Home»Enseignement»تجربة المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين: واقع الحال و سؤال المآل.

تجربة المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين: واقع الحال و سؤال المآل.

1
Shares
PinterestGoogle+

تجربة المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين: واقع الحال و سؤال المآل.

عبد الغفور العلام

  

تعد المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين آلية من آليات تفعيل اللامركزية  و اللاتركيز وممارسة الحكامة الجيدة في تدبير المنظومة التربوية  الجهوية، وجهازا من أجهزة المراقبة و المحاسبة و التقييم الداخلي، و تجسيدا فعليا للمقاربة التشاركية عبر إشراك كافة الفاعلين في التدبير التربوي الجهوي.

و بالرغم من الإيجابيات التي تميزت بها تجربة هذه المجالس الإدارية ، على اعتبار أنه تم  منذ بداية عشرية الإصلاح إحداث نظام الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين، كآلية جديدة لصنع القرار التربوي على المستوى الجهوي، عبر تخويل  الأكاديميات مجموعة من  الصلاحيات و الاختصاصات ،  من تشريعات و قوانين منظمة ( القانون 00.07  ) و من ميزانية مستقلة يتم إعدادها و المصادقة عليها جهويا، و من خلال اعتبارها سلطة جهوية للتربية و التكوين، لا مركزية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال الإداري و المالي، فضلا عن منح المجالس الإدارية للأكاديميات  الوسائل و الإمكانات المالية و المادية و البشرية للإشغال. فرغم كل هذه المكتسبات، فقد شابت هذه التجربة  مجموعة من المعوقات حالت دون تحقيق كل الأهداف و النتائج المرجوة.

في هذه الورقة سنعرض لأهم  الصعوبات و الإكراهات التي اعترضت تجربة المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين ، لنخلص في الأخير إلى بعض الاقتراحات و التوصيات التي من شأنها تطوير و إغناء هذه التجربة.

1- اختصاصات المجالس الإدارية: مجهود تشريعي مهم لم يوازيه مجهود على مستوى تفعيل آليات التدبير المالي و الإداري و التربوي.

أحدثت الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بناءا على القانون 07.00 الذي  اعتبرها مؤسسات عمومية، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري و المالي و تخضع لوصاية الدولة، تنفذ السياسة التربوية والتكوينية على المستوى الجهة وتتمتع بسلطة التقريروالتخطيط والتدبير على المستوى الجهوي، بواسطة مجلس إداري يرأسه وزير التربية الوطنية و يتكون من أعضاء منتخبون و أعضاء معينون.

فبالرغم من أهمية القانون 00.07 الذي أحدثت بموجبه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، باعتباره  المرجع القانوني و التنظيمي الذي يؤطر عمل المجالس الإدارية  للأكاديميات، لم يواكب هذا المجهود التشريعي اشتغال مواز على مستوى إرساء و تفعيل آليات ناجعة ترفع من جودة التدبير المالي و الإداري و التربوي لهذه المجالس الإدارية.  

إضافة إلى ذلك، و انطلاقا من واقع اشتغالها، فالمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم بجميع المهام المخولة إليه قانونيا، كما أنها لا تمارس و لا تفعل جميع الصلاحيات و الاختصاصاتالمفوضة إليها منلدن السلطة التربوية الوصية،حيث و استنادا إلى المادة 5      من القانون رقم 07.00القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، فمجالس الأكاديمياتتتمتعبجميع السلط والصلاحيات اللازمة لإدارة الأكاديميات، وخاصة فيما يتعلق بالبرنامج التوقعي الجهوي لتكوين الأطر التعليمية والإدارية والتقنية والبرنامج التوقعي للبناء والتوسيع والإصلاحات الكبرى لمؤسسات التربية والتكوين ؛كما أنها مسؤولة عن سير مؤسسات التربية والتكوين وكذا تكوين شبكات مؤسسات التربية والتكوين .

و تأكيدا لما سبق، فالمجالس الإدارية للأكاديميات لا تقوم في واقع الأمر إلا بمناقشة مخططات العمل و مناقشة الميزانية و المصادقة عليها. كما أن هذه المجالس غير مخولة لإبداء الرأي حول الإشكاليات الأفقية للمنظومة التربوية ولا يمكنها تغير القرارات التربوية الإستراتيجية و لا المخططات التربوية المعدة من طرف الإدارة التربوية المركزية. كما أنها مازالت لم تتوفق في فرض الخصوصيات الجهوية و المحلية في تدبير الشأن التربوي الجهوي.

هذا يحيلنا كذلك إلى وجود ضبابية في اختصاصات المجالس الإدارية للأكاديميات، حيت أن مجموعة من أعضاء هذه المجالس يقرون بأن السلطة المخولة للمجلس غير واضحة. فإذا كانت  المادة 3 من القانون رقم 07.00القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين  تؤكد على أن الأكاديميات يديرها مجلس إداري ويسيرها مدير،  فإن واقع الحال يقول أن  العكس هو السائد.

 و عموما فإن الحصيلة الأولية لتجربة المجالس الإدارية  للأكاديميات تظهر مجموعة من الإختلالات  سواء على مستوى الهيكلة و التمثيلية داخل هذه المجالس الإدارية  أو على مستوى طريقة و منهجية اشتغالها.

2 – اختلالات على مستوى تركيبة وهيكلة المجالس الإدارية  للأكاديميات:

ففي 2006 نظمت وزارة التربية الوطنية  أيام دراسية تقويمية للمجالس الإدارية، حيث أجمعت جميع التوصيات على ضرورة إعادة النظر في تركيبة و تشكيلة المجالس الإدارية للأكاديميات.كما أن التقارير الأخيرة  للمجلس الأعلى للحسابات (2009 و 2010) و التي وقفت على عدة اختلالات تدبيرية على مستوى ممارسة الحكامة  في تدبير بعض الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين، رصدت كذلك، ارتباطا وثيقا بين هيكلة المجالس الإدارية للأكاديميات و انعكاساتها السلبية على جميع المجالات التدبيرية للأكاديميات.

فضلا عن هذا، فإن مجموعة من أعضاء المجالس الإدارية للأكاديميات و مجموعة من المتتبعين للشأن التربوي، تقر بوجود اختلالات في تركيبة و تمثيلية المجالس التي يغلب عليها تمثيلية الأعضاء المعينون من طرف السلطة التربوية ، و ذلك قصد  تمرير الميزانية و بغرض إبقاء المبادرة للإدارة الوصية، و هذا يدخل في إطار  ما يسمى بالمشاركة المقننة، حيث إن ضعف تمثيلية  الأعضاء المنتخبين لا تمكنهم من إسقاط ميزانيات المجالس الإدارية للأكاديميات.

3 – اختلالات على مستوى تشكيلة وتمثيلية المجالس :

تتميز تشكيلة المجالس الإدارية للأكاديميات بارتفاع عدد الأعضاء المشكلين للمجالس ( ما يفوق 50عضوا) و تباين تمثيليتهم ، حيث تضم التشكيلة أعضاء منتخبون يمثلون الشغيلة التعليمية و هم الأقلية و أعضاء معينون يمثلون القطاعات الحكومية الأخرى و هم الأكثرية ، حيث  أن واقع الحال يؤكد على أن كفة الإدارة هي المهيمنة ، و هذا ما  يكرس  عدم التكافؤ  في تمثيلية الأعضاء المنتخبون و الأعضاء المعينون.

وجدير بالملاحظة أن الأعضاء الممثلين في المجالس من رجال التعليم عددهم أقل مقارنة مع ممثلي القطاعات الحكومية الأخرى  الذين يشكلون الأغلبية ، و بالتالي يبقى أثر التغيير في المجالس الإدارية و أثر تفعيل القرارات و هامش المشاركة و التأثير في اتخاذ القرار التربوي الجهوي  ضعيفا.

كما أن تمثيلية المرأة في المجلس جد محتشمة رغم أنها تمثل في الواقع التربوي ما يقارب  النصف، سواء فيما يخص نسبتها من مجموع الموارد البشرية (نسبة النساء) أو فيما يخص نسبتها من عدد الممدرسين (نسبة التلميذات).

و زيادة على ذلك، و استنادا لشهادات بعض أعضاء المجالس الإدارية للأكاديميات، فإن حضور الجهات المعينة في هذه المجالس هو حضور شكلي أكثر منه حضور فعال من أجل النهوض بالتربية و التكوين ،حيث أنها تتابع أشغال المجلس كملاحظ و من أجل المصادقة في نهاية جلسات المجالس على الميزانية.

فواقع الحال يؤكد على أن هناك خلل فعلي في تركيبة المجالس الإدارية للأكاديميات ، و يتجلى ذلك بالخصوص في إقصاء بعض الفاعلين من المشاركة في المجلس بحيث نجد أن أعضاء المجالس الإدارية  يناقشون و يقررون في قضايا التربية و التعليم بالجهة  في غياب ممثلينعن  المعنيين الحقيقيين بالشأن التربوي : التلاميذ، مديرو المؤسسات التعليمية ، النواب الإقليميون (الذين يحضرون المجالس الإدارية بصفة ملاحظ فقط…)

4 – اختلالات على مستوى طريقة و منهجية اشتغال المجالس:

انطلاقا من تصريحات بعض أعضاء  المجالس الإدارية للأكاديميات، فإن اشتغالها يتسم بضعف انخراط  مختلف فعاليات المشكلة لهذه المجالس ، حيث نسجل  ضعف أداء بعض اللجان التقنية المنبثقة عن المجالس و عدم استمرارية عملها طيلة السنة و اقتصارها على صياغة  تقارير يغلب عليها الطابع المطلبي، عوض المشاركة الفعالة في نقاش القضايا التربوية الحقيقية وبلورة الاقتراحات و إيجاد الحلول.

علاوة على ذلك، فإن  تدخلات الأعضاء المعينون منعدمة في الجمع العام حيث يمكن اعتبارها كائنات للتصويت فقط . فضلا عن ذلك، فإن أغلب القرارات تؤخذ بالإجماع، و عند التصويت تغلب أصوات الأعضاء المعينة مما يخلق عدم التوازن في صناعة القرار داخل هذه المجالس.

أما فيما يخص الأنظمة الداخلية للمجالس الإدارية، فإن أغلبها تحد من مدة مداخلات الأعضاء و تمنع المتدخلين من حق التعقيب، كما أنها تؤكد على مبدأ سرية المداولات داخل هذه المجالس ، مما يتعارض مع مبدأ الشفافية و حق الولوج إلى المعلومة المنصوص عليهما في الدستور الجديد للمملكة.

و تجدر الإشارة في الأخير، إلى أن المجالس الإدارية تعقد في زمن قياسي حيث لا تتجاوز المدة المخصصة الساعتين، كما أن التقارير المالية و الأدبية المقدمة تعرض في وقت وجيز حيث تتم مباشرة بعد ذلك المصادقة بالإجماع.

5- بعض الاقتراحات:

من أجل الارتقاء بعمل المجالس الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين و إغناء و إثراء هذه التجربة ، نقترح أن يرتكز تدبير الشأن التربوي الجهوي بالأساس على مبدأ الشفافية والمسؤولية و نهج  الحكامة الجيدة و ذلك من خلال:

– مراجعة المساطر و التشريعات المؤطرة لعملهذه المجالس و خصوصا القانون 00/07 وكذا النظام الداخلي للمجالس الإدارية حتى تتلاءم مع مقتضيات الدستور الجديد  ومع اٌٌلإصلاحات التي عرفتها بلادنا  مؤخرا.

– تحديد بكل دقة العلاقة بين مختلف مستويات اتخاذ القرار التربوي: مركزيا، جهويا، إقليميا و محليا.

– منح صلاحيات و اختصاصات أوسع للمجالس الإدارية و تفعيل الصلاحيات وممارسة الاختصاصات الغير المفعلة.

– الرفع من مستوى مشاركة الجهات الفاعلة  في المنظومة التربوية و تقوية مساهماتها عن طريق الإشراك الإيجابي ، بحيث تشكل مشاركتها نقط قوة تضيف للمجالس الإدارية قيمة مضافة، فضلا عن ضرورة إشراك كافة الجهات الفاعلة الغير الممثلة في المجالس الإدارية الحالية (التلاميذ، رؤساء المؤسسات التعليمية، النواب الإٌقليميون…). و توسيع مشاركة الفئات التعليمية الأخرى الممثلة في هذه المجالس (المفتشون، الإداريون، الأساتذة…)

– دراسة إمكانية اعتماد منهجية جديدة في طريق برمجة انعقاد المجالس الإدارية، فليس بالضرورة أن ينعقد المجلس الإداري بحضور السيد الوزير، الذي تخضع تواريخ انعقاد المجالس لأجندته، حيث يمكن تفويض الرئاسة لمسؤول مركزي أخر.

– تحديث و دعم القدرات التدبيرية لأعضاء المجالس الإدارية عن طريق تكوينهم في المجال المالي و الموازناتي،  ليتمكنوا من القيام بالمهام و الأدوار المنوطة بهم على أحسن وجه.

– ضرورة إعادة النظر في تركيبة و صيغ اشتغال المجالس الإدارية و دوراتها وطريقة تشكيل و عمل اللجان التقنية المحدثة.

– التنصيص على انتخاب جميع أعضاء المجالس الإدارية بما فيهم الأعضاء المعينون ممثلو القطاعات الحكومية الأخرى.

عبد الغفور العلام

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *