Home»Correspondants»المغرب والجزائر و حدود العلاقة !!

المغرب والجزائر و حدود العلاقة !!

2
Shares
PinterestGoogle+

لقد أثار موقف الجزائر الأخير من قضية أقاليمنـا الجنوبية الكثير من الشك و الريبة في سلوك السلطات الجزائرية الحاكمة اتجاه المغرب ، وحول الدّاعي إلى مثل ذلك السلوك ؛ وما ترمي إليه السلطات الجزائرية من خلال هذا الشرود المتكرر و هذا الخروج عن النص غير المقبول؟ كما أعادت الحديث عن العلاقات المغربية الجزائرية وحدودها وآفاقها الممكنة ، وما مدى حظوظ تطويرها وتمتينها، أو على الأقل استمرارها ولو في أدنى مستوياتها.. وهذا ما يبرر ما ذهب إليه العديد من المراقبين و المهتمين بالشأن المغاربي من أن العلاقات المغربية الجزائرية تحكمها مجموعة من المعيقات والمُحدّدات ، التي لا يزال لها بالغ الأثر في تحديد معالم العلاقة ، ولا يمكن الحديث عن مستقبل مأمول لهذه العلاقة دون التعاطي معها بقدر كبير من العقلانية و الواقعية ..ويمكن اختصارا تحديد هذه المعيقات/المحددات في النقط التالية:
1-    المعيق النفسي المتولد عن السنوات الطويلة من الحرب الباردة وأحيانا السّاخنة ،المفعمة بالدسائس و المكائد ، وخاصة من أطراف – من الجهتين- لم يكن في مصلحتها تصفية الأجواء بين البلدين.
ورغم ما يبدو أنه ليس هناك مشكل على المستوى الشعبي ،غير أن الواقع ينبأ مع كامل الأسف إلى أن هناك فئات عريضة من المغاربة  تولّد لديها شعور بالتقزز و القرف من الجار الذي لا تأتي منه إلا المشاكل والمُنغِّصات،الشيء الذي يبرر الدعوات الشعبية المتزايدة للإبقاء على الحدود مغلقة ،في اتجاه معاكس للتوجه الحكومي، وربما للتوجه المخزني أيضا، الذي لازال لم يمل من دعواته إلى فتح الحدود التي لم تجد آذانا صاغية في الطرف المقابل .

2-    المعيق السياسي ، و المتمثل أساسا في الصراع الظاهر و الخفي داخل الساحة السياسية الجزائرية على الخصوص بين طرفين يقف أحدهما على النقيض من الآخر: بين عسكر من فلول الحرس القديم، يتخذون من الرئيس بوتفليقة ومن يدور في فلك المؤسسة العسكرية واجهتهم السياسية ،باعتبارهم هم الحكام الفعليون للجزائر؛ وبين طرف مدني يسعى إلى وضع الأسس السليمة لدولة مدنية يسود فيها القانون،دولة تؤسس أمنها عبر نسج علاقات جيدة بجيرانها ،مبنية على التعاون و »حسن الجوار » بما تحمله الكلمة من معنى،وتعبر عن التوجه الغالب لدى الشعب. ولا نحتاج هنا للتذكير بما لِلُوبيات العسكر وفلول الانقلابيين من نظام « هواري بومدين  » من مواقف جد عدائية اتجاه المغرب سلطة وشعبا،والتي لا تدّخر جهدا ولو على حساب شعبها في التشويش على المغرب في كل المجالات،ناهيك عن منازعته في وحدته الترابية . في مقابل هؤلاء،نجد طرفا مدنيا من أحزاب سياسية عديدة عبرت عن مواقفها الجريئة فيما يخص ملف الصحراء وأبدت استعدادها لحلحلة المشاكل العالقة بين البلدين بشكل عقلاني،يراعي المصالح الحيوية للشعبين الشقيقين، بل أكثر من ذلك ،نجد البعض منها يعلن بكل وضوح وبكل جرأة عن  موقفه من الصحراء ، وأحقية المغرب في السيادة عليها ، وفي مقدمتها حزب  » الجبهة الإسلامية للإنقاذ »  وحزب » جبهة القوى الاشتراكية  » وحزب « التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية » و »

حزب العمال الاشتراكي »وغيرها من التنظيمات الإسلامية كحزب « جبهة التغيير » بزعامة عبد المجيد مناصرة المنشق عن حركة « حمس » وقد كان آخرها ما من أحد أقطاب النظام القدامى، الذي دعا الدولة الجزائرية إلى تصحيح موقفها من قضية وحدة المغرب، وعلى الخصوص حينما أثار المغرب بالأمم المتحدة قضية استقلال منطقة القبائل وشعبها .. وهذه الأحزاب كلها تتوفر على حظوظ كبيرة في الوصول إلى الحكم في الجزائر إن توفرت لدى السلطات الحاكمة ـ طبعا ـ  الإرادة الحقيقية في إجراء انتخابات حرة و نزيهة ،تترك للشعب حرية الاختيار بكل شفافية وتجرد،وهذا ما يقلق العسكر و من يدور في فـلكم من الببغاوات ،الذين يرون في ذلك تهديدا ليس لمصالحهم  فحسب، وإنما تهددا لوجودهم أيضا .

3-    مشكل الصحراء :حيث يحاول الساسة من المغاربة والجزائريين إيهام الشعبين معا ، والادعاء بإمكانية قيام علاقات جيدة و طبيعية بين المغرب و الجزائر دون التوصل الى حل متفق عليه ،فهو الآن – حسب ادعائهم- بين يدي الأمم المتحدة ، والزمن كفيل بحلحلته ، ليصبح مع التقادم شيئا من الماضي.. وادعاء حكام الجزائر ـ أيضا ـ أن المشكل لا يعنيهم سوى من باب حق الشعوب في تقريرها، وواجب الالتزام بهذا المبدأ.. والحال أن هذا الادعاء هو « حق يراد به باطل » .. وإلاّ فما قول هؤلاء في حق « شعب الطوارق » و »أمازيغ التل الجزائري » في تقرير مصيرهم وإنشاء كياناتهم المستقلة؟؟
لكن ،لابد أن نقول وبكل صراحة: إن مشكل الصحراء شكل و يشكل  عائقا رئيسا في التقارب الحقيقي بين المغرب و الجزائر، كما شكل المعيق الأول ، في عملية إرساء أسس البناء المغاربي ،الذي تعطّـل أو عُطّل لأسباب كثيرة ،كان من أهمها هذا المشكل.. وما لم يجد مشكل الصحراء طريقه إلى الحل ،فلن تكون هناك أية إمكانية للتقارب والتعاون الطبيعي بين الدولتين، كيفما كان لون الساسة أو القادة في كلا البلدين .نعم، يجب أن نقول هذا بكل وضوح وبكل شجاعة ،بعيدا عن البرتوكولات الدبلوماسية ، وما تقتضيه من مُداهنة ونفاق سياسي ،وغيرهـا من ديبلوماسية البرقيات والتهنئــات والجنائــز .
ولذلك.. فكل ما نراه من تصرفات استفزازية من طرف السلطات الجزائرية، لن يتوقف في المستقبل المنظور، لأنه يدخل في عمق فلسفة الحكم والمعتقد السياسي لحكام قصر المُورادية ، الذين يعملون دائما على اختلاق التهديد الخارجي، الذي يمكن التذرع به لتحويل اهتمام الرأي العام الداخلي وصرف أنظاره عن الاستحقاقات المشروعة والطبيعية للشعب الجزائري، ومن تثم إلهــاؤه بمعارك وهمية مع الجيران ،معارك لن يَجني منها الشعب الجزائري سوى المزيد من الفقر و المعاناة..
ومن ثمة نخلص إلى نتيجة صارخة، نقولها بكل أسف وحسرة، وهي  أن النظام الجزائري الحالي يقوم على خلق عداوات خارجية وداخلية متجددة على الدوام، يستمدّ منها مبررات لكل سلوكاته السياسية، ولكل الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية التي تمر منها البلاد. وبالتالي، فإن انتفاء هذه المبررات ، يعتبر  بمثابة إعلان رسمي عن نهاية منظومة الحكم ككل، فبقاء حكام العسكر بالجزائر رهين ببقاء التهديد الخارجي الموهوم .. » إنها عقلية الحرب الباردة البائدة ».
وعليه ،فمهما ادّعى حكام الجزائر استعدادهم لتحسين العلاقات بالمغرب ،فـهم كاذبون ، لأنهــم سيجدون دائمـا ، ما يمكن أن يشوشوا به على هذه العلاقات وتعكير صفوها ،لأن حدود العلاقة بين المغرب و الجزائر مرسومة قِبـلا ،ولا يمكن لأي كان من رؤساء الجزائر تجاوزها، وإلا سيكون مصيره كمصير المرحوم « محمد بوضياف » أو « الشاذلي بنجديد » . كما أن هذا الوضع لن يتغير ما لم تشهد الجزائر تغييرا حقيقيا في النخبة السياسية الحاكمة، وما لم ينتزع الشعب سلطته من قبضة العسكر المتفردين  بالحكم ،والمتحكمين في كل دواليب الحياة بالجزائر منذ ما يزيد عن أربعة عقود .
المهدي محمد – المغرب
22/12/2015

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *