Home»Correspondants»الكتابة أولا.. الكتابة أخيرا..

الكتابة أولا.. الكتابة أخيرا..

0
Shares
PinterestGoogle+

   يقول الفلاسفة  » كلما ذهبت بعقلك إلى أبعد مدى، كلما اقتربت من الحقيقة  » هذا هو شعار العقلانية المستقلة ، فبما أننا إنسانيون فإننا لا نتوقع إجابة كاملة بصورة ما ، قد تكون إجابة مَا، مناسبة في زمان ما ومكان ما ، و لكن بما أن البُني (structures) الثقافية و الاجتماعية في حالة حراك دائم،  فإن هذه الإجابة قد تصبح غير ملائمة بعد حين .. و لهذا ، كان لا بد أن تتجدد الأفكار دوماً.
الإنسان ينشد الكمال باستمرار، و بما أنه إنسان فالكمال غير متحقق، و لهذا، فهو يسير على درب التفكير و التطور إلى ما لا نهاية ، لأنه لا كمال و لا نهاية ولا مطلق سوى الموت على حد تعبير « نيـتشه »، و لهذا فإن عبارات  » نهاية التاريخ و الإنسان الخاتم « (La Fin de l’histoire et le Dernier Homme )  » تظل عبارات خاوية من معنى ولا تدل إلا على الدوغمائية ( Dogmatique ) و التحجر و الفراغ المعرفي . فبما أن التكوينات السوسيوـ ثقافية مستمرة في حراكها، فلا نهــاية للتاريخ، لأن هذا الحراك يفرز و يولد معطيات جديدة على الدوام.. ونحن في حاجة دائمة إلى توليد و اكتشاف معادلات جديدة لتحقيق التوازن من أجل أن يظل الواقع متناغما مجانبا للاختلال ..
بناء على ذلك، فإن هذه النخب الفاشلة هي أحد أكبر أزمات الواقع في حد ذاتها ، وذلك عبر تطبيقها و تنظيرها الاستهلاكي و « الاجتراري » لنظريات مستوردة على واقع مُفـارق تماما، وهذا ما يجعلهـا تتســم بالذاتية و الأحادية ، لأنها تعيش على مستوى المتخيل الذهني، لا على صعيد الواقع، بغض النظرعما إذا كانت ماركسية أو إسلامُ ـ سياسية أو قومية ـ عربية أو غيرها من الجماعات التي تجتر النظريات الجميلة و الخلابة !! « .
فكونك تكون راضياً بما تفعله وواثقاً من نفسك وممن يعرفونك وتعرفهم هذا يكفي ، ومن هنا نؤكد أن الكاتب لا يتحدث عن نفسه بحثاً عن شيء ما، ولا يتعامل بردود فعل أو معترضاً على حركته الثورية ، بل لمواجهة بعض أبناء الهامش الذين أصبحوا أعداءً لذات الهامش ، وبما أن هنالك الكثيرون منهم بين ظهراننا ، فلا بد أن نؤكد في كل مرة أننا  ملتزمون ومكلفون قبل صدور أي قرار أن نعيش بكل حرية ليوم مماتنا، متبنين لقضايا أهل الهامش من المظلومين و « المحكورين » ، هذا كي لا يظن الآخرون شيئا آخر، وخاصة أصحاب المنافع والمصالح الشخصية ،الذين هُـم المستهدفون في كل ما يُكتب .
إن المواقف والأزمات والواقع والحقائق هي التي تدفع بصاحب القلم ـ بعد صمت قد  يطول ـ إلى الكتابة عـما يحمله من أفكار وأراء ، و أن يرسم من كل زاوية مشهدا للحاضر والمستقبل، وينقل صورة عما يعاينه ويعيشه.. وكما تعلمنا أنه « ليس بالخبز وحده يحي الانسان » فإنه أيضاً يقال في عالم الكتابة عموما  » ليس كل ما يكتب ينشر » ، لكن الأهم كذلك ، هو أنه على الكاتب حينما يكتب، أن يكتب وكأنه غير مُراقَـب وأن يكتب وكأنك حر! ،وتلك هي أولى تحديات اقتراف شرف الكتابة في ظل غياب كفالة النص الثقافي والمجتمعي العام ، وفي ظل زئبقية الحقوق الانسانية وهلامية القوانين المدنية ..
قدرُ الكاتب أن يكتب مهما انتصبت أمامه العوارض، أن يكتب اسهاما في عملية التخطيط التشاركي للغايات، وتصحيحاً لغياب والتباس الرؤية لدى البعض، التباس ما بين الحقوق الخاصة وحقوق الاخرين والمصلحة العامة ..علينـا أن نكتب حتى لا نعجز جميعا ـ في يوم ما ـ عن الاجابة على السؤال الاستراتيجي الأهــم والأوحــد » كيف نحكم ،وليس من يحكــم ؟  » هذا هو السؤال الذي لا يزال يواجه الجميع منذ الاستقلال ، وهو نفس السؤال الذي تواجهه معظم دول العالم الثالث ،إنه سؤال بناء الدولة الديمقراطية الحداثية في سيــاق من التعدد الاثني والثقافي والديني والسياسي.. وهذا ما كان يرفضه المخزن جملةً وتفصيلاً بتجاهل وانكار تنوع المجتمع لفترة غير قصيرة. و أخيراً علينا أن نكتب كي نكتشف ذواتنـا ، ونواجه بعضنا بكل صدق، ونعترف لبعضنا كم كنا صغارا، حينما ضيعنا على أنفسنا فرصا كثيرة من أجل أن نعيش ونتعايش ونُعايش جميعا واقعا أفضل بكثير من واقعنا هذا الذي بين أيدينا.. وأخيرا، نكتب حتى لا تنطبق علينا المقولة الشهيرة » الثورة يقودها الثوار، ولكن يجني ثمارَها الانتهازيون الفاشلون..!!
محمد المهدي 23/09/2015
تاوريرت ـ المغرب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. محمد الراضي
    28/09/2015 at 19:58

    بسم الله الرحمن الرحيم
    حقيقة الثورة يقودها الثوار لكن يغنم الانتهازيون,وهذا يحدث في جميع مجالات الحياة.لكن لابد من السير قدما من أجل الانسانية,و من أجل الضمير اذا كان حيا.
    فتحية لاخينا محمد

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *