Home»Correspondants»ألا يستحق الحمار أن يرد له الاعتبار السياسي

ألا يستحق الحمار أن يرد له الاعتبار السياسي

6
Shares
PinterestGoogle+

لا ينكر أحد من المتعلمين أن الحكومات المغربية المتعاقبة لا تفعل شيئا سوى تقليد ما تفعله الأمم الغربية.ليس المغرب وحده بل كل البلدان التي كانت يوما ما تحت الرعاية الاستعمارية.

الأمم المتخلفة تقلد الأمم المتقدمة،وهذا قانون كوني جبلت عليه الأمم.وقد دون  هذا،المفكر و المؤرخ المغاربي ابن خلدون،الذي أشار إلى أن الضعيف هو من يقلد القوي و العكس غير صحيح.الأمم القوية تفرض لغتها و قوانينها  و ثقافتها و أسلوب عيشها وموضة لباسها و حلاقتها و أغانيها و مشروباتها  وأنظمة تعليمها،تفرضها على التابعين من رؤساء الدول. بل  إنها ،تتدخل في ما يدرس للتلاميذ  من مقررات وبرامج ،و خاصة الجانب المتعلق بالدين و القيم.

الأمم الغربية، كالولايات المتحدنة التي يتداول فيها الحكم، كل من الحزب اليميني الجمهوري،و الحزب الديمقراطي(اليساري).وقد جعل الحزب الديمقراطي شعاره « الحمار ».وهو يرمز إلى الإصرار و العناد و المثابرة و قوة التحمل و العمل.فكثير من الأعمال و المهمات الصعبة تسند للحمير.

الحمير عندنا لا قيمة لها .فهي تتحمل من الضربات الموجعة من صاحبها ما يجعلها تصرخ للباري عز و جل.بل هي تتحمل من صاحبها الضربات بالعصا الغليظة الموجعة والناس ينظرون و لا من محتج .

الحمار دخل من الباب الواسعة لحجرة الدراسة ،في المدرسة التقليدية المغربية، في بداية الاستقلال.حيث كان المدرس (المعلم)، إما يطبع على دفتر التلميذ (الكسول) صورة حمار ،أو  يضع لافتة كتب عليها (هذا حمار)، تعلق على ظهر من لم يستطع الكتابة بإتقان أو يخطئ في الحساب،  أو يقدم إجابة خاطئة  شفهيا،أو على اللوحة، أو على الدفتر.و عليه بالطواف داخل القسم بين الممرات، و في الساحة وقت الاستراحة ليراه كل التلاميذ.

كان التلميذ المسكين الذي تعلق على ظهره هذه اللافتة، لا يملك من الحيل إلا الرضوخ لسلطة معلمه اللامحدودة شرعيا(قم للمعلم وفه التبجيل    كاد المعلم أن يكون رسولا) و اجتماعيا(المعلم يذبح و الأب يسلخ) و قانونيا(لأنه يمثل سلطة المؤسسة الرسمية).

 كان على التلميذ (المحتفى به  بسادية سوداء يسعد ويتلذذ بها المرضى نفسيا)أن  يطوف على ممرات الحجرة، أمام كل تلميذ من زملائه، في ذل لا نظير له و امتهان للذات  الإنسانية التي كرمها الله. وكان عليه تقبل  استهزاء و ضحكات التلاميذ، و سخرياتهم داخل القسم، و خارجه.كما يؤمر أن يطوف في الساحة طولا و عرضا و في جميع الاتجاهات،ليرى ويطلع كل تلاميذ المدرسة على  اكتشافات المدرسين  المغرقة في الاهانة، و التحقير، و الإذلال، و المس بالكرامة البشرية.

لهذا قال المؤلفان الفرنسيان(Leif  et Rustin  ) في الكتب التي تحمل عنوان « فلسفة التربية » العدد 1 ،عن هذا النوع من المدرسين ب(الجزارين و الجلادين).

الحمار دخل أيضا المجازر السرية في المدن المغربية .إذ كل مرة يعلن عن اكتشاف،  أو إلقاء القبض،على من يقوم بذبح الحمير،و تحويل لحمها إلى كفتة في المطاعم المتنقلة أو الثابتة ، وتقدم إلى من يطلبها، ويتغذى و يتعشى بها  عابر سبيل في الليل و النهار بأرخص الأثمان.

و بما أننا شعب لا يستطيع أن يبتكر أو يخترع شيئا ،بسبب الأساليب المدرسية  و التربية الأسرية و المؤسسات الاجتماعية الاخرى: (الموت في الجماعة نزاهة)،التي لا تشجع على الاختلاف و التميز، و لا على التعبير الحر،و لا تنمي التفكير المبدع، و لا تشجع عليه (تحت ذريعة « خالف تعرف » و التي أصبحت في واقع الأمر، سبة  و قدح ،في حق كل من يخالف الرأي  السائد. فالمجتمع لا يعترف بالرأي المخالف تماشيا مع نظرية القطيع).و يظل المتميز فكرا و خلقا، شخصا غير مرغوب فيه.

إن المدرس يحبذ شعار (بضاعتنا ردت إلينا).فعلى التلميذ في هذه الحالة، أن يستنسخ تفكير مدرسه و املاءاته،و يحفظها   عن ظهر قلب،حفظا آليا وبأمانة ، لتكون إجابته مقبولة. و نأسف أن تكون الدراسة الجامعية، على هذا المنوال في بعض الشعب من هذه الكلية أو تلك.و بعض الأساتذة يصرون أن تكون الإجابة  نسخة طبق الأصل وحرفيا مما يقدم للطلبة، من الدروس  الموجودة في كتاب الأستاذ، أو في محاضراته المطبوعة.فلهذا السبب كان  التلميذ و الإنسان المغربي لا يستطيع  أن يكون له رأي مستقل، او ملاحظات مختلفة.بل  انه يعجز أن ينتج شيئا جديدا .بل كل ما يقدر عليه هو أن يكون مقلدا عبقريا، لا ينافسه في هذا الميدان  منافس في أي بلد.

الكلام عن التقليد و المحاكاة(اعمل كيف جارك أو سد باب دارك) يجرنا إلى الحديث عن  شعارات الأحزاب المغربية التي تعدت في عددها 30 حزبا.أحزاب  لا تعود لها الحياة، إلا في مواسم الانتخابات التشريعية .فهي تشبه ذلك الشريط السنمائي الذي يحكي عن شخص اسمه (دراكولا) الذي يستيقظ في منتصف الليل،  ليبحث عن أية  ضحية تمر على الطريق، ليمتص دمها من الوريد. و لتتحول الضحية هي الأخرى إلى مصاصة للدماء، بعد  منتصف الليل طبعا(في الظلام). و تبحث  بدورها عن ضحايا آخرين.و هكذا يكبر العدد من مصاصي الدماء، ليتحولوا إلى شعب  كله مصاص للدماء.

الأحزاب المغربية الميتة لا تموت موتة أبدية واحدة ، بل  تعود للحياة كل موسم انتخابات كما يفعل الرجل الليلي مصاص الدماء « دراكولا ». ثم تعود إلى سباتها و نومها  الأول.

كل الشعارات و الرموز استهلكت لدى الأحزاب، من أدوات مدرسية(الكتاب و القلم…)  إلى نباتات البستان،إلى  حيوانات برية أو بحرية،  إلى كواكب في الكون(الهلال و الشمس…) ، إلى منتوجات  تقليدية (المصباح  والشمعة…)أو منتوجات تكنولوجية أو رقمية….إلا صورة الحمار كشعار، فان الأحزاب المغربية تتحاشاه و تغرب عنه.و لا تمضي في تقليد  شعار الحزب الديمقراطي الأمريكي.فظل هذا المخلوق الكوني خاضعا للذل و الاحتقار و الهوان و الاستخفاف و الاستهزاء في المجتمعات التي لا تعترف بالحقوق الوجودية للكائنات الحية(من النبات إلى الإنسان).

و الغريب أن أبلد الناس وأثقلهم في الفهم،أو الذي لا يفهم (و لا يقشع شيئا)ينعت صراحة ب( « الحمار »  مع أنه حيوان ذكر اسمه في  القرآن،عدة مرات، و في وضعيات مختلفة (مع عزير مثلا،أو « كالحمار الذي يحمل أسفارا » أو …). ونحن  نعترف،أننا  نقتسم مع هذا الكائن، الذي لا يتناسب رأسه مع جسمه،  السكن و الطريق و العمل،  بخلاف الحمير البرية، التي تناضل من أجل  الحق في الوجود و الحياة و التكاثر، و الحق في الحرية و الكرامة الحميرية.

فهل تفكر الأحزاب  المغربية الجديدة،و التي تطلب قرارا و رخصة من الإدارة، من أجل ممارسة نشاطها السياسي و التأطيري، أو القيام بحملتها الانتخابية ، والتي تنوي المشاركة في الانتخابات المقبلة في 07 أكتوبر 2016، أن تجعل رمزها الحزبي: « الحمار  » البلدي الأليف، الذي يستعمل و يقوم بمهام،  و وظائف متعددة، من أجل رد الاعتبار له: انه حمار المهمات الصعبة أو المستحيلة:

لا ننسى القيمة التي أعطتها السينما لكندية، و الأمريكية الشمالية للحمار،إذ جعلت منه بطلا سينمائيا مقتدرا يقوم بمهام إنسانية. بل، قد  يفكر أهل الإبداع و التفكير الحر  و التخيل ،من بلاد العم سام، أن يبرمجوا له أسفارا على متن مركبة  فضائية في مهمة استطلاعية  استكشافية كونية.

فلله في خلقه شؤون لا يدركها من عمي بصره و بصيرته.

انتاج: صايم نورالدين

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. قارئ ملتزم بوجدة سيتي
    12/02/2016 at 10:18

    فعلا انه حمار يستحق الاعتبار البذلة و ربطة العنق و قنينة ماء ما بقي الا الكرسي البرلماني

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *