Home»Correspondants»إعلام الدولة يحارب حكومة الشعب !

إعلام الدولة يحارب حكومة الشعب !

0
Shares
PinterestGoogle+

لا زال الحرس القديم المحسوب على الإعلام الرسمي يحيك المؤامرات تلو المؤامرات بغرض تسميم الأجواء بين الملك و رئيس الحكومة الحالية الأستاذ عبد الإله بنكيران. هذه الأطراف وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه بعدما تعالت أصوات الشعب المغربي ضد الفساد ورموزه. ولعل مجال الإعلام في البلاد من أهم أنواع هذا الفساد. ذلك أن ثقافة الريع سابقا جعلت بعض الأشخاص يستغلون قربهم من محيط القصر ليبسطوا هيمنتهم على هذا المجال الحيوي ويستغلونه أبشع استغلال، تحت ذريعة الدفاع عن رموز الدولة وطقوسها في وجه التيارات الشعبية المنادية بالإصلاح والنابعة من صناديق الاقتراع. رموز الفساد الإعلامي الذين اغتنوا من الإشهار على حساب الإعلام الوطني الجاد، لا زالوا يشتغلون بمنطق « وزير الداخلية والإعلام » في العهد السابق، ولم يستسيغوا ما طرأ من تغيير في العالم العربي من حولنا، وبالتالي لا زالوا يعتبرون القناتين العموميتين ووكالة المغرب العربي مؤسسات تابعة لوزارة الداخلية وناطقة باسم البلاط، وما الحكومة ووزراؤها إلا كراكيز للاستهلاك الخارجي والضحك على الشعب.

استغلال حفل الولاء لتوجيه الطعنة الأولى:

موقف « العدالة والتنمية » من طقوس حفل الولاء الشكلية المبالغ فيها لا يتعارض مع الإيمان بالبيعة الشرعية والتأصيل لها والدليل تكرار الموضوع في كل مناسبة على لسان رئيس الحكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران. فالكل إذن يعلم أن « العدالة والتنمية » مع البيعة ويتحفظ على الركوع. ورغم ذلك تحيَن خليل الإدريسي مدير وكالة الأنباء الرسمية فرصة حفل الولاء لهذه السنة ليقوم بخرجة إعلامية تعتبر الأولى من نوعها، و يصرح لهسبريس أن « الاعتقاد بتعديل البيعة سببه « سوء فهم » للدستور الجديد ». وشرح في مقال نشرته وكالة الأنباء الرسمية الثلاثاء 21 غشت بأن « الأمر يتعلق بخطأ في التحليل يمكن أن يخفي وراءه٬ في بعض الأحيان٬ خلفيات أو استراتيجيات سياسوية… »، وفق تعبير الإدريسي.

وزاد المدير السابق لصحيفة « أوجوردوي لوماروك » و المسؤول القيادي في نادي الليونز الدولي بالمغرب بأن « آخرين، ظنا منهم أن قدسية السلطة في المغرب قد تأثرت بدستور 2011، اعتقدوا أن حفل الولاء لملك المغرب سيدفع ثمن التجديدات التي جاء بها القانون الأسمى٬ وأنها ستختفي بكل بساطة من التعبيرات العريقة للهوية السياسية المغربية ». وطبعا المقصود بالآخرين بنكيران وحكومته الذين قرروا مقاطعة هذه الطقوس التي تسيء إلى سمعة الوطن ولا تنسجم مع رغبة الشعب و ربما حتى مع رغبة الملك نفسه.

تأجيج الصراع وشيطنة الإسلاميين:

لم تكتف وكالة المغرب العربي للأنباء بطعن الحكومة من الظهر، بل نشرت بعد ذلك مقالا بعنوان « خطب السيد بنكيران: تواصل سياسي أم شعبوية » انتقدت فيه أسلوب رئيس الحكومة في التواصل، وأشارت إلى ردود الأفعال الساخرة على الموقع الاجتماعي « فايسبوك »، مما أثار حفيظة بعض القياديين في « العدالة والتنمية » الذي يقود الحكومة. وفي هذا الصدد، صرح عبد العزيز أفتاتي منفعلا لجريدة »كود » و بالدارجة المغربية « أتصور شي واحد ضرب شي جوان وطلب من الوكالة تكتب داك الشي اللي فات وقتو والناس ناقشاتو والموضوع ما بقاش آني ولا حديث الساعة ». وأكد أفتاتي ل »كود » على أن كل ما ناقشه هذا الموضوع الذي يصعب معرفة جنسه الصحافي، هي « مواضيع متقادمة ومتهالكة » ، واعتبر أفتاتي هذا الموضوع مشابها لما كانت تقوم به وزارة الداخلية التي كانت تكتب مواضيع وتبعثها إلى بعض الصحف وتنشر على اعتبار أنها تحاليل.

وبخصوص إساءة هذا الموضوع لرئيس الحكومة، قال أفتاتي « هذا عمل مسيء للوكالة لا لرئيس الحكومة، لأنه ينزل أسهمها إلى الحضيض، ويظهر أن المخزن الإعلامي مازال نشيطا وأنه يخدم أجندته وأنه يكرس أن الوكالة « مخزنية » ولم يتغير شيء » . وتساءل عبر « كود »، لماذا لم تنشر خبر استدعاء العنيكري وبنسليمان للقضاء في قضية اعبابو ولماذا لم تنشر أخبارا ذات أهمية قصوى تهم شخصيات أخرى ولماذا لم تتابع النقاش الدائر والصحي حول الركوع في حفل الولاء؟ »

و هكذا وجد حزب العدالة والتنمية نفسه في خط المواجهة مع عفاريت الإعلام التي لا ترغب في أي إصلاح يأتي من ممثلي الشعب، لأنها بكل بساطة تقتات من تأزيم الوضع واستمرار الضغط الشعبي على الحكم لتظهر هي بمظهر المدافع الوحيد عن المؤسسة الملكية، وهو نفس السيناريو الذي حدث مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي.

نفس الرد جاء على لسان  قيادي آخر من نفس الحزب وهوعبد الله بوانو  حيث قال « إن القصاصة التي نشرتها الوكالة تؤشر على انتقال مناهضي حكومة بنكيران من مرحلة الضرب تحت الحزام إلى مرحلة المواجهة المباشرة »، مشيرا إلى أن « مضمون القصاصة يؤكد وجود سيناريوهات مطبوخة للنيل من شعبية بنكيران وحكومته ».
وأوضح قيادي العدالة والتنمية أن « هذه السيناريوهات انطلقت مع الأزمة المُفتعَلة بخصوص دفاتر التحملات لتتوج بهذه الخرجة الإعلامية غير المحسوبة »، معتبرا أن « وكالة المغرب العربي للأنباء مؤسسة إعلامية من المفروض أن تكون خاضعة للحكومة، وبالتالي فالتساؤل المطروح حاليا هو من يحرك هذه الوكالة؟.. مما يدل أن قيادة العدالة والتنمية واعية بمخطط الحاشية الفاسدة التي تبذل قصارى جهدما من أجل إفساد العلاقة بين الملك وممثلي الشعب. كيف لا و أفتاتي نفسه كان ضحية القناة الثانية التي حولت طلب نقل مريض للعلاج إلى تهمته الاستنجاد بدولة أجنبية وتبعتها وزارة الداخلية ببيانها المشهور؟! وهو الذي طالب الهمة بتصفية تركته حتى يتمكن الشعب من القطع من الماضي والخروج من الحلقة المفرغة.

إعلام الداخلية في حلة جديدة

كانت الداخلية في العهد السابق تشرف على عدد من الجرائد العربية والفرانكفونية، تحتكر حصة الأسد من دعم الدولة ومن الإعلان، كما كانت تسير عددا من الجمعيات الموالية للقصر بغرض منافسة المجتمع المدني وسحب البساط من المعارضة، وهو ما اصطلح عليه وقتها بالحزب السري. و حسب العديد من المتتبعين للمشهد الإعلامي بالمغرب، فإن جريدة « اوجوردوي لوماروك »التي يديرها خليل الإدريسي ظهرت سنة 2000 بإيعاز من جهاز المخابرات في عهد الجنرال حميدو لعنيكري. تميز خطها التحريري بمناهضة التيارات الإسلامية و الدفاع عن الحداثة بالمفهوم الاستئصالي المعروف والإشهار للخمور والقمار والكازينوهات.  هاجمت العلماء والدعاة وعلى رأسهم الأستاذ بنشقرون رئيس المجلس العلمي للبيضاء لما تحدث عن اليهود ووصفهم بما جاء في القرآن الكريم. وخصصت للدكتور أحمد الريسوني مقلبا خاصا، بدأ بحوار عادي حول إمارة المؤمنين و مأسسة الفتوى ليتحول إلى الطعن في أهلية أمير المؤمنين محمد السادس أي الخيانة العظمى !! نجحت الخطة بعدما تم تحريك أبواق أخرى وكثر اللغط وكانت الوقيعة بين الرجل و الدكتور الخطيب رحمه الله، مما اضطر الريسوني إلى تقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح وجريدة التجديد.

وهكذا تم التخلص من عالم مقاصدي نشيط ومجتهد ومؤمن بضرورة البيعة الشرعية وكان أول قائد حركة إسلامية يلقي درسا دينيا في إطار الدروس الحسنية ، في إشارة من الملك نفسه إلى رغبته في التطبيع مع الإسلاميين ودمجهم في المشروع الإصلاحي والاستفادة من خبراتهم وطاقاتهم ، مما أزعج بعض الاستئصاليين في محيط القصر ، فبدأت المكائد والدسائس.

كيف تصرف الهاشمي الإدريسي مع الصحفي أنوزلا ؟

منذ سنوات، أصدرت إحدى محاكم الدار البيضاء، الحكم بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ وبالتعويض والغرامة بـنحو 20 ألف دولار ضد صحفيين من « الجريدة الأولى »، هما علي أنوزلا مدير النشر ورئيس التحرير وجمال بودومة، وذلك على إثر الدعوى التي رفعها ضدهما خليل الهاشمي الإدريسي مدير نشر « أوجوردوي لو ماروك » بتهمة المس بـ »هيبة القضاء ».

وتعود قصة هذه القضية عندما أقدم صهر للملك (حسن اليعقوبي) على إطلاق النار على شرطي مرور لما أوقف سيارته لأنه لم يحترم إشارة المرور. بعدها صدرت افتتاحية في « أوجوردوي لو ماروك » تصف الصحف التي تناولت ذلك الحادث وأشارت إلى مرتكبه بالاسم ونشرت صورته بأنها تفتقد إلى « الروح الوطنية » ولا تفهم في « أخلاق المهنة ». وعندما عقب الزميل جمال بودومة على افتتاحية « أجوردوي لوماروك » قام مدير نشرها برفع دعوى ضد « الجريدة الأولى » بتهمة « القذف والسب »، (لأنه لم يراعي مكانة الشريف!!! ) و صدر حكم لصالحه يغرم مدير نشر ورئيس تحرير « الجريدة الأولى وصحفيها بـ 16 ألف دولار كتعويض وغرامة.

بعد مدة سيعفو خليل الهاشمي عن مدير الجريدة الأولى!!!  وهو ما يذكرنا بامتيازات طبقة النبلاء وحاشية الملك في أروبا.

وعن احتكار الإشهار، يقول رشيد نيني في حق خليل الإدريسي: » وقد اكتشف أعضاء مؤسسة «لوجيدي» الفرنسية للتحقق من الانتشار مقدرات خليل الهاشمي الإدريسي في مجال التنويم المغناطيسي عندما أراد أن يقنعهم بأرقام غير حقيقية لمبيعات جريدة «أوجوردوي لوماروك»، فاكتشفوا حيلته وانتهوا إلى إعلان الأرقام الحقيقية والمتدنية لمبيعاته، طبعا دون احتساب آلاف النسخ التي يشتريها منه «إدريس بنهيمة» ليوزعها في طائراته، أو آلاف النسخ التي تشتريها منه سلسلة فنادق «آكور» بتوصية من أزولاي، وهكذا ساهموا في هروب المعلنين من صفحات جريدته بعد أن اكتشفوا أرقام مبيعاتها الحقيقية ». (انظر عمود شوف تشوف بجريدة المساء).

فهل أدى رشد نيني ثمن جرأته على الأسياد؟ أم أن الأمر يتعلق بمؤامرة من « عفاريت الإعلام » الرسيمي ضد الصحافة المستقلة النزيهة؟

ولو كان من القصر:

تلكم بعض « منجزات » السيد خليل الهاشمي الإدريسي في مجال الإعلام ، فهو ورئيس فيدرالية الناشرين ورئيس وكالة المغرب العربي للأنباء والمتحكم في المعهد العالي للصحافة وصاحب العلاقات الدولية المعلومة أي « الكل في الكل » في مجال الإعلام، ولا بد أن يتزلف له كل صحفي يريد أن يحافظ على « خبزته » وينجو من المضايقات. خليل الإدريسي كان يتصور أن بنكيران لا يختلف عن عباس الفاسي الذي استدعاه يوما هو ووزير الاتصال السابق خالد الناصري ليوشحهما بوسام الرضى والعطف الإدريسي، ولا بد أنه يشعر أن مملكته الإعلامية تهتز و أن صنبور الإعلان سوف يقننه دفتر التحملات الواضح والشفاف، في ظل حكومة منتخبة فعلا وعازمة على تطهير البلاد من المفسدين مهما كان قربهم من القصر، وذلك هو الضوء الأخضر الذي تلقاه وزير العدل مصطفى الرميد من الملك نفسه.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *