Home»Débats»الأحزاب في المغرب أصبحت في خبر « كوفيد 19 « 

الأحزاب في المغرب أصبحت في خبر « كوفيد 19 « 

2
Shares
PinterestGoogle+

إن السلوك السياسي للأحزاب بالمغرب أثناء جائحة « كوفيد 19 » يبعث في العقل الخبل ، وفي الفكر الخمل ، وفي النفوس القرف والنفور ، والعزوف واللامبالاة بالشأن السياسي ، لأن كلما أمعنت وتمعنت في مسوغات سلوكهم المرائي ، وحاولت فك طلاسمه إلا وانقلبت خائباً حسيراً ، لقد دنَّسوا السياسة وجعلوا منها مرادفاً للفساد ، وحسبوا أن لن يفيض بنا الكيل ، وأن كما نلوى سنعصر ، فلبسوا فينا الزيف والدجل ، وبدَّلوا كما شاؤوا ألواناً وأقنعةً إلى أن صرنا غير قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا .

إن سلوك الأحزاب بالمغرب في خضم « معركة كورونا » لا يرقى ولا يرتقي للتمثيل السياسي ، لأنه لا يستمد مصداقيته من مرجعية إيديولوجية محددة المباديء والأفكار ، والمفاهيم والمعايير لفهم وتفسير الأحداث والممارسات والمبادرات وردود الأفعال ، ضمن إطار الوعي السياسي الذي لا يمكن أن ينفصل عن المرجعية الإيديولوجية ، لأنها هي وحدها تحقق الانتماء وتعمقه ، وتجعل السلوك السياسي يوحي بالقوة والفاعلية ليشمل كافة مجالات الصراع عبر الاعتماد على خيارات منهجية ، بغية قراءة الظاهرة الجديدة لإعادة إنتاج سلوك سياسي وطني متطور ، يساير الواقع العام بكل أنواع مقوماته : الإقتصادية والإجتماعية والثقافية .… فالمرجعية هي وحدها القادرة على تفسير الأسس الفكرية للفعل الواقعي ، بها تتناول الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيقها ، وغيابها يفضي إلى إيجاد نخب سياسية جشعة وانتهازية متخاذلة ، لا يجدون غضاضة في الانقلاب على الأفكار والمعتقدات ، و استعمال كل معايير النفاق ، وتزييف المواقف لتخريب اللعبة السياسية ، وإرباك الوعي السياسي وتضليل الرأي العام ، عبر إغراقه في التفاهات والأخبار الزائفة ، التي يُراد لها أن تلعب دور إخفاء واقع مليء بالثقوب والرقاع المتنافرة ، إلى أن أضحى الواقع السياسوي مركزاً لتشويه قيم التعاقدات القيمية ، داخل براديغم الأخلاق والسلوكيات السياسية المتوافق عليها ، بحيث أضحت تُشرعن وفقًا لقوالب غير مألوفة ، بغية طمس الخطوط الفاصلة بين السياسة والسياسوية . فالمؤكد أن الأعطاب الكبيرة والعميقة تعالج بمواجهة الحقائق ، كما هي في واقعيتها ومباشرتها بمرجعية أيديولوجية قائمة على المواطنة الحقة دون اختزالها ، لتطويع المستعصي وتليين المعقد ، والسعي الحثيث إلى الارتقاء بهذا الوطن ليقرَّ قراره ويستتب أمره ، وفي هذا كفاية قبل أن يتحوّل إلى أثر بعد عين ، ﻷن كما للصبر حدود فإن للخوف حدود

إن بوصلة ااﻷحزاب بالمغرب تعاني من عطب حقيقي ، فهي منذ مدة لم تعد تشير إلى « الشعب » ، كي يتم تحديد المسار الديمقراطي لتحقيق تطلعاته ، كما أن إبرتها أضحت عالقة باتجاه معاكس كليا لأي طموح محتمل ، وهكذا

غدت مرجعية الأحزاب هي غول الفتنة ، لا تبُثُّ إلا الآراء المتعثرة والمتضاربة ، ولا تفرز إلا العبث السياسوي الغث المتراوح بين كثرة الإجترار والثرثرة القميئة ، وبين مفاهيم مندسَّة بين ثنايا انفلات ، واستثناء التاريخ لتواري عجزها ، وعدم قدرتها على تدبر شؤون الشعب لتجاوز أبعاد النكسات التي هزت تصور المواطن المغربي لواقعه وللعلاقات التي تربطه بالآخر على الصعيد الدولي ، لقد فشلت الأحزاب في المغرب في إيجاد مرجعية وطنية تتناسب مع حالات الطواريء القسوى ، التي هزت العديد من المفاهيم والثوابت ، فبدا سلوكهم متناقضاً مع طموحات المواطنين ، وبعيداً كل البعد عما يحدث حولهم ، لأنها وليدة الارتجال والإملاءات الاستعلائية والقهرية ، وهذا ما جعل سياسة اأحزاب في المغرب هوناء ، غير قادرة على الصمود أمام الاستعداء والتحدي ، لأن الأمن الشامل الفكري والثقافي اغتالته عن طريق إضعاف قدرات رجال الفكر والثقافة وتهميشهم ، وجعلهم سدنة لأطروحتهم السديمية وهي تعلم بأن المرجعية أصبحت الآن مرادفاً لشرعية الوجود ، وما الصراع الحالي في العالم إلا صراع مرجعيات ولقد عجزت الأحزاب في المغرب عن إيجاد موقع لها داخل المرجعيات الفكرية -الثقافية ، لأنها منشدة إلى جوهر المولد الأساسي ، فهي تسعى جاهدة إلى ترسيخ فكرة العودة إلى الأساس ، الذي يضفي على مفهوم التحزب شرعية سياسوية هجينة .

إن أزمة غياب مرجعية فكرية ثقافية أثناء جائحة « كوفيد19  » أدى بالأحزاب في المغرب إلى انعدام القدرة على استخلاص الجوهر أو العمق المحوري ، الرابط بين السلوك السياسي والواقع المغربي بكل خلفياته وتجلياته ، وهذا ما يفسر غياب البرامج السياسية المبنية على الوعي السياسي الذي يعتبر القوة المحصِّنة للسلوك ، فكافة فرقاء التيارات الفكرية في الدول الديموقراطية يتفقون على أن المرجعية هي أبرز إشكالية تشغلهم في رحلة إثبات الذات بينما الأحزاب في المغرب لا يشغلها إلا إثبات النفوذ وتثبيت الكراسي ، ووثوب الأرصدة ونشر خلاياهم السرطانية في جسد الوطن . فمتى يتم وضع حدٍّ لسياسة الالتباس التي ترسخها الأحزاب المتلبِّسة ، التي تسعى سعيا حثيثا وراء الحقائب الوزارية ، المعدة سلفاً للبيع والشراء وحتى السلف ، مقابل خدمة أجندة كيدية حطها السيل من علٍ لقهر المواطن المتعثر الحظ التائه في سراديب الأحزاب ، المتعرجة والمنعرجة الغير المنفرجة ، بسبب اللبس والالتباس الذي يتحكم في مجريات سعيهم الغير المشكور ، لذا وجب التفكير في إقامة حد أدنى لمفهوم التحزب للنظر إليه كعصب يشد النسيج الوطني، ويقوي صلابة الديموقراطية ، ويرسخ استحقاقاتها ، ويمنع الانزلاق نحو الانكفاء بكافة أنواعه وأطيافه ، وهذا هو المأمول لتحقيق التقدم نحو بناء دولة الحق والقانون ، التي يمكنها وحدها دون سواها أن تستوعب الانتصار على كل الرهانات المستقبلية . فالإبداع السياسي لا يأتي من فراغ ولا من خواء ، بل هو نتاج تطوير وبلورة المرجعية المتحكمة في أي تغيير سياسي ، وبالطبع لا توجد مرجعية ثابتة لكل العصور . فلكل جيل إبداعاته الفكرية والثقافية ، شريطة إيجاد حوار تواصلي يربط بين الإبداعات والأجيال والأزمنة ، فأين » أحزاب المغرب »من كل هذا ؟ وهي تعلم علم اليقين بأن التحزُّب في المغرب ليس شأنا ديموقراطيا ، بل واقعا يتحرك بإيقاع مدروس ، يتكيء على قناعة تفيد بأن طبيعة تكوينه تستعصي على الدمقرطة . وها هي الأحزاب مازالت إلى يومنا هذا تحبك بمكر التفاصيل الدقيقة لتمثين وترسيخ المنتوج الذي لن يجسد حتماً إلا إرادة « المانح »، لا شك أن هذا النموذج من الأحزاب القائم على الريع والولاء قد انتهت صلاحيته ، بل بات عرقلة في وجه التغيير والإصلاح وأداة تكرس الأوضاع الكئيبة إلى درجة لا تطاق ، ﻷن للفشل بُعدٌ أساسي في ثقافة « اﻷحزاب في المغرب  » .

اللهم اِكْفِ وطننا شر »أحزابنا ».

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *