Home»Correspondants»هل بقمة جبل » ثامنارث » رفات عملاق؟

هل بقمة جبل » ثامنارث » رفات عملاق؟

0
Shares
PinterestGoogle+

هل بقمة جبل » ثامنارث » رفات عملاق؟
رمضان مصباح الإدريسي

تقديم :
أين تنتهي الأسطورة ,ومن أين تبدأ الحقيقة؟ وحده المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث يمكنه أن يجيب.
أما هو ,عملاق جبل ثامنارث فقد آوى- بعد حياة عملاقية غابرة ,بقمة الجبل -الى مدخل مغارته, ونام نومته الأبدية,طاويا كل أسراره ,داخل قبر طويل جدا ؛درست كل معالمه التي كانت,الى زمن قريب, ظاهرة للعيان.
من يكون هذا العملاق؟ هل كان فعلا بالطول الذي تتحدث عنه الذاكرة الزكراوية؟
حاول الاثنوغرافي الفرنسي أغست موليراس الإجابة,في مستهل القرن العشرين ؛وحاول المراقب الفرنسي ,بوجدة, المدعو »موسامبيس » الوصول إلى العملاق لكن دليله  فر ,من بين يديه ,رهبة, وتركه عالقا .
النداء موجه الى الأركيولوجيين المغاربة  عساهم ينطقون الجبل ,وساكنه العملاق…

لنتعرف على المكان:
إن جبل  » ثامنارث » ,وهي تعني في اللسان الأمازيغي القبر ,هو سلطان جبال الزكارة؛ وقد حدد القبطان  » فوانو » صاحب الدراسة التاريخية القيمة « وجدة والعمالة » علوه في( 1340م),وتأكد لي,فعلا, هذا الرقم ,من خلال خريطة فرنسية قديمة ؛ولعل هذا الجبل ,بعلوه ومكانته في المخيال المحلي,هوما يجيب على تساؤل صديقي أرييل بلانييكس- الباحث الفرنسي الحديث في انثروبولوجية  القبيلة- حينما استفسر عن جبل الزكارة,أين يوجد ضمن سلسلتها.
انه الجبل الذي يختزل ,لدى الجوار, كل جبال القبيلة.
يتراءى شامخا من بعيد ,على يسار المسافر الصاعد إلى مسفركي عبر طريق النعيمة. أما العابر لطريق فج  » تنزي » فيحاذي,حينما يصل المنطقة المسماة القباب, سفحه الجنوبي.
يكسو هذا السفح غطاء كثيف من نبات الحلفاء ,تتخلله أشجار عرعر قصيرة و متفرقة .أما السفح الشمالي فقد غرست عاليته ,منذ سنين معدودة, بأشجار الصنوبر ؛كتعويض للجبل على ما ضاع منه.
يستغرق الصعود إلى القمة ,من الجهة الشمالية الغربية , أكثر من ساعتين ؛ ليجد الصاعد نفسه فوق سطح منبسط وواسع,يكسوه غطاء غابوي متنوع ؛هو أعلى سطح جبلي في الجوار ؛ ومنه تتراءى ,بعيدا,وجدة  ؛مدينة الألف سنة..
في الجانب الغربي من هذه الحديقة الغابوية المعلقة,يوجد نتوء جبلي به مغارة واسعة المنفذ.
في بوابة هذه المغارة ,الماقبل تاريخية ,يتحدث الناس عن وجود قبر , كان إلى عهد قريب واضح المعالم ؛ حسب رواية أحد القناصين المسنين, لكنها الآن درس.
من هنا تسمية الجبل:  » أزرو نتامنارث »   :جبل القبر.
الملفت, حسب الرواية الشفوية, أن القبر به طول زائد  ,كثيرا,عن المألوف في القبور العادية؛ وهذا ما غذى مقولة كونه يضم رفات عملاق  كبير,من الزمن القديم.
ويقال بأن بأعلى المغارة ( حوالي 4 أمتار) كان يوجد وتد منغرس في الصخر ؛ سرعان ما استقر في المتخيل أن العملاق الدفين كان يعلق به غطاء رأسه,قبل أن يدلف الى الداخل. فتخيلوا القامة.
تتملك الواقف بباب المغارة ,وهي ضمن جبل يتربع على  ظهر جبل, الرهبة ؛وهذا ما يحدث لي كلما قادتني إليها جولات القنص؛ويبدو لي أنها نابعة من العلو الموحش ,والصمت المطبق,واستحضار كل الناس الذين سكنوها,عبر العصور؛ وما قد يكون دار بجوارها من قتال شرس, نظرا لموقعها العالي المهيمن ؛ثم  الرجل العملاق المتمدد في المخيال ,كما بباب المغارة..
يروي أوغست موليراس, عن مصادره الزكراوية بوهران, أن اسم الدفين هو( زوليض بن عوليض الرومي)و لا يزال صدى هذا الإسم موجودا,فعلا, في القبيلة الى اليوم.
ويروي أيضا أن آيث يزونط (بني يزونط) وهم زكراويون يسكنون السفح الشرقي
المعروف ب(حوزمر) يعتبرون الدفين جدهم الأول ,ولهذا ,في كل عام ,وقبل الشروع في الحرث ,يصعدون إلى القمة في زيارة احتفالية لسلفهم هذا.
إن هذا الدوار موجود ,وكلمة يزو بالأمازيغية تعني غرس ؛وهم فعلا مشهورون في القبيلة بهذا النشاط الفلاحي .أما الزيارة الاحتفالية فقد طواها النسيان.
أما موليراس فقد انساق – خدمة لأطروحته الاستعمارية المغرضة- الى ربط هذه التسمية بالبيزنطيين ؛معتبرا أن هذا السلف ,وخلفه, رومان بيزنطيون.
سبق لأحد اليزونطيين أن حكى ,قديما, لوالدي ( 90عاما) أن مدير الإدارة الأهلية  الاستعمارية بوجدة المدعو » موسامبيس »- وله بدوره دراسة عن المنطقة- طلب منه أن يرافقه إلى قمة جبل ثامنارث, ليريه المقبرة العجيبة ؛فأوهمه بداية أنه فاعل,لكن ما أن شرعا في صعود الجبل , والاقتراب من سكن العملاق حتى فر, لا يلوي على شيء؛ك »جلمود صخر قده السيل من عل ».
ما الذي أرعب هذا الزكراوي؛حتى فر وترك المراقب الفرنسي عالقا؟ هل يتعلق الأمر برواسب لا شعورية ,أم بخوف من عقاب القبيلة؟  أم فقط لكراهيته إزعاج جده,بهذا الفضولي ؟
أما موسامبيس فقد بقي عالقا ؛ثم استسلم بدوره لرهبة المكان, فطفق راجعا على عقبيه.
يبدو لي ألا أحد حاول ,من الأجانب والمغاربة, اكتشاف سر الجبل ودفينه ؛منذ حادثة الفرار هذه.
يقول  موليراس: ( يتميز بنو يزونط ,من بين كل الزكارة, بخصوصية شديدة الغرابة: في كل عام ,قبل بدء موسم الحرث ,يصعدون إلى قمة جبل ثامنارث ؛جبل عال يتوسط الزكارة.إنهم يحجون إلى قبر جدهم الأول الذي يوجد في القمة .حسب الوصف الذي قدم لنا عن قبر هذا السلف ,نعتقد أن الأمر يتعلق بأثر يعود إل ما قبل التاريخ؛ سرداب مغطى بصخور كبيرة مسطحة.)  : من كتابه عن الزكارة.
ويقول : « ان السلف المدفون في قمة الجبل يسمى زوليض بن عوليض الرومي ؛ وقد يكون إغريقيا أو رومانيا. » إن مغامرته السريعة,بهذا النسب,دون الالتفات إلى تخصص بني يزونط في الغرس (يزو=غرس) يخدم أطروحته الاستعمارية العامة عن القبيلة ؛وقد سفهها مجايلوه, من الاثنوغرافيين الفرنسيين الكبار ,قبل غيرهم.
مرحبا بالمعهد الوطني للآثار في جبل ثامنارث:
لقد سبق لجهة أثرية وطنية أن اشتغلت بموقع كنفودة؛ ووصلت إلى اكتشافات أركيولوجية مهمة ؛وجبل ثامنارث,هذا,  لا يبعد سوى بحوالي عشرين كلم عن هذا الموقع, وهو أشهر منه , ؛كما أنه  يرتبط بنفس السلسلة الجبلية .
أما إداريا فهو يقع ضمن نفوذ جماعتي مسفركي وسيدي بولنوار, التابعتين  لعمالة وجدة أنكاد.
وسيسعدني كثيرا ؛وقد ذكرت ما وقفت عليه عن سعي الفرنسيين ,منذ أزيد من قرن لاكتشاف سر القبر؛ وباعتباري باحثا في تاريخ القبيلة ,أن أرى أركيولوجيين مغاربة يدشنون حفريات  بهذا الموقع ؛من يدري فقد تجيب عن تساؤلات عديدة بخصوص تاريخ المنطقة والمغرب عموما.
وبنفس السلسلة الجبلية الزكراوية- الجهة الجنوبية الغربية- يوجد جبل اليهودي ؛ وبه مغارة كبيرة لا يستبعد أن تكون لها علاقة بمرحلة ما من تاريخ اليهود المغاربة .
موقع أركيولوجي آخر أسجله لدى المعهد الوطني.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *