Home»Jeunes talents»شرف النسب من شرف الأدب

شرف النسب من شرف الأدب

0
Shares
PinterestGoogle+

        فتن هدا العصر كثيرة و عواقبها وخيمة و أكبرها أن ينسى جيلنا أو يتناسى تراثه و أصله ليرتمي في أحضان الحضارة الغربية و اخطر ما في الأمر أن يصبح شبابنا الذي نعول عليه مشدود و منبهر أمام هده الثقافة الدخيلة فكريا و حسيا. فتراه يجري وراء أخر صيحات الموضة ويقلد الغرب في طريقة اللبس و عادات الأكل و النوم و المشي … بل حتى من ناحية الجانب الدراسي لا يتجه إلا لشعب العلمية و اللغات الأجنبية لتحقيق هدفه في اللحاق وركوب قطار التطور الغربي و الهروب من واقعه المتخلف حسب فهمه و مدركاته العقلية و الحسية و مبرراته التي هي من قبيل :
إننا في عصر خواتم المعرفة و أن الكلمة للعلوم التجريبية كالفلك و الطب و الصيدلة و الكيمياء و الميكانيك و الإعلاميات . وان إتقان اللغات الأجنبية ضرورة ملحة للتواصل مع الأخر . كما لخص عضو الأكاديمية الفرنسية مولينييه  » نعيش في عصر من خصائصه الأساسية سرعة النماء أو سرعة التقدم بمعنى تضخم الوسائل الموضوعة رهن إشارة الإنسان بسرعة . و أهمية تقدم القوى المنتجة و تقدم الاستهلاك و تقدم المعرفة و النماء بجميع أشكاله . »
أما اللغة العربية و الآداب و الفلسفة و العلوم اللسانية فقد أضحت حسب رأيه الخاص ما هي إلا شعب دراسية أكل عليها الدهر و شرب و لم يعد لها مكان في هدا العصر الذي أضحت فيه الكلمة لدرة و الإلكترون و الانترنت و اللغات الحية كالانجليزية و الفرنسية …
كلام جميل و كلام معقول كله حماس و تطلع لغد أفضل . ونحن كأمة عربية إسلامية لا نرفض التطور و لسنا ضد العلم في شئ بل على العكس من ذلك فقد كنا السباقين إليه مند زمن بعيد . ففي العصر الذي برز لدينا علماء أجلاء كجابر بن حيان و الفارابي و ابن سينا …وغيرهم . كانت أوروبا التي أبهرت شبابنا لا تزال تتخبط في سباتها العميق و إن لوم الأمة بالتخلف الحضاري الحاصل و الذي نعيشه اليوم لا يرجع إلى الإسلام أو الآداب واللغة العربية بل العيب الحقيقي فينا نحن الدين فرطنا في تراثنا و حضارتنا العريقة التي وصل صداها إلى الصين و الهند وبلاد فارس و إلى اغلب بقاع العالم . و أول ما فرطنا فيه لغة القرآن وبلاغته و بيانه بل حتى العلوم التجريبية العربية . لقد أهملنا تراثنا الزاخر الذي جذوره في الأرض و فروعه في السماء دلك الذي يخرج من أصل واحد هو الإسلام . فقد دعا الرسول الكريم المسلمين الى الحفاظ على اللغة العربية والتشبث بها والعض عليها بالنواجذ  اد  انها تشكل  شعلة الدين المنيرة  و اللبنة المتينة . و هده بعض النصوص التي تبين اهمية اللغة و الاداب في فهم الدين و العلوم الشرعية و مكنونات القرآن الكريم :
–   قال العباس للنبي صلى الله عليه و سلم فيم الجمال قال  » في اللسان  » .
–   و قال النبي صلى الله عليه وسلم  » إعطاء الشعراء من بر الوالدين  » .
–  وما رواه أبو بكر بن أبي شيبة :  حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن زيد قال :  كتب عمر إلى أبي موسى – رضي الله عنه : «أمَّا بعد :  فتفقَّهوا في السُّنة ، وتفقَّهوا في العربية وأعرِبوا القرآن فإنَّه عربي».
–  وفي حديث آخر عن عمر – رضي الله عنه – أنه قال: «تعلَّموا العربية فإنَّها من دينِكم ، وتعلَّموا الفرائض فإنَّها من دينِكم ».
إن تطورنا و تقدمنا الحقيقي المبني على أسس صلبة رهين بثقافتنا العربية الإسلامية التي تجمع بين الأدب و العلوم و تعتبرهما وجهان لعملة واحدة إذا أهمل احدهما فقدت قيمتها الأساسية ولم تعد صالحة . و قرآننا الكريم خير مثال على دلك اد انه جمع بين اعجازين أولهما لغوي وله الحظ الأوفر و إعجاز علمي لازال يحير العلماء و المفكرين الغربيين إلى يومنا هذا . مما جعلهم يترجمونه و يبحثون في مكنوناته .
لدلك وجب علينا أن نتشبث بهذين الحقلين و نكون أكثر صونا لهما معا و إلا أصبحنا عديمي الأصل و المنفعة . فقد صدق الأحنف اد قال :  » من لم يكن له علم ولا أدب لم يكن له حسب ولا نسب  » .
وهدا  السيد جان دوبروي من الضفة الأخرى يقول  » كانت اللغات في القديم تموت عندما يضمحل الشعب أو الأمة التي تتكلم بها . أما اليوم فإننا نعلم أن اللغات تزول لأسباب أخرى من جملتها حلول لغة أخرى في أفكار المتكلمين بها و ضمائرهم .  »
إن دلك من الأسباب و الدوافع التي جعلت الغرب اليوم يبدل مجهودات واسعة و جبارة و يصرف أموال طائلة  للحفاظ على اللغة و جعلها حية . و يضع في حسبانه أن إتقان لغتين أو أزيد يضاعف من إمكانيات و حضوض الحياة لكن الأمر الذي يحذر منه و يحتاط دائما أن لا يتم دلك على حساب اللغة الوطنية فينقطع عن الأصل ويفصل الحبل الرابط بين المجتمع و الحضارة الأم التي ستنطوي صفحاتها بسبب جيل كل مكنوناته مستوردة . ودلك يبدو اليوم جليا على شبابنا العربي المسلم الذي بدأ يستهين بلغتنا وآدابنا و أجحف في حقهما . دون أن يطلع على أخر كتاب من كتبنا .
انه معذور على أية حال لأنه لم يتعمق في دراسة اللغة و الآداب فلو فعل لاستنتج أن تخلف العرب في الفنون و العلوم كان نتيجة لقصور العربية و ضمورها في عصرنا الحالي وإلا  فكيف كانت تستوعب علوم الأولين على عهد الأمويين و العباسيين . إن سبب ما نعيشه من تأخر و إحباط عائد إلى تخلفنا عن اللغة و الآداب و رغم كل دلك الأمل لا زال  باق و إن خمود جدوى الحضارة الإسلامية و انطفاء نار اللغة العربية و آدابها لا يعني موتها بشكل قطعي . فرغم كل الظروف التي مرت بها عبر الأزمنة فلا زالت صامدة و إن بعث مجدها رهين بإحياء تراثنا المكنون داخل خزاناتنا و مكتباتنا التي تعج بآثار عباقرة العرب التي لم يقدر لها بعد الخروج إلى النور . و نفض الغبار عنها و لتكون نقطة انطلاق نحو المجد و الازدهار . و إن اكبر دليل على قيمتها الثمينة وما تختزنه من معرفة قول المفكر و الناقد الأدبي المعروف موريس نادو :  » إن الكلمات قد غيرت مجرى التاريخ . و ربما كان الكتاب و الفنانون أكثر الناس الدين اثروا على عصرهم . » وهدا اعتراف صارخ من علم في ميدان الفكر و الفلسفة بمكانة الإسلام و ثقافته بعد دراسة مطولة و بحث معمق على لسان جوته  » اذا كان هذا هو الاسلام افلا نكون مسلمين » .

                                                                         بقلم :   عزالدين قدوري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ابو سهيل
    26/01/2012 at 22:58

    صحيح انه مقال اكثر واكثر واكثر من رائع لغة صحيحة وموضوع جدي الى اقصى حد قد يستهين به الناس كما تفول لكن اضراره كبيرة . و اقوال من هنا وهناك .اخي الاستاد قدوري عزالدين انه موضوع مقال من يقراه ولو لمرة واحدة يستفيد يستفيد ولو بجزء ضئيل.وانا سانسخ هدا المقال و اضمه لمكتبتي الصغيرة .مزيدا من المقالات المماثلة او الاحسن فلا تغيب عنا .شكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *