Home»International»يَا حْلِيلِي .. عَنْدْنَا التّْبُورِيدَا..

يَا حْلِيلِي .. عَنْدْنَا التّْبُورِيدَا..

0
Shares
PinterestGoogle+

يروي صديقي المشاكس، من باب النكتة، أن رئيس كوريا الشمالية نظر إلى الأفق البعيد وقطب حاجبيه وقال لمن حوله: انظروا هناك فوق المغرب الأقصى سحابة كبيرة تغطي سماءه، فاستنفر الملأ من العلماء ينظرون ويستطلعون أجهزتهم التي تضبط كل كبيرة وصغيرة تدب فوق الأرض، وتعصر الحامض في عيون الميريكان، فطمأنوا السيد الرئيس، وهم يبتسمون، أن لا أمر يدعوا للقلق، فقط هو السي بنكيران رئيس الحكومة  » كيتبورد »، فضحك الجميع ضحكا كاد معه الرئيس يسقط على قفاه، وضحكت أيضا لخفة ظل صديقي، وتماديت في الضحك حتى البكاء، وقد تذكرت عبارة Made in Korea  التي تميز منتوجاتها الصناعية وتقدمها رغم انشطارها نصفين، شمالي وجنوبي، وقد كانت إلى عهد قريب متخلفة حتى أضحت في مصاف الدول المتقدمة صناعيا وعسكريا يحسب لها ألف حساب.
والنكتة كما تعلمون، مكون رئيس في الثقافة الشعبية، أي ذلك المنتوج العفوي والشفوي الذي تنتجه الشعوب وليس شخصا بذاته، فتصبح النكتة والأقوال والحكم والقصص والحكايات والأمثال، مثل الطقوس والرموز والعادات والتقاليد وغيرها، تراثا شعبيا ينتقل عبر الأجيال تحفظه الذاكرة الشعبية ولا يمكن إخضاعه لأية رقابة مهما كان تسلطها، وهذا هو الفرق بين الثقافة الشعبية والثقافة السياسية.
فسألت صديقي المشاكس، ما الذي ينقصنا نحن كي نصير دولة متقدمة نصدر ولا نستورد، تقل البطالة حد الاندثار وتدفع الحكومة للمعطلين « الشُّومَاجْ »… الأمر لا يتعلق بإلقاء اللوم على الحكومة الحالية، هي سياسات تعاقبت منذ أمد بعيد، غرست الخنوع والخوف في النفوس، فتجد الواحد لا يملك قوت يومه وهو غارق وسط كومة أطفال، وعندما تسأله عن حاله يجيب على الفور، [للِّي اقْنَعْ اشْبـَعْ]  .. لا أريد أن نكون مثل بقية الدول الكبرى، لكن كأي دولة تتمتع بالقوة الكافية للتقدم. لها قيمتها وقيمها … تهتم بأبنائها واطرها لترقى وتتجنب حافة التخلف .. فضحك صديقي المشاكس ورق لحالي قائلا: اعلم حفظك الله ورعاك أن في بلدنا العزيز لا تعلم كيف تسير الأمور، كل من تقلد منصبا إلا ورمى بالمسؤولية في سلة المهملات وتفرغ لأغراضه وابتغاء نصيبه من الدنيا دون التفكير في الشعب، فمن هؤلاء من بات مشواره سلسلة من الفضائح دون أن يقول له أحدهم كفى. بل أنه يتم جبر الخواطر، فالمسؤول في المراتب العليا، أو السامية كما يحلو « لِ سْيَادْنَا لْعُلَامَا » تسميته، إذا انتهت ولايته يتم تعيينه في منصب آخر ولو اقتضى الأمر خلق منصب من الوهم، لأن المخزن لا يفرط في مريديه، أي أنه [إِلَى اعْطاكْ الْمَخْزَن، مَا تَجْمَعْ مَا تَخْزَنْ]، وهذا ما يميزنا عن بلدان أخرى، ولو أنها ليست أفضل منا، فقط تتم محاسبة المسؤولين لأبسط الأخطاء ومتابعة كل من أشارت إليه الأصابع، بل أن بعضهم يتخلى عن المسؤولية بمجرد إثارة الشبهة من حوله. ثم إن الواحد من هؤلاء لا يمكنه تقلد مسؤولية إذا رأى في نفسه عدم الأهلية والكفاءة الكافيتين وعيا منه أن الأمر يتعلق بتدبير شأن عام ومصير مجتمع، أما الــ peoples عندنا فالمسؤولية بالنسبة إليهم مدخل للاغتناء، فتجد المرء « بانت عليه النعمة » تسلق درجات المسؤولية وكأن المسؤولية مصدر اغتناء وطريق للثروة وليس عبء يتطلب التضحية وخدمة مصالح البلاد والعباد.. فهذا وزير الهجرة البريطاني يقدم استقالته من الحكومة لأن الخادمة ببيته مقيمة غير قانونية بابريطانيا..
قلت لصديقي المشاكس، إن ما يحز في النفس هو أن جهد عقود من الزمن أضحى في مهب الريح، أي [اللِّي اغْزَلْنَاه ارْجَعْ صُوفْ].. ففي كل مرحلة يفرز المخزن « نخبة » تسري في دواليب الدولة، تتماشى مع ما تقتضيه المرحلة، ليحافظ على كينونته وامتداده واستمراريته. لكن هناك بعض الحسابات التي يتوجب على رجالات المخزن إعادة ترتيبها في التعاطي مع هذا الشعب، لأن سياسة تفشي الأمية والتضبيع انتهى جيلها، هناك جيوش من العاطلين الجياع يصاحبهم الفقر كظلهم، ينظرون إلى فئة قليلة تنهب ثروات البلد وتوزع خيراته برا وبحرا وهم الأولى بتلك الخيرات، لأنهم وآباؤهم يؤدون الضرائب .. ضريبة المال والصحة والعمر .. إنه بلد الفرص الضائعة .. بلد « بَنُو مَنْهَازَة » … إسهال في كل شيء .. أردت أن أقول، سخاء وكرم لا حد لهما .. وللحديث بقية .. أقول قولي وأستغفر الله لي ولمن قرأ مقالي مطمئنا .. والله وارث الأرض ومن فيها.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. محمد المقدم
    11/02/2014 at 19:37

    صدقت الأخ العزيز على هذه العبرات الناطقة من قلب صادق وعقل حائر على مصير مجهول

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *