Home»Débats»تضحيات الأستاذ و ظلم المجتمع…!!

تضحيات الأستاذ و ظلم المجتمع…!!

0
Shares
PinterestGoogle+

 

أحد الأمور الأساسية التي تعتمدها مشاريع التنمية في أي دولة كيفما كانت هي الموارد البشرية المؤهلة و القادرة على تحقيق أهداف التنمية. فلا يكفي التوفر على موارد طاقية و فلاحية لكي نقول بحدوث تقدم. الرأسمال البشري يبقى الأهم في أي معادلة للتنمية, ولنا في دولة اليابان خير الأمثلة وضوحا. فدولة كاليابان خرجت من حرب عالمية بإرث نووي ثقيل دمر الأخضر و اليابس و أعاد اليابان إلى نقطة الصفر. لكن اليابان عرفت كيف تخرج أكثر قوة. فقد وعت أن أي تطور منشود لا بد له من نظام تعليمي متين يعتمد على أحدث المناهج العلمية و يتغذى من تجارب الدول الأوربية. كانت نتيجة « الاستثمار في الرأسمال البشري» ما نراه اليوم فقد أضحت اليابان أحد أقوى الدول اقتصاديا بل أصبحت تنافس بلاد العام السام. و هذا مثال بسيط دون ذكر دول أخرى مثل الصين و ماليزيا وهلم جرا. لكن ماذا عن المغرب؟

لازال المغرب في بحث مستمر عن نموذج لنظامه التعليمي. النظام التعليمي في المغرب يتغير بتغير الحكومات و كما يفسر الدكتور « المنجرة » أن من بين مشاكل التعليم في المغرب غياب الرؤية الإستراتجية لمشاريع نظام التربية والتكوين

 

بكامل الأسف, لازال المغرب في بحث مستمر عن نموذج لنظامه التعليمي. النظام التعليمي في المغرب يتغير بتغير الحكومات و كما يفسر الدكتور « المنجرة » أن من بين مشاكل التعليم في المغرب غياب الرؤية الإستراتجية لمشاريع نظام التربية والتكوين. فأي مشروع تربوي لا بد له من سنوات طويلة للحكم بمدى فشله و نجاحه و ليس أن يعتمد منطق الاستعجال و الزمن الحكومي. بالتأكيد لا يعدو أن يكون هذا التحليل محض استهلال للمشاكل التي لازالت تكبل المنظومة التربوية. وهناك العديد من التقارير و الأبحاث التي شرحت الوضع بكل دقة و موضوعية.

ما يعنينا في هذا الأمر أن هناك مشاكل أخرى ساهمت في تأزيم الوضع التعليمي في المغرب بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه. أولها هو الحيف الذي لحق نساء و رجال التعليم; الفئة المعنية بتكوين النشء. فما أن يسألك أحدهم عن مهنتك و تجيبه بأنك تنتمي إلى حقل تربية الأجيال حتى تتبدل نظراته و يتهمك بالتقصير و الغياب المستمر و اصطياد الفرص للهروب من الفصل الدراسي. الأستاذ متهم اليوم بالاغتناء و البخل و ما هنالك من التهم الثقيلة التي « قزمت » دور مربي الأجيال.

فنحن لا نستغرب حينما يضرب الأستاذ من طرف تلاميذه…كما أن المغالطات التي يتم الترويج لها داخل المجتمع من كون المدرسين هم سبب إفلاس المنظومة التربوية, اتهامات نمطية و أحكام قيمة

 

بطبيعة الحال, هذا«التحليل السطحي» لمهنة الأستاذ و مكانته الاعتبارية راجع لعوامل عدة, نذكر منها على سبيل المثال, لا الحصر, انهيار منظومة القيم في المجتمع المغربي و انتشار الميوعة و الذوق الفني الهابط الذي أخذ يسخر من كل شيء أمامه. و تدني درو الأسرة ….الخ. فنحن لا نستغرب حينما يضرب الأستاذ من طرف تلاميذه…كما أن المغالطات التي يتم الترويج لها داخل المجتمع من كون المدرسين هم سبب إفلاس المنظومة التربوية, اتهامات نمطية و أحكام قيمة. وهذا كان أحد تصريحات وزير التربية الوطنية أحمد اخشيشن, عندما قال أن الأستاذ متهم و ضحية في نفس الوقت. و بقدر ما أن اعتراف اخشيشن يبرز مدى الغبن الذي يعاني منه أصحاب « الطباشير » بقدر ما يدعو للتأمل. فلماذا عند وضع مشاريع الإصلاح لا تتم استشارة نساء و رجال التعليم. أليسوا هم من يقومون بأجرأة كل مشاريع الإصلاح؟ أليسوا هم من يملكون مفاتيح العلبة السوداء؟ فهم عن كثب من المتعلم و يعلمون جيدا ماذا يريد و ما هي حاجياته.

أليست هذه مفارقة غريبة أن تستباح حرمة الأستاذ؟ و أين هو شوقي الذي أعطى الأستاذ مكانة الأنبياء؟ لو كان شوقي حيا وسمع أن الأستاذ يتعرض للركل و الرفس لنظم قصيدة يرثي فيها حاله. هل هكذا يعامل الأساتذة؟

 

المشكل الأكبر من هذا هو حجم الاهانة التي يعانيها مربو الأجيال. الأستاذ ممنوع عليه بقوة القانون المغربي ضرب التلميذ داخل الفصل و في الوقت عينه عليه أن يتقبل قمع الشرطة في الرباط. أليست هذه مفارقة غريبة أن تستباح حرمة الأستاذ؟ و أين هو شوقي الذي أعطى الأستاذ مكانة الأنبياء؟ لو كان شوقي حيا وسمع أن الأستاذ يتعرض للركل و الرفس لنظم قصيدة يرثي فيها حاله. هل هكذا يعامل الأساتذة؟ ما لا يعرفه كثيرون أن نسبة ساحقة من هؤلاء الأساتذة يعملون في القرى النائية و المداشر القصية. يعانونا حر الصيف و قر البرد. تتربص بهم الحشرات الزاحفة من عقرب إلى أفعى!! يصبرون على مضايقات القرويين و سخريتهم. المعلمة و المعلم عليهما القيام بالتدريس و قطع مسافات طويلة لجلب الماء »الغير » صالح للشرب ثم عليهما تحمل ضوء الشموع كأننا في العصور الوسطى. الأستاذة تجلس فوق سطح الشاحنة و بمعيتها الخرفان و الأبقار. أهذا هو رد الجميل…!!

مع كل هذا يتحمل المربون و يكابدون في صمت و يحاولون التكييف بكل ما أوتي لهم من قوة وعزيمة. و عندما يحين دور المجتمع و الوزارة لإنصاف هؤلاء الأساتذة تجدهم يكابرون غير مكثرتين. الدليل هو ما تعيشه فئة الأساتذة المجازين و الفئات الأخرى(…) الذين يطالبون بإنصافهم و ترقيتهم بشهادة الإجازة التي ولجوا مركز التكوين و هم حاصلين عليها.

من يريد حقا التجني على حق التلميذ في التحصيل ليس من يقوم بالإضراب لكن من يدفع لهذا الإضراب. دعونا من ما يروج له في الصحف و الإعلام و أعطوا التلميذ حقه في الدراسة بإنصاف أستاذه. أخطر مهنة في المجتمع هي صناعة الأجيال و هذه الأخيرة تتوقف على الرفع من شأن المربي و تشجيعه و تحفيزه بكل الوسائل.

ونختم هذا الموضوع برأي الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان الذي امتهن التعليم ووضع خلاصة تجاربه في هذه القصيدة الرائعة:

(شوقي) يقول- و ما درى بمصيبتي-

 » قـم للمعلـم وفّـه التبجـيـلا »

اقعد, فديتك, هل يكـون مبجـلاً

من كان للنشء الصغار خليـلا..!

و يكـاد (يفلقنـي) الأّميـر بقولـه:

كاد المعلـم أن يكـون رسـولا..!

لو جرّب التعليم (شوقـي) ساعـة

لقضى الحياة شقـاوة وخمـولا

حسـب المعلـم غمَّـة و كآبـة

مرآى (الدفاتر) بكـرة وأصيـلا

مئة على مئة إذا هـي صلِّحـت

وجد العمى نحو العيون سبيـلا

ولو أنّ في « التصليح » نفعاً يرتجى

وأبيك, لـم أكُ بالعيـون بخيـلا

لكـنْ أصلّـح غلطـةً نحويـةً مثـلاً,

و اتخـذ « الكتـاب » دليـلا

مستشهـداً بالغـرّ مـن آياتـه

أو « بالحديـث » مفصـلاً تفصيـلا

وأغوص في الشعر القديم فأنتقي

ما ليـس ملتبسا ولا مبـذولا

وأكاد أبعث (سيبويه) مـن البلـى

وذويه من أهل القرون الأُولـى

فأرى (حمارا)ً بعـد ذلـك كلّـه

رفَعَ المضاف إليـه والمفعـولا!!

لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة

ووقعت ما بين البنـوك قتيـلا

يا من يريـد الانتحـار وجدتـه

إنَّ المعلـم لا يعيـش طويـلا!

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. Dkhissi abdelrhani
    16/04/2011 at 19:00

    مع كامل الأسف أصبحت جريدة وجدة سيتي تكيل بالمكيالين . فعندما يقترح عليها مقالا يعبر فيه عن غبن البعض من رجال التعليم فإنها تنشره على التو، وعندما يقترح عليها مقالا يطلب فيه تصحيح تجاوزات البعض من رجال التعليم المنعدمو العزة والكرامة فهي لا تنشره. وهذا يعني أن الجريدة متحيزة و ليست نزيهة أي عليها ،أن تنشر معاناة رجال التعليم و تنشر كذلك خروقات رجال التعليم .

  2. saida
    17/04/2011 at 08:38

    اشاطرك الراي الاخ دخيسي فيما يخص تجاوزات وتقصير نسبة عالية من المعلمين والاساتيذ يتقاضون مرتبات عالية ولايعملون ولا يقدمون اي شيء والخطا الفادح الذي ارتكبته الدولة هو منح هؤلاء السلم 11 كانهم هم الذين اخترعوا البنسلين لايهتمون الا بالترقية والزيادة في الاجر مقابل الغياب والشهادات الطبية والكسل والخمول واثارة الصداع مع الادارة والنيابة والوزارة ماكاين غير الاضراب والاضراب والاضراب وبين الاضراب والاضراب اضراب اوا طوروا هدوا المغرب فقط ندرس يوم واحد في الاسبوع والجيل كله يضيع فمتى ياتي الفراج يارب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *