Home»National»الأحزاب في المغرب بين الارتجال السياسي وتغييب المرجعية

الأحزاب في المغرب بين الارتجال السياسي وتغييب المرجعية

0
Shares
PinterestGoogle+

الأحزاب في المغرب
بين الارتجال السياسي وتغييب المرجعية
إن السلوك السياسي للأحزاب في المغرب يبعث في العقول الخبل, وفي الفكر الخمل, وفي النفوس القرف, والنفور, والعزوف, واللامبالاة بالشأن السياسي.لأن كلما أمعنت, وتمعنت في مسوغات سلوكهم المرائي, وحاولت فك طلاسمه, إلا وانقلبت خائبا, حسيرا. لقد دنسوا السياسة, وجعلوا منها مرادفا للفساد, وحسبوا أن لن يفيض بنا الكيل, وأن كما نلوى سنعصر, فلبسوا فينا الزيف والدجل, وأبدلوا كما شاءوا ألوانا وأقنعة, إلى أن صرنا غير قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا.
إن سلوكهم لا يرقى ولا يرتقي للتمثيل السياسي لأنه وليد مرجعية بائدة, متهالكة, تجاوزت مدة صلاحيتها, فأصبحت تعج وتمج بالكيد والدس.
إن السلوك السياسي الوطني البناء هو الذي يستمد مصداقيته من مرجعية فكرية – ثقافية محددة المباديء, والأفكار, والمفاهيم, والمعايير لفهم وتفسير الأحداث, والممارسات, والمبادرات, وردود الأفعال ضمن إطار الوعي السياسي, الذي لا يمكن أن ينفصل عن المرجعية. لأنها وحدها تحقق الانتماء, وتعمقه, ليصبح السلوك السياسي يوحي بالقوة والفاعلية, ليشمل كافة مجالات الصراع, عبر الاعتماد على خيارات منهجية لقراءة الظاهرات الجديدة, لإعادة إنتاج سلوك سياسي وطني متطور.
إن مرجعية الأحزاب في المغرب هي غول الفتنة لا تبث إلا الآراء المتعثرة والمتضاربة, ولا تفرز إلا العبث السياسي الغث, المتراوح بين كثرة الاجترار, والثرثرة القميئة, وبين مفاهيم مندسة بين ثنايا انفلات التاريخ. لتواري عجزها وعدم قدرتها على تدبر شؤون الشعب, لبناء حاضره, وضمان مستقبله, وتجاوز أبعاد النكسات التي هزت تصور المواطن المغربي لواقعه, وللعلاقات التي تربطه بالآخر. لقد فشلت الأحزاب في المغرب في إيجاد مرجعية فكرية – ثقافية تتناسب مع الثورات الفكرية والثقافية العالمية, التي هزت العديد من المفاهيم والثوابت. فبدا سلوكهم متناقضا مع طموحات المواطنين, وبعيدا كل البعد عما يحدث حولهم, لأنها وليد الارتجال, والاملاءات الاستعلائية, والقهرية. وهذا ما جعل المغرب هشا غير قادر على الصمود أمام الاستعداء, والتحدي. لأن الأمن الشامل الفكري/ الثقافي اغتالته الأحزاب عن طريق إضعاف قدرات رجال الفكر والثقافة, وتهميشهم, وجعلهم سدنة لأطروحتهم السديمية. ونسوا وتناسوا بأن التحولات المرجعية هي المتحكمة في أي تغيير سياسي. فالمرجعية أصبحت مرادفا لشرعية الوجود. فالصراع الحالي هو صراع مرجعيات, ولقد عجزت الأحزاب في المغرب عن إيجاد موقع لها داخل المرجعيات الفكرية – الثقافية لأنها منشدة إلى جوهر المولد الأساسي (الحركة الوطنية ) وترسخ فكرة العودة إلى الأساس الذي يضفي على السلوك شرعية سياسية.
إن أزمة غياب مرجعية فكرية- ثقافية أدى بالأحزاب في المغرب إلى انعدام القدرة على استخلاص الجوهر أو العمق المحوري الرابط بين السلوك السياسي والواقع المغربي بكل خلفياته, وتجلياته. وهذا ما يفسر غياب البرامج السياسية المبنية على الوعي السياسي, الذي يعتبر القوة المحصنة للسلوك السياسي.
إن كافة فرقاء التيارات الفكرية يتفقون على أن المرجعية هي أبرز إشكالية تشغلهم في رحلة إثبات الذات.بينما الأحزاب في المغرب لا يشغلها إلا إثبات النفوذ, وتثبيت الكراسي, ووثوب الأرصدة.


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. مرجيء امره الى الله
    16/09/2006 at 17:09

    (الأحزاب في المغرب ) كما ورد في مقالتك.انها أحزاب في الحقيقة لا تستحق الاضافة لهذا الوطن, لننعتها (بالمغربية ) , لأنها أساءت له أكثر مما يطيق. فاللهم ارفع عن مقتك وغضبك .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *