Home»Correspondants»مِن عفا الله.. إلى مِن أين لك؟ !

مِن عفا الله.. إلى مِن أين لك؟ !

0
Shares
PinterestGoogle+

مِن عفا الله.. إلى مِن أين لك؟  !

بقلم د. محمد بالدوان

bouddiouan76@gmail.com

لم يتوقع كثير من المراقبين بعد الإعلان التاريخي(عفا الله عما سلف) وصول بنكيران يوما إلى إثارة السؤال التاريخي: من أين لك هذا؟

كواحد من هؤلاء المراقبين، توقعت النجاح لشعار « عفا الله »، غير أني لم أتوقع أن يَفيد منه المغرب أزيد من 2800 مليار سنتيم. نعم قرأت هذا الشعار برؤية مغايرة، واستحضرت فيها توجه نظرية التدرج المؤطرة لفكر بنكيران، لكني لم أحلم أن يصل الأخير إلى مساءلة المغاربة عن مصدر الثروة بهذه السرعة.

أعلن بنكيران داخل هيآت حزبه بصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية عن سؤال من أين لك هذا؟ موجها خطابا مباشرا وواضحا لبعض قادة الأحزاب التاريخية العريقة والمُعَاصِرة الوافدة.  وتلا ذلك مسائلة فريقه النيابي(جلسة 2 فبراير 2015) وزير الداخلية عن الثراء الفاحش لبعض رؤساء الجماعات، ثم بدأت تتناقل الصحف اليومية الالكترونية والورقية أنباء عن فتح تحقيقات جديدة باشراف وزارة الداخلية عن ثروات بعض الموظفون المنتمين لوزارة الداخلية وسلك القضاء ومديرية الأمن.

سبق هذه التطورات مسائلة المجلس الأعلى رؤساء جماعات ومسؤولي مؤسسات عمومية في شق التدبير المالي ولا زالت تراوح مكانها بعد إحالتها من قبل وزارة العدل إلى القضاء.

غير أن تصريحات رئيس الحكومة وتحقيقات وزارة الداخلية تؤذن بدخول الحياة السياسية المغربية تطورات نوعية في ملف محاربة الفساد والثراء غير المشروع.

إن اتخاذ قرار من هذا الحجم  يتجاوز إرادة بنكيران السياسية وأغلبيته الحكومية، إن مثل هذا القرار الخطير لا يمكن أن تتحمل تبعاته غير الدولة.

توالت الخطابات الملكية منذ صيف 2014 ، وأكدت على ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفصّلت الحديث عن الوطنية الصادقة والاعتزاز بالمغربية، ثم تَوّجت كل ما سبق بتهديد واضح لاقتصاد الريع وبتساؤل تاريخي: أين الثروة؟ !

يبدو جليا أن المغرب كان بصدد إطلاق مسلسل البحث عن الثروة منذ الخطابات الملكية المشار إليها أعلاه والتي نعتها في مقالة بـ »متتالية إلى الأمام ». هو بحث عن الثروة يرتكز على  محورين: بحث عن موارد طبيعية جديدة(النفط) وإرساء حكامة جيدة تنأى بها وبالموارد التقليدية عن أيادي أباطرة اقتصاد الريع، وبحث عن موارد خرجت من الوطن خلسة أو تراكمت في أياد معلومة بامتداد سنين الغفلة. 

ما فَتِئت الخُطب الملكية تذكر هدف إدراك الدول الصاعدة، وبديهي ألا يصل بلد إلى مصافها وهو يعيش عبثا في إدارة الثروة؛ الأداة الأساس لرفع هذا التحدي. كما أن الإسراع إلى معالجة معضلة الثروة توزيعا وافتحاصا إعلان عن القطع مع أشكال وأشخاص استمراء الثروة خارج القانون، وضمان لعدم رجوعها إلى ميادين النهب والثراء غير المشروع.

بدأت أستوعب، مستحضرا السياق السياسي الحالي، بعض مرامي الحملة التي استهدفت بنكيران منذ توليه رئاسة الأغلبية الحكومية الحالية، والمساعي الجادة لإنهاء تجربته قبل الأوان، ومراقبة عدّاد الزمن بصارمة وانتظام انتظارا لنهايتها وصبرها يدنو من النفاد.

لكن ما وقع لم يكن في الحسبان، ولم تقدر دفعه أعتى وأدهى العفاريت المناهضة لربيع الحرية والديمقراطية في المغرب المعاصر، وما كان يقدر على درئه أو طمسه في الغابرين هامان أو »أبو نهب »[1]، « وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ « (القصص/6).

تأملت سياسات بنكيران مليا، ولعل من تابع ما كتبت عن الرجل يذكر مقالتي « نهاية بنكيران »، واسمحوا لي بإعادة ما قلته ولو أني أشاطركم استثقال إعادة الكلام، قلت ما نصه: » ما سبق لن يجعل من بنكيران أسطورة مغرب القرن 21م، لكنه ينبئ بقدرته على تخطي الصعاب وتحقيق الإصلاحات، والعود من بعيد إلى مراتب الصدارة. أحقا ما يجري يبشر بنهاية بنكيران أم ينذر ببداية بنكيران؟ ! 

كنت متفائلا وتوقعت لمساره النجاح، لكني، بصدق، لم أتوقع أن يأتي ذلك بهذه السرعة ! 


[1] أستأذن الفنان أحمد السنوسي في استعمال تسميته الإبداعية، وأقدم له الشكر. 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *