Home»Régional»كيف يجب أن يكون سلوك المسئول ؟؟؟

كيف يجب أن يكون سلوك المسئول ؟؟؟

1
Shares
PinterestGoogle+

المسئولية مفهوم تتداوله العديد من الثقافات من خلا ل وجهات نظر مختلفة تحكمها أسس ومنطلقات عقدية متباينة ؛ وفي ثقافتنا الإسلامية لا تعتبر المسئولية مجرد لعب أدوار في الحياة بدون محاسبة بل هي عبادة تعبدنا بها الخالق جلت قدرته ؛ وجعلنا بموجبها تحت رقابته لمساءلتنا في الآجل عن العاجل؛ وفي الأثر يصادفنا قول الرسول الأعظم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فهذا مفهوم المسئولية عندنا وهي ليست تشريفا يحظى به الخاصة كما يظن البعض بل هي تكليف يعني تحمل الخاصة من الأعباء والتبعات ما لا يستطيع تحمله العامة. ولفظة مسئولية مشتقة من السؤال ؛ والسؤال يعني وجود السائل وهذا الأخير لا يسأل لرفع جهل وإنما يسأل لإقامة حجة وبينة لأنه يملك سلطة الحساب والعقاب.
والمسئول إن كان في هذه الدنيا يتبوأ أعلى المراتب فهو في الآخرة يجتاز أصعب الامتحانات بقدر ما قلد من أمانة يسأل عنها ليحاسب أعسر حساب.
ولما كانت المسئولية تعني تقلد الأمانة بقدر ما تتطلبه هذه الأمانة من كفاية؛ فان أصحابها عندما تعظم يصيرون من النخبة وخاصة الخاصة من حيث السلوك والخلق.
ولقد تشدد السلف الصالح في خلق وسلوك المسئول من أعلى درجة إلى أدناها فسطروا له الحدود وأولها عدم تمكين الراغب في المسئولية منها لأنه لا يطلبها إلا راغب في مرضاة الله أو صاحب حاجة ومصلحة؛ وعليه يكون أول خلق المسئول الزهد في المسئولية ؛ وما سأل أحد المسئولية إلا فرط فيها ؛ ولا ألزم بها أحد إلا أعانه الله تعالى عليها. والمسئول بالضرورة متدين بما للكلمة من دلالة فلا تجد في دينه رقة؛ فمن ضيع الدين كان لغيره أشد تضييعا. ودين المسئول حسن الخلق ؛ فهو متواضع لله وبذلك يكون متواضعا لخلق الله ؛ فإذا ما ترفع المسئول عمن يتحمل مسئوليتهم ركبه غرور الاستعلاء والفوقية وكاد يؤله نفسه ويعطيها من الامتيازات ما لا يحق له.
ومما سطر السلف الصالح من خطوط حمراء للمسئول تجنب الشبهات في كل الأحوال ؛ لأن مجرد اقتراب المسئول من شبهة يعتبر جناية وتهمة نظرا لحجم مسئوليته وخطورتها ؛ ولهذا نادى النبي صلى الله عليه وسلم على صاحبيه أبي بكر وعمر في عتمة وهو مع إحدى زوجاته أمهات المؤمنين ليتعرفا عليها دفعا للشبهة وهو المعصوم المنزه عن التهم . والشبه كثيرة متعددة منها ما هو مادي؛ ومنها ما هو معنوي؛ فإذا جاز الربط بين شبهة ومسئول كان ذلك إدانة وتهمة. والمسئول لا يتقرب من أصحاب مال ولا من أصحاب جاه حتى لا يظن به الطمع فيما عندهم.
ويتحدث السلف عما سموه خوارم المروءة وهي سلوكات مستقبحة عند العامة بله الخاصة ؛ فمجرد الأكل والشرب في الأسواق والطرقات والأماكن العامة التي لا يجوز فيها أكل ولا شرب يعد منقصة ومثلبة تنال من سمعة الإنسان البسيط العادي فكيف بالإنسان المسئول ؟ والظهور في الناس بأحوال الخفاء لا تليق بمسئول فلا يلبس ما لا يناسب ؛ ولا يفوه بما لا يناسب ؛ ولا يأتي من الأعمال ما لا يناسب ؛ ولقد عدت القهقهة من عظيم منقصة؛ وقيل لعظيم كان يؤدب عبده :( لاتفسد أدبك بأدبه).
والمسئول صاحب شخصيتين: شخصية الإنسان؛ وشخصية المسئول؛ وهما شخصيتان بينهما علاقة جدلية فالمسئولية تعدل من الإنسانية وتقيدها بقيود؛ فما تبيحه الإنسانية تمنعه المسئولية. فقد يتألم المسئول كإنسان ولا تسمح له مسئوليته بالبكاء والشكوى لهذا كان أبو فراس الحمداني رحمه الله عصي الدمع مع وجود الشوق واللوعة. فقد يغضب المسئول كانسان ولكن لا تسمح له المسئولية بالقسوة ؛ وقد يرق المسئول كانسان ولا تسمح له المسئولية بالرقة واللين حيث لا تجوز الرقة واللين ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها ) قال هذا وهي قرة عينه.
ويروى أن أميرا بلغه ركوب وزيره ظهر حمار في الأسواق فسأله عن ذلك ؛ فأجابه : من تواضع لله رفعه ؛ فقال الأمير كلمة حق أريد بها باطل فأنت عندما ركبت الحمار لم تركبه بصفتك فلانا بل بصفتك وزيرا ؛ فاركب الخيل المسومة التي تليق بمسئوليتك في إمارة محترمة ؛ وإلا فاترك المسئولية واركب ما شئت بعد ذلك.
إن بعض المسئولين فينا يضعون أنفسهم موضع الشبهة حتى إذا ما تناولتهم الألسنة بالتجريح استاءوا لذلك؛ فالمسئول الذي يخرج على الناس بسيجارة في يده لا يستطيع أن يمنع الناس من التفكير فيما يصاحب السيجارة من أقداح خمر في العادة ؛ أو التفكير فيما يسود مجالس الشرب من فاحشة ورذيلة . ولو أنه نأى بنفسه عن المستقبح القليل لنزهه الناس عن المستقبح الكثير.
ومن الآفة أن تكون بطانة المسئول سيئة من المتملقين الوصوليين الذين يزينون له القبيح المستقبح لعلمهم برغبته فيه حرصا على مصالحهم الشخصية ؛ ومن المؤسف أن يتبرم المسئول من النصح من بطانة الخير الدالة على الخير الناصحة لوجه الله تعالى ؛ فيزول خيره بموجب قول الرسول الأعظم : ( لا خير في قوم لا يقبلون النصيحة ولا خير في قوم لا يتناصحون ).
وأكاد أقول ما قاله أحد الصالحين وما أحوجني إلى الصلاح :( لو علمت أن دعوتي مستجابة لادخرتها للمسئول لأن في صلاحه صلاح الناس ) وأنا أقول : ( لو علمت أن نصحي يجدي نفعا لادخرته للمسئول لنفس الغاية ) والمنتصح كيس لا يندم فهو يستشير ويشارك من استشاره عقله ؛ ومن فكر بعقل تؤازره العقول قلت عثراته وكثر توفيقه ؛وما التوفيق إلا من عند الله.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. ي/ بنضيف
    26/12/2006 at 19:29

    الاخ محمد من يقرأ لك يتأكد بانك من طينة اخرى غير ما نراه من اناس نعاشرهم يوميا. فما نلمسه في الواقع غير ما تؤمن به وتدعو له. والاعتبارات التي تراعى في اختيار الكثير من المسؤولين اعتبارات اقل ما يقال عنها انها اعتبارات متخلفة. فلا الامانة و لا القوة مرعية كما ينص على دلك القرآن في مواضع كثيرة.بل القبلية والانتماء الحزبي والزبونية و الرشوة …هي السائدة. وبدلك يقطع الطريق على الفئة الخيرة والقوية.
    لك التحيات الطيبات وما ضاع حق و راءه طالب. سلام./.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *