Home»National»الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات تحولت إلى أسلوب مبتذل من أجل التعبير عن رفض حكومات ذات مرجعية إسلامية

الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات تحولت إلى أسلوب مبتذل من أجل التعبير عن رفض حكومات ذات مرجعية إسلامية

0
Shares
PinterestGoogle+

الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات  تحولت إلى أسلوب مبتذل من أجل التعبير عن رفض حكومات ذات مرجعية إسلامية

 

محمد شركي

 

لم تشترك الدول العربية في ربيع هو عبارة عن ثورة ضد أنظمة فاسدة فقط ، بل أثبت الواقع أنها تشترك أيضا في ظاهرة الإضرابات والمظاهرات ضد الحكومات ذات المرجعية الإسلامية التي حلت محل  غيرها من الحكومات التي كانت في ظل الأنظمة الفاسدة المنهارة. والملاحظ أن هذه الإضرابات  والمظاهرات  والاعتصامات صارت يومية ، وبلغت حد الابتذال إذ لا يمر يوم إلا  وطائفة أو فئة ترفع لافتاتها وشعاراتها منددة غاضبة ساخطة ناقمة ومهددة بالمزيد من التصعيد. والغريب أن  حجم هذه الإضرابات والمظاهرات  والاعتصامات لم  يبلغ من قبل في عهد حكومات الأنظمة الفاسدة ما بلغه اليوم في عهد حكومات  ذات مرجعية إسلامية ، فهل يعني هذا أن أداء هذه الأخيرة صار أسوأ من أداء حكومات أنظمة أسقطتها الثورات العربية أم أن الأمر يتعلق بمؤامرة  ما يسمى جيوب مقاومة فلول الأنظمة المنهارة التي تحاول عرقلة مسيرة الربيع العربي بالتحالف مع قوى خارجية ليس من مصلحتها أن تتعامل مع حكومات ذات مرجعية إسلامية ؟ فإن قيل إن الإضرابات والمظاهرات سببها ضعف أداء الحكومات ذات المرجعية الإسلامية قلنا إن الوقت لا زال مبكرا للحكم على أداء هذه الحكومات ، فضلا عن كون إرث المعضلات التي خلفتها حكومات الأنظمة الفاسدة  ليس من السهل تصفيته بين عشية وضحاها إذ كيف  يطلب من الحكومات ذات المرجعية الإسلامية أن تحل كل هذه المعضلات ولما يمر حول واحد على وصولها إلى مراكز القرار ؟  والمرجح أن سبب هذه الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات هو  استمرار الصراع بين  الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، وغيرها من الأحزاب ذات المرجعيات الليبرالية والعلمانية وغيرها. ففوز الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية كان صدمة بالنسبة للأحزاب الأخرى التي  كانت تحت عباءة الأنظمة الفاسدة، فلما أسقطت الشعوب العربية  أو هددت بالسقوط هذه الأنظمة ، حاولت هذه الأحزاب  أن  تخطب ود الشعوب الغاضبة التي أدارت لها الظهر لأنها تلطخت بسبب تعاملها مع الأنظمة الفاسدة ، وبسبب تورطها في الفساد . ولهذا حنقت الأحزاب ذات المرجعية الليبرالية والعلمانية على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بسبب فوزها في الانتخابات وفي كسب ثقة الشعوب. ومنذ أول يوم لفوز الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية بدأت حملة التشكيك في كفاءتها  وقدرتها على التدبير والتسيير علما بأن الفرصة لم تتح لها من قبل  ، وظلت لفترات طويلة ممنوعة من مجرد الحصول على ترخيص لممارسة العمل الحزبي والسياسي بسبب مرجعيتها الدينية التي كانت الأنظمة الفاسدة تتوجس منها ، وتنفذ بسببهاالأجندة الغربية في التعامل معها تحت ذريعة محاربة الإرهاب  والتطرف الديني . وقبل  مرور مائة يوم  كما جرت العادة للحكم على طبيعة  هذه الحكومات ذات المرجعية الإسلامية كانت الأحزاب ذات المرجعيات الأخرى قد أصدرت أحكامها النهائية عليها ، وجزمت قاطعة بأنها فاشلة ولا تستطيع تدبير الأمور . ومباشرة بعد حلقة التشكيك في كفاءة الحكومات ذات المرجعية الإسلامية بدأت حلقة تحديها بطرح أمهات المعضلات  خصوصا في بعض البلدان التي لم تعرف  ربيعا كاملا  بل عرفت شبه ربيع . ووضعت الحكومات ذات المرجعيات الإسلامية أمام هذه المعضلات وجها لوجه  ، وطلب منها أن  تحلها بطريقة عفريت نبي الله سليمان عليه السلام أو طريقة الذي عنده علم من الكتاب . ووضعت الحكومات ذات المرجعية الإسلامية أمام ديناصورات الفساد وأباطرته ومافياته  النافذة في البلاد من أجل التفرج عليها  ، علما بأن الأحزاب  التي كانت تشارك الأنظمة  التدبير قبل الربيع العربي تعرف جيدا أوكار الفساد وأبطاله بل كان بعضها طرفا في الفساد ولم تفكر في  مواجهته  يومئذ كما تطالب اليوم الحكومات ذات المرجعة الإسلامية بمواجهته . وهكذا تعتبر مطالبة الأحزاب ذات السوابق مع الفساد الحكومات ذات المرجعية الإسلامية مناورة مكشوفة سببها الاعتراض على فوز هذه الأخيرة ليس غير . وبعد ذلك بدأت الحلقة الموالية من حلقات خلق المتاعب للحكومات ذات المرجعية الإسلامية من خلال  ظاهرة الإضرابات والمظاهرات والوقفات والاعتصامات اليومية  حتى صار شغل الأحزاب الخاسرة في الانتخابات هو هذه الإضرابات من أجل إعطاء انطباع بأن الأوضاع قد ساءت على ما كانت عليه في عهدها  وكأنها لم تكن مسؤولة عن الفساد.  وأكثر من ذلك تقاسمت هذه الأحزاب الأدوار في بعض البلدان  العربية من أجل  إجهاض تجربة الحكومات ذات المرجعية الإسلامية  حيث لعب بعضها دور المعارضة  العلنية ، بينما لعب البعض الآخر دور المعارضة الباطنية مع أنه شريك هذه الحكومات في التدبير  والتسيير  ، وهي ظاهرة غير مسبوقة .والله أعلم بالحلقات القادمة  أوبتعبير دقيق  بالمناورات القادمة التي ستعتمدها  هذه الأحزاب الفاشلة من أجل عرقلة أداء  حكومات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية . ولا شك أن فلول الأنظمة المنهارة أو التي لا زالت مهددة  بالانهيار وبتنسيق مع قوى خارجية ليس من مصلحتها أن تصير الأمور في العالم العربي إلى أحزاب ذات مرجعية إسلامية ، لهذا فهي تبذل قصارى جهودها من أجل إجهاض تجربة هذه الأحزاب لتعود بالعالم العربي مرة أخرى إلى نفس المربع الذي كان عليه في ظل أنظمة فاسدة مستبدة . ويمكن الربط بين ما يحدث من خليج الوطن العربي إلى محيطه  سواء  تعلق الأمر بالصراع بين بعض الأنظمة التي لم تزل وبين الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية المقاطعة للانتخابات أو بالصراع بين فلول الأنظمة المنهارة وبين  حكومات أحزاب ذات مرجعية إسلامية . فالصراع واحد ولكن أطرافه تختلف  من قطر إلى آخر . ففي الأقطار التي شهدت انهيار الأنظمة السابقة نجد أن الصراع يدور بين حكومات أحزاب ذات مرجعية إسلامية ، وبين أحزاب  الفلول ذات مرجعيات أخرى كانت متعايشة  مع الأنظمة المنهارة وتشاركها الحكم الفاسد ، بينما في الأقطار التي لا زالت أنظمتها كما كانت يدور الصراع بين هذه الأخيرة وبين أحزاب ذات مرجعية إسلامية رفضت التفاهم مع عروض الإصلاحات الصورية التي تقدمها لها هذه الأنظمة تجنبا لزوالها ، وضمانا لبقائها . ولا شك أن قوى خارجية متورطة بشكل فاضح  فيما يعرفه العالم العربي  من أحداث من أجل خلق وضع  متدهور في هذا العالم يخدم  مصالحها . ولعل معركة فاصلة سيعرفها العالم العربي  بين طرفين ، طرف تمثله الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، وطرف تمثله أحزاب ذات مرجعيات أخرى تدعمها قوى خارجية يقلقها الربيع العربي  وتداعياته التي أفرزت مؤشرات ليست لصالحها . والغلبة في هذا الصراع المحتدم ستكون لمن يستطيع أن يؤثر في الشعوب العربية صانعة ربيعها وصاحبة القرار .  فهل ستفضل هذه الشعوب عودة الفساد المحفوف بالإغراءات  أم أنها ستفضل الإصلاح المحفوف بالمكاره  والتضحيات ، ذلك ما سيكشفه المستقبل  ربما القريب جدا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Mohammed Essahlaoui
    05/12/2012 at 11:33

    Cher collègue SSi Mohammed Chergui,bravo et sincères félicitations!Vous venez de réaliser un véritable travail à vocation analytique, à l’argumentaire renforcé génialement par une synthèse laborieuse, où divergences et convergences idéationnelles défilent magistralement,telles des troupes de combattants imbus de sciene et de savoir, éclairant savamment l’aire de cet article /terrain extraordinaire, qui dénonce bravement des handicaps, des manigances, et des obstacles, dressés par des forces haineuses et rancunières d’obédience étrangère, sur le sentier de la victorieuse chevauchée des Islamistes égyptiens en particulier, et des Islamistes-profonds musulmans engagés-en marche sur la planète.
    Permettez-moi SSI Chergui de rendre un vibrant hommage à votre esprit d’analyse et de synthése digne d’un penseur éclairé,maniant une « sacrée plume » avec une compétence « solide et redoutable ».
    BIEN CORDIALEMENT ET RESPECTUEUSEMENT: Mohammed Essahlaoui

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *