و يؤكد وجود منطقين :منطق ترابط أحداث القصة مع أحداث المجموعة  وباقي قصص الاستبداد الناعم ،ومنطق  امتداد السرد في مساقات القصص السابقة  واللاحقة  » الفراشة » و »قرية أبريل » وفاكهة النون …

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *