Home»Correspondants»احتجاجات الطلبة في الطب والتعليم: نضال حتى من دون انتظار استقرار الحال‎

احتجاجات الطلبة في الطب والتعليم: نضال حتى من دون انتظار استقرار الحال‎

0
Shares
PinterestGoogle+

فيما يشبه نصف انتصار على قرارات اعتبرت جائرة في حقهم ،عاد الأسبوع الماضي طلبة الطب المضربين إلى مدرجاتهم بكليات الطب ، بعد قرار مشترك لوزارتي الصحة والتعليم العالي . قرار استصدر على عجل يقضي بإلغاء مرسوم الخدمة الإجبارية.  الطلبة لهم حق فيما يترافعون بشأنه ، وهم من أجل ذلك مهددون بسنة بيضاء. لكن عليهم مؤاخذات تتأكد بإصرار حينما يضمنون مواقعهم في سلك الوظيفة بعد التخرج من المعاهد الجامعية ، ويكون رفض العمل بالمناطق غير الحضرية  هو أول ما ينطقون به كمطلب يفرضون تلبيته ، وذلك في تكريس واضح لإنعدام أي حس تضامني، كما يستشعر في  قطاعات أخرى كالتعليم والداخلية.
وتزامنا مع هذا الحدث شكلت مقاطعة الطلبة الأساتذة للتكوين برسم السنة التكوينية الجارية جبهة أخرى من جبهات الرفض للمشاريع التقشفية المفروضة على قطاعات بعينها . ففي خطوة غيرمسبوقة ،وغير محسوبة العواقب كذلك، عمدت الوزارة إلى إصدار مرسومين يتعلق أحدهما بفصل التكوين عن التوظيف ، والآخر يقضي بتقليص المنحة إلى النصف ، وهما إجراءان كافيان لإثارة غضب الطلبة وبسط مظلوميتهم أمام الرأي العام في احتجاجات ستعرف أوجها بشوارع الرباط في بحر الأسبوع الجاري. . الطلبة الأساتذة يرون أن في تقليص مبلغ المنحة ، على تواضعه بالنسبة لبعض القطاعات التي خلقت وفي فمها ملعقة من ذهب، انتقاص من جدارتهم في التمتع بمنحة محترمة ، وتبخيس لكفاءتهم بفرض اجتياز مباراة للتوظيف بعد التخرج . هذه المتاريس والعراقيل لم تخلق ،في نظر المتتبعين ، من أجل الإصطفاء البريء الذي غايته تمييز وتمحيص « بروفايل » الأستاذ الذي سيكون. بل هاجسه هو الإستجابة لقانون التقشف والإنحناء أمام إملاءات  البنك الدولي.
على امتداد رقعة الوطن شلت إذن الحركة في حوالي 22 مركزا للتكوين، ولم يعد الأمر ليقبل التجاهل الذي واجهت به  الجهات المعنية بالقطاع احتجاجات رجال التعليم العاملين على امتداد السنين الماضية. هذه الحركات والإضرابات أثبتت للأسف أنها أوهن من أن تحرك عزيمة الوزارة لأن تقوم بأدنى ما يتوجب القيام به لحفظ ماء وجه الشغيلة التعليمية. وأن ليس لها أسنان لتعض بها ،ناهيك عن مخالب تتشبث بها في حزمة مطالب أساسية بسيطة ومشروعة. ما دفع رئيس الحكومة إلى التبجح بما حسبه إنجازا عظيما تجلى في خفوت الحركات الإحتجاجية عندما قال قولته الشهيرة :  » واش باقي شي معلم يدير الإضراب؟ » هذا في حقيقته المؤسفة تصريح استفزازي، يعبر عن استصغار واستهانة بمطالب شريحة واسعة من الموظفين أثبتت جميع الشرائع جدارتهم في كل المجتمعات. وهو تصريح يصب الزيت على النار أكثر ما يطمئن المستمعين إليه.  السيد رئيس الحكومة مشغول بالتوازنات الكبرى في أركان الحكم وبالتوافقات المرة مع أنداد يناصبونه العداء ولا يلتفت إلى قضايا المجتمع إلا لماما، لذا فله مبرراته في إطلاق هذا التصريح لإستمالة المخاطبين المحبطين والمتحمسين على السواء لإعطاء عربون على إنجازاته، كما قد سبق في مداخلة فارطة أن أصدر حكما في حق المدرسين والمفتشين بعدم انخراطهم في جهود الإصلاح ، الأمر الذي لا يجب أن يحصل إلا بعد نتائج دراسة ميدانية بعيدة عن الإنطباعات.
إنه ومهما بلغ الإنسان من اتزان وهدوء فلا يمكن إلا أن ينزعج من هذه التصريحات المستفزة لضمائر أناس متفانين في العمل، يطالهم الإحباط جراء تعميم أحكام معيارية لا تستند إلى معطيات واقعية ومحينة. كما أن موظفي الدولة في جميع القطاعات هم أساس وجودها وضامنو ديناميتها المجتمعية، لذا لا يمكن أن نجد ميررا يدفع إلى تحقير شأنهم ووصفهم كالبعوض، فهم يشغلون وظائف ينظمها القانون ويتعهدهم المجتمع بالقبول والإحترام . صحيح أنهم يمتصون جزءا غير يسير من ميزانية الدولة ،لكن هذا أمر نستوي فيه مع جميع الأمم ولسنا استثناء، فالحرص الشديد على التوازنات المالية على حساب نظيرتها الإجتماعية ،أو بالأحرى الخضوع المطلق لسياسة التقشف المقيتة سينتهي إلى تضييق سبل عيشنا. والحقيقة أنه لفرط شد الحزام سينتهي بنا الأمر لأن نكون على شكل نملة.
ما يمك أن نخلص إليه  بعد هذه « المناوشات الطلابية » هو أن المقبلين على الوظائف في القادم من الأيام لا يرغبون في رهن مصيرهم ومستقبلهم المهني لمزاجية مفرطة تنكد عليهم طموحاتهم ،البسيطة في الغالب. إنهم في آخر المطاف لن يفقدوا شيئا ما داموا لم يلجوا بعد الوظيفة بامتيازاتها وإغراءاتها المادية والمعنوية. وهذه هي نقطة قوتهم في الواقع. لكن يبقى الأجراء ،لسوء حظهم، حبيسي التزاماتهم المهنية وحرصهم على الرتبة والدرهم، فيما تمرر عليهم المشاريع البائدة والخطط الزائفة الصادرة من المكاتب المخملية دون أن يكون لهم الحق في انتقادها . فأقصى ما يمكن أن يذهبون إليه هو تنظيم إضرابات منظمة وانتظامية وفي الغالب فاقدة للعفوية فتكون سببا أخر في إدانتهم.

محمد اقباش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *