Home»Enseignement»ماذا تعرف عن التجربة اليابانية في التعليم؟؟

ماذا تعرف عن التجربة اليابانية في التعليم؟؟

1
Shares
PinterestGoogle+

بما أننا نعيش هذه الأيام موسم الدخول المدرسي في بلدنا المغرب، ارتأينا أن نتحدث عن التجربة اليابانية في التربية والتعليم وهي التجربة التي أبهرت العالم وتفوقت على الدول التي تعد عملاقة من حيث الاقتصاد والصناعة ولها أكبر عدد من الخبراء في شتى المجالات بما فيها التعليم. وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تخجل في أن تنقل تجربة اليابان حرفا بحرف حيث كلفت فريقا من الخبراء والباحثين التابعين لمكتب البحوث التربوية بإعداد دراسة مستفيضة حول التعليم في اليابان والتي طبعت على شكل كتاب في 176 صفحة من القطع المتوسط موزعة على 18 فصلا تتناول كافة أوجه وقضايا التربية والتعليم في اليابان بدءا بالأسس التاريخية والحضارية والثقافية للتربية اليابانية وانتهاء بأوجه الاستفادة من التجربة اليابانية في التعليم.
وعند انتهاء البحث قام بختمه وزير التربية الأمريكي ويليام بينت وعدد من مستشاريه،
ونظرا لأهمية هذا الكتاب فقد قامت الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية بترجمته حتى يكون في متناول الباحثين العرب والمهتمين بمسألتي التربية والتعليم والذين يرغبون في تطويرهما في دولهم العربية التي تعاني ركودا ملحوظا في مناهجها وآلياتها التربوية والتعليمية .
يأتي هذا الكتاب في دروة الاهتمام العالمي بما يسمى ب الظاهرة اليابانية.

فبعد أن حققت اليابان المعجزة الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية وأصبحت في مصاف الدول المتقدمة صناعيا بعد أن خرجت من الحرب المدمرة مشلولة، توجهت أنظار العالم لدراسة النموذج الياباني في الاقتصاد والإدارة والإنتاج لمحاولة تفسير هذا التفوق. وكان من الطبيعي أن يلجأ الأمريكيون إلى دراسة النظام التربوي في اليابان لمعرفة الأسس والمنطلقات التي بنيت عليها التربية التي تعتبر المعين الأهم لبناء الأفراد الذين يصنعون التقدم والازدهار.
إن التربية اليابانية، كما ذكر في مقدمة الكتاب، تمد جميع الأطفال في اليابان بنوعية عالية ومتوازنة من التعليم الأساسي في مجال القراءة والكتابة والحساب والعلوم والموسيقى والفنون والأخلاق. وذلك خلال تسع سنوات من التعليم الإلزامي.
إن التعليم في اليابان جعل متوسط التحصيل لدى الطالب الياباني من أعلى المتوسطات بالمعايير العالمية المعروفة. ومن الناحية الرقمية فإن كافة الأطفال اليابانيين يكملون السنوات التسع الإلزامية، كما أن حوالي 90 في المائة منهم يتمون الدراسة الثانوية.
إن التربية اليابانية نجحت في عدد من المجالات ذات الأهمية القصوى في التفوق التربوي بالمقارنة مع كافة دول العالم بما فيها الدول المتقدمة صناعيا كالولايات المتحدة الأمريكية. ومن هذه المجالات يركز الكتاب على ما يلي:

1- تنشيط دوافع الطلاب نحو التعليم إلى مستويات عالية وإكسابهم العادات التعليمية الفعالة.

2- إعداد البيئة التعليمية المنتجة وتكوينها تكوينا سليما بما في ذلك إيجاد النظام المدرسي المؤثر.
3- استخدام الوقت للأغراض التربوية بطريقة منتجة داخل المدرسة وخارجها.

4- الإهتمام بتكوين الخلق والسلوك القويم والاتجاهات المرغوب فيها – في إطار المعايير اليابانية- خلال سنوات الدراسة بأكملها.
5- تكوين جهاز تعليمي محترف وملتزم اكتسب احترام المجتمع واستحق المكافأة المناسبة.

6- تهيئة الخدمات التوظيفية المناسبة لخريجي المدرسة الثانوية والجامعات.
وقد تمكنت اليابان من تحقيق هذه الإنجازات نتيجة تداخل عدد من العوامل نذكر منها:

1- الالتزام المجتمعي الكبير نحو التربية والتعليم النابع من تاريخ وحضارة الشعب الياباني.

 

2- الاهتمام الكبير بالتربية ما قبل المدرسية التي يلتحق بها أكثر من 90 في المائة من أطفال اليابان على نفقة آبائهم.

3- النظام المدرسي المؤثر والفعال والمدعم بمجموعة من البرامج التربوية الإضافية والموازية والمناسبة لحاجات الأطفال.

4- التزام الآباء القوي ومساندتهم الفعالة لتعليم الطفل خلال مراحل دراسته.
وعندما نحاول أن نفهم كيف حققت اليابان ما حققته في مجال التعليم؟ وكيف ولماذا يعمل هذا النظام؟ وما هي بعض دينامياته؟ فإننا سوف نجد أن هناك ما هو أبعد من النظام المدرسي مثل بيئة الطالب المنزلية والعلاقات بين المنزل والمدرسة، والبرامج التربوية غير الرسمية وبالذات في المدارس الخاصة، والعلاقة بين الصناعة والمدرسة وخاصة فيما بعد المدرسة الثانوية.
دعائم التعليم في اليابان:
إن التربية اليابانية كما يؤكدها الكتاب وسيلة قوية للاستمرارية الحضارية والسياسية والقومية فالمحتوى الواضح أو الضمني للمنهج المدرسي والطريقة التي يتم بها التعليم والتعلم تدل دلالة واضحة على الاتجاهات والمعرفة والمهارات المتوقعة من الجيل الصاعد في المجتمع. كما أن هذه الأمور يؤكدها ويعززها واقع الأسرة والمجتمع. فمن الناحية اللغوية والمعرفية تعتبر اليابان دولة متجانسة نسبيا ذات حس قوي للشخصية الحضارية والوحدة الوطنية. ورغم أن هناك الكثير من التغيرات الحضارية على المستوى العام منذ الحرب العالمية الثانية تبقى هناك درجة عالية من الإجماع الشعبي على القيم الاجتماعية والمعايير السلوكية وأهمية الأهداف التعليمية وترتكز المكونات الحضارية للتربية في اليابان على الدعائم التالية:

1- أهمية التربية وأهدافها في المجتمع الياباني وفي تحديد الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للإنسان.

2- العلاقات المتناغمة المنسجمة بين أفراد المجتمع الياباني والدور المركزي للجماعة.

3- العمل الجاد والاجتهاد والمثابرة والاعتقاد الراسخ بأنهما يؤديان إلى النجاح في الحياة عامة والتعليم خاصة.

4- الدافعية والاعتقاد الراسخ بأنها تشكل من قبل المعلم وتتأثر بالبيئة المدرسية.

5- التراث النابع من التاريخ والقيم الحضارية لليابان والتي تنتشر في التربية انتشارا عضويا والمتمثل في الإجماع القومي على أهمية التربية ودورها في تنمية الخلق وإقبال الآباء والأبناء على بذل الجهد الدائم والتضحية سنة بعد أخرى للنجاح في المدرسة.

معالم التعليم في اليابان:
يحدد القانون الأساسي للتعليم، وقانون التعليم المدرسي المستمدان من الدستور الياباني لسنة 1948 شكل التعليم في اليابان وأهدافه وطبيعته ومحتواه وأساليبه وطرقه. وفيما يلي أبرز الملامح الرئيسة للتعليم في اليابان:

1- التعليم الإلزامي (9 سنوات) مجاني لجميع الأطفال ويسير وفق مبدأ تكافؤ الفرص والتربية المختلطة.

2- يسير التعليم حسب نمط 6-3-3 ويتنوع التعليم الثانوي بما يحقق حاجات المجتمع ويراعي رغبات الطلاب.

3- التعليم ما قبل المدرسي سواء في رياض الأطفال (3-5) أو مراكز الرعاية النهارية ( 1-5) ليس من مسؤولية الحكومة وغالبا ما يتحمل الآباء تكلفته ولكنه ليس خارج حدود قدرة الآباء.

5- هناك تعليم خاص موازي للتعليم الرسمي ويدعى ( الجوكو) وهدفه تدعيم التعليم في المدارس الحكومية في مواد محددة أو لأغراض محددة (كاجتياز بعض الامتحانات) ويتحمل الآباء تكلفة هذا التعليم وهو كذلك ليس خارجا عن نطاق قدرتهم.

6- إن 99 في المائة من الأطفال في سن التعليم الإلزامي ملتحقون بالمدرسة وأن أكثر من 90 في المائة من أطفال ما قبل المدرسة الابتدائية ملتحقون برياض الأطفال أو مراكز الرعاية النهارية، وكذا فإن حوالي 96 في المائة ممن هم في سن المدرسة الثانوية ملتحقون بها. كما أن معدلات استمرار الطلاب في الدراسة عالية جدا كما أن معدل الهدر و التسرب قليل جدا في مختلف المستويات.

7- إن التعليم في اليابان يدار من قبل الحكومة الوطنية، وإدارة الحكم المحلي للإقليم وإدارة البلدية ولكنها جميعها تخضع للإشراف العام لوزارة التربية والعلوم والثقافة. وكذا توزع التكاليف المالية للتعليم الحكومي على الجهات الثلاث السابق ذكرها. ويتحمل الآباء جزءا من تكاليف الدراسة الثانوية العالية والتعليم العالي.

8- بدأ السنة الدراسية في أوائل شهر أبريل وتقع في ثلاثة فصول وتنتهي في شهر مارس. أما في التعليم العالي فإن السنة الدراسية تقع في فصلين دراسيين. وعادة ما تكون السنة الدراسية في المرحلة الابتدائية والثانوية(240)يوما، وتتطلب وزارة التربية على الأقل (210) يوما من التدريس أما باقي الأيام فيخصص للأنشطة التربوية بمختلف أشكالها.

9- لا يعتبر التأهيل الجامعي العالي شرطا للدخول لمهنة التعليم إلا أن الخبرة التعليمية تلعب دورا بارزا في المستقبل المهني للمعلم. ومع ذلك فإن عدد المعلمين الجامعيين هو في ازدياد مستمر إذ أنه يشكل الآن 90 في المائة من المعلمين الجدد في النظام التعليمي. وبمقارنة اليابان مع الدول الغربية فإن المعلم الياباني يبقى في المهنة فترة أطول بكثير وبالتالي فإن خبرته أكثر من نظيره الغربي.

10- يعتبر التعليم من فرص العمل الدائمة والرائجة للنساء في اليابان فهن يشكلن 41.9 في المائة من كافة العاملين في العاهد والمؤسسات التعليمية.

11- يتم إعداد المعلمين بشكل رئيسي في كليات التربية البالغ عددها (65)كلية. وفي سنة 1979 كانت حوالي 84 في المائة من جميع الكليات والجامعات وكذلك 84 في المائة من الكليات الدنيا تساعد في إعداد المعلمين وبذلك فإن هناك (800) مؤسسة أو معهد تخرج سنويا حوالي ( 175.000) معلما مؤهلا.

12- تتكون متطلبات شهادة التدريس من دراسة عدد وحدات التخرج تتراوح ما بين 124 وحدة إلى 159 وحدة ( أربع سنوات) كما يمكن أن تصل إلى أكثر من (200) وحدة في حالة الحصول على أكثر من شهادة. وتتوزع هذه الوحدات على مواد التربية العامة والإنسانية والعلوم الطبيعية والاجتماعية واللغات والتربية البدنية والمادة التدريسية والمواد التربوية المهنية بما فيها التربية العلمية.

13- هناك تنافس حاد للحصول على وظيفة معلم وذلك نظرا للمكانة الاجتماعية الجيدة للمعلم وجاذبية مهنة التعليم من حيث الامتيازات والحوافز. فقد احتل معلمو المرحلة الابتدائية مكانة أفضل من المهندسين في سلم ترتيب أهمية المهن. وكذلك فقد احتل أساتذة الجامعات المرتبة الثالثة بعد القضاة ورؤساء الشركات.

14- هناك تدريب مستمر أثناء الخدمة لجميع المعلمين ويعكس ذلك الالتزام الحضاري نحو التقدم الذاتي.

15- تتكون المواد الدراسية في موحلة التعليم الابتدائي من اللغة اليابانية، المواد الاجتماعية، الحساب، العلوم ، الموسيقى، الفنون والأشغال، الصناعات المنزلية، التربية البدنية، التربية الخلقية، والأنشطة الخاصة. أما في المدرسة الثانوية الدنيا فيبدأ تعليم اللغات الأجنبية والفنون الصناعية والفنون الجميلة والتربية الصحية والرياضيات.

16- يدخل في المدرسة الثانوية العليا تنوع كبير في الشكل والمضمون والهدف وكذا تتعدد المواد الدراسية وتتنوع اعتمادا على نوع المدرسة، وفي كل الأحوال هناك تركيز كبير على العلوم والرياضيات بشكل يفوق بكثير ما يجري في مدارس الغرب والولايات المتحدةالأمريكية بشكل خاص.
الدروس المستفادة من التجربة اليابانية
تخلص اللجنة في آخر الكتاب إلى تقييم التجربة اليابانية واستخلاص الدروس المستفادة من هذه التجربة للمجتمع الأمريكي، ويجب التنويه هنا أن هذه الدروس يمكن أن تكون ذات فائدة لكل المجتمعات بما فيها المجتمع العربي وهذه الدروس كما يحددها الكتاب هي:

1- إشراك الآباء في تعليم الأطفال خلال كافة المراحل التعليمية.

2- وضوح الأهداف والغايات التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها لدى الآباء والتلاميذ.

3- تقدير أهمية الدافعية.

4- أهمية التوقعات والمستويات في تقدم التعلم.

5- تقديم التعليم الأساسي الشامل لجميع الأطفال وإمكانية تضمين المنهج بالإضافة إلى ذلك التاريخ والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الرياضية وبداية تعلم لغة أجنبية والدراسات العملية.

6- ينبغي للمدرسة أن تقوم بدورها في نقل التراث الموروث والمشترك للأجيال القادمة.

7- إن النظام التعليمي يمكن أن يدعم وينمي الشخصية الواعية والقيم الثابتة والسلوك الأخلاقي.

8- ينبغي أن تعكس بيئة الفصل والمدرسة الأهداف المطلوب تحقيقها هناك.

9- على الآباء أن يتأكدوا من أن أبناءهم يستثمرون الوقت المخصص للتعلم داخل المدرسة وخارجها بكفاءة.

10- على التربية أن تعمل على استثمار المصادر حسب الحاجة والأولويات.

11- إن المدرس المتمكن المخلص في عمله هو أساس المدرسة الناجحة.

12- يتوقع من الصغار الذين يتحملون مسؤولية تحصيلهم الدراسي أن يبذلوا الجهد والوقت والمثابرة لتحقيق ذلك.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. شهيد الامين
    15/05/2013 at 21:22

    مقال رائع
    اضافة بسيطة
    حيث ان اليابان تعتمد نظام التقييم المستمر للطالب بدلا من الامتحانات وذلك من الصف الاول وحتى الثالث متوسط – باعتبار ان عملية التعليم عملية مستمرة وادئمة وتراكمية وتراكبيه وبالتالي فهي تجعل الطالب يستشعر اهمية العلم واتقانه بشكل احترافي وبمايضمن انتقال الطالب الى مستويات عليا وفقا لعلم الذي حصل عليه ووفقا – للمهارات التي تعلمها .

  2. يحي سالم
    25/08/2015 at 20:16

    لوحظ في المقال , ان المعلم له مكانه مرتفعه في المجتمع بصوره اعظم اي الترتيب يبدا من اصحاب الشركات والقضاء , هم المرحله الثالثه ,, هذا غير ان الراتب 65 الف جنيه , هذا في حد ذاته وضع مالي واجتماعي وحضاري ومعيشي لا يسال الناس والمجتمع بعده ,, اللهم اكرم المسؤوووووول عنا قراءه هذا المقال علهم يفهموم الحقيقه ,, التجربه اليابانيه ممتازه لمن يريد التتطوير والتجديد والتحسين ,, اما ظروفنا اليوم لالالالالالالا يصلح المعلم لهذا البرنامج والله اعلم

  3. هدى صلاح
    09/02/2016 at 14:19

    فرض شرط في عقد العمل للمعلم بالحكومة او القطاع الخاص بعدم إعطاء دروس خاصة إلا المجموعات المدرسية لأن أكيد هناك من يحتاج ذلك من الطلاب ورفع مرتب المعلم واستمرار مكافأة الامتحانات وإعطاء الوقت الكافي للمعلمين لتصحيح أوراق الامتحانات بحيث لا يكون هناك خطأ في إغفال سؤال عن التصحيح او الجمع الخطأ من الاستعجال ولولا وأخيرا الحرص على إيجاد عقوبات في التقصير سواء في التدريس او التصحيح والجمع إعلاء لحق الطالب الذي أصبح بكرة البلد بسبب التعليم والمهازل التي تحدث في تصحيح الثانوية العامة اتمنى أن تصل كلمتي والأهم أن تلقى قلوب تعي وتخلص لهذا الشعب الطيب المحب لوطنه وشكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *