Home»International»الأسرة في الإسلام تقوم على أساس ديني عقدي

الأسرة في الإسلام تقوم على أساس ديني عقدي

1
Shares
PinterestGoogle+
الأسرة في الإسلام تقوم على أساس ديني عقدي:

إذا كان الغرب يستبعد الدين عن حياة وشؤون الإنسان، فإن المسلم تحكمه الشريعة الإسلامية في كل مناحي حياته، والدين أول المقاصد الشرعية الواجب حفظها والذبّ عنها، والناس يختلفون في مستوى تدينهم باختلاف مدى تقواهم وتمسكهم بالدين.

 وكل المقاصد راجع حفظها لأصل حفظ الدين، خصوصا تلك التي تدور حول الأسرة وبنائها، وتربية النشء والعلاقات العائلية. ويمثل مفهوم التوحيد دعامة أساسية في فلسفة الأسرة في الرؤية الإسلامية، إذ أن التشريع الإسلامي لا ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة داخل الأسرة، بل يجعل الصلة بينهما صلة توحد وتمالك، مؤكدا انسجام هذه الصلة مع الفطرة السوية، ومحرما كل شكل من أشكال استغناء أي طرف عن الآخر.

 فمن المسلم به كما جاء بقلم محمد هلال الصادق أن:  » التدين هو أساس كل إصلاح ورُقَيّ « ([1]) فلم يسجل التاريخ أبدا سواد أمم فسدت أخلاقها، ولكنه سجل أمما زالت لأنها تنكرت للدين.

ينظر الإسلام إلى العلاقات الاجتماعية والأسرية باعتبارها تكاليف شرعية، وليست تصرفات شخصية نابعة عن هوى، وإرادة ذاتية، وهكذا اعتبر الإسلام سعي كل من الرجل والمرأة إلى تكوين أسرة عبادة يثاب عليها، وجعل العلاقة بينهما محكومة بحقوق وواجبات يحاسب عليها الإنسان أمام الله تعالى، وجعل تربية الأبناء ورعاية شؤون الأسرة مسؤولية مشتركة وعملا فاضلا، وهكذا تكون العقيدة الإسلامية موجهة لسلوك الفرد داخل الأسرة في إطار نظرة إسلامية كلية للكون والحياة والمصير. يقول الدكتور وهبة الزحيلي في هذا السياق:  » يتطلب تكوين الأسرة ابتغاء مرضاة الله تعالى، والتخلق بالأخلاق النبوية الإسلامية والآداب الاجتماعية العالية؛ فإن فساد الأسر ينشأ من التهاون بهذه الآداب، ومن أخصها الرفق،و الحلم، والتعاون، والعدالة. « ([2]) وتقول جميلة مصدرمؤكدة على الأساس الديني للأسرة: » لقد حظيت هذه المؤسسة بخصائص مميزة تمنحها شرف الوصل بالله عز وجل. ويبقى أكبر ضمانة لاحترام الحقوق، والقيام بالواجبات، حفظ التدين، والأسرة في الإسلام تقوم على أساس ديني / إيماني « ([3])

ولا شك أن الأسرة موصولة بثواب الله عز وجل، إذا تقيد الزوجان بقواعد المعاشرة بالمعروف، فهي مجال للعبادة والتقوى، حيث يجمع الله ـ عز وجل ـ بين عبادته والإحسان للوالدين، بين وصله، ووصل الرحم. يقول عز وجل: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ﴾([4])

إن وجود الأسرة المترابطة القائمة على أساس الدين، أي الأخلاق الفاضلة المستمدة من روح الشريعة الإسلامية، تضمن وجود جيل قوي، معتز بدينه، مستعد لتحمل المسؤولية والإسلام حريص على أن يقيم الزوجان حدود الله في الأسرة، بمعنى أن يكون سلوك كل منهما متعلقا بتنفيذ أوامر الله وأحكامه، وأن يعين كل منهما صاحبه على تحقيق ذلك؛ لتصبح الأسرة بيئة صالحة لتربية الأولاد، ورعايتهم على الوجه الذي يرضي الله تعالى.

 إضافة إلى هذا فإن الأسرة الصالحة من أهم عوامل الاستقرار الاجتماعي، حيث إنها بمثابة العقال الذي يكبح جماح الأبناء، والحصن الذي يحميهم من الانحراف. ولا شك أن الاستقرار الاجتماعي نعمة كبرى، إذ أنه يوجه جهود الأمة إلى ما يعود عليها وعلى أفرادها بالنفع، وهكذا فإن الأسرة لها قدرة هائلة على المساهمة في رقي الأمة وريادتها. ولما كانت الروابط المستمدة من الدين تبدأ من داخل الأسرة، فإن أي اختلال في تنظيم العلاقات داخلها يسبب اضطرابات ومشكلات نفسية واجتماعية، ومن ثم فلكل من الزوجين مسؤولية تجاه الآخر بأن يعينه على طاعة الله ابتداء من عماد الدين وهي الصلاة. يقول تعالى:    ﴿ وَآمُرَ اَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾([5]) ومن السنة أن يوقظ المرء زوجه للصلاة وفي ذلك تعرض لرحمة الله عز وجل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ، نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ)([6]) يقول الدكتوروهبة الزحيلي مؤكدا على أهمية التدين في استتباب الاستقرار الأسري: » كلما كانت الأسرة قائمة على أساس الدين، والخلق الفاضل ومراقبة الله ـ عز وجل ـ في السر والعلن، وعفة القلب واللسان والأعضاء، فإنها تكون عنوان الثبات والاستقرار والاطمئنان والبعد عن التصدع والانهيار »([7]) وهكذا جعل الإسلام قاعدة العلاقة الزوجية الشرعية التمسك بالدين، واعتبرها واجبة تحصينا للإنسان من الوقوع في المحرمات، ولا يوجد نظام اهتم بالعلاقة الزوجية، وحث على الترابط الشرعي بين الرجل والمرأة مثل ما اهتمت به الشريعة الإسلامية.

([1]) أثر الغزو الفكري على الأسرة المسلمة- وكيفية مقاومته- ص 131 – رسالة مقدمة لنيل درجة التخصص [الماجستير] في الدعوة والثقافة الإسلامية- إشراف مصطفى أحمد أبو سمك- 2000م- جامعة الأزهر – كلية أصول الدين بالقاهرة – الدراسات العليا – قسم الدعوة والثقافة الإسلامية

([2]) الزواج والطلاق- ج2- ص14 – كلية الدعوة الإسلامية- ط2- 1998م

([3]) منطلقات النسق الحقوقي الأسري: نحو نسيج علائقي متوازن- ص 121 – مجلة التذكرة -المجلد الأول – عدد مزدوج 3 و4- دجمبر 2005م

([4]) الإسراء/ 23

([5]) طه / 131

([6]) سنن أبي داود – ج 2- ص 70 – كتاب الصلاة – باب قيام الليل – الحديث: 1450

([7]) الزواج والطلاق- ج2- ص5

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *