Home»Enseignement»التوجيه السليم في التعليم القويم

التوجيه السليم في التعليم القويم

0
Shares
PinterestGoogle+

رشيد بلمقدم
إن التوجيه التربوي في البلدان التي تحترم متعلميها هو عمل نوعي يؤثث المشهد التربوي، وهو نبراس يضيء الطريق للتلاميذ وأوليائهم من أجل ضمان مستقبل واعد يسعد البلاد والعباد.
والذي يتكلم عن التوجيه التربوي ويحمله ما لا يطيق بمعزل عن تصور شامل للمنظومة التربوية، سيسقط لا محالة في ما سقط فيه بعض المتطفلين على  علوم الدين الذين عوض أن يخوضوا في خطورة العصيان، راحوا يبحثون عن طبيعة الشجرة التي أكل منها آدم؛ هل هي شجرة التفاح أم شجرة التين الهندي؟ وبذلك يكونون قد استبلدوا الناس واستهبلوهم واستحمروهم. وهكذا ينتعش و يعشش الفكر التضليلي.
إن الذين يشنون هجماتهم الشرسة على أطر التوجيه التربوي لم يكلفوا أنفسهم عناء طرح السؤال التالي: هل منظومتنا التعليمية بخير؟ ولعل المتتبع للشأن التعليمي يمكنه أن يلاحظ أن ثمة لقاءات بين الوزارة وهيئة التفتيش من أجل الإصلاح، وصفها البعض بالشكلية والبهلوانية.
ومنذ الإعلان عن وقف العمل ببيداغوجيا الإدماج لازال الأساتذة يعيشون ارتباكا في غياب بيداغوجيا تربوية واضحة تعينهم على أداء مهامهم، ولازال مستوى التلاميذ يعرف تدنيا ملحوظا، إذ إن نسبة كبيرة منهم نتائجها دون المعدل، وقد تنتقل من قسم لآخر بمعدل كارثي وصل أحيانا إلى 0.50 من 10، كما أن التقويم التربوي يعرف اختلالات كبيرة؛ منها تضخيم النقط، واللجوء إلى الساعات الإضافية. أما التسيير الإداري والمالي للمؤسسات فحدث ولا حرج خاصة على مستوى ضعف التكوين. فأين هي مسؤولية التوجيه التربوي عن كل هذا؟
إذا كانت الحكومات المتعاقبة على الحكم مند فجر الاستقلال رفعت شعار التوحيد والمغربة والتعميم والتعريب، وصولا إلى الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وكذا المخطط الاستعجالي، فإن الحكومة الحالية ومنذ تشكيلها ظهر عليها ارتباك واضح من خلال غياب تصور شامل لمنظومة التعليم، بل أكثر من هذا وقع لها في قطاع التعليم ما وقع للفنان محمد فيتح لما سئل عن مطلع إحدى أغنياته ماذا تقصد بــ »أوما لولو » أجاب: »تم بكيت أنا ». وهذا الارتباك الواضح وعدم الانسجام أديا إلى تلويح أحد الأحزاب بالانسحاب من الحكومة، وقد صوت مجلسه الوطني مؤخرا على هذا القرار.
كانت تطلعات وانتظارات أطر التوجيه التربوي من الوزارة الوصية كما نص على ذلك المخطط الاستعجالي كما يلي:
– إخراج الوكالة الوطنية للتقويم والتوجيه إلى حيز الوجود.
– إنشاء بوابة وطنية تكون بمثابة مصدر رسمي للمعلومة.
– تفعيل التوجيه النشيط.
– الرفع من أعداد أطر التوجيه التربوي بعد إخضاعهم لتكوين متين بمركز التوجيه والتخطيط التربوي.
– الرفع من الطاقة الاستيعابية للمدارس والمعاهد العليا، والتي تمثل نسبة 8 في المائة من الحاصلين على الباكالوريا، في حين تصل هذه النسبة بفرنسا التي نحن مولعون بتقليدها إلى 40 في المائة.
– تفعيل المراكز الجهوية والإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه.
– إنعاش سوق الشغل الراكد. ويمكن الإشارة هنا إلى أن أكثر من 20000 طالب يحصلون على الإجازة سنويا، في حين أن مناصب الشغل المعلن عنها لا تتجاوز في أحسن الأحوال 8000 منصب.
وعوض أن تتعاطى الوزارة الوصية مع هذه الأمور بالجدية اللازمة، فاجأتنا بمرسوم نشر بالجريدة الرسمية يقضي بتعيين أساتذة الثانوي بسلكيه الإعدادي والتأهيلي، والحاملين للماستر كمستشارين في التخطيط والتوجيه التربوي بعد اجتياز مباراة شفوية دونما اعتبار للتكوين الذي يتطلبه مجال التوجيه والتخطيط التربوي. وبذلك تكون الوزارة قد وأدت معلمة من معالم التربية ببلادنا المتمثلة في مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط، الذي يعد المركز الوحيد بإفريقيا، وله تاريخ يمتد إلى أكثر من 40 سنة، وتخرج منه العديد من الأطر الذين تقلدوا مناصب مهمة داخل الوزارة؛ فأثبتوا جدارتهم في الميدان. وحاليا هناك كثير من أطر التوجيه والتخطيط التربوي يشغلون مناصب عليا مثل مدير أكاديمية ونائب إقليمي ورئيس قسم.
إن كل غيور مدعو لاستنكار ما ستقدم عليه الوزارة من إجراءات غير محسوبة النتائج في حق معالمنا التربوية، وعلى رأسها مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط. وإننا كأطر التوجيه والتخطيط التربوي نشجب بقوة ونرفض تصفية الحسابات السياسوية الضيقة التي سيذهب ضحيتها هذه المرة المركز المذكور الذي يعد مفخرة لبلادنا، لا لشيء سوى لتظهر الحكومة الملتحية ذات التوجه الإسلامي مفلسة في الميدان التعليمي.
إن أطر التوجيه والتخطيط التربوي يرفضون أن يساقوا إلى المذبحة ظلما وعدوانا، وفي ظل وضع تعليمي متردي على كل المستويات. ولعل شذى الألحان لن يموت، إذ في موته تتقطر أحلى العطور.
في الأخير، نتمنى أن تستفيق هذه الحكومة وتعمل على تحقيق ما يلي:
– رد الاعتبار والهبة لمركز التوجيه والتخطيط التربوي ليبقى مفخرة لبلادنا.
– تثبيت دولة الحق والقانون التي من شأنها محاسبة المسؤولين عن أي فشل تعرفه مختلف القطاعات في البلاد.
– وضع عمليات الاصلاح بيد ذوي الاختصاصات وإشراك جميع الفاعلين في ذلك.
أعتقد أنه بدون معالجة حقيقية للمشاكل والاختلالات التي تعرفها البلاد في شتى القطاعات والمجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وفي غياب مشروع مجتمع سنظل نترقب في كل لحظة وحين الاصلاح الحقيقي. وسيظل هذا الاصلاح في منأى عنا ما دمنا لم نضع أيدينا على الجرح الذي يدمي القلوب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

6 Comments

  1. brahim
    21/05/2013 at 20:09

    تحية للاستاذ رشيد بلمقدم ولكل الاساتذة وأطرالتوجيه .يبدو انك فتحت باب النقاش الجدي لفهم أزمة التعليم و ايجاد الحلول الصحيحة لها.و هذا خير رد على بعض هواة الكتابة ممن يعلقون إخفاقات التعليم ببلادنا على الاستاذ أو الموجه.و شكرا

  2. عزيز
    21/05/2013 at 20:59

    تحليل متميز أخي رشيد

  3. أستاذة
    21/05/2013 at 21:54

    كلام منطقي ومقاربة موضوعية شمولية وازنة. مشكور على هذا المجهود المبذول في إضاءة ركن من اركان المنظومة التربوية الذي لاقي من التجاهل والتهميش ما لاقى.
    تحياتي

  4. حسن
    22/05/2013 at 00:38

    أصبت الأخ رشيد في ملامسة مكامن الخلل. التوجيه التربوي بنية تشتغل على تجويد المنتوج وهو في هذه الحالة التلميذ(ة) ومواكبته حتى يصل إلى أقصى ما يستطيع وحل صعوباته على الطريق. هذا في منظومة تربوية يفترض فيها الاشتغال على الفرد، على الإنسان، وتحترم فيه تفرده وإنسانيته. لكن للأسف الشديد، منظومتنا التربوية لمتتخلص بعد من إعاقاتها المتعددة وأمراضها المزمنة، وهي كالسيدة العليلة التي زارت جميع الأطباء الاختصاصيين ، والذين ألفوا فيها جميع الأمراض وبشكل متقدم ، كل حسب اختصاصه. وعوض اتباع الوصفة والاستشفاء للمدة اللازمة، ترمي كل الأدوية الموصوفة وتلجأ للعطار. كما قال الشاعر:(ذهبت إلى العطار تبغي شبابها _وهل العطار يصلح ما أفسد الدهر).
    كيف يمكن لمنظومة هذه حالها أن تهتم بالفرد،بالإنسان،وبالخدمات المقدمة له وهي لا تحترم كل هذا. هي كما العجوز تعمل جاهدة لتسكين آلامها ولو بالدجل، وإلا كيف نسمي تحايلها على كل مرتاديها، من تلاميذ، وأساتذة، وإداريين وأطر التوجيه والتخطيط. الله يداوي الحال ديال هذه البلاد المنهكة بدجل هؤلاء « المسؤولين » تحياتي أخي رشيد

  5. فاعل تربوي
    22/05/2013 at 00:45

    تحية تربوية طيبة للأخ رشيد بلمقدم
    مقال تحليلي مهم يستجمع عناصر المقاربة الشمولية لواقع التوجيه في المنظومة المغربية
    وهدا و لاشك ماينقص مجموعة من المهتمين بالشأن التربوي
    فإشكالية التعليم في المغرب إشكالية معقدة تتقاطع فيها التربوي المحض مع الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي و الثقافي
    فإن ألغينا إحدى الأبعاد فغالبا ما تكون مقاربتنا تجزيئية و غير مستحضرة للأبعاد الأخرى
    في نظري على الوزارة الوصية عقد مناظرات وطنية و جهوية مع رجال و نساء التعليم من أجل اتخاد مبادرات ملموسة من قبيل
    1-
    توسيع و تجديد العرض التربوي بنايات تجهيزات و موارد بشرية خاصة في العالم القروي
    2-
    تتشجيع المستثمرين و المقاولين الشباب لخلق الثروة الإقتصادية
    لإعطاء الأمل للأجيال القادمة

  6. مصطفى
    22/05/2013 at 20:26

    ها قد جئت بالمحلل الذي يقنع و لا يصرخ يا السي قدوري؟ لقد كنت أنفر من ولوج وجدة سيتي حين كان يكتب بها بعض المهرجين الذين لا يميزون بين الكتابة الرزينة و بين لعب الدراري أما الآن قفد بدات معالم الطريق الصحيح تلوح في أفق وجدة سيتي
    حذار من العودة إلى الوراء

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *