Home»Enseignement»دلالة بعض المصطلحات التربوية التي استثقلها وزير التربية الوطنية

دلالة بعض المصطلحات التربوية التي استثقلها وزير التربية الوطنية

0
Shares
PinterestGoogle+

دلالة بعض المصطلحات التربوية التي استثقلها وزير التربية الوطنية

محمد شركي

أثارت بعض تصريحات وزير التربية  الوطنية  دهشة الرأي العام التربوي في لقائه المتلفزة الأخير حين استثقل بعض المصطلحات التربوية المتداولة  حاليا في إطار إجهازه على ما كان متداولا  قبل مجيئه عند الوزارة المنصرفة . ولقد بلغت الدهشة عند البعض حد الشك في حقيقة معرفة الوزير بدلالة هذه المصطلحات . وتنويرا للرأي العام التربوي، لا بأس من توضيح اللبس الذي حصل للوزير مع مصطلحين وهما: مصطلح  التعليم التأهيلي ،الذي ظنه  تعليما أو تكوينا مهنيا ، ومصطلح الزمن المدرس، وزمن التعلم ، الذي ظنه جداول حصص واستعمالات زمن ، كما جاء على لسانه . وفي البداية نذكر بطريقة سلفنا في التعامل مع التعريفات والحدود ،حيث  كانوا يقاربون اللفظة لغويا قبل مقاربتها اصطلاحيا . فلفظة التأهيلي التي ينعت بها نوع من التعليم مشتقة من فعل آهل ، وأهّل للأمر إذا صيره أهلا له ومستحقا ، ومنه الأهلية ، وهي الصلاحية ، والمؤهلات وهي الاستعدادات. وقبل صفة التأهيلي ينعت هذا التعليم بنعت الثانوي ، وهو من فعل ثنّى الشيء تثنية إذا جعله اثنين ، ومنه الثاني، وهو ما بين الأول والثالث ، وعليه فالثانوي هو ما كان وسطا بين سابق ولا حق في الرتبة . ولما كان التعليم يقسم زمنيا حسب أعمار المتعلمين ،فقد اصطلح على الفترة الأولى منه المناسبة لما بين سن الرابعة والثانية عشرة بالتعليم الابتدائي ،  وهو من فعل بدأ ، وابتدأ الشيء إذا افتتحه ، ومن هنا كانت صفة ابتدائي تدل على الأول الذي يفتتح به . وما بين التعليم الأول ، أو الابتدائي ، والتعليم العالي ، وهو تعليم الراشدين ، يوجد التعليم الثانوي أي الثاني ، ويقسم حسب فترتي المراهقة ، وهما فترتان عمريتان إلى:  تعليم ثانوي إعدادي  ، وتعليم ثانوي تأهيلي . وصفة الإعدادي من فعل أعد للأمر إذا ما هيأه له ، فكأن فترة المراهقة  المتقدمة التي بعد فترة الطفولة المتأخرة ،عبارة عن إعداد للمراهقين لتعليم  خاص يختلف عن تعليم الصغار ،  كما يختلف عن تعليم المراهقة المتأخرة التي تقتضي التأهيل .

وما بين الإعداد والتأهيل  تكامل، حيث يفضي الأول إلى الثاني . ولكل نوع من أنواع التعليم هذه خصوصيات تعكسها طبيعة المناهج الدراسية التي تراعي الفوارق في الأعمار والمؤهلات العقلية والنفسية . والسيد الوزير يفضل مصطلح سلك في التعليم الثانوي ،حيث يطلق السلك الأول على نوع التعليم الإعدادي ، بينما يطلق السلك الثاني على نوع التعليم التأهيلي. ولفظ سلك  يطلق حقيقة على الخيط الذي ينظم فيه الخرز ونحوه ، كما يطلق مجازا على الانتماء إلى جهة معينة ، فيقال  السلك الدبلوماسي . وسواء استعملنا التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي ، أم استعملنا السلك الأول الثانوي ،والسلك الثاني الثانوي ، فإن الحاصل  هو نفس الشيء ، وكل الطرق تؤدي إلى روما كما يقال. وفي إضافة نعت الإعداد والتأهيل للتعليم الذي يحتل المرتبة الثانية بين تعليمين أول وعال  نوع من الإشارة إلى  طبيعة هذا التعليم في مرحلتين وسطيتين متتابعتين من مراحل المراهقة ، بينما تسمية السلك الأول والثاني لا تدل إلا على الرتبة ، لهذا يفضل النعت الأول الذي استثقله الوزير عن النعت الثاني  الذي استيسره ، ولا يوجد ما يبرر الاستثقال كما هو الحال في علم النحو سوى رغبة الوزير في  مخالفة ما كان متداولا قبله ، ومن خالف عرف  بخلافه كما يقال . أما عبارة  الزمن المدرسي وزمن التعلم ، فتشمل لفظة زمن ، وهي  الوقت سواء طال أم قصر . ونعت مدرسي الذي يلحق بالزمن يقصد به  وقت يحدد تشريعيا ومؤسسيا . وهو زمن له علاقة بإيقاع التعلم . وفيه خلاف بين  أهل التربية حيث يرى البعض أن الممارسة التربوية هي التي تحدد مستوى التعلم بناء على قدرة المتعلم على إنجاز مهام معينة في وقت محدد ، بينما يرى آخرون ومنهم  » كارول  » أن اختلاف مستويات المتعلمين يعزى إلى متغير رئيس ، وهو المدة الزمنية المخصصة لهم لإنجاز مهام معينة . وعنده أن زمن التعلم يختلف من شخص إلى آخر ، وهو يربط نتائج التعلم بالمدة الزمنية ، حيث يعني التفوق في التعلم ملاءمته للزمن المخصص له ، بينما الفشل فيه يعود إلى الفارق بين زمن التعليم ، وهو الزمن الحقيقي  ، وزمن التعلم ، وهو الزمن الضروري. وهذه الأمور لا علاقة لها بجداول الحصص واستعمالات الزمن التي هي  عبارة عن توزيع للحصص من أجل استغلال بنيات المؤسسات التربوية . والجداول  حقيقة هي  الأنهار الصغرى ، ومجازا هي أشكال  تحتوي مجموع أشياء على وجه مختصر كقولنا جدول الضرب في الحساب ، وجدول الحصص  هلم جرا . والحصة  من حصّ   ، يحصّ  من المال أو غيره إذا اقتطع منه نصيبا يسمى حصة . وجداول الحصص عبارة عن  أنصبة زمنية تخص التعليم ، وترتبط باستعمال هذه الأنصبة لغرض التعلم ، ولهذا تتقاطع جداول الحصص مع استعمالات الزمن .

فهذه دلالة ما استثقله وزير التربية من مصطلحات تربوية متداولة ، ومتوافق بشأنها ،وتفيد فائدة يحسن السكوت عليها  كما يقول النحاة ، ولا حاجة للكلام إذا ما حسن السكوت . وأعتقد أن  انشغال الوزير زمنا طويلا بالانخراط في سلك السفارة ، وغيابه عن الساحة الوطنية ، وعن الساحة التربوية جعله كأهل الكهف والرقيم  إذ جاء بورقه ، وهو لا يشعر بأن الدنيا قد تغيرت بعده ، وأن ورقه لم يعد متداولا بين جيل جديد من الناس  ، ولكنه أصر على  أن يعود بالمنظومة التربوية إلى كهفه حيث النوم العميق ، وهو جدير بأن يبنى عليه بنيانا أو يتخذ عليه مسجدا ، ومن يدري  قد يكون تاسع أهل الكهف والرقيم الذين لا يفك رمز عددهم إلا الله عز  وجل .  وإذا ما   قدر الله عز وجل أن تعود المنظومة التربوية إلى الكهف  من جديد ، ويصير ورق الوزير متداولا ، ورائجا بين أهل المنظومة التربوية ، فعلى رجال ونساء المراقبة التربوية أن يسلموا ما بحوزتهم من أجهزة الحواسيب ، والهواتف الخلوية ، واستبدالها  بقردة سيوزعها الوزير  عليهم من ساحة الفنا عوضا   عما سيسلمون ، لأن ساحة الفنا  ، وهي  معلمة مسقط رأس الوزير التاريخية،  لا زالت كما كانت  منذ زمن أهل الكهف والرقيم ، فيها القرادون. وعلى المفتشين حضور حلقات التكوين الخاصة بتعلم ترويض القردة ـ إذا سمح بها الوزير ، وما أظنه سيمانع ، وهو صاحب دعابة وفكاهة  وابن بهجة ـ  ولا بأس من تبسيط تسميتهم المعقدة  لتتحول من مفتشين  إلى »مقردين « . فمن  يدري قد يستقيم أمر المنظومة التربوية بإجراءات زمن الكهف والرقيم ،ما دامت إجراءات عصر المعلوميات  معقدة  في نظر الوزير  قد عقدت المنظومة التربوية البسيطة في حقيقة أمرها كما كانت في قديم الزمان وسالف العصر والأوان .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *