Home»Débats»آفات التحرير السائب لتأليف الكتاب المدرسي ـ في رحاب الفلسفة ـ نموذجا

آفات التحرير السائب لتأليف الكتاب المدرسي ـ في رحاب الفلسفة ـ نموذجا

3
Shares
PinterestGoogle+

آفات التحرير السائب لتأليف الكتاب المدرسي نموذج نقل نصوص « في رحاب الفلسفة » للسنة الثانية آداب وعلوم إنسانية

1. مقدمات لوضع المشكلة: الجودة: مطلب حيوي يشير تحرير تأليف الكتاب المدرسي في السلك التأهيلي، على غرار تحريره في باقي الأسلاك، إلى عملية وُصِفت من قبل السلطات التربوية بأنها « خطوة هامة في تشجيع الإنتاج التربوي، وتحرير التأليف، والارتقاء بالسلك التأهيلي من سلك تعليمي مدرسي مستهلِك إلى سلك تعليمي ما قبل الجامعي منتِج »؛ وهو الأمر الذي يترك الانطباع-مبدئيا- بالانتقال إلى مستوى أعلى من التدبير العقلي للنظام التربوي: إذ لا شك أن التعامل مع كتب متعددة يتطلب قدرة على التركيب أكبر، وتصورا للعمليات التعليمية التعلمية أوسع وأشمل، وتوصيفا للانتظارات أدق وأوثق. إن لتحرير تأليف الكتب المدرسية دواعٍ عديدة لعل أبرزها الانتقال إلى التعامل بنوع من التدبير المفوَّض مع الشأن التربوي: الانتقال من كتاب يُقرَّر من قبل الجهات التربوية المختصة مركزيا إلى كتاب يُنجَز من قبل « خواص » بناء على دفتر تحملات مضبوط يضمن إنجاز العمل على الوجه الأفضل. الأمر الذي يلبي الحاجة إلى إشراك فاعلين خارج دوائر الأجهزة التربوية الرسمية ممن حصَّلوا مستوى من التكوين والكفاءة تؤهلهم لأن يقوموا بالعمل على نفس قدر القيمة أو أكثر. أما عن المقاصد والغايات، فهي لن تخرج، مبدئيا، عن دائرة العمل على تحقيق أكبر نفع للمستهلكين، عبر تنويع المنتوج أولا، إذ يُفترَض أن فتح إمكانية الاختيار بين منتوجات متعددة يمَكِّن من رفع حظوظ إيجاد الأفضل؛ وعبر تجويده ثانيا، إذ يُفترَض أن إخضاع المنتوج التربوي للمنافسة بين المنتجين من شأنه أن يساهم في تحقيق مردودية أكبر.

 2.1. الجودة: مطلب حيوي، ولكنه مشروط وككل عمل تدبير على قدر من الأهمية يضاهي تدبير الشأن التربوي، يُفترَض أن لا يُترَك أمر « الخوصصة » أو « التدبير المفوَّض » سائبا غير مضبوط، لِما قد يكون ل »السيبة » في هذا المجال من الآثار المعاكسة أولا للغايات والمقاصد التي كانت متوخاة من التحرير بداية، ولما قد يكون لها ثانيا من آثار سلبية على المستهلكين، الذين هم في هذه الحالة تلاميذ الحال ومواطنو المستقبل والمآل. وفعلا، فقد انتبه الملتزمون بمقتضيات « الميثاق الوطني للتربية والتكوين » إلى هذا الأمر حينما أكدوا، في المادة107، على « ضرورة إحداث لجنة دائمة للتجديد والملاءمة المستمرين للبرامج والمناهج والشعب والقطاعات »، يُناط بها تتبع ومراقبة تنفيذ إصلاح المناهج والبرامج، وهي التي يُناط بها أيضا الإشراف والمصادقة على الكتب المدرسية؛ ففي المادة 108، حيث تم تناول الكتب المدرسية والوسائط التعليمية، تقرر ما يلي: « اعتبارا لكون سلطات التربية والتكوين مسئولة عن تحديد مواصفات التخرج والأهداف العامة والمراحل الرئيسية لتدرج المناهج والبرامج المدرسية، فإن اللجنة المشار إليها في المادة 107 أعلاه تشرف على إنتاج الكتب المدرسية والمعينات البيداغوجية وفق مقتضيات المنافسة الشفافة بين المؤلفين والمبدعين والناشرين, على أساس دفاتر تحملات دقيقة مع اعتماد مبدأ تعددية المراجع ووسائل الدعم المدرسي. وتخضع كل أداة ديداكتيكية كيفما كان شكلها وطبيعتها لزوما لمصادقة سلطات التربية والتكوين. » الأمر الذي يعني أن أمر تحرير التأليف المدرسي يخضع للضوابط التربوية والقانونية المرعية في مثل هذه الحالات.

 3.1. واقع واعد نظريا، خائب عمليا، ومحرِج تنتج المقدمتان السابقتان نتيجة مفادها أن السلطات التربوية كانت تمتلك، منذ مدة طويلة وبشكل سابق على بدء تفعيل إجراءات فتح باب المنافسة بين الكفاءات التربوية حول إعداد الكتب المدرسية، ما شأنه أن يضمن الحد الأقصى من مواصفات الجودة. أقول الحد الأقصى، لأنه لا يُعقَل أن تكون المنافسة إلا لأجل تحقيق الأفضل؛ وإلا لن يكون لمطلب الإصلاح معنى أصلا. طبعا، ليس لنا أن نشكك في حسن نية أحد، ولا في نزاهته المبدئية، فالمقام هنا يتجاوز محاسبة النوايا وتعيير « صفاء القلوب »، إنما يتعلق بمساءلة الأفعال ومراجعة الإجراءات في إطار عمل تقويمي يُفترَض أنه جزء لا يتجزأ من أي عمل يريد لنفسه أن يكون عملا رشيدا، يؤمن بالقابلية للخطأ في مجال الممارسة البشرية أولا، وبضرورة تصحيح الخطأ متى تم رصده ثانيا، وتجنب وقوع الأذى ثالثا ورفعُه إن وقع-وقد وقع-أخيرا.

 4.1. التحرير ومشكلة المسئولية: دفع وهم لَمَّا كان من المؤكَّد أن عناصر جودة الكتاب المدرسي متعددة تبعا للأغراض المنتظرة منها، متراتبة فيما بينها ومتكاملة بحسب درجة خدمتها لتلك الأغراض، فإنه كان من المفترَض أن ينضبط إنجاز الكتاب المدرسي بجملة ضوابط بيداغوجية وديداكتيكية وقانونية تضمن تحقيق الحد الأقصى من الجودة، كما تحدد أشكال التتبع والتقويم الممكنة لتلك الجودة. ولذلك فإن التعويل على نباهة المدرس في أن يميز الكتاب الملائم من الكتاب غير الملائم، وعلى حريته وتكوينه الشخصي للتصرف في مضامين الكتب، تعويل فاسد أصلا. إذ لا يُعفي السلطات التربوية من تحمل مسئوليتها كقيِّم على الشأن التربوي؛ مثلما أن التعويل على نباهة مستهلك الخبز أو الزيت في أن يميز السليم من المسموم، وعلى حريته وتكوينه، تعويل فاسد، إذ لا يُعفي السلطات القيِّمة على تدبير الشأن الاقتصادي من تحمل مسئولياتها في حماية المستهلك حفظا لماله من الضياع وصونا لصحة بدنه من السقم. مناسبة هذه المماثلة اقتضاها التمييز الذي أقامته السلطات التربوية بين « المنهاج » وبين « الكتاب المدرسي »، للاستنتاج بأن « المنهاج هو وحده الإطار المرجعي الملزم وطنيا »، ثم، بناء على ذلك، إلقاء المسئولية –أو تعويمها- على « حرية الأستاذ » وفقا ل »ظروف وشروط الممارسة » و »إمكاناته »، وفي « إطار التعاقدات » و »التنسيق » بين الأساتذة. تقرر التوجيهات التربوية والبرامج الخاصة بتدريس مادة الفلسفة بسلك التعليم الثانوي التأهيلي، الصادرة بتاريخ نونبر 2007: « ينطلق منهاج مادة الفلسفة من التمييز المنهجي بين هذا المنهاج وبين الكتب المدرسية الجديدة للفلسفة. فالمنهاج هو وحده الإطار المرجعي الملزم وطنيا، أما مضامين الكتب المدرسية للمادة والمقاربات والطرق البيداغوجية والتقنيات الديداكتيكية المقترحة فيها، فلأستاذة وأستاذ المادة حرية التصرف فيها وفقا لأهداف المنهاج والكفايات المراد تنميتها لدى المتعلم، وبالنظر إلى ظروف وشروط ممارستهما الفعلية وإمكاناتهما التكوينية ومواردهما المعرفية والتقنية، وذلك في إطار التعاقدات التنظيمية والتدبيرية المرتبطة بشروط التقويم وتكافؤ الفرص أمام التلميذ، وضرورة التنسيق، إقليميا وجهويا ووطنيا، بين أستاذات وأساتذة مادة الفلسفة. » وأعتقد أن هذا التمييز لا يخدم إطلاقا الغرض المتوخى منه إن كان هناك غرض منتج من ورائه، بل إنه قد لا يُفهَم إلا كمحاولة للتنصل من المسئولية التربوية التي يفرضها القيام على مراقبة وتتبع وتقويم سيرورة إنجاز الكتب المدرسية بكل مراحلها، ابتداء من صوغ دفاتر التحملات إلى تقويمها اللاحق على مرحلة المصادقة عليها.

 وها هنا الموضع الذي نرى أنه لم يَلق، إلى حد الآن على الأقل، ما يستحقه من الاهتمام، أي موضع رصد المشكلات التي قد تعترض العمل بالكتب المدرسية أو عدم العمل بها، والنهوض لحلها. أقول: قد يُفهَم بأنه تنصل من المسئولية، تنصل يثبت صحته أو خطأه مدى سرعة رد الفعل الذي سيكون من قبل السلطات التربوية للتدخل لحل المشكلات التي يطرحها إجراء تحرير الكتاب المدرسي؛ خاصة أن عملية تحرير تأليف الكتاب المدرسي قد تمخضت عن المصادقة على كتب يصيبها من أنواع القصور والخلل ما لا يقبله العقل، ولا يحتمله التدبير الرشيد. والأدلة على ذلك كثيرة نتحمل المسئولية الأخلاقية والقانونية في النهوض إلى نصبها متى دعا المقام إلى ذلك. ولأجل ذلك، نقدم، على سبيل التنبيه، نموذجا من نماذج الاختلال الذي طال الكتاب المدرسي لمادة الفلسفة المسمى »في رحاب الفلسفة ». بقي أن نشير، قبل الشروع في تقديم شواهد عما نقول، إلى أننا لا ندعي القيام بكشف عويصٍ على أذهان عموم الخلق ممن ابتُلي في رزقه بالاشتغال بهذا الكتاب، إذ لا شك أن الكثير يعاني مرارة الاستلاب الذي

 • يسببه الاتصال بنصوص تكون قراءتها متعِبة ومزعِجة بل مستحيلة، وهي فوق ذلك كله ضرورية أو تكاد؛

• أو يسببه « لعب لغوي » يطلق الألفاظ دون قيد فيترجم نفس اللفظ المعبر عن مفهوم ما باستعمال ثلاثة ألفاظ أو أكثر، علما أن المنتظَر الوقوف على بنية مفاهيمية قابلة للرصد والتعيين على نحو مضبوط، وعلى بنية حجاجية متماسكة؛ • أو تسببه الفضيحة التي يقع فيها المعلم عندما يطالب المتعلمين بالتمرن على الكتابة الإنشائية انطلاقا من نصوص معيبة، وهو يعرف أن من يضبط فعلا مضمون النص سوف يُقوِّلْه لا محالة ما لم يقله. لربما فعل هؤلاء خيرا حينما لم يكلفوا أنفسَهم عناء الحديث عما يعانون، إذ لم يروا في ذلك إلا وجها جديدا من أوجه الاستلاب، خاصة في ظل شعور سائد بأن لا مستجيب للنداء.

 2. بعض الشواهد على اختلال كتاب « في رحاب الفلسفة »: سوف نبدأ بإشارة سريعة إلى أهمية النص في كتاب الفلسفة، اعتمادا على بعض المقتضيات الفلسفية والتربوية واستلهاما للتوجيهات الرسمية ذات الصلة؛ ثم ننتقل إلى عرض بعض من الأمثلة التي تشهد بالفشل في نقل النصوص الفلسفية، إلى درجة يحق معها القول بأن الكتاب منتوج فاسد مضر بصحة وسلامة مستهلكيه.

 1.2. أهمية النص في بناء الكتاب المدرسي: يستمد الكتاب المدرسي أهميته من عنصرين على الأقل: أولا، من كونه ماعونا ديداكتيكيا يحتل مكانة مركزية بالنظر إلى طبيعة درس الفلسفة الذي لا يزال تدريسها بالنصوص يشكل هيكلها الأساس. لذلك، فمهما اقتضت « الاختيارات التربوية الجديدة إعادة موضعة الكتاب المدرسي من حيث مضامينه ووظائفه وعلاقاته بباقي المعينات الديداكتيكية »، كما تُقرر ذلك التوجيهات الرسمية، فإن إعادة الموضَعة هذه تطرح حسب نفس التوجيهات « ضرورة احترام معايير نظرية وبيداغوجية أساسية » تلخصها في الانضباط بمعايير يضمنها استيفاء شرطيين:

 • « قيمة المضامين المقترحة ومدى ملاءمتها لحاجات المتعلمين (بساطتها لسهولة الاشتغال عليها)؛ • و »قيمة المنهجية المقترحة باعتبارها تنظم سيرورة محدَّدة للتعلم سواء من حيث تنظيمها للمحتويات، أو من حيث تصورها للأنشطة التعلمية المندمجة. » وثانيا، من مدى صلاحيته لأن يكون سندا حقيقيا يقوم عليه كيان المادة: فمعلوم أن كيان مادة الفلسفة، كما تُدرَّس اليوم في فصول التعليم الثانوي التأهيلي، يخضع لأركان ثلاثة هي: الاستشكال والاستفهام والتحاجج، أركان هي بمثابة مداخل يشكل الاشتغال على النص الفلسفي الحامل الأساس لمفاتيحها. فلا غرابة أن تجد كل مكونات الكتاب المدرسي تُحيل، بشكل أو بآخر، على النصوص الفلسفية المثبتة وترتد إليها، ابتداء من العروض الممهدة وانتهاء بالخلاصات والخطاطات. وهذه المكانة المركزية للنصوص تجد مبرراتها في جملة المقتضيات الفلسفية والبيداغوجية والديداكتيكية التي « استقر » عليها تدريس الفلسفة في الفصول الدراسية، تبعا للكفايات المنتظرة من تدريسها. فمن المقتضيات الفلسفية أن مباشرة النص الفلسفي أفضل وأنجع في تناول الموضوعات الفلسفية ومعالجة مشكلاتها تناولا ومعالجة فلسفيتين. أفضل وأنجع من تناولها ومعالجتها انطلاقا من شروح وتعليقات تُقدَّم في شكل عروض ينتهي بها الأمر في النهاية إلى أن تُرفَع هي نفسها إلى مرتبة « النصوص » الفلسفية. فيكون التدريس بالنص أولى من التدريس انطلاقا من شرحه أو التعليق عليه؛ ومن المقتضيات البيداغوجية والديداكتيكية أنه لما كان الغرض الأخير من تدريس الفلسفة تمكين التلميذ من كفايات فهم وتحليل الخطاب الفلسفي المُصادَر على كونه خطابا نموذجيا من حيث بناؤه أو روح عقليته، فإن النصوص الفلسفية أجدى في تيسير تمكن التلميذ من الكفايات الثلاث التي عُدَّت أركان الدرس الفلسفي ومداخله: الاستشكال والاستفهام والتحاجج. النص إذن مجرد مُعين، مجرد حامل ومجرد سند لا يستمد قيمته إلا مما يعين عليه ويحمله ويسنده؛ لكن العون والحمل والإسناد ليست أمورا هينة، إذ بضعفها أو بفسادها يُقطع العون فيسقط المحمول وينهار المدعوم. أجل، إن النص الفلسفي الذي يُقتبس من متن فيلسوف ما لا يشكل سوى جزء ضئيل قد لا يُعتبَر أصلا كميا، لكنه يغدو نصا حيويا وتغدو وظيفته وظيفة حاسمة بالنظر إلى الموضوعة التي نستعين به لتناولها، والمشكلات التي نستدعي دعمه لمعالجتها، والقدرات التي نعوِّل عليه لتمكين التلاميذ منها في أفق امتلاكهم لكفاياتها.

 يترتب على ذلك أنه من الممكن تقويم النصوص انطلاقا من شبكة تتعدد خاناتها ومداخلها وتتعقد بمقدار تعدد وتداخل العناصر التي نريد تقويمها: من اختيار النصوص الملائمة لإسناد تدريس مفاهيم المنهاج، إلى تخطيط أنشطة التعلمات التي من شأنها أن تمكن من الكفايات الضرورية لاستيعاب المضامين الفلسفية والآليات المنهجية المنتظرة، مرورا بالاعتبارات الجمالية في عرض المواد. ولما كان الفساد قد أصاب مواطن متعددة من « كيان » الكتب المدرسية عموما وكتاب « في رحاب الفلسفة » على وجه الخصوص، ومن وجوه مختلفة، فإن وقوفنا، في هذه الورقة، على وجه واحد من هذه الوجوه هو فساد النقل يهدف أساسا إلى وضع اليد على ما بدا لنا حيويا وكان مصدر إزعاج حقيقي في الفصل. إشارة ضرورية: إن وقوفنا على آفة النقل لا هدف له سوى كشف الداء والاستنجاد لطلب التدخل من أحل وصف الدواء، دون تجاوز ذلك إلى اقتراح « نقل بديل »، أي أن الغرض محض وصف وتشخيص قد يحمل هو نفسُه من العيوب ما قد يزيد في إقناع واضعي المنهاج بأن حرية العامل بالقسم لا تنتج عنها بالضرورة القدرة على التعامل السليم والناجع مع المشكلات. ولأجل ذلك سيلاحظ القارئ أننا تجنبنا قدر المستطاع وضع مقابلات عربية بديلة للنصوص المعنية، مكتفين بالتعليق على ما يظهر أنه مضمون النصوص. وذلك إقرارا منا

 • أولا بصعوبة المهمة وخطورتها وقصورنا على النهوض بأعبائها،

• وثانيا بأن للنقل أهله العاملون به،

• وثالثا بأننا هنا في مقام إعلان حاجتنا وحيرتنا، فلا معنى لتهوين المشكلة بالدخول في نقاشات نراها، في هذا المقام، عقيمة حول « النقد البناء الذي يقدم البديل »، وحول « الخيانة في الترجمة »، أو حول « لبس النص الفلسفي » وما يليها من الموضوعات الأثيرة لدى بعض فلاسفتنا. إن الأمر يتعلق بقضية عملية محضة: ضرورة توفير نص تعليمي سليم يؤدي استعماله إلى تحقيق الأغراض الملموسة المنتظرة منه، فيكون استهلاكنا لمواد الكتاب والأموال التي تُصرَف فيه استهلاكا لمواد سليمة نافعة، ولا يكون الإنتاج المدرسي وسيلة للاتجار والاغتناء فقط.

 3. شواهد على فساد النقل لن نقف عند مظاهر ركاكة العبارة وسقمها، ولا عن الاجتزاء الذي طال النصوص إلى درجة أنه أوقع بها خروما يستحيل معها بناء مضامينها، وإنما سنقف على ما بدا لنا أنه أظهر مظاهر الاختلال في نقل النصوص الفلسفية وأخطرها، إذ نجم عنها تقويل النصوص ما لا تقوله، وذلك على نحو يصل أحيانا إلى نقض المعاني الأصلية. ولا نريد هنا ب »المعاني الأصلية » الدلالة على ما قد تحمله النصوص من « معان أصيلة » ناتجة عن جهود تأويلية خاصة، بناء على « الطابع المنفتح » للنص، وتعدديته وكونه مجالا ل »صراع التأويلات ». تلك أمور نتركها لفلاسفتنا، إذ نعترف لهم بعجزنا عن الارتقاء إلى فهمهم. إنما المُراد « توصيل » المعنى الظاهر الذي يتيحه الاشتغال اللغوي الأساسي على عبارات النص من قبل معلم ومتعلم بمواصفات المعلم والمتعلم في السنة الثانية من سلك البكالوريا المغربية وحاجاتهما، فيعين الأول على أداء عمل هو مصدر رزقه ويعين الثاني على النجاح الذي هو سبيل من سبل حركته. تنتشر آفة « نقض المعنى » في جميع أطراف النصوص المكونة للكتاب، نكتفي في مقام الإعلام هذا، بالأمثلة التالية:

 1. في الفقرة الثانية من نص لإيمانويل مونيي (الصفحة 20 من الكتاب المدرسي)، ينقل المؤلفون استشهادا بقول لماركس ساقه صاحب النص في معرض تأكيده على أن حرية الشخص ليست حرية مطلقة، إذ أن الشخص يتحدد أول ما يتحدد بوضعية الانطلاق التي يجد ذاته ضمنها، فيكون وعيه بخصائص هذه الوضعية عاملا مساعدا على اجتراح سبل تجاوزها، ويكون ذاك الوعي بالتالي أول درجات التحرر. وفيما يلي النصان: النقل الأصل ولكن فكرة المجانية هنا هي فكرة وجود غني، والحرية في شروط ملزمة، ليست من الآن فصاعدا « وعيا بالضرورة »، كما سماها ماركس. Mais l’idée de gratuité est une idée d’existence riche, et dans une condition trop accablante, la liberté n’est guère plus, comme la nommait Marx, que « la conscience de la nécessité ». هكذا، في الوقت الذي يشكل « الوعي بالضرورة » معنى من معاني الحرية، أو، على الأقل، شرطا من شروطها، حسب ماركس ومونيي، مع ما لذلك من قيمة فلسفية أكيدة في معرض بناء شروط التحرر التي يكون بمقتضاها استيعاب الظروف المحيطة مناسبة لرسم حدود إمكانات الذات، وبالتالي الرفع من حظوظ الاختيار الأفضل؛ تفقد العبارة حمولتها تماما حسب مؤلفي الكتاب، وبالتبعية حسب العامل بالفلسفة داخل الفصل الدراسي. رُب قائل يقول إن الأمر يتعلق بمجرد « خطأ مطبعي » سها فيه « الطابع » عن حرف الاستثناء « إلا »، بحيث إن العبارة الأصلية كانت هكذا: والحرية في شروط ملزمة، ليست من الآن فصاعدا إلا « وعيا بالضرورة »، كما سماها ماركس. أقول: أجل هذا ممكن. ولكن، إن كان هذا يبعد عن المؤلفين تهمة نقض المعنى، فإنه يسقطهم في تهمة إهمال مراجعة العمل، والاستعجال في تقديمه بأي وجه كان لغرض ما قد لا يتعب المرء في الظن بأنه غرض الربح المادي؛ فيدخل الاعتراض في موضع « العذر الأقبح من الذنب »، ولا يرتفع نقض المعنى. إذ ما الذي يمنع المؤلفين من عدم تقديم كتاب « غير مكتمل الإنجاز. » -وفي الفقرة الرابعة من نفس النص، يتمم مونيي بناء مفهوم الحرية عبر تدقيق دلالته على الوثبة الأصلية أو الانبثاق الحيوي الذي يخص الإنسان يمقتضى عفويته ذاتها، فلا يحصرها في هذه العفوية وإنما في الوجهة التي إليها توجه الأنا تلك العفوية: وهي وجهة التحرر، أي فاعلية التحرير القصدية للذات والعالم معا حيث تلون الأنا وجودها والعالَم بلون خصوصيتها كشخص؛ الأمر الذي يُمكِّن مونيي من تضمين مفهوم الحرية حركة مركبة: من الوجود العفوي المنبثق والمتوثب أصليا إلى الوجود المُحرِّر والمتحرِّر بفضل المقاصد التي يُنتظَر أن يحققها فيجعلها وجهة له. يترتب على تضمين هذه الحركة المركبة في قلب مفهوم الحرية بناءٌ مركَّب لمفهوم الشخص ذاته، بحيث يمكن النظر إلى الشخص ككيان مركب من قسمين متراتبين أحدهما فوق الآخر، والذي يوجد في الأعلى هو الأدل على تمام حقيقته: في الأسفل: قسم الشخص الباطن، وهو يوجد في ميدان غير واضح المعالم والأطراف والحدود هو ميدان الانبثاق الحيوي، لذلك فهو لا يحمل حقيقة الشخص؛ وفي الأعلى: قسم الشخص الظاهر، وهو الذي يوجد على نمط سيرورة نضج مستمرة في أفعاله التي تُنجَز في ساحة الوجود الفردي والجماعي التي تزداد كثافتها هي أيضا بالتدريج، ومع هذا القسم تكتمل حقيقة الشخص. وبين القسمين فاصل جعله النَّقَلة « مسافة ممتدة » وهو في الحقيقة بمثابة قسم جديد، أو لحظة جديدة أو مقولة جديدة (instance) ينبغي أخذها بالحسبان، وبدونها سيكون فهمنا للحرية فهما قاصرا: الحرية ليست مجرد ممارسة حرة أصليا وعفويا، إنما هي ممارسة مُحرِّرة بَعديا وقصديا. النقل الأصل إذن ثمة مسافة تمتد من الوجود المنبثق إلى الحرية، وهي التي تفصل بين الإنسان الباطني على حدود الانبثاق الحيوي، والإنسان الذي ينضج باستمرار بأفعاله وفي الكثافة المتزايدة للوجود الفردي والجماعي. Du jaillissement de l’existence à la liberté il y a donc ici une nouvelle instance, celle qui sépare la personne implicite, à la frange de l’élan vital, de la personne mûrissant par ses actes dans son épaisseur croissante d’existence individuelle et collective. -ثم لاحِظ كيف نقل المفتشون الممتازون مفهوم الشخص مرتين بلفظ الإنسان، كما لو كانا متطابقين؛ الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن تمثل « سادة الديداكتيك » لوحدة البنية المفاهيمية للنصوص. ونفس الأمر يمكن أن يُقال عن مفهوم (situation) الذي نُقِل تحت ألفاظ « موجود » و »وضع » و »موقف »، و(conditions) الذي نُقِل بلفظ « الظروف » تارة و »الشروط » تارة أخرى. -ثم في آخر الفقرة عينها يعيِّن مونيي الخاصية التي تميز مفهومه للحرية عن مفهوم غيره: فلا يحصرها في التدفق والانسياب والتوثب والفوران التلقائي، كما اتضح سلفا، وإنما هي موجَّهة مُسدَّدَة كما لو أنها نتاج لطلب بالتنفيذ والفعل أو لأمر بالسعي نحو هدف ما. لأجل ذلك كان بالإمكان استعمال لفظي الأمر (ordonnée) والاستدعاء (appelée) في تحديدها. غير أنه كان للنَّقَلة رأي آخر نرجو أن نكون مخطئين في عدم الرقي إلى مشكاته، فنقلوا الأول بلفظ « منظمة » دون أن يروا في ذلك بعدا عما هو في لأصل قريب من معنى النداء بل ويكون لفظ النداء أفضل منه. النقل الأصل وهكذا فأنا لا أستعمل حريتي بدون جدوى، بالرغم من أن النقطة التي ألتحم فيها بتلك الحرية متباعدة في أعماق ذاتي. وليست حريتي تدفقا فحسب، بل هي منظمة، أو بعبارة أفضل هي مطلوبة بنداء. Ainsi je ne dispose pas dans l’arbitraire de ma liberté, bien que le point où je l’épouse soit enfoui au coeur de moi-même. Ma liberté n’est pas seulement jaillissante, elle est ordonnée, ou mieux encore appelée. فافهَم الشخص إذن.

2. وفي الصفحة 30 ساق المؤلفون، على سبيل فهم المجال الإشكالي للغير، نصا لميرلوبونتي من كتابه فينومينولوجيا الإدراك. يُفترَض من مثل هذا النص أن ييسر الوقوف على أوجه الحرج في تمثل وجود الغير وشروط إمكان معرفته وأشكال العلاقة الممكنة معه؛ ويُعزز هذا الافتراض السؤالان المذيلان للنص: « لماذا لا توجد أنا مفرَدة معزولة عن الآخرين؟ »، والثاني: « كيف يمكن أن نتحدث عن أنا آخر غير أنا؟ ». لن نقف عند الكيفية التي تمثل بها المؤلفون « المجال الإشكالي »، إذ هو موضوع لاحق حول « الوضعية المشكلة »، ولكن نذكر بالسياق الإشكالي كي نُظهِر فداحة النقل الذي يعكس فظاعة الفهم. اُخِذ النص من سياق تحليل ميرلوبونتي ل »شروط إمكان معرفة العالَم الثقافي » المتسم باللبس ول »نمط إدراك الموضوع الثقافي »، بعد أن قدّم بمساءلة « نمط إدراك الوجود البيولوجي ». يقرر الفيلسوف أن الأنا تستشعر الحضور القريب للغير تحت حجاب المبني للمجهول (l’anonymat). ويمثل لذلك باستعمال الغليون والملعقة والجرس، ليبين أن إدراك العالم الثقافي يُمتحَن ويتم التحقق منه عبر إدراك فعل إنساني وإدراك إنسان آخر. ثم يضع السؤال الذي انطلق منه النص المنقول. والإشكالية التي يبنيها ميرلوبونتي ويوردها صراحة مباشرة من بعد السطر الذي توقف عنده النقلة تتعلق بالصعوبة المبدئية التي يواجهها تحليل إدراك الغير والتي يبرزها العالَم الثقافي، إذ يُلزَم ذاك التحليل بفك المفارقة التالية: من جهة، هناك وعي مرئي من خارج، وفكر يقيم في الخارج؛ ومن جهة ثانية، هذا الوعي يكون، منظورا إليه انطلاقا من وعي الرائي، دون ذات، أي مجهول، أو نكرة. فكيف يمكن أن تُدرِك ذات واعية الغيرَ وقد اُفرِغ، بفعل عملية الإدراك ذاتها، من ذاتيته ومن خصوصية تجربته؟ ولئن حلل ميرلوبونتي شروط إمكان إدراك فعل أو فكرة إنسانية على نمط الوجود الغُفل أو النكرة أو المجهول كي يصوغ الإشكالية، فإن مؤلفينا « حرقوا » الطريق وشرعوا في ترجمة النص بقلب مواضعه وخلط لحظاته: النقل الأصل كيف يمكن إدراك فعل إنساني ما، أو فكرة بعينها توجد على نمط وجود « الهو المجهول » on (الناس)، مادام الإدراك فعلا شخصيا خاصا لا ينفصل عن الأنا الفردي؟ من السهولة أن نجيب عن هذا السؤال بالقول: إن ضمير المجهول (الناس) « هو »، لا يعني سوى صيغة عامة للإشارة إلى تعدد « الأنوات » أو على الأصح، إلى « أنا » جمعي بوجه عام (…) Comment une action ou une pensée humaine peut-elle être saisie dans le mode du « on », puisque, par principe, elle est une opération en première personne, inséparable d’un Je. Il est facile de répondre que le pronom indéfini n’est ici qu’une formule vague pour désigner une multiplicité de Je ou encore un Je en général. يتساءل ميرلوبونتي عن الكيفية التي يكون بها إدراك فعل أو فكرة على نمط ما هو غُفل ونكرة ممكنا، علما أن الفعل أو الفكر لا يُنجز بدءا من قِبل الغفل والنكرة، وإنما من قبل ذات شخصية تشير إلى نفسها ب »أنا ». الأفق الذي يرتسم هو العجز عن فصل أفعال الغير وأفكاره عن ذاتيته التي تخصه والتي لا تقبل الاختزال، أو تجريدها وتذويبها ضمن كلية غفل؛ وذلك مصدر المفارقة. ولأجل ذلك، يدشن ميرلوبونتي حوارا يفترض فيه اعتراضات ويرد عليها، إلى أن تأدى إلى الإشكالية.

 أما مفتشونا، فقد وضعوا سؤالا آخر: إذ تساءلوا عن إمكان إدراك فعل ما، ثم عن إمكان إدراك فكرة أضافوا إليها خاصية العينية المعدومة في الأصل، وخصُّوها وحدها بخاصية الوجود على نمط وجود « الهو المجهول » الذي يشير إلى الناس، علما أن الإدراك فعل شخصي خاص. الأفق المرتسم هو العجز عن فصل فعل الإدراك عن الأنا المدرِك؛ فلا مفارقة أصلا. لقد منحوا الفكرة خاصية جديدة لم يمنحها إياها صاحب النص، فكانت إضافة بلا طائل، بل مجرد هذر؛ ونقلوا on ب »الهو المجهول » رغم أن « هو » تشير إلى ضمير الغائب المذكر لا إلى المجهول؛ بل وسموه مباشرة « ضمير المجهول »؛ فكان تحريفا محضا. ثم حذفوا ضمير الغائب الذي أراده صاحب النص أن يحل محل الفعل أو الفكرة، وظنوا أنه راجع إلى الإدراك؛ فضيعوا المعنى تماما. -أما الحوار الذي يدشنه ميرلوبونتي عبر افتراض اعتراضين فيمكن وضعه على الشكل التالي: أقول: كيف نُدرِك الخاص والشخصي المعروف والمحدَّد عبر العام والمجهول؟ قد يُقال: اللاتحديد إشارة فضفاضة إلى « أنا » عام: الشاهد أنني أتصور –بمقتضى المماثلة مع تجربتي الثقافية والمعالم التي تدل عليها- نوع الإنسان المنتج لمعالم ثقافية تنتمي إلى حضارة أخرى. فأرد: كيف تكون لي، أصلا، تجربة عن عالمي الثقافي الخاص وحضارتي الخاصة؟ وإن قيل: إني أرى الاستعمال السائد من حولي، فأقوم بتأويل التصرفات بمقتضى المماثلة مع تصرفي وتجربتي الحميمة التي تدلني على مقاصد ما أدرك من أفعال. رددت: الإشكال قائم هنا بالضبط. فيعدد الأسئلة التي تبرز حقيقة المفارقة. أما النَّقَلة، فقد قفزوا على الإشارة إلى الاعتراض، واستأنفوا النص كما لو كان استمرارا لنفس حركة المعنى الذي شرع ميرلوبونتي في بنائه بالحديث عن إمكان إدراك الموضوعات الثقافية عموما كما أشرنا سلفا. النقل الأصل (…) إني أرى الآخرين من حولي يستخدمون الأدوات بكيفية معينة، فأُماثل بين سلوكاتهم وسلوكاتي، وأقارن بين تجاربهم وتجربتي التي تعلمني معنى الأفعال التي أدركها والقصد منها (…) سيُقال إن أفعال الآخرين ستفهم دائما من طرف أفعالي بحيث يفهم ال »هو المجهول » أو « النحن » من طرف الأنا الفردي؛ لكن المشكلة تكمن هنا بالضبط، ويمكن صياغتها في الأسئلة التالية: كيف يمكن للكلمة « أنا » المفرَدة أن تصير جمعا؟ كيف يتسنى تكوين فكرة عامة عن الأنا المفرَدة؟ كيف يمكنني أن أتحدث عن أنا آخر غير أنا؟ وكيف يمكنني معرفة أنوات أخرى؟ ما الذي يجعل الوعي، الذي يعتبر مبدئيا معرفة بالذات ووعيا بها في عالم الأنا، يُدرَك على نمط وجود « الأنت »، ومن ثمة أن يُدرَك في عالم ال »هو »؟ J’ai, dira-t-on, l’expérience d’un certain milieu culturel et des conduites qui y correspondent ; devant les vestiges d’une civilisation disparue, je conçois par analogie l’espèce d’homme qui y vécu. Mais il faudrait d’abord savoir comment je puis avoir l’expérience de mon propre monde culturel, de ma civilisation. On répondra derechef que je vois les autres hommes autour de moi faire des ustensiles qui m’entourent un certain usage, que j’interprète leur conduite par l’analogie de la mienne et par mon expérience intime qui m’enseigne le sens et l’intention des gestes perçus. En fin de compte, les actions des autres seraient toujours comprises par les miennes ; le « on » ou le « nous » par le Je. Mais la question est justement là : comment le mot Je peut-il se mettre au pluriel, comment peut-on former une idée générale du Je, commet puis-je parler d’un autre Je que le mien, comment puis-je savoir qu’il y a d’autres Je, comment la conscience qui, par principe, et comme connaissance (401) d’elle-même, est dans le mode du Je, peut-elle être saisie dans le mode du Toi et par là dans le mode du « On » ? لاحظ كيف أسقط النقلة وأضافوا وحرَّفوا وقلبوا كيف شاؤوا! بل لا تحُدُّ هذه الملاحظات أوجه الفساد والخلل في نقل هذا النص. فكيف نبني الإشكال انطلاقا من نص بهذا الحجم من الاختلالات؟ 3. في نص لهيغل، ك.م.ص 194 وضعه المؤلفون ليكون موضوع تحليل ومناقشة، في إطار التمارين التي وُضعت على سبيل ارتياض التلاميذ على مهارات إنجاز الإنشاء الفلسفي، يتحدث صاحب النص عن نمط وجود الأشخاص في ظل دولة الحق والواجب، بحيث إن الدولة الحرة فعلا هي تلك التي يحتل فيها كل فرد من أفرادها المرتبة التي تخصه بناء على اختياره الحر وليس انطلاقا من نمط قبلي وجاهز لتوزيع المراتب بين الناس على غرار نمط التجمعات القبلية أو الدينية المغلقة مثلا. هكذا، في الوقت الذي يفرض فيه صاحب النص وجود الاختلاف بين توزيع المهام في الدولة الحرة وبين ذلك التوزيع في المجتمعات القبلية، يفرض مؤلفو الكتاب تطابق التوزيعين. النقل الأصل إذ من اللازم أن يشبه توزيع المهام التي يختارها الأفراد، ذلك التوزيع الموجود على صعيد نظام الطبقات الاجتماعية. la répartition des taches auxquelles l’individu voudra bien se dévouer, ne doit pas être faite à la manière des castes. نفس الاعتراض الذي قد يُقال في نص مونيي يمكن أن يُقال في حق هذا النص، ونفس الرد أيضا، وزيادة: ذلك أن أخطاء « بسيطة » من هذا القبيل تؤثر دون شك في بناء معنى النص مفهوميا وحجاجيا: فليس من يتمثل تحديد وضع الفرد في الدولة الحديثة ودوره باعتبار المطابقة بين الدولة والقبيلة مثلا، كمن يتمثل ذلك انطلاقا من القطيعة بينهما. ينبغي أن لا ننسى أن الأمر يتعلق بنص يُنتَظَر منه كتابة إنشاء فلسفي قد يكون موضع تقويم جزائي إما عبر فروض المراقبة المستمرة أو خلال الامتحان الوطني. هل سيُثاب التلميذ عن فهمه « الصائب » للنص أم سيُعاقَب؟ ألن يكون من الأفضل هنا أن لا يستوعب النص، إذ الفهم الخاطئ أهون من الفهم السيء؟ وضرورة استحضار هذا الأمر، على بساطته التي قد تبدو « ساذجة »، هي ما كان
يفتقده بالتأكيد المؤلفون.

 4. في نص لليبنتز (ك.م.ص 216)، ساقه السادة المفتشون الممتازون لفتح المجال الإشكالي يُفترَض أن يعين على بناء الإشكالية التي يطرحها التفكير في الحرية، يقيم ليينتز تمييزا في معنى الحرية بناء على ثنائية الحق/الواقع، أي ثنائية ما هو شرعي تنظمه القواعد والقوانين التي هي شريعة بين الناس أيا كان مصدرها، وما هو واقع غير تابع بالضرورة لقانون ما بل يعود إلى ما هو موجود في « طبائع الأمور ». النقل الأصل لفظ الحرية لفظ جد ملتبس، فهو يعني، من جهة، الحق في الحرية، كما يعني، من جهة ثانية/ الحرية القعلية أو الممارسة. وتبعا لمفهوم الحق في الحرية، فإن العبد (في المجتمعات العبودية) ليس له الحق في الحرية، بينما يتمتع الفقير بالحرية مثله مثل الغني. [Le terme de liberté est fort ambigu. Il y a liberté de droit, et liberté de fait. Suivant celle de droit un esclave n’est point libre, un sujet n’est pas entièrement libre, mais un pauvre est aussi libre qu’un riche. فقد نقل المؤلفون الشق الأول من الثنائية بعبارة « الحق في الحرية »، وهي عبارة تنفتح على مجال المطالبة الحقوقية بناء على ما يعتقد المرء أنه أهل له، ك »الحق في الشغل » مثلا أو « الحق في التعليم الجيد » الذي يكون المطالب به محروما منه ظلما وعدوان سواء بالاستناد على وضعيته القانونية أم لا؛ وهو مجال لا تتيحه الدلالة اللغوية للعبارة أصلا. فالمقصود هنا الحرية القانونية كما هي محددة من قبل شريعة ما؛ الشاهد على ذلك سوق ليبنتز لحالتين تدلان على وضعَين قانونيين داخل المجتمع يُحرَم فيهما الإنسان من نوع ما من الحرية، وهما « وضع العبيد » و »وضع الرعايا »: فالعبد لا حرية له إطلاقا كما هو معلوم، إذ هو ملك لسيده ملكية تامة وفقا للشريعة المرعية، أما الرعية فتتمتع بوضع التابع أيضا، إلا أن تبعيتها ليست تبعية مقيَّدة بقوانين واضحة، ولا هي تبعية تُقيِّده مباشرة على غرار وضع العبد. أما الشق الثاني من الثنائية الذي يشير إلى الحرية الواقعة فعلا دون تعلق بشرع ما، فقد نقله المؤلفون بعبارة الحرية الفعلية أو الممارسة، وكأن الخضوع في الحالة السابقة ليس فعليا ولا ممارَسا. ونعتقد أن الأمر يتعلق بالإشارة إلى واقع الأمور فقط. الدليل على ذلك أن الفقير يتمتع في الحالة الثانية بنفس الحرية التي يتمتع بها الغني، في حين أن العبيد أو الرعايا لا يتمتعان قط بنفس حرية الأحرار. لاحِظ العبارة التي وضعها المفتشون الممتازون وضعا وجعلوها بين قوسين: (في المجتمعات العبودية). ما قصدهم منها؟ هاهي فرصة جديدة للمتخصصين في « التأويليات » كي يطبقوا مناهجهم. -وفي نقلهم لشرح ليبنتز للعبارة الثانية، لا ندري من أين أتى المؤلفون بعبارة « قدرة الإرادة » حينما نقلوا: النقل الأصل أما بالنسبة للحرية، باعتبارها فعلا وممارسة، فتقوم على قدرة الإرادة في فعل ما تريده، أو تقوم على قدرة الإرادة على فعل ما يجب القيام به. La liberté de fait consiste ou dans la puissance de faire ce qu’on veut, ou dans la puissance de vouloir comme il faut. فمنذ متى كانت (faire) دالة على الإرادة، اللهم أن يكون الأمر أحد « المعاني الأصيلة » التي تفتقت في أذهان المترجمين نقر بالعجز عن الرقي إلى سموها؟ فكان واجبا أن يرأفوا بجهلنا، وينبهوننا إلى ذلك. – ثم إن ليبنتز يقيم تمييزا آخر هذه المرة هو التمييز بين العموم والخصوص: فالدلالة العامة للحرية تشير إلى أن من يملك أكثر الوسائل يكون أكثر حرية في فعل ما يريد، ممثلا لذلك بالتحكم في البدن باعتباره درجة من الحرية الواقعة بحكم طبيعة الأمور وبدون أي تعلق بمبدأ أو قاعدة قانونية: فإذا كان البدن سليما معافى، أمكنه بحكم ماذا فعل المفتشون الممتازون؟ حذفوا التمييز تماما، رغم أن التمييز مشدَّد عليه في الأصل، ومعلوم أن التشديد على المكتوب إشارة إلى أهمية المشدَّد عليه، ثم طابقوا بين الأمرين بل وجعلوا الثاني نتيجة للأول في الوقت الذي كان استدراكا عليه على سبيل التقييد من العام إلى الخاص. النقل الأصل فالإنسان الذي يتوفر على الكثير من الإمكانات والوسائل، سيكون أكثر حرية عندما يريد القيام بما يريده (…) وهنا ستعني الحرية القدرة على استخدام الأشياء التي تعودنا على التصرف فيها بمحض إرادتنا، خاصة القدرة على التصرف في جسدنا. Généralement celui qui a plus de moyens est plus libre de faire ce qu’il veut : mais on entend la liberté particulièrement de l’usage des choses qui ont coutume d’être en notre pouvoir et surtout de l’usage libre de notre corps. -وفي الوقت الذي يستنتج فيه ليبنتز أن السجن والمرض « ماسَّان بالحرية »، إذ يقيدان البدن ويمنعان الأعضاء من أداء الحركة التي نريد والتي نتمكن منها عادة، فإن المفتشين الممتازين جعلا ذلك « المس بالحرية » مجرد احتمال من الاحتمالات التي قد تنجم عن المرض أو السجن، مستنتجين أن ذلك يُفقدنا التحكم في جسدنا كما نريد. النقل الأصل « لكن قد يحد كل من المرض والاعتقال في السجن من حريتنا في التصرف في جسدنا، فلا نتحكم فيه كما نريد. فالسجين والمشلول لا يكون حرا في حركته، كما أن المشلول غير قادر على تحريك جسده. » Ainsi la prison et les maladies, qui nous empêchent de donner à notre corps et à nos membres le mouvement que nous voulons et que nous pouvons leur donner ordinairement, dérogent à notre liberté. وهكذا، بينما كانت الحركة الحجاجية للنص تسير في اتجاه مجرد بيان كيف أن الحرية، منظورا إليها من زاوية الوقائع وطبائع الأمور، تُعاق بفعل المرض أو السجن، ممهدا بذلك للحظة حجاجية لاحقة، لم يكلف المؤلفون أنفسهم عناء متابعة هاته الحركة، بل وقفوا عند خلاصة هي من البداهة إلى درجة الابتذال » « فالسجين لا يكون حرا في حركته، كما أن المشلول غير
قادر على تحريك جسده » ولا نرى أي « حمولة إشكالية » يستطيع العامل بقسم الفلسفة والمتعلم أن يرصدها بغية بناء إشكالية الحرية. بل ولم يستفد المؤلفون أنفسهم ذلك، إذ ذيلوا النص بسؤالين لطرح الإشكال هما: لماذا يعتبر لفظ الحرية ملتبسا؟ وهل الحرية هي فعل ما نريد؟ وهما سؤالان نعتقد أنه كان بالإمكان طرحهما دون تعريض النص لهذه « المجزرة التأويلية ». 5. وفي نص حول مفهوم الواجب، تعرَّض تصور كانط لمجزرة عشوائية حقيقية. -ففي معرض تعريفه للواجب، فصل كانط الفعل المستمد من احترام القانون عن الفعل المستمد من الميولات، فسماه واجبا؛ ثم عرف الواجب بتضمنه لإلزام عملي، ليكون الوعي بالالتزام بالقانون هو عين احترام القانون.

 لأجل ذلك، يُحدُّ الفعل المُنجَز على هذه المقتضيات، بكونه واجبا يحمل في مفهومه طابع الإكراه. غير أن مفتشينا الممتازين عبروا عن هذه الفكرة بعبارات أشهد بعجزي عن فك لغزها، وأستجير بمن يستطيع ذلك أن يدلني على كيفية استخراج مضمونها، خصوصا وأن درس الواجب لم يُنجَز بعد. النقل الأصل وما الفعل، حسب هذا القانون-باستثناء كل مبدأ تحديد مستخلَص من الميل- هو فعل، من الناحية الموضوعية، عملي ويسمى واجبا. والواجب، بسبب إقصاء الميولات يتضمن في مفهومه إكراها عمليا، أي تحديدا لبعض الأفعال مهما كان طابعها الإرادي ضعيفا. L’action qui, d’après cette loi, à l’exclusion de tout principe de détermination tiré du penchant, est objectivement pratique, s’appelle devoir et le devoir, en raison de cette exclusion, contient dans son concept une contrainte pratique, c’est-à-dire une détermination à certaines actions, si peu volontiers qu’on l’a prenne. فلست أدري بأية « حيلة تأويلية » وبأي « لعب لغوي » تمكن المترجمون من بلوغ هذا المعنى، وكيف استوثقوا من نقله في تلك العبارة الملغزة. وهذه محاولة: لنقرأ الجملة دون الجملة الاعتراضية: وما الفعل، حسب هذا القانون، هو فعل، من الناحية الموضوعية، عملي ويسمى واجبا. لنفترض أن أداة استثناء حُذِفت، بحيث تكون الجملة مثلا: وما الفعل، حسب هذا القانون، إلا فعل، من الناحية الموضوعية، عملي ويسمى واجبا. فنحتاج إلى إسقاط الرابط، ونحصل على العبارة: وما الفعل، حسب هذا القانون،-باستثناء كل مبدأ للتحديد مستخلص من الميل- إلا فعل، من الناحية الموضوعية، عملي ويسمى واجبا. ثم قد نعيد ما أسقطناه إلى مكان آخر: بحيث نقول مثلا: « وما الفعل، حسب هذا القانون،-باستثناء كل مبدأ للتحديد مستخلص من الميل- إلا فعل هو، من الناحية الموضوعية، عملي ويسمى واجبا »…. -وفي فقرة لاحقة، يشير كانط إلى ما يقتضيه مفهوم الواجب، كمفهوم، حينما يتعلق الأمر بالفعل؛ فيفعل ذلك انطلاقا من تمييز بين مقتضى موضوعي متعلق بالفعل وبين مقتضى ذاتي متعلق بمبدأ الفعل: الأول يتمثل في موافقة القانون، والثاني في احترام القانون كنمط وحيد تتحدد به الإرادة من لدن القانون. النقل الأصل يطالب الواجب إذن، وبشكل موضوعي، بفعل مطابق للقانون، لكن، وبشكل ذاتي، يطالب بمبدأ الفعل واحترام هذا القانون باعتباره النمط الوحيد المحدد للإرادة. Le concept du devoir réclame donc objectivement de l’action l’accord avec la loi, et subjectivement de la maxime de l’action, le respect pour la loi comme le mode de détermination unique de la volonté par la loi. الأمر الذي يُفهَم منه أن الأمر يتعلق باقتضاءين مختلفين تدل عليه أداة الاستدراك: لكن. والأمر بخلاف ذلك تماما. أليس هذا مخجلا؟ ألا يتعلق الأمر بفضيحة موصوفة؟ كيف يتمكن العامل بالفصل والمتعلم من الاشتغال على هذا النص؟ هل أجاب المؤلفون أنفسهم عن الأسئلة التي ذيلوا بها النص؟ أستخرج عناصر تعريف الواجب. أحلل علاقة مفهوم الواجب بمفهوم الميل. أحلل البنية الحجاجية للنص، بتحليل آليتي التعريف والتمييز. تُرى أي مفهوم وجدوا للواجب؟ يتبين إذن أن كتاب « في رحاب الفلسفة » قد اجتمع فيه كم من العيوب التي تجعله كتابا لا تتوفر فيه الشروط الدنيا للكتاب الجيد.

 وإذا كانت الكتب غير المدرسية عند من يقدِّر « حقيقة الكتاب » تُسحب من الأسواق إن ظهرت فيها بعد نشرها أخطاء مطبعية كثيرة تعوق قراءتها، أو تُلحَق بالنسخ الموجودة ملحقات بمظانها إن كانت قليلة؛ فالمستغرب أن الكتاب المدرسي، على أهميته وخطورته، لم يكن موضع مراجعة، على أهمية وخطورة الأخطاء التي يتضمنها، بل ولا من يتدخل، رسميا، للتنبيه والإعلام والإصلاح ولا يفصلنا عن الامتحان الوطني أكثر من شهر! تؤدي هذه المعاينة المباشرة، إذن، إلى تقرير واقع مفاده أن هذا الكتاب لحقه من أوجه العيب والخطأ والسوء ما يجعله يوصف بالفساد؛ بحيث إنه يُعسِّر العمل داخل الفصل حيث كان المنتظر منه تيسيره، بل ويُفسِد الحال حيث كان المعوَّل عليه إصلاحه، إلى درجة يصير معها المعلم بهلوانا وهو يجهد نفسه لتجاوز مختلف أنواع الحرج، التي قد يواجهها كل من عاين مضامين « الرحاب »، وعاناها؛ ومنها: حرج أوَّل: إن كانت هذه الكتب قد أُخضعت، فعلا، قبل المصادقة عليها، لضوابط ومعايير ومقاييس تضمن مصداقيتها، فكيف تمخضت عملية تحرير الكتب المدرسية عن منتوج ظاهر الفساد، رغم أنه كان نتيجة لاجتماع جهود طائفة من خيرة الأطر العلمية والتربوية؟ (أربعة مفتشين ممتازين في حالة « في رحاب الفلسفة »!!) حرج ثان: إن كانت هذه المنتوجات قد أُخضِعت، بعد المصادقة عليها، لعملية التتبع والمراجعة لتدارك ما قد يكون قد « فلت » من أخطاء وعيوب ومساوئ، بغية تجنب الأضرار التي قد تسببها، سواء من قبل السلطات التربوية المعنية أولا أو من قبل المؤلفين أنفسهم ثانيا، فلِم لم يتم تنبيه المستهلكين على مخاطرها ونحن على مشارف نهاية الموسم الدراسي؟ حرج ثالث: إن استهلك المعلم والمتعلم المنتوج الفاسد فمرضا، أفلا يكون مجهود الأول خائبا وأداء الثاني معيبا؟ وإن كشف فساده فأصلحَه، ولا معيار يضمن مصداقية تدخله، أفلا يكون مُفسِدا حيث أراد الإصلاح؛ وحتى إن كان تدخله ناجعا، ولا شيء يضمن جدوى تدخله، ألن يكون ما عدَّه هو مصلحة، في نظر مصحح أوراق الامتحان، عين المفسدة؟ ما العمل إذن؟ يتصادف هذا المقال مع إصدار المجلس الأعلى للتعليم لتقرير-أراد لنفسه أن يكون تقويما « علميا » -عن حالة التعليم، في سياق نقاش لا تزال الغوغائية طاغية فيه حول واقع التعليم في هذا البلد، وعن سبل تجاوز اعتلاله وتفادي موته، مع ما يعنيه موت التعليم لحياة الشعوب. لأجل ذلك، لا يضيرنا أن نُدرج هذه الورقة ضمن الأهداف التي استهدف التقرير تحقيقها. فقد جاء في معرض الحديث عن ملاءمة الكتب المدرسية والوسائط التعليمية ما يلي: « يمثل الكتاب المدرسي الدعامة التعليمية الرئيسية، وذلك بمساهمته بشكل كبير في اكتساب المعارف والخبرات. وبهذا الصدد فقد تمحور إصلاح الكتاب المدرسي حول المستجدات التالية:

• المطالبة بجودة الكتاب بالاعتماد على معايير الجودة المحددة في دفاتر التحملات والمصادق عليها من طرف لجنة التقويم والمصادقة؛

• تطوير منافسة شفافة ومفتوحة أمام المؤلفين والناشرين؛

 • تنويع الكتاب المدرسي عوض الاكتفاء بالكتاب الوحيد. مستجدات أدت إلى بروز نتائج مشجعة بحيث أحدثت دينامية مناسبة بالنسبة للمؤلفين ومعدي الكتب المدرسية. علما أن المحتويات مازالت تعرف محدودية على مستوى الجودة اللازمة للانخراط، من جهة في فلسفة مقاربة الكفايات التي تشجع على استعمال أساليب جديدة في التدريس والتعلم وترتكز على حل المشكلات وعلى الوضعيات المعقدة، ومن جهة أخرى للاستجابة لحاجيات المتعلمين والملاءمة مع المحيط الاقتصادي والسوسيو ثقافي. إن وجود هذا النوع من الاختلالات يستلزم تدخلا استعجاليا لوضع مسطرة لتقويم الكتب المدرسية الموجودة حاليا وفقا لمعايير الجودة المحددة مسبقا من أجل التمكن من إدخال إصلاحات وتحسينات على المحتويات. » فهل يتعلق الأمر بفتح نقاش جديد -بعد النقاش السابق والنقاش الأسبق!- حول الكتب المدرسية؟ وتوسيع دائرة المشاورات لتصير دائرة صغرى ضمن دائرة كبرى ضمن دوائر أكبر؟ أعتقد أن وضعية التربية والتكوين بلغت درجة من البؤس لم يعد معها مجال لفتح نقاشات وتحريك مشاورات بين الفاعلين والمتدخلين في الشأن التربوي، وإنما إلى تحريك المساءلات في أفق تحريك متابعات. أجل « المتابعة »، بما في ذلك المتابعة القانونية من أجل حماية المستهلك، وهم هنا العمال في الأقسام الدراسية والتلاميذ ومن ورائهم الآباء، أي المواطنون في نهاية المطاف

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *