Home»Correspondants»درس في التمطيط و التنميط

درس في التمطيط و التنميط

0
Shares
PinterestGoogle+

لا يكاد يمضي علينا حادث ، حتى يُـطالعنا حزب المصباح بحدث آخر أكثر غرابة و طرافة ، وقد كثرت في الآونة الأخيرة خرجات الحزب وزعيمه المخلد ، لعلّ آخرها كان ، قرار المجلس الوطني لحزب العدالة و التنمية ، القاضي بالتمديد لبنكيران إلى ما بعد الانتخابات التشريعية المقبلة ، بدعوى تمكين القائد المبجـّل ، من التربع على رأس الحكومة المقبلة خلال ولاية أخرى ، يراها هو  مؤكــدة، باعتبار أن حكومته الموقرة ، هي أحسن حكومة شهدها المغرب ، منذ الاستقــلال ، حسب تعبيره .
إن جوقة بنكيران هــذه ،قد تصرفت وفق إرادة الزعيم الذي لا يردّ له أمــر، ولا يُـمنع عنه طلب، وكأن رهان تَصدُّر  قائمة الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية من حيث عدد الأصوات ـ حسب توقعات حراس المصباح ـ هو رهان مضمون ، ومربوح مسبقــا، مما يطرح العديد من الأسئلة حول  مستندات هذه الثقة الزائدة  التي يتحدث بها السيد الرئيس، وحول ما يمكن أن يكون قد تلقّـاه هذا الأخير ، من ضمانات بالعودة إلى سُـدّة الحكم،من طرف بعض المتحكمين في الّلعبة . طبعا ، مقابل ما هو معروف من خدمات جليلة قَــدّمها ، أو  ما هو مستعد لتقديمها ،سعيا لنوال رضا أولياء النعمة، أو اتقــاءً لغضبـهم، الذي قد يكلفه خسارة الحظوة و الجــاه .
لقد كان قرار التمديد لبنكيران على رأس الحزب ،امتحانا حاسما  للديمقراطية الداخلية لحزب للعدالة و التنمية ، هذه الديمقراطية التي طالما تغنى بها بنكيران ومن معه ، وتفاخر بها ،باعتبارها من أهم ما يميز حزبه عن باقي الأحزاب .. ديمقراطية داخلية ، تَجاسَر بها على من سواه من الأحزاب، مُتمترسا خلفهــا كلما همّ للتهجم على أدعيائه في الساحة السياسية في الكثير من موقعاته، مثلما فعـل مع حزب الجرار  و حزب الميزان و حزب الوردة ، بل وحتى مع شركائه في الحكومة ، وفي مقدمتهم ، حزب الحمامة، خلال فترة الحرب الكلامية التي دارت رحاها بين الحزبين، قبل زواجهما الكاتوليكي فيما بعد .
لقد نسي أو تنسى السيد رئيس  الحكومة ومن معه، أن قذف بيوت الآخرين بالحجارة، لا يجوز لمن كان بيته من زجاج .. فها هي قد دارت الدوائر ، وأطاحت الأيام وجاذبية المناصب بأكذوبة الديمقراطية الداخلية ، وبشفافية التداول على القيادة ، لأن الكرسي « دَوّار » ، و « بَـزّولة المَخزن وَلّافَــة »، يمكن أن يغيّـر المرءُ من أجلها جلده ، فبالأحـرى ، مجرد حفنة من القوانين والتنظيمات لا اعتبار لها ، سوى للتسويق السياسي ، والدعاية الانتخابية .
يبدو أنها سقطة مْعَـلّــم ، من حيث كونها لم تنل – أي هذه الخطوة – رضا الأغلبية العُظمى من منتسبي الحزب و مُـريديــه، إلا ما كان من الدائرة الأولى وحتى الثانية من حَلَقة بنكيران ، الذين ـ طبعا ـ نالهم أو سينالهم قليل أو كثير من كعكة المخزن ، التي كما هو معلوم ، لن يصيب منها سوى السائرون على درب الخنوع والتزلف المُهيــن، الذي يرسم مَسالكَــه ، تماسيحُ وعفاريت هذا الوطن .. هذا من جهة، ثم من حيث هي كونها ، تُعبّـر بشكل ملموس أن أصحاب « المصباح » ، لم يتخلصوا بَعْــد ، من فكر الجماعة « إيّــاهــا »، الذي يحكمه منطق السمع والطاعة  للأمير\القائد .. ومبدأ المبايعة على السرّاء و الضرّاء ، والمصلحة التي لا يُقَدّرُها حَـقّ  قَـدرِهـا إلا هو ، و القلّة القليلة ممن يحيطون به .
ولعلّ السيد بنكيران في هذه الخطوة، قد يكون ، قد تلبس به قَـرينُ  » أردوغان  » الذي أفلح في إزاحة صاحبه عن مركز القرار حزبيا وحكوميا ، مُمهدا لنفسه الطريق نحو تكريس المزيد من الصلاحيات ومواقع النفوذ ، لكن هذا الأخير فعل ذلك ، كما نقول  » بالفَـن والكياسة » ،أي بشكل لا يخدش سمعة الحزب، أو ينتقص من مصداقية أجهزته القيادية ، أو قوانينه التنظيمية .. عكس صاحبنا ، الذي تلقف الرسالة التركية « على الطّـايــر »، لكنه مع الأسف، فكّـك شفرتها بشكل مغلــوط ، مما جعله يسيئ إلى نفسـه و حزبه من جهة ، وإلى التجربة الحزبية المغربي ككل من جهة ثانية .. هذه التجربة التي لم تعد تتحمل إساءة أخرى ، تُضاف إلى الإساءات الكثيرة التي طالتها منذ الاستقلال وإلى أيامنا هذه ، خاصة أن المخزن بكل مكوناته، يُجهدُ نفسه من أجل تزيينها وتمجيدها ، و وصفها بالريّادة و التفرّد في محيط إقليمي ، يطبـعــه التسلّط و الطّغيان واحتكار السلطة ،من قِبل الحزب الواحـد أو الشخص الواحــد.
السؤال الذي سيبقى عالقـا إلى أجل معلوم هو : إذا كان السيد بنكيران قد نجح في انتزاع موافقة مُقَرّبيه و مريديه بالتمديد له في الحزب، ونجح في إقناعهم ـ أيـضا ـ بطريقة دراماتيكية ،بأن الطريق المؤدي إلى  حكومته هو نفسه الطريق المؤدي إلى الجنة ؛ كيف سينجح في إقناع عامة الشعب من الفقراء والمساكين الذين خاب أملهم وظنهم فيه ، خلال عهدته الأولى  هذه ؟ , وكيف سيقنعهم بالتمديد له في الحكومة، ليُسلّموه  ثانية رقابهم لعهدة ثانية ؟ .. ثم ،هل ستنطلي على المواطن ـ هذه المرة ـ لعبة الحكومة و الجنّــة ؟؟ .
محمد المهدي
تاوريرت

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *