Home»Correspondants»2015: الحلم بانتفاضة قوية للرياضة الوطنية !

2015: الحلم بانتفاضة قوية للرياضة الوطنية !

0
Shares
PinterestGoogle+

في كل بقاع العالم، عندما ينطلق العد العكسي لنهاية سنة ميلادية، تبادر عديد وسائل الإعلام بشتى أنواعها، إلى التحضير لتخليد أبرز أحداث السنة، بتخصيص جوائز رمزية وتنظيم سهرات راقصة لفائدة أبرز النجوم الرياضية والفنية وأحسن الأعمال الإبداعية في مختلف المجالات… ما يساهم في خلق مناخ بهيج لاستقبال سنة أخرى، تفسح المجال للتنافس الشريف صوب المزيد من التألق والابتكار.
وفي نفس الإطار، تعمل حكومات البلدان الديمقراطية على تقييم حصيلة السنة المنقضية، من أجل تحصين المكتسبات، تصحيح الأخطاء، تجاوز الاختلالات وتحديد الأولويات، للنهوض بمستوى عيش ورفاهية المواطن، الذي يسارع إلى الاحتفال بالعام الجديد، ليقينه التام بأنه سيجلب له المزيد من الحظ. بيد أنه في بلداننا المتخلفة، ونتيجة فشل السياسات العمومية للحكومات المتعاقبة، في تحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية والبيئية، صار المواطن الواعي غير متحمس للمناسبة، ولا يستهويه الحلم بالأشياء الجميلة وتوقع الأفضل، مادام أن الأعوام فقدت معانيها ولم تعد تشكل في مخيلته سوى محددات زمنية، تضاعف آلامه وأحزانه، في ظل استمرار إسناد المسؤوليات لغير مستحقيها، غياب الحكامة الجيدة واستشراء الفساد… ونظرا للإفلات من العقاب، تلاحق الانتكاسات، وشيوع الإحباط، أمسى أكثر تشاؤما وتوجسا مما يخفيه المستقبل من فضائح وكوارث طبيعية…
وبناء على ما شهدته في أواخر العام 2014 بعض الأقاليم من فيضانات، وما عرفته العاصمة الإدارية من هزة رياضية، كان العامل المشترك بينها هو تساقط أمطار الخير بغزارة وتنامي مظاهر الغش، الشبح الرهيب الساكن في أعماق المناط بهم مسؤولية إدارة شؤوننا العامة، والذي أظهر لكل ذي عينين سليمتين مدى استهتارهم بالمسؤوليات وحقوق الإنسان، علاوة على هشاشة البنيات التحتية، وما ترتب عنها من خسائر مادية جسيمة، جسدها انهيار بيوت وقناطر منها حتى حديثة الإنجاز، غياب وسائل التدخل السريع والإنقاذ، ما أفضى إلى إصابة وفقدان عشرات المواطنين وغرق ما لا يقل عن 34 شخصا، وزاد الألم عمقا نقل جثث الضحايا في شاحنات خاصة بالنفايات. وفي الوقت الذي مازال المغاربة يلملمون جراحهم، دوت في السماء فضيحة من العيار الثقيل، تمثلت في تحول ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، الذي صرف على إعادة تأهيله من مال الشعب 22 مليار سنتيم، إلى بحيرة مائية إبان بطولة كأس العالم للأندية البطلة في كرة القدم، المنظمة للسنة الثانية على التوالي ببلادنا، سيما بعد تدخل عمال الصيانة لتجفيف المياه بوسائل بدائية: « كراطات »، « بونجات »، وسطول، أمام كاميرات وقنوات تلفزيونية عالمية، ما أساء إلى صورة البلاد وأضر بكرامة العباد…
وبدل اعترافه بورطته واعتذاره لمنتقدي سلوكه، ممن اتهمهم بالطابور الخامس وأعداء الوطن، استمر وزير الشباب والرياضة السيد: محمد أوزين كعادته، متماديا في غروره ومحاولا التبرؤ من فضيحته، سيما بعدما أعلن رئيس الحكومة السيد بنكيران على رؤوس الأشهاد، بأن الحادث لا يرقى إلى مستوى الكارثة الوطنية، في محاولة مكشوفة للتستر أيضا عن فاجعة فيضانات الجنوب الشرقي. فكان أن عرفت مدرجات ملعب مراكش غضبا عارما، في مباراة نصف النهائي بين فريقي ريال مدريد الإسباني وأزول كروز المكسيكي يوم: 16 دجنبر 2014، حيث طالبت الجماهير بإسقاط الفساد ورحيل الوزير. وفي تطور سريع، ارتأت الحكمة الملكية التجاوب مع الشعب والانتصار لإرادته، بإعطاء تعليمات صارمة يوم: 19 دجنبر 2014 لرئيس الحكومة، بتجميد مهام الوزير المرتبطة بالموندياليتو وإبعاده عن حضور المقابلة النهائية يوم: 20 دجنبر 2014، وفتح تحقيق مدقق وشامل، رغم ثبوت مسؤوليته السياسية منذ الوهلة الأولى، واتضاح ما يطال الصفقات العمومية من تلاعبات…
وبما أن الرياضة ظاهرة اجتماعية وإنسانية وثقافية هامة، تشكل حاجة بدنية ونفسية، تساعد الإنسان في مراحل نموه الجسدي والعقلي، فضلا عن أنها عنصر أساسي للتربية والتكوين، ووسيلة مثلى للترفيه وتلقين المهارات الفردية والجماعية، ولا تقل أهمية عن باقي الأنشطة الثقافية ومختلف الفنون. وأن كرة القدم أو الساحرة المستديرة بشكل خاص، تتربع على قلوب الجماهير الرياضية، لما لها من شهرة وشعبية، تجذب إلى الملاعب مئات الآلاف من المتفرجين، وتحظى برامج القنوات التلفزيونية الرياضية بمتابعة ملايين المشاهدين. فإن الواجب الوطني، وانطلاقا من الفضيحة النكراء التي كشفتها الصدفة، يقتضي خلخلة الوضع القائم، وضمان انتفاضة قوية لرياضتنا الوطنية مع بداية السنة الميلادية 2015 …
نحن لسنا ساديين ولا من هواة انفجار الفضائح، لنتلذذ برؤية المسؤولين في حيرة من أمرهم، يتسارعون بدون اتجاه للخروج من مآزقهم، محاولين إخماد النيران بأفواههم، والقيام بإصلاحات ترقيعية لا تصمد كثيرا أمام أعاصير الحقيقة، التي لا أحد بمقدوره التكهن بمواعد هبوبها. لكننا مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، ونأبى أن تسلم الجرة ثانية بعد الإشارة الملكية القوية. فالحالة المزرية للقطاع الرياضي وغيره من القطاعات، تدعو ذوي الضمائر الحية إلى الانخراط الفعلي في عملية التغيير الجاد، بعيدا عن المزايدات السياسوية والوعود الحالمة.
وفي هذا الإطار، يجدر بنا استحضار الرسالة الملكية السامية، الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة، المنعقدة في الصخيرات بتاريخ: 24 شوال 1429 الموافق ل: 24 أكتوبر 2008، والتي دعت إلى تجنب الدوران في الحلقة المفرغة، والعمل على رفع التحديات وتجاوز ما تتخبط فيه رياضتنا من ارتجال وتدهور، وإلحاحها على تعزيز آليات المراقبة والافتحاص والمحاسبة، كأنجع وسائل التصدي لمخالفي القانون ووضع حد للتعتيم السائد، تحاشي التبذير وسوء التدبير ومختلف الانحرافات… وبدا اهتمام عاهل البلاد واسعا بتطوير الرياضة، وإيمانه راسخا بدورها في بناء مجتمع ديمقراطي حداثي، باعتبارها مدرسة حقيقية للحياة والمواطنة والغيرة الوطنية، ورافعة أساسية للإشعاع الجهوي والدولي… فهل أخذ رئيس الحكومة على عاتقه، وهو القادم للحكم على صهوة محاربة الفساد، بالتوجيهات الملكية، وأعطى تعليماته لوزيره الذي اقترف من الأخطاء ما يضيق المجال بسردها، باعتماد « المعقول » في الارتقاء بالقطاع والاستجابة لآمال وأحلام الجماهير الشعبية ؟
فالفرصة اليوم مواتية أمام رئيس الحكومة لنقد ذاتي هادئ، وتدارك الموقف باستعمال صلاحياته الدستورية، وبات الرهان كبيرا على بديل مقتدر لوزيره أوزين، الذي اختلت في عهده موازين قطاع الرياضة، وتلاشت مصداقيته مع ظهور الفضيحة الأخيرة. وعاد الشك ليساور الكثيرين في طلبه تأجيل نهائيات كأس أمم إفريقيا، التي كان مقررا تنظيمها بالمغرب مع مطلع سنة 2015، معتبرين ادعاءه الخوف على صحة المواطنين من تفشي وباء « إيبولا » مجرد ذريعة للتنصل من المسؤولية. ويلزمنا التعجيل بإنقاذ المنظومة الرياضية، التي ما عاد واقعها المنخور وتدهور حالة ملاعبها يبعثان على الاطمئنان. فمستوى منتخباتنا الكروية في تقهقر متواصل، أضاعت معه طريقها إلى بطولتي كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم، ولم تعد مشاركة « أبطالنا » في البطولات الدولية لألعاب القوى، تجلب للوطن عدا العار وفضائح التعاطي للمنشطات…
اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. bouchra
    28/06/2015 at 02:38

    merci beaucoup pour ce belle cite

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *