Home»Correspondants»ظاهرة العزوف عن المشاركة في تظاهرة فاتح ماي أسبابها وأثرها السلبي على الطبقة الشغيلة

ظاهرة العزوف عن المشاركة في تظاهرة فاتح ماي أسبابها وأثرها السلبي على الطبقة الشغيلة

0
Shares
PinterestGoogle+

يحل عيد العمال هذه السنة، وأنظار الطبقة الشغيلة مشدودة إلى ما ستسفر عنه جلسات الحوار الاجتماعي بين المركزيات والحكومة.
فأما الحكومة فهي تسابق الزمن من أجل التوصل إلى اتفاق مع الشركاء النقابين، يحفظ لها ماء الوجه، ويجنبها الاحتقان التي صارت وتيرته في تصاعد، جراء سنتين من التدبير الحكومي، طبعتها المشاداة الكلامية والتي وصلت إلى حد مقاطعة جلسات الحوار من طرف المركزيات.
وإذا كان عيد العمال مناسبة يستغلها كل طرف للضغط على الآخر، فالنقابات تنزل إلى الشارع، وترفع شعارات وتلقي خطابات تعبر عن انشغالاتها ومطالبها، في محاولة لتعبئة الطبقة الشغيلة، كما أنها لن تتوان في تأجيج مشاعر الاحتقان ضد الحكومة، وتتخد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية منطلقا لشحد أسلحتها.
في المقابل تلجأ الحكومة كالعادة للإسراع بالاستجابة لبعض المطالب تهم بعض القطاعات، لقطع الطريق على النقابات، معللة بأن ماتم الاستجابة إليه هو في حد ذاته إنجاز، يرقى إلى تطلعات الطبقة الشغيلة، في زمن تضرب فيه الأزمة الاقتصادية كل بلدان العالم تقريبا، والمتتبع لما يجري في الساحة بين الحكومة والنقابات من أخذ ورد، من خلال مواعيد وطبيعة جلسات الحوار، يخرج بانطباع أن الأمر شبيه بمباراة كرة القدم، حيث كل فريق يحاول أن يفرض إرادته على الآخر، تحت دريعة المقاربة التشاركية، وفي كل الأحوال، فإن مناسبة عيد العمال، تشكل متنفسا للطبقة الشغيلة، يعمل من الناحية السيكولوجية على التخلص من تراكمات ضغط العمل اليومي خلال السنة، سواء ما تعلق بظروف العمل غير اللائقة، أو انخفاظ الأجور، أو تردي الوضع المعيشي.
والواقع ان مايعرفه المشهد النقابي من تشردم على غرار فسيفساء المشهد الحزبي، يزيد في ضعف الجبهة النقابية، سواء أثناء المفاوضات أو حتى عند النزول إلى الشارع، مما دفع بكثير من العمال إلى اتخاذ مواقف سلبية تجاه العمل النقابي، تجلى في العزوف عن كل المظاهر النضالية سواء كانت اضرابات أو تظاهرات في الشارع، والاكتفاء بالتفرج على الوضع القائم، وهذا الموقف يجد أنصارا له يوما بعد آخر.
فالنزول إلى الشارع ورفع الشعارات في اعتقادهم، ضرب من اللعب ومضيعة للوقت والجهد، فأصحاب القرار من السياسيين هم في الأخير من يحسم نتيجة المباراة، ومما يعزز هذا الطرح، أن حكومات سابقة اتخذت قرارات انفرادية تهم الطبقة الشغيلة من حيث مثلا طبيعة الزياة وشكل صرفها، دون حاجة إلى إشراك الفرقاء النقابيين، في تناقض سافر مع شعار المقاربة التشاركية التي تضل تنادي بها في كل المناسبات والخطابات.
وفي نظري، كيفما كانت الدواعي والمبررات التي يستند إليها العمال والموظفون للبقاء في بيوتهم، أو الخروج إلى المنتزهات، فإنها تبدو واهية، فالقعود يعني الرضى بالواقع، كما يوحي الضعف العددي في الشارع في هذا اليوم فاتح ماي أمام أنظار الحكومات وأصحاب القرار بأن النقابات لم يعد لها الوزن والقوة العددية للمنخرطين والمتعاطفين، والتي كانت تعلول عليها في كل المحطات النضالية، مما يغري الطرف الحكومي بالتمسك بالحد الأدنى من المطالب، فقوة النقابات في التحامها والتنسيق في ما بينها، وكثرة عدد منخرطيها وتغلغلها في جميع شرائح المجتمع. إضافة إلى القوة التفاوضية، أي انتزاع الحد الأقصى من المطالب عند التفاوض، ولكن ما يهمنا هنا في هذا المقام، أن انصراف الأعضاء والعمال إلى شؤونهم الخاصة في ذلك اليوم، واعتباره يوم عطلة، يضعف من شأن النقابات، بالرغم من أن هنا أخطاء ذاتية وبنيوية أفقدتها الثقة، ومع ذلك نخاف أن يأتي يوم تختفي من الشارع كل مظاهر الاحتفال والاحتجاج، فيخلو الجو لأصحاب القرار، بأن يجهزوا على ما تبقى من حقوق الطبقة العاملة، والتي ضحت سابقا لتحسين أوضاع العمال، ويكون بالتالي نحن الجيل التي تكسرت عليه مكتسبات الأجيال السابقة، بتقاعسنا وبحملنا لأفكار من شدة ما رددناها صارت عندنا مسلمات، بدعوى أنه لافائدة من النضال مع  » الخونة والانتهازيين « ، وهذا هو ما يريده أصحاب القرار وأرباب العمل في كل بقاع العالم، والدليل أمام أعيننا في كل يوم يتم التراجع عن مكتسبات العمال جراء مايسمى بالعولمة، وقد تأكد بعد أحداث الربيع العربي أن الشارع هو المنطلق في كل تغيير، وأن ما دونه هو فقط قنوات مكملة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *