Home»Correspondants»لماذا يتصدر بعض الجهلاء المجالس ويدفعون العلماء إلى الانزواء

لماذا يتصدر بعض الجهلاء المجالس ويدفعون العلماء إلى الانزواء

0
Shares
PinterestGoogle+

كثيرا ما يحدث، أن تحضر احدى المجالس، في مناسبات متنوعة، فيقفز أحد الحاضرين على رأس الجمع، فيستحود على المجلس، ليخوض في كل المجالات والقضايا، في التاريخ والجغرافيا، في السياسة والاقتصاد والاجتماع، في عالم الجن والانس، فيخيل إليك أن هذا الماثل أمامك خبير بكل القضايا التي تشغل بال الناس، والذي يعجبك عند هؤلاء النوع من الشخصيات، أنه يتحدث بثقة واعتداد كبيرين، واسترسال في الكلام، لايسمح لأحد من يعده بالنقد أو التعقيب.

فإذا كان الحديث مثلا في الدين، فهو المفتي القدير في القضايا الفقهية الخلافية، التي حيرت أكابر العلماء، والأدهى والأمر، أنه لايتردد في تخطئ عالم فلان وتجهيل عالم علان ، وإذا تحدثوا في الاقتصاد فهو المحلل الخبير بمجريات وتقلبات السوق العالمية والمحلية. وإذا تحدثوا عن التعليم، فهو أول العاتبين على الأساتذة، إن لم يكونوا وحدهم مصدر كل شر، وأعطاب التعليم المختلفة، لا يتحمل مسؤوليتها غيرهم. وإذا تحدثوا عن الوضع الاجتماعي المتردي، فهو العليم بمختلف الظواهر الاجتماعية وأسبابها وتداعياتها.

وأكثر ما تستهويه السياسة، فهو أحيانا، الناطق الرسمي باسم للحكومة، يلتمس لها الأعذار، ويعدد لها الإنجازات، وفي تناقض سافر مضحك، ينقلب إلى معارض شرس، فالرأي الذي يتبناه في هذا الجانب   أو الآخر، هو الحق الذي ليس إلا بعده الاالباطل. وإذا تشعب الحديث عن أوضاع الأمة في مشرق الأرض ومغربها، فلا أحد يسبقه إلى توصيف التجاذبات والمواقف في هذا البلد أوذاك.

وإذا تحدثوا عن الرياضة، فكل الفرق يحفظ أسماءها وأسماء لاعبيها، كأنه معلق رياضي محنك،     و تعجب أيما عجب، إن هذا النوع من الشخصيات الموسوعية لا علاقة له بالعلم والثقافة، لتكتشف أنهم يمارس مهنا – مع احتراماتي لكل المهن والحرف – أبعد ما تكون عن اهتمامات العلم والمعرفة، فقط يريد أن يتصدر حديث المجالس، ويفرض رأيه، بكثرة اللغط ورفع الصوت، ليغطي به جهله المركب.
وقد يحدث أن يكون من بين الحضور أحد العلماء أو المفكرين، فأنى لهم أن يتدخلوا للإفادة والتوجيه، فكثرة المواضيع التي يثيرها أبو العريف والضجيج الذي يصاحب مناقشاته، تدفع العلماء إلى الانزواء، فبسط العلم في هذا المقام لا يجدي، بل إن من تبخيس العلم، التحدث به وسط قوم تستهويهم الإثارة، ويستخفهم الخطاب العاطفي، فمن المسلمات عند العلماء أنهم يحترمون مبدأ الاختصاص، لعلمهم أن الإلمام بكل المواضيع مستحيل، مهما اتسع نطاق معرفة العالم، خاصة وأننا نعيش عصر الانفجار المعرفي، بل ليس من الضرورة أن ينشغل الانسان بكل ما يحدث حوله، وأن يكون له رأي فيها، وتتبع أخبار الحوادث والغرائب لا يبني شخصية ولا ينمي فكرا. ولذلك يقع بعض العلماء في أخطاء منهجية، عندما يتصدون للفتوى على الهواء، فيبدون استعدادهم للإجابة عن كل الإشكالات التي يطرحها المشاهد، فيتعرضون لسقطات تصبح مادة دسمة للإثارة في الصحافة والإعلام.

إذا كانت هذه الأخطاء لا يسلم منها العلماء، فما بال غيرهم ممن لهم بضاعة محدودة، ومعرفة  متواضعة،فلكل علم أهله، و لكل اختصاص خبراءه ، ولا عيب أن يلزم الإنسان الصمت في بعض المواقف، او يعترف انه لا يتابع هذه القضية لانشغاله بقضايا أخرى يرى أنها أولى بالاهتمام.

ولا ننسى في الأخير أن نشير إلى انه لما ذاع صيت أبو العريف في نسف المجالس ، اتخذ الناس تدابير وقائية تجاهه ، منها الحرص على عدم استدعائه ، او أخباره بموعد انعقاد المجالس و الأمسيات،و حتى لو قدر انه لا مناص من حضوره، فلابد في هذه الحالة من إحضار مجموع من الفقهاء او المنشدين، و من الأفضل ان تكون مجموعتين حتى لا يندس من بين الجموع ليستأثر بالكلمة، فمجموعتين تسد كل المنافذ، و لا تسمح له بالتدخل لان ما إن تتوقف مجموعة عن القراءة و الامداح حتى تستأنف الأخرى بالتناوب. و هو أفضل حل لمثل هذه العناصر لدرئ شرورها.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ben younes
    06/06/2014 at 18:47

    rien d étonnant car se sont les organisateurs de ces rencontres qui ont l habitude de réserver la 1ere place a cet ignorant soit par peur car sa gueule est plus féroce que celle d une hyenne , c est ainsi qu il a cru que tout le monde ( syndicat, conseils, réunions etc….) lui cède la place

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *