Home»Débats»وزارة التربية الوطنية تتحمل مسؤولية تفشي ظاهرة عدم انضباط المتعلمين لأنها عطلت الإجراءات الفعالة لتحقيق الانضباط

وزارة التربية الوطنية تتحمل مسؤولية تفشي ظاهرة عدم انضباط المتعلمين لأنها عطلت الإجراءات الفعالة لتحقيق الانضباط

2
Shares
PinterestGoogle+

وزارة التربية الوطنية تتحمل مسؤولية تفشي ظاهرة عدم انضباط المتعلمين لأنها عطلت الإجراءات الفعالة لتحقيق الانضباط

محمد شركي

غداة إصدار وزارة التربية الوطنية مراسلتها رقم : 14/867 بتاريخ 17 /10/2014  والخاصة بإجراءات انضباط المتعلمين في المؤسسات التربوية ساد الاستياء في أوساط المربين ، واعتبروا هذه المراسلة إجهازا على التربية ، كما اعتبروها خطوة ارتجالية من طرف الوزارة الوصية على التربية . وعلى هذه المراسلة ينطبق القول المشهور :  » حق أريد به باطل  » ووجه الحق في هذه المراسلة أنها توخت الدفاع عن حق المتعلمين في متابعة دراستهم دون توقف من خلال إسقاط الإجراءات التأديبية المعمول بها سابقا والتي كانت تمنع المتعلمين  غير المنضبطين من الدراسة لمدد تحددها مجالس الأقسام ، أو تفصلهم من الدراسة ، وهو إجراء كان له تأثيره الفعال  في تحقيق الانضباط داخل المؤسسات التربوية . ومن باطل هذه المراسلة أنها استبدلت  تلك الإجراءات الفعالة بإجراءات أخرى فتحت الباب على مصراعيه لظاهرة عدم انضباط المتعلمين ، وتتمثل تلك الإجراءات فيما سمته المراسلة الوزارية قيام المتعلمين غير المنضبطين بإنجاز أعمال تعود بالنفع على المؤسسات من قبيل تنظيف مرافقها أو ساحاتها على وجه التحديد ، أو القيام بأعمال البستنة ، أو ترتيب الكتب والوثائق في الخزانات المدرسية ….، مع نقط حذف الله أعلم بما أراد بها واضعو تلك المراسلة ، وهي نقط تحاول الإيحاء بوجود أعمال أخرى تعود بالنفع على المؤسسات التربوية .  واشترطت الوزارة ألا تعرض تلك الأعمال المتعلمين غير المنضبطين للإهانة أو الخطر . وكان هذا الشرط مثيرا للسخرية ذلك أن الإجراءات التأديبية  هي إجراءات عقابية  تصحيحية لا يمكن أن توصف بأن فيها إهانة . واشتراط الوزارة شرط عدم الإهانة أمد المتعلمين غير المنضبطين بذريعة لرفض الإجراءات التأديبية من قبيل تنظيف مرافق المؤسسات أو الاشتغال بالبستنة، وهي عملية  يبذل فيها جهد , وأي متعلم سيقبل تنظيف دورات المياه أو حتى ممرات أو ساحات المؤسسة  ؟ وأي متعلم سيقبل حمل المعول لحفر مساحات من تراب المؤسسات ؟ وفضلا عن هذا من يضمن ألا يتعرض هذا المتعلم لحوادث أثناء التنظيف أو الحفر ؟ وقد يعتبر المتعلمون الخاضعون  للتأديب أو أولياؤهم أنهم يستغلون . وخلاصة القول أن مراسلة الوزارة عبارة عن عمل ارتجالي  كرس انتشار ظاهرة عدم الانضباط داخل المؤسسات التربوية، الشيء الذي يؤثر على السير العادي للدراسة ويسبب تدني التحصيل الدراسي ، فضلا عن انتشار ظاهرة العنف بنوعيه المادي والمعنوي ضد المربين وضد المتعلمين فيما بينهم ، وهو ما يمكن وصفه بسوء التربية .

ولقد قدر لي أن أحضر يوم أمس مجلسا انضباطيا بإحدى مؤسسات التعليم الخصوصي باعتباري عضوا بجمعية الآباء  فيها ، فعاينت العنت الذي واجهه المجلس بخصوص حالة عدم انضباط أحد المتعلمين، والذي أهان إحدى المدرسات ،وهددها أمام زملائه ، فضلا عن كونه يتأخر عن الالتحاق بالفصل الدراسي ، ويرفض إنجاز الواجبات المنزلية ، و يرفض تسجيل الدروس ، ويقضي وقته في العبث مع بعض أقرانه ، وقد سجلت عليه مخالفات في السابق منها إتلاف بعض زجاج المؤسسة . أمام كل هذه المخالفات لم يجد المجلس الإجراء المناسب  لحمله على الانضباط  عن طريق إجراءات المراسلة الوزارية . فإذا كان هذا المتعلم يرفض إنجاز الواجبات المنزلية، ويرفض  المشاركة في الدرس وتسجيل الدروس ، فهل سيقبل تنظيف مرافق المؤسسة ؟  وإذا ما رفض ذلك فما هي الإجراءات الموالية ، وهو ما سكتت عنه المراسلة الوزارية سكوتا لا يحسن كما يقول اللغويون حينما لا تحصل الفائدة . ومما عاينته خلال هذا المجلس الانضباطي محاولة تبرير أولياء أمور هذا المتعلم عدم انضباطه ، مع محاولة إقناع المدرسة بقبول الأمر الواقع . ولا شك أن لأولياء أمور المتعلمين في مؤسسات التعليم الخصوصي تصورا أو اعتقادا خاصا بهم، وهو أن أداء مقابل لدراسة أبنائهم يلزم مؤسسات التعليم الخصوصي من جهة بضمان نتائج جيدة وإن لم بذل أبنائهم مجهودات ، وكأن الأمر يتعلق باقتناء منتوج ، ومن جهة أخرى بقبول سلوكاتهم مهما كانت  وإن خالفت الضوابط التربوية . وهذا ما يجعل المؤسسات التربوية في التعليم الخصوصي تحت رحمة شعار :  » راني نخلص فلوسي  » أنا أدفع مقابل إذن من حقي أن أفعل في المؤسسة ما يحلو لي . وتكثر شكاوى أولياء أمور المتعلمين بمؤسسات التعليم الخصوصي ، وتكاد تكون يومية حيث  يتصل هؤلاء بإدارات تلك المؤسسات لانتقاد المربين ، والمؤسف حقا أن ينطلق هؤلاء من انطباعات أبنائهم للحكم على المربين وتقويم عملهم . فإذا لم يفهم الأبناء الدروس، فالأمر بالنسبة لأوليائهم يتعلق بعدم كفاءة المدرسين وليس بتكاسل أبنائهم وعدم انتباههم أو رفضهم القيام بالواجبات المنزلية وتسجيل الدروس . ومن الأولياء من يطالب بنقل أبنائهم من فوج إلى آخر ،وكأن المشكل لا يكمن في أبنائهم  بل في أبناء غيرهم . ومن المثير للضحك أن أحد الأولياء طالب إدارة إحدى مؤسسات التعليم الخصوصي بنقل ابنه من فوج إلى آخر بسبب وجود متعلم متفوق . والملاحظ أن روح الأنانية تسيطر على بعض أولياء المتعلمين بمؤسسات التعليم الخصوصي في كل تصرفاتهم أثناء دخول وخروج أبنائهم ، وخلال وجودهم بالفصول الدراسية ، وقد يخضع المدرسون بهذه المؤسسات إلى مساءلة الأولياء يوميا  ، ويضطر المدرسون إلى طمأنة هؤلاء الأولياء باستمرار ومجاملتهم حيث لا تصلح المجاملة لأن الأمر بتعلق بالتربية التي تكون لضياعها عواقب وخيمة .

وأخيرا على الوزارة الوصية أن تعيد النظر فما قررته في السابع عشر من شهر أكتوبر 2014 صيانة  للانضباط بمؤسسات التعليم العمومية والخصوصية على حد سواء ، وهي مطالبة بتحيين الإجراءات الانضباطية بعدما تبين أن الإجراءات الحالية لا جدوى فيها ولا طائل من ورائها . ومعلوم أن صيانة الانضباط يعتبر مدخلا مهما من أجل تحقيق جودة التعليم ، وهو شعار ترفعه الوزارة  يا حسرتاه.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *