Home»Débats»بالثقافة والفن الهادف نحارب الإرهاب والتطرف كل شيء عن مهرجان الضحك الأول بمدينة وجدة

بالثقافة والفن الهادف نحارب الإرهاب والتطرف كل شيء عن مهرجان الضحك الأول بمدينة وجدة

0
Shares
PinterestGoogle+

بالثقافة والفن الهادف نحارب الإرهاب والتطرف
كل شيء عن مهرجان الضحك الأول بمدينة وجدة

في ليالي الشتاء الباردة هاته ، وبعد الغروب بقليل ،تخلو شوارع  المدينة من ساكنيها ،قطرات الخير التي جادت بها السماء هذه السنة ، تبشر بخير عميم ،الجبال المحيطة بمدينة زيري بن عطية كلها مكسوة بالثلوج و الناس عادة في هذا الشهر مرغمون على الدخول إلى بيوتهم هروبا من البرد والصقيع .الكل  يهرول نحو مسكنه  بحثا عن مدفئة أو غطاء ،إلا في ليلتي الجمعة والسبت الماضيتين ،فرغم موجة البرد القارس ،فإنك تلحظ دفئا غير عادي يسري في شريان مدينة الألفية ،حركة وجولان بعد وقت العشاء ،أفراد الشرطة المتناثرون هنا وهناك عبر شارع محمد الخامس وحتى شارع البكاي لهبيل ، يعلننون عن حدث ما . كنا نرى اصطفاف رجال الأمن ليلا في الشوارع  أحيانا من أجل مقابلة لكرة القدم أيام كانت المولودية في أمجادها ،أو عند استقبال مسؤول زائر، يأتي متأخرا إلى المدينة ،لكن في هاتين الليلتين كان اصطفاف رجال الأمن  من أجل السهر على  حدث فني، يحتضنه المسرح الذي أصبحت مدينتنا تتوفر عليه ، مسرح محمد السادس، الذي دشنه جلالة الملك ،ودشن معه بداية عصر زاهر للفن والثقافة .أيعقل أن تبعث معلمة ثقافية أنشئت حديثا كل هذا الدفء والحركة بمدينة يستسلم سكانها منذ سنين إلى برودة الشتاء بسهولة ؟ مدينة وجدة التي بدأت تلتمس ،أو بالأحرى عادت  لتلتمس طريق الثقافة والفن  من جديد، والذي غاب عنها منذ زمن طويل، أيام  العصر الذهبي للسينما والمسرح والكرة .لقد دخل الوجديون في غيبوبة ثقافية ورياضية استمرت لبضع سنين، إلا من بعض المحاولات  المنعزلة في بعض  المجالات، كانت تبعث برسائل إلى الكل ،بأننا لم نمت ،بل نحن نجمع قوانا لننهض من جديد .ومع انطلاق النهضة العمرانية الكبرى التي دشنها جلالة الملك  بالجهة الشرقية وبمدينة وجدة على الخصوص وبعد إنجاز  كل هذه المنشآت والبناءات ،كان لا بد للثقافة من أن تنهض من جديد ،بل كان لا بد للثقافة أن تأخذ أبعادا أخرى أكبر وأعمق ، تواكب ما تحقق  من إنجازات عمرانية. تتوفر مدينة وجدة اليوم على مهرجانات دولية ، للراي ،الطرب الغرناطي ،  المسرح  ،  ، الفنون التشكيلية ، السينما ، ويومي الجمعة والسبت الماضيين كان لنا موعد مع المهرجان الدولي للضحك في دورته الأولى بمسرح محمد السادس الرائع .المكان يغري بالمشاهدة ،تحفة فنية لا تسمح بالرداءة  ،والنجوم الحاضرون كانوا في مستوى الحدث  بما فيهم المحليون . خلفية فنية للمسرح صممت بعناية  تؤثثها باب الغربي ،وهي باب عتيدة من أبواب مدينة الألفية ،على إحدى جوانبها عربة للأكلة الشعبية بمدينة وجدة « كران »  . بدأ المهرجان بعرض  كوريغرافي جميل أداه ،راقصون شباب من مدينة  وجدة ، بعدها برمج المنظمون فقرة خاصة بتكريم أحد الوجوه الفنية الوجدية المعروفة في الكوميديا ،ألا وهو  الفنان القدير عبد القادر عالم،حدث التكريم كانت له دلالات .عالم هو ذلك الفنان الذي أدخل البهجة والفرح على الوجديين في عدة محطات ومناسبات ،نكته ومستملحاته لا زالت عالقة في الأذهان ،حين تلتقي به أو يسلم عليك  في مكان ما بالمدينة ،لابد وأن يحكي لك نكتة،وحين تودعه ،تغادر المكان والابتسامة مرسومة على وجهك ،ليظن من يراك تبتسم أنك قد جننت.بعد التكريم انطلق البرنامج الرسمي للمهرجان الدولي للضحك  مع  الفنان  حمزة الفيلالي ، ،يقارن حمزة في عرضه بين الموقف ونقيضه ، حكايات عن قضايا ومواقف اجتماعية بسخرية لاذعة أمتعت الجمهور ،لكن حمزة يعترف أيضا أن الجمهور أمتعه بتذوقه لعرضه وتجاوبه معه ، وقد أمتعه أيضا سحر المكان ،؟وعد حمزة بالعودة إلى وجدة في بعرض خاص في القريب من الأيام .العرض الموالي كان لثنائي مسرحي من مدينة وجدة ،وهو عبارة عن فرجة ميمية استعملت  فيها جميع الأعضاء وبشتى الحركات،بتعبير جسدي يعتمد على التقليد والمحاكاة وبأسلوب ممتع أعجب الجمهور .

اختتمت الليلة الأولى للمهرجان الدولي للضحك بعرض للفنانة التونسية سامية أوروسمان ،والذي رغم أنه كان باللغة الفرنسية ،فقد صفق له الحاضرون بحرارة ،لما يتضمنه من  نقد لطباع وعادات الأسر المغاربية  . حكت لنا سامية قصة حياتها كاملة، ساخرة من التقاليد والعادات ،بأسلوب درامي بليغ ،يحث على التسامح والاندماج بين مختلف الأجناس والأديان…
في اليوم الثاني والأخير للمهرجان ،كان الجمهور على موعد مع الكوميدي الساخر ،خالد الزبايل ،الملقب بأوباما ،الذي خلق جوا حميميا مع الجمهور قبل بداية العرض ،حين حدث الحضور عن إعجابه بمدينة وجدة التي يزورها لأول مرة وعن معلمتها الثقافية التي تحتضن عرضه ، انتقد خالد الزبايل كل شيء ،الأب ،الأم ،الأخ ،الأسرة ، الأصدقاء ، بل رأيناه أحيانا كالحطيئة حين هجا نفسه ،سلط الضوء على شخصيات من المجتمع رسم لها أبعادا درامية كاريكاتورية مستخرجة من الواقع اليومي، ومن العلاقات والتفاعلات بين هذه الشخصيات ،كما أن تألقه خلال البرنامج التلفزيوني كوميديا كان قد رسم له مكانة متميزة في قلوب متتبعيه وجمهوره.
آخر عرض كان للفنان الجزائري عبد القادر السيكتور ،والذي انتظره الجمهور بفارغ الصبر ،السيكتور أكد لميكروفون القناة الأولى أنه مدين لهاته المدينة ،ولا يمكن أن يتنكر لها في يوم من الأيام ،حيث أشار إلى المهرجان الدولي للراي، وكيف كان سببا في تلميع صورته وتوسيع قاعدة شعبيته .السيكتور والذي يتابعه جمهوره عن كتب ،حرص على إيقاف تصوير المحترفين والهواة على حد سواء ،فالعرض كان جديدا لا يريد له أن ينتشر على صفحات  اليوتوب ،لذا كان صريحا مع المنظمين ،إذا أردتم عرضا مميزا جديدا ،أوقفوا كاميراتكم …لبى الجميع رغبة السيكتور ،انطلق العرض ،ظل وفيا لنهجه ،سخريته التي كانت موجهة لصديقه القديم أحمد ،غير اتجاهها نحو صديق فرنسي جديد سماه فيليب ،اصطحب فيليب السيكتور إلى حفلة من حفلات النصارى ،مبديا إحساسه بجوع شديد ،لكن مطمئنا إلى أنه ذاهب إلى مأدبة عند أصدقاء فيليب ،وسيجد على طاولتهم ما لذ وطاب ،في طريقه رفض عدة دعوات للأكل ،معتقدا أن الحفلة قريبة وسيجد ضالته ،لكن استياءه كان عميقا حين حل بمكان المأدبة ،حيث وجد قطعا صغيرة جدا من الخبز ،عليها قليل من سمك ،وزيتونة مثبتة بعمود خشبي صغير من النوع الذي نزيل به بقايا الطعام من الأسنان. السيناريو بسيط للغاية ،لكن السيكتور ،أضفى عليه كل أنواع التهكم والاستهزاء ،لقد سخر السيكتور من فيليب ،ومن النصارى وموسيقاهم ومأدباتهم ،إن الأكل المقدم من طرف النصارى على حد قوله  لا نقدمه نحن حتى للفئران في المصائد…
أردت أن أترك العرض الأول  في برنامج اليوم الثاني متعمدا ،لأشير أن الدورة الأولى وقعت على ميلاد ثنائي وجدي ساخر هو ثنائي اللاوية ،الثنائي المعروف على صعيد الجهة والمدينة ،تاريخ يتجاوز بضع سنين ،عروض محتشمة هنا وهناك ،كان ينقصهما شيء ما  خلال مسارهما الفني ،لكنهم وجدوه ،لقد استمتع الجمهور ،واستبشر خيرا حين رأى تألق نجمين محليين على خشبة مسرح محمد السادس ،السيناريو كان جميلا ،وتنفيذه كان باحترافية تضاهي احترافية من شاركوا في المهرجان كلهم وربما تزيد أحيانا ،حقا ما أروعهما وما أروع الموضوع الذي اشتغلا عليه ،زيري بن عطية يعود للزمن  الحاضر ليسأل عن أحوال مدينته ،رقص ،فكاهة وسخرية ماكرة ،تساءل الثنائي  لماذا بنى زيري مدينة وجدة على ضفاف واد الناشف ،ولم ينشئها على ضفاف ملوية،لنكون بقرب وادي تجري مياهه طول السنة ،في العرض سأل زيري عن أحوال الرياضة والمعمار والثقافة  وعن الكثير من الأشياء ، كيف أصبحت ؟الرد كان مليئا بنقد بليغ ،أعجبتني الإشارة إلى فريق المولودية ،الذي سأل زيري  عن أحواله التي لا تسر هذه الأيام، وأتمنى بالمناسبة للمولودية أن تسترجع أمجاد الماضي من أجل جمهور رائع لن يحب فريقا في حياته مثل حبه للمولودية ،كما أن الإشارة إلى طريقة تجفيف المياه  من الملعب خلال الموندياليتو الأخير   والتي تفنن الثنائي في القيام بها قد أسعدت الجمهور …

الرد الحقيقي عن تساؤلات زيري بن عطية وعن مدينته وأحوالها  و للتاريخ ،كان من جلالة الملك ،الذي أسس لمدينة عصرية صاعدة ،تجيب عن كل التساؤلات ،فما تحقق في وجدة خلال حكم محمد السادس لم يتحقق منذ مئات السنين، كما أن نظرة السلطات في المدينة، لم تعد تلتزم الحياد حين يتعلق الأمر بالثقافة ،فبالثقافة والفن الهادف الجميل ، نحارب الإرهاب والتطرف وبالثقافة سيكبر الوطن دائما وبالثقافة سنحقق الريادة. بقي أن أشير إلى أن تقديم السهرتين كان للجيلالي و غريب واللذين ،أبانا عن مقدرة في تقديم فقرات البرنامج بكل ثقة ورزانة وتميز.
انتهت العروض بتصفيقات حارة للجمهور الحاضر الذي غطا كل جنبات مسرح محمد السادس التي تتسع لأزيد من ألف متفرج … انتهى المهرجان ومعه وقعت جمعية سياحة بلا حدود بشراكة مع وكالة SJ évent  على نسخة أولى ناجحة بكل المقاييس من مهرجان الضحك Orire      ،حضور جماهيري ،عروض نالت رضا وإعجاب  الجمهور، وتنظيم محكم ،شباب من المدينة كانوا وراء توقيع هذا المهرجان الدولي الناجح يستحقون منا كل أنواع  التشجيع والمواكبة ،لحاجة جهتنا لأنشطة ثقافية وفنية كبرى  في جميع المجالات ،المحاور والتيمات كثيرة ،منها المحلي والجهوي والجامعي ،والوطني والقاري والدولي ،ومعلمة مثل هاته ،تحتاج لعرض كبير كل شهر ،ولم لا كل أسبوع ،علينا الانخراط فقط وتشجيع المبادرات الجادة التي تبرز جهتنا ومدينتنا ،كل من موقعه ،سلطات ،منتخبين،داعمين مِؤسساتيين وخواص ،جمعيات المجتمع المدني،صحافة وجمهور.
خالد سلي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *