Home»Débats»هل الحكم على مسلسل عمر بن الخطاب يستهدف العمل الفني أم يروم النيل المبطن من شخصية الفاروق ؟؟؟

هل الحكم على مسلسل عمر بن الخطاب يستهدف العمل الفني أم يروم النيل المبطن من شخصية الفاروق ؟؟؟

1
Shares
PinterestGoogle+

هل  الحكم على مسلسل عمر بن الخطاب يستهدف العمل الفني  أم يروم النيل المبطن من شخصية الفاروق ؟؟؟

 

محمد شركي

 

اطلعت على المقال الذي تضمن انتقاد مسلسل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين نشر أول مرة على موقع دنيا الوطن الفلسطيني قبل أن  تنقله مواقع أخرى على الشبكة العنكبوتية ، كما اطلعت على التعليقات التي أعقبت المقال . ونزولا عند رغبة أحد المعلقين الفضلاء فكرت في  تحرير مقال في الموضوع . بداية استغربت عبارة :  » مسلسل فاشل بامتياز  »  وهو تعبير يجمع بين أمرين  متناقضين لا يجتمعان وهما الفشل والامتياز ، ولا تناسب عبارة   » بامتياز  » إلا النجاح والفوز  ، أما  الفشل  فتناسبه عبارة  » ذريع  »  أو » فظيع  » إذا ما روعي التعبير العربي السليم . ولست أدري هل زاد صاحب المقال في النقد السينمائي كزاده في اللغة  قياسا على هذه الزلة ؟   ومن المعلوم أن الفن السينمائي هو حقل انتقاد بامتياز ـ وهنا  يصح  استعمال عبارة بامتياز ـ إذ لا يخلو عمل سينمائي من نقد يتناول المضمون والشكل تماما كما يكون النقد في العمل الأدبي . والأصل في النقد أنه وجهة نظر أهم ما فيها ما تقدمه بين يديها من أدلة وحجج ، لهذا  يختلف النقد المبرر عن النقد غير المبرر أو الانطباعي . والمقال الذي  انتقد مسلسل الفاروق لا بد في البداية أن  تعرف خلفيته هل هي خلفية نقدية صرفة تتعلق  بتقييم عمل فني  أم أنها  خلفية عقدية تتذرع بالنقد الفني ؟ فشخصية الفاروق  تختلف فيها العقائد ، ففي الوقت الذي تحظى فيه بتقدير العقيدة السنية ، فهي  موضوع طعن في  العقيدة الشيعية الرافضية .

ومعلوم أن العقيدة الشيعية الرافضية إنما نشأت من رحم الخلاف السياسي   بين الصحابيين الجليلين علي بن أبي طالب  ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عليهما  على إثر مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه . وبفعل فاعل تحولت السياسة إلى عقيدة ، ومعلوم أن  تحويل السياسة إلى عقيدة  عبارة عن حيلة ماكرة من أجل تسويق السياسة . وحكاية  مظلمة علي بن أبي طالب وآل البيت  مشهورة عند الشيعة الرافضة الذين لا زالوا يمططونها ويمددونها  حتى وصولوا بها إلى درجة الطابو .  ومن أجل تضليل الأتباع وإقناعهم بالعقيدة  المبتدعة التي خرجت من رحم السياسة ابتدع الشيعة الرافضة  طقوسا من بينها  لعن وسب وشتم الصحابة وعلى رأسهم الصديق والفاروق رضي الله عليهما  و بنتيهما عائشة  وحفصة رضوان الله عليهما . ولا زال الرافضة الإيرانيون وأذنابهم إلى يومنا هذا  يقيمون المناسبات لسب وشتم الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر على اعتبار أنهما  اغتصبا الخلافة بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كانت في نظر الرافضة إمامة  في الأرض لا تخرج عن آل البيت حتى انتقلت من  سرداب الأرض إلى السموات العلا  لتنزل نزولها المنتظر إلى الأرض من جديد . ومن طقوس شتم  الفاروق في إيران الاحتفال بالمجوسي أبي لؤلؤة الذي طعنه وهو يصلي  ، وصار عند الرافضة شهيدا  هكذا كتب على قبره في مزار اتخذ له . ولا زال الرافضة في إيران يكتبون اسم عائشة على شاة  وينتفونها حتى الموت وهم يسبونها ويشتمونها ويقذفونها . فإذا كان منتقد مسلسل الفاروق  في  باطنه شيء من  الحقد الدفين على الفاروق فالقضية قضية نقد عقدي وليست قضية نقد فني سينمائي . ومعلوم أن  الشخصيات العظيمة أو العباقرة بتعبير المرحوم العقاد  تستعصي على الفن السينمائي . فمع أن السينما  تعتمد على الخيال المفارق للحقيقة ، فإنها لا تستطيع أن  تستوعب حياة العظماء التي  هي فوق  الخيال السينمائي . وشخصية الفاروق  شخصية احتار فيها المؤرخون لأنها  شخصية عظيمة كانت وراء تأسيس الدولة الإسلامية  بعد فترة النبوة المشرقة ، والخلافة الراشدة للصديق .

وشخصية عمر بن الخطاب جمعت بين العديد من الأمور المثيرة ، فهو شخصية  مثيرة في جاهليتها حتى أن رسول الإسلام  سأل ربه  أن ينصر دينه  بأحد العمرين ، وكان ابن الخطاب أحدهما . وعمر بعد إسلامه أشد بأسا مما كان عليه في جاهليته ، وأمر عدالته مشهور حتى أن العدل كاد أن يسمى عمر . ولقد احتار كبار الكتاب من القدماء والمحدثين في تحليل  شخصية الفاروق ، والعقاد وهو من هو في النقد لم يسعه إلا أن يعتبره عبقريا لا يفري أحد فريه  ، وقد استعمل كل ثقافته الموسوعية من أجل معالجة شخصية الفاروق ، ومع ذلك كان دائما يظن أنه لم يوفه حقه ، وإنما كان يحاول أن يقدم صورة تقريبية له لا يمكن أن  تعكس حقيقته . وأحيانا يشاهد البعض الأفلام التاريخية بخلفيات تكونت لديهم من خلال  معارفهم واطلاعهم فيكونون صورا عن الشخصيات التاريخية في أذهانهم ، ومن هذه الصور ينطلقون للحكم على الصور التي تقدمها الأفلام أو المسلسلات . وقد لا يرضى البعض عن  أفلام أو مسلسلات لا توافق  مرجعياتهم الخيالية التي تكونت لديهم. فالذي  انتقد مسلسل  الفاروق ربما  كانت له تصوراته الشخصية عنه ، فلم يلب هذا المسلسل رغبته فعمد إلى اعتباره عملا فاشلا . وهذا المسلسل  ككل  المسلسلات المتعلقة بالشخصيات الدينية ذات القدسية  أثار ضجة قبل  ظهوره  حيث  واجه  فكرة اعتراض تصوير شخصية الفاروق ، كما  يتم الاعتراض على تصوير كل الشخصيات المقدسة . ومعلوم أن السينما الشيعية الرافضية في إيران هي أول من تجاسر على تصوير حتى أنبياء الله صلوات الله عليهم حيث تم تصوير نبي الله يوسف  عليه السلام ، وتم تصوير أهل الكهف والرقيم  ، مع تسريب الفكر الرافضي في الفيلمين معا  كما بينته في مقالات سابقة على الشبكة العنكبوتية . ولا زال  الخلاف قائما بين  المشتغلين بالدين فيما يخص تصوير أو عدم تصوير الشخصيات المقدسة .

ومهما حاولت المشاريع السينمائية  البحث عن الممثلين الذين  يستطيعون  تمثيل الشخصيات العظيمة فلن يفلحوا في إيجاد الممثلين الذين يستطيعون إرضاء  أخيلة ملايين المشاهدين . وإذا كانت الصعوبة تعترض السينما في إيجاد ممثلين  لتمثيل شخصيات صورها الحقيقية متوفرة فما بال  الشخصيات التي  لا صور لها  إلا من خلال الأوصاف اللغوية التي  هي عرضة  للعديد من الأفهام والتأويلات المختلفة وحتى الاسقاطات البعيدة عن واقع الحال الذي كانت عليه هذه الشخصيات . فلا يعقل أن ننتظر من الأفلام والمسلسلات أن تقدم لنا  عبر ممثليها  الصور الحقيقية للأبطال التاريخيين . ولا ينتظر من الذي يمثل شخصية الفاروق أن يخرج في لغته الضاد من أي شدق شاء كما كان يفعل الفاروق ولا أن يتمثل خطابته أو ما كان يتمثله من شعر في كلامه. والمسلسل الذي قدم شخصية الفاروق هو محض تخيل تخيله كاتب السيناريو  ،  ويقابله ما لا نهاية له من الأخيلة كلها في نفس الدرجة من الخيال والتوهم . والحكم على هذا المسلسل هو في الحقيقة حكم  على مخيلة صاحب السيناريو لا غير ، لأن واقع الفاروق سيبقى متعاليا على أخيلة السيناريوهات مهما كانت . ولمنتقد مسلسل الفاروق أن يقول ما شاء طالما تعلق نقده  بخيال صاحب السيناريو أما إذا  كان يبطن ما لا يظهر مما تجيزه عقيدة التقية فالأمر حينئذ شيء آخر حيث سينتقل الموضوع من نقد مسلسل في شكله إلى نقد مضمون المسلسل لغرض عقدي مكشوف . فلحد الآن لم  يرد في هذا المسلسل ما يخالف  الأحداث التاريخية المتوافق بشأنها بين علماء التاريخ المسلمين  ، ولا يمكن أن نضع مراجعة رجال الدين في حجم فضيلة العلامة الشيخ  يوسف القرضاوي  لهذا المسلسل في  مهب الريح لأنه لا يمكنه أن يغامر بمصداقيته من أجل تمرير ما لا يليق بشخصية الفاروق . وآمل ألا يكون منتقد مسلسل الفاروق قد نظر إليه بعين السخط التي تبدي المساوىء .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. معمر
    12/08/2012 at 12:38

    يقول الله عز وجل: وامتازوا اليوم أيها المجرمون. لقد جمع الله في كتابه بين المجرمين والامتياز نورنا جزاك الله خيرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *