Home»Débats»ماذا بعد إزاحة أفيلال؟ !

ماذا بعد إزاحة أفيلال؟ !

0
Shares
PinterestGoogle+

تعود المغاربة على أن معظم القرارات الصادرة عن الملك محمد السادس، لا تكون إلا في صالح البلاد والعباد. ويمكن أن تندرج في هذا الإطار موافقته يوم 20 غشت 2018 على اقتراح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، التي كانت تشرف عليها شرفات أفيلال القيادية بحزب « التقدم والاشتراكية » الحليف الاستراتيجي للحزب الأغلبي « العدالة والتنمية ». حيث أعلن بلاغ الديوان الملكي عن نقل وإدماج صلاحياتها ضمن هياكل واختصاصات الوزارة الوصية ومراجعة هيكلتها التنظيمية، بهدف تحسين حكامة الأوراش والمشاريع المتعلقة بالماء والرفع من نجاعتها وفعاليتها، انسجاما مع العناية الملكية الخاصة بقطاع الماء.
بيد أن ما لم يتعودوا عليه هو ما صار يلف بعض القرارت من تعتيم، حيث تظل دواعي اتخاذها في طي الكتمان، مما يساهم في خلق أجواء من التوتر وإثارة البلبلة، وتضارب الآراء وتناسل الإشاعات، ويؤدي إلى المزيد من النفور السياسي وفقدان الثقة في المؤسسات. إذ بعد إقالة وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد مباشرة بعد عيد العرش في فاتح غشت في إطار تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، دون الكشف عن الأسباب الحقيقية على غرار زملائه في ما سمي ب »الزلزال السياسي » يوم 24 أكتوبر 2017 بسبب تعثر مشروع « الحسيمة منارة المتوسط ». يأتي اليوم دور أفيلال بطريقة أثارت جدلا واسعا في منصات التواصل الاجتماعي وبمختلف وسائل الإعلام الوطنية حول مدى مشروعيتها.
فقد انتقد عدد من أساتذة القانون والمهتمين بالشأن السياسي، لجوء رئيس الحكومة إلى اقتراح حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، معتبرينه سابقة دستورية وقانونية لم تشهد الحكومات المتعاقبة مثيلا لها. بينما كان يجدر به اعتماد الفصل 47 من الدستور دون تعقيدات، كأن يقترح في مرحلة أولى إعفاء السيدة كاتبة الدولة بناء على ما لديه من مبررات موضوعية، ثم يليها إصدار مرسوم تنظيمي بإعادة هيكلة الوزارة، بدل وضع نفسه في مأزق حرج وإدخال البلاد في متاهات قانونية ومهاترات سياسية وتعريض ائتلافه الحكومي إلى مزيد من التفكك. ألم يكن حريا به قبل الإقدام على أي خطوة من هذا القبيل، عرض القضية على أنظار أمناء أحزب الأغلبية وبحث السبل الكفيلة بمعالجتها في جو من التآخي والتفاهم ؟
ويشار إلى أنه وفق ما تداولته الروايات، أفيلال استغني عنها معنويا قبل صدور قرار حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، حيث أن خلافا بينها والمسؤول الأول عن القطاع اعمارة انطلق مع الأيام الأولى من تنصيب الحكومة، مبديا عدم رغبته في أن تقاسمه مسؤولية تدبير مصالح وزارته لأسباب مجهولة. مجردا إياها من كل الصلاحيات التي كانت تتمتع بها منذ توليها مهمة الإشراف على قطاع الماء، الذي تم إحداث منصبه « ترضية للخواطر » في النسخة الثانية من حكومة ابن كيران خلال عام 2013، ويكتفي بالتواصل مع مدراء ومسؤولي كتابة الدولة، دون أن تفيد دعوات الصلح في إنهاء التوترات. وما زاد في تعميق الهوة بينهما، ما اعتبره هدرا للثروة المائية والموارد الطبيعية، وغياب الحكامة في تدبير المشاريع والأوراش الخاصة بهذا القطاع الاستراتيجي، بعد وقوفه على اختلالات الأحواض المائية الموثقة في تقارير المفتشية العامة للمالية، التي تابعت لعدة شهور مسار تنفيذ أوراش مشاريع استنزفت الملايير. وهو ما أكده البلاغ الملكي من كون حذف كتابة الدولة في الماء « يهدف إلى تحسين حكامة الأوراش والمشاريع المتعلقة بالماء… »
فمن حق قيادة حزب التقدم والاشتراكية كغيرها من أحزاب الأغلبية التي قد يتعرض بعضها لنفس « الضربة » المباغتة، الانزعاج من القرار الانفرادي لرئيس الحكومة، الذي لم تعلم به إلا عبر البلاغ الملكي، والشعور بالمهانة إثر عدم التشاور معها في إعادة هيكلة الحكومة على غرار ما تم مع عزيز أخنوش رئيس حزب « التجمع الوطني للأحرار » في شأن تعويض وزير الاقتصاد والمالية المقال بمحمد بنشعبون. وكان على العثماني التعامل مع حلفائه بخلاف ما كان عليه سلفه من تشدد وعناد، تفاديا لما من شأنه تعطيل وتيرة الإصلاحات الكبرى، والحرص على إشراك قيادات الأغلبية الحكومية أو من ينوب عنها في اتخاذ القرارات المصيرية، حفاظا على لحمة التحالف وتعزيز الانسجام الحكومي…
لكن هل من حق حزب « الكتاب » التشكي من ممارسات ظل أمينه العام يقوم بها قبل إقالته تجاه فاطنة لكحيل القيادية بحزب « الحركة الشعبية » وكاتبة الدولة المكلفة بالإسكان لديه حين كان وزيرا لإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، واللجوء إلى الابتزاز السياسي عبر خروج جريدة الحزب بتزامن مع قرار الاستغناء عن أفيلال، بتقرير خطير حول تسبب المياه المعدنية في السرطان؟ وهل من المعقول شرعا وقانونا التستر عن الأخطار المحدقة بحياة المواطنين؟
لقد ضجر المغاربة مما يحدث حولهم من عبث وتناحر على المناصب والمكاسب، ولم يعد يهمهم إن كانت الحكومة تسعى جادة إلى تقليص عدد أعضائها بإدماج كتابات الدولة في الوزارات لضمان النجاعة والفعالية، ولا بقاء حزب بنعبد الله في الحكومة أو انسحابه منها، وهو أمر مستبعد لما عرف عنه من انتهازية و »لهطة » على « بزولة » الدولة، بقدرما يهمهم التعجيل بالإفراج عن مشروع النموذج التنموي المنتظر، توفير شروط العيش الكريم والشعور بالأمان، استثمار تقارير المجلس الأعلى للحسابات في الحد من مظاهر الاستهتار بالمال العام، الانكباب على تجاوز الاختلالات ومعالجة ملفات التعليم والصحة والقضاء والبطالة والإدارة العمومية… في أجواء من الحوار الهادئ والتضامن الحقيقي، بعيدا عن الابتزازات والمزايدات السياسوية.
اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *