Home»International»إرهابي رغما عنك

إرهابي رغما عنك

0
Shares
PinterestGoogle+

                                        إرهابي رغما عنك                                                       محمد أرغم 

   عبر الاشتقاق المتعدد لمقولة ديكارت الشهيرة: »أنا أفكر إذن أنا موجود »؛ يمكن قولبة فكرة وهي، في حقيقة الأمر، تنتمي إلى عائلة المقولة السابقة، أو عائلة الفقريات واللافقاريات…بالنسب والحسب…فمنذ فجر التاريخ، والإنسان: الإفريقي، العربي، المسلم، الأمازيغي،…؛ يُنظر إليه من قبل « العالم » على أنه أصل البلاء والشرور. فالعالم الإسلامي، بمن فيه ومن عليه، حاول أن يقدم نفسه صاحب رسالة، وصاحب حضارة، لكن الطرف الآخر يظل يأبى عليه ذلك، حتى صوره على أنه: المتخلف، الهمجي، المتوحش، المجرم، المتعطش للدماء، عدو الحضارة،…، فهل يستحق كل هذه الأوصاف؟ أم أن الاحتكاك مع العالم الآخر جعل منه وحشا كاسرا؟ فإلى أي حد يمكن اعتباره عدوا للحضارة؟ وتكرارا للسؤال الذي صاغه غيري من قبل: »ما ذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ فأية رسالة يريد هذا « الإنسان » إيصالها إلى العالم أجمع؟ فما فحوى الرسالة؟.

  من خلال هذه الأسئلة وكثير غيرها تصب في نفس الخانة، يمكن صياغة وبناء مقاربة تحليلية تبين عكس كل التوصيفات القدحية التي لازمت « المؤمن » منذ أن أسلم وجهه لرب العالمين…فتاريخ البشرية لم يعد فقط، كما يدعي البعض، حافل بالحروب والانحرافات الشديدة، بل ظل على الدوام وعاء يحوي كل الخير والانجازات العظيمة. عظمة الإنسان تكمن في عظمة منجزاته، رغم كل ما يمكن أن يقال في هذا المضمار، فمن يقرأ التاريخ بعيون بصيرة، يرى أن كل المنزلقات الواقعة عبر المسار الطويل لهذا التاريخ، كان دافعها الأول: الأنانية، العداوة، الانتقام، التوسع،…؛ فحيثما اتصف الإنسان بهذه الأوصاف الذميمة، يظل يطغى على كل من هو: دونه، جاره، منافسه، خصمه،…؛ فكيف يتصور « عالم » تؤثثه كل هذه النعرات…؟ وإذا سلمنا سلفا بالمنطلق: »أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء… » نكون أمام معادلة طرفيها: العدل/الظلم، الحق/ الباطل، الخير/الشر،..؛ يستحيل، في ظل تجاور هذه الأضداد أن يخلو تاريخ من الصراعات والتدافع…؛ والصراع الطبقي بدوره قد شكل معظم لبنات التاريخ الطويل…، لا أحد يمكنه إنكار ذلك. فالبناء والهدم هي الصيرورة الدائمة والشاقة كما هو شأن جدلية: »الموت والحياة ».

    فالعالم بشقيه: »العلوي » / »السفلي »، المتحضر/ المتخلف؛ لا يغدو دائما في تناغم وانسجام، فالإنسان في حركية دائمة، يسعى لتحقيق ذاته، رغم الحدود وجغرافيتها المعقدة، حدود القارات، حدود الدول، حدود الأقاليم، حدود…؛ فهي لا تحد من طموح الإنسان كي يعبرها، يتخطاها، يتجاوزها،..، لا حائل يحول دون تحقيق هذا التعارف، التعاون. وبما أن الإنسان مجبول على كل هذا، فهو يسترخص حياته في سبيل تحقيق السعادة…يجري ورائها رغم العواصف والقواصم…وما الهجرات الكبرى التي عرفتها الإنسانية إلا خير دليل على هذا « الماراطون » الطويل، حيث فيه ومن خلاله يتم الاحتكاك؛ احتكاك يبتغي من ورائه « المتخلف »الاستفادة من حضارة الغير، يُهاجر عساه يجد في أرض الله الواسعة »مُراغماً كثيراً وسَعَةً »؛ حين يتمكن من « الاستقرار » على أرض الغير، يسعى لضبط هويته على إيقاع الحضارة الجديدة، ليفصَحَ لغيره أنه، هو الآخر، ليس مقطوعا من شجرة، بل له حضارة، ربما، هي الأعرق من حضارات أخرى، يحاول التأقلم مع نمط العيش الجديد، يبذل كل ما في وسعه لفهم الآخر، يقترب منه/إليه…كل هذه المساعي علها تشفع له، لكي يقتنعَ الطرفُ الآخرٌ بأن هذا الوافد الجديد لا يحمل « شرا مطلقا »، بل إنه مجرد إنسان يمشي على الأرض ليحقق بعضا من طموحاته الكثيرة. طموحات قد تصطدم والآراء المسبقة لصاحب »البلد الأمين » عن هذا المخلوق « الحامل لفيروس الثقافة المغايرة »؛ في خضم هذه « النظرة » و »النظرة المضادة »، تتولد شكوك وحزازات، تتغذى مع الأيام، وفوق سخونة واقع تعمل- فيه- أيادي خفية لإذكاء روح العداوات؛ فالجميع يعلم ما « لبعض » وسائل الإعلام من دور في وصف « المهاجر/المسلم »بأوصاف لا تمت بصلة لا بسلوك هذا الأخير ولا بأعماله، إعلام « تفرغ »- في حقيقة الأمر- لصب الزيت على النار. هذا التشبيك لمن شأنه أن يفتح أبواب جحيم الصراعات…هذا يلمز هذا، ذاك يقذف ذاك،…من هنا تنطلق الشرارة، ليصبح: صاحب « اللحية »، صاحب الجلباب، صاحب العمامة،…، إرهابيا حتى ولو عاش بين أظهرهم حياة القديسين العظماء…من يبرئ ذمة هذا « المهاجر/المسلم » من كل هذه الاتهامات؛ حتى أنه وأثناء ممارسة شعائره الدينية، تقوم جهات مجهولة للتشويش عليه وعلى غيره واتهامهم جميعا بالتآمر ضد « البلد الأمين »…كم هي إذن عدد المحاولات التي قام/ويقوم بها الخصم لبصم ووشم جبين « المهاجر » »بشارة الإرهاب »…حينما يضحي في عيد الأضحى بالكبش، تقوم جمعيات « محسوبة » على جمعيات الرفق بالحيوانات لتندد « بالمجازر الجماعية ». نفس الجمعيات تتفرج، ومنذ قرون على طقوس تؤديها فرق الموت وعلى عشب الملاعب الكبرى، وفوق أرض الحرية وحقوق الحيوانات، حيث يُعذب فيها « الثور » وهو يُمطر بوابل من »الرماح » على ظهره، بينما « الحيوان المسكين » يحاول الهرب أو القضاء على قاتله الذي يوهمه وهو يحمل بيده اليسرى خرقة حمراء ومن الحجم الكبير، وفي يده اليمنى الرمح الحاد يغرسه بتلذذ في ظهر الحيوان الذي ينزف وينز دما أمام مرأى ومسمع الجميع… !!  فالتعلم جمعيات حقوق الحيوانات أنه ثبت علميا أن الذبح هي الطريقة المثلى التي لا يحس بها الحيوان بالعذاب والألم… !!! هل تريد هذه الجمعيات وغيرها أن نكون مثل « الثور » نُرمى بالرماح ليتفرج علينا العالم كله لكي تسقط عنا تهمة الإرهاب؟ أظن أن التهمة سوف لن تسقط عنا أبداً ما دمنا متمسكين بديننا…دين التسامح، دين الإخاء، دين المحبة،…فرضاء الغير عنا يقتضي الانسلاخ عن هذا الدين !!!

                                                                                               Argham.m@hotmail.fr

        

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *