Home»Régional»تلخيص مبسط لدروس الفلسفة الخاصة بالجذوع المشتركة(9)

تلخيص مبسط لدروس الفلسفة الخاصة بالجذوع المشتركة(9)

5
Shares
PinterestGoogle+
 

الفلسفة والعلم :

قد يوحي لنا هذا العنوان بعدة أسئلة, تكون في مجملها, الإشكالية الأساسية لهذا الموضوع . نذكر منها ما يلي: متى تصبح المعرفة فلسفة أو علما؟ و ما هي العلاقة بينهما؟ ماهي طبيعة كل منهما؟ هل يعتبر كل منهما شرطا ضروريا, وأساسيا لنشأة الآخر؟ وهل هناك اتصال أم انفصال بينهما؟
إن الاهتمام بالفلسفة والعلم ,قديم قدم الإنسانية ذاتها, فمن خلالهما حاول الإنسان فهم الطبيعة والسيطرة عليها, حتى يجلب لنفسه السعادة والرفاهية . إنهما صنفان من التفكير, يهدفان إلى الوصول إلى الحقيقة في صفائها, وإدراكها, بعيدا عن كل نزعة فردية, أو ذاتية.وإن كان لكل منهما طابعه الخاص,و مجاله الخاص, و أسلوبه ,وأدواته, ومنهجه, في معالجة القضايا التي تشغله, والبحث في الظواهر التي لا تثبت على حال, والموجودات الكونية, المتغيرة باستمرار . حتى يقف على القوانين التي تحكمها, والعلل الأولى التي تكمن وراءها, فيقدم بذلك أجوبة معرفية , يستطيع من خلالها ربط الماضي بالحاضر, وفهم المستقبل على أساس هذا الحاضر. وقد اختلف المفكرون حول مدى أسبقية كل منهما للوجود فهيدجر يقول :{… من اليقين أنه ما كان للعلوم أن توجد, لو لم تسبقها الفلسفة وتتقدم عليها .}بينما يرى ألتوسر خلاف ذلك إذ يقول :{ لكي تولد الفلسفة أو تتجدد نشأتها لابد من وجود علوم ,لربما كان هذا هو السبب, في أن الفلسفة بالمعنى الدقيق, لم تبدأ إلا مع أفلاطون .وقد أدى إلى ذلك وجود الرياضيات اليونانية .} (التوسر عن مجلة الجدل ص75) ويسانده في الرأي هيجل الذي يرى بأن الثورة العلمية تسبق دائما الثورة الفلسفية . فعلى حد تعبيره: (أن الفلسفة تظهر في المساء, بعد أن يكون العلم, الذي ولد في الفجر قد قطع زمن يوم طويل .) والحقيقة ,هناك علاقة تأثير وتأثر بين الفلسفة والعلم . فكلاهما يستمد تكوينه من الآخر . فالعلم يبدأ من حيث تنتهي الفلسفة ,والفلسفة تنشأ حين يتوقف العلم .إن العلوم وخاصة منها الرياضيات, تدرب العقل على استخدام التجريد والتعميم. وهي مفاهيم أساسية في الاستدلال والاستنباط والقياس, التي لا مفر للفيلسوف منها .ولذلك كان أفلاطون يحث على دراسة الرياضيات, باعتبارها عنصرا أساسيا في تكوين العقل والرقي به, ومن ثم كتب على باب أكاديميته : (لا يدخلها إلا من كان رياضيا .)
إن تعريف العلم, لا يقل صعوبة عن تعريف الفلسفة .وفي هذا المعنى يقول إدغارموران :{ إن السؤال ما العلم ليس له جواب علمي.} ومع ذلك يمكن أن نتجرأ, ونقول. أن العلم, هو ضرب من التفكير الوضعي, الموضوعي, الهادئ المنظم, الذي يقوم على رصد الظواهر واستقرائها, مع إخضاعها للتجربة والملاحظة الواقعية, قصد استخلاص القوانين التي تمكنه من التعميم.أما الفلسفة فهي نوع من التأمل النظري الخالص, الذي يبحث في القضايا الكلية الشاملة ,والمبادئ الكبرى, ويحمل في ذاته رؤى مختلفة, غالبا ما تنتج عنها مذاهب متعارضة ومتناقضة. لأنها تبحث فيما ينبغي أن يكون لا فيما هو كائن.
إن العلم يميل إلى تجزيء الواقع, وعزله عن الحياة العامة ,كما هو الشأن في المختبرات العلمية. قصد التعمق في المعرفة, والوصول إلى اليقين, والتخلص من الخلاف في موضوعاته.لأن الحقيقة العلمية ,هي كالأعداد الرياضية , لا يختلف عليها اثنان في المعمورة .فهو يتجه دائما نحو الانفصال عن الأشخاص ,وربط حقائقه بالملكية العامة . يلتزم بما هو كائن , ويتقيد بالظاهرة المدروسة ,خاضعا في كل ذلك لقواعد المنهج التجريبي, وللواقع الذي يصفه, ويلاحظه ملاحظة علمية .فيوحي له بالفرضيات التي تصبح قانونا صارما, بعد أن يؤكدها الاختبار, وتحققها التجربة.(فالفكر العلمي ينتقل من الواقع إلى الفكر, ومن الفكر إلى الواقع.) أما الفلسفة ,فمجالها الرؤى الشاملة الكلية ,وغايتها بناء المقولات و المسلمات,التي تحمل في طياتها السمات الإنسانية ,وتقبل التأويلات والخلافات النظرية . كما تفتح باب الجدل والمجادلة على مصرعيه محتضنة بذلك المذهبية والحزبية ,دون أن تدعي اليقين الذي نجده في العلم.وهي تفكير شمولي تهتم بمختلف الظواهر الكونية والإنسانية. قصد الكشف عن كنهها وغاياتها ,والتعبير عنها في نسق عقلي شامل .
إن العلم يبدأ من الواقع .أما الفلسفة فتنطلق من المعارف اليقينية, الثابتة علميا , لتنتهي إلى حل المشكلات الكبرى, التي تشغل الإنسانية جمعاء.وعلى هذا الأساس, يمكن أن نؤكد أن هناك اتصال,وعدم انفصال, بين الفلسفة والعلم.( فبدون الانطلاق من الواقع والتقيد به ,لا يكون هناك علم بهذا الواقع ,ومن غير الاعتماد على العلم, لن تكون هناك فلسفة.) إن العلم بمنهجه التجريبي الاستقرائي, يتكامل مع الفلسفة بمنهجها ألتأملي, العقلي, الاستنباطي فيساهم كل منهما في بناء الآخر . يقول ويل ديورانت الفيلسوف الأمريكي المعاصر:{ إن الفلسفة بغير علم عاجزة .إذ كيف تنمو الحكمة إلا على أساس المعرفة المكتسبة كسبا صحيحا , بالملاحظة الأمينة والبحث الصادق ,تسجلها وتوضحها عقول بعيدة عن الهوى؟ وبغير العلم تتدهور الفلسفة وتنحط, إذ تنعزل عن تيار النمو الإنساني ,وتقع أكثر فأكثر في سخافات المدرسية الكئيبة ,ولكن العلم بغير الفلسفة لا يصبح عاجزا فقط بل مخربا ومدمرا.} ( د. أحمد فؤاد الأهواني مكتبة الأنجلو المصرية القاهرة 1957)
إن العلم, كالفلسفة, نشاط فكري مرتبط بالإنسان, قد يستغل للهدم والتخريب, كما يستخدم للبناء والتشييد.فطغيان الإنسان وبعده عن الله وحبه للسيطرة, وتهافته على السلاح من أجل تحقيق النصر, وبوحي من أنانيته, يندفع إلى استغلال العلم استغلالا بشعا فيسخره ضد الإنسانية, من أجل مصلحة آنية أو منفعة مادية.كما تصبح الفلسفة مجرد إيديولوجيا أو ديماغوجيا , يدافع بها عن مصالح معينة ,ويبرر بها انتهازا ته المشينة , وتجاوزاته المقيتة .فمثلا باسم حقوق الإنسان والديموقراطية. دمرت أمريكا العراق, وأفغانستان, دون أن تراعي هذه الحقوق , وباسم محاربة أسلحة الدمار الشامل, تدمر أمريكا العالم بأسلحة الدمار الشامل تحت غطاء محاربة الإرهاب,ونشر الديموقراطية
.فكم من فلسفة في النار, وتدعو أصحابها إلى النار؟ ,وكم من علم يؤدي إلى الدمار والخراب ؟في غياب الوازع الأخلاقي والديني وحب الإنسان.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

11 Comments

  1. hassan
    10/04/2007 at 14:21

    meci d’abord et comment avoir les autres resume de 1 à 18 svp…bonne continueté…

  2. قدوري الحوسين / وجدة سيتي
    10/04/2007 at 14:25

    اخي حسن يمكنك الرجوع الى ارشيف وجدة سيتي وستجد كل الدروس السابقة ، ولك مني ازكى التحيات ، ووفقك الله

  3. salim kherbach
    12/04/2007 at 12:02

    mais je ne trouve les autres resumés des leçons qui reste veullez les marqué svp … merci!!!!!

  4. عمر
    15/04/2007 at 21:37

    المرجوا ان تنشر موضوع عن الفلسفة المعاصرة وشكرا

  5. hamza bennani
    16/04/2007 at 13:26

    شكرا جزيلا

  6. عمر حيمري
    16/04/2007 at 23:14

    السلام عليكم لقد سبق لي أن شرت موضوع الفلسفة المعاصرة تحت رقم 6 فارجع إليه وستجده في أرشيف وجدة سيتي أبقاها الله لنا

  7. aroi fillali
    18/04/2011 at 09:06

    merci pour cette résumé

  8. achraf
    11/02/2013 at 16:12

    شكرا جزيلا على هده المواضيع الرائعة

  9. oumaima
    17/02/2013 at 01:23

    mrc beucoup pour cette site et je souhaite que vous pouvez donner d autres résumé

  10. mimi
    23/10/2013 at 14:41

    السلام عليكم شكرا على جميع هذه المواضيع القيمة ,لكن لدي سؤال لم أجد له الجواب أرجوا أن تجيب عنه وهو :ماهي الأنماط الفكرية التي سبقت التفكير الفلسفي . عرف هذه الأنماط .؟؟؟ وشكرا^^

  11. MIMI
    23/10/2013 at 14:46

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته أشكرك أستاذناعمر حيمري على المجهوذات القيمة التي تبذلها.
    لدي سؤال واحد أرجوا أن تعيبني عنه و هو :ماهي الأنماط الفكرية التي سبقت التفكير الفلسفي . عرف هذه الأنماط ؟؟؟؟؟؟؟
    وشكرااااااا¨¨

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.