Home»International»شبهات حول تعدد الأزواج

شبهات حول تعدد الأزواج

1
Shares
PinterestGoogle+

شبهات حول تعدد الأزواج :

منذ أن ظهر الإسلام ديناً ارتضاه الله تعالى للبشرية في كل زمان ومكان وأعداؤه يتربصون به الدوائر ، ويتلمسون كل الطرق ليبعدوا المسلمين عن دينهم بتشويه مبادئه بالنقد اللاذع ، والتنديد الرخيص ، الكاشف عن حقدهم وكيدهم للإسلام .  فجندوا جنودهم و اختاروا المواقع و أحكموا الخطة، وكان موقع الأسرة أعظم المواقع، و كانت الخطة هي إثارة الشبهات حول قضايا الأسرة في مجال الحقوق و الحريات ليوهمونا بأن ما تعرفه الأسرة في تشريعاتنا هو من آثار البداوة التي لا تتناسب مع الحضارة و الرقي و التمدن. و المطالبة بفتح باب الاجتهاد في مسائل يرى المهاجمون أن الزمن قد تعداها.

تكاثر الحديث في هذه الأيام عن حقوق المرأة وحريتها حيث يحاول العلمانيون تشويه صورة المرأة في الإسلام ‏وإظهارها وكأنها مسلوبة الحقوق مكسورة الجناح ، دون الرجل في الحقوق تقوم العلاقة ‏بينهما على الظلم والاستبداد لا على السكن والمودة، الأمر الذي يستدعي من وجهة نظرهم قراءة الدين قراءة جديدة ‏تقوم على مراعاة الحقوق التي أعطتها الاتفاقيات الدولية للمرأة ومحاولة تعديل مفهوم النصوص الشرعية الثابتة كي تتوافق ‏مع هذه الاتفاقيات إن الأسرة المسلمة لم تواجه عبر التاريخ هجوماً شرساً مثل ما تواجهه اليوم من كيد ومؤامرات لتحطيمها وتفكيكها عبر وسائل الإعلام المختلفة ، وكذلك الاتفاقيات الدولية ، والمراكز والمعاهد والمدارس الأجنبية التي تهدف إلى تغيير البناء الاجتماعي للأسرة المسلمة ، باعتبارها الحصن الباقي، أو البقية الاجتماعية الباقية، بعد أن انتهت الأسرة في الحضارات الأخرى وانتشر الفساد الأخلاقي ، وإثارة الشهوات ، وفتح باب الانحراف تحت مسميات ولافتات خادعة ظاهرها الرحمة والمصلحة وباطنها العذاب والمفسدة . وقد انبرى علماء الإسلام منذ القدم إلى الرد على هؤلاء بردود لا تزال تصلح لهذا اليوم لأنها ما تغيرت وما جاءت بجديد ، ‏ولقد ردَّ العلماء على كل من سوَّلت له نفسه التهجم على الدين عبر الدعوة إلى إعادة النظر في تشريعه المستمد من الكتاب ‏والسنة ، وفي ظل هذا الكيد والتآمر كان لابد من كشف الحقيقة وفضح بعض فصول هذه المؤامرة عبر هذا المقال.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ما فتئ أعداء الإسلام يشنون الحملات الظالمة على الدين الإسلامي وشريعته الغراء ، في صور من النقد اللاذع ، والتنديد الرخيص ، الكاشف عن حقدهم وكيدهم للإسلام . فمن ذلك تشنيعهم على الإسلام بإباحته تعدد الزوجات ،باعتبارها ممارسة تعسفية، تشبع غرائز الرجل وتعرض المرأة للظلم ، فحق التعدد يحاكم بسلوك ممارسيه من منطلق أن الرجل مستغل وأنالمرأة ضحية. وقد ردّد أعلام العلمانية و الحركات النسوية في بلداننا هذه المزاعم الباطلة دون تمحيص أو تحقيق.يقول الشيخ محمود شلتوت  » تعدد الزوجات إحدى المسائل التي كان لصوت الغرب المتعصب و دعايته المسمومة أثر في توجيه الأفكار إلى نقدها حتى حاول فريق من أبناء المسلمين في فترات متعاقبة – و لا يزالون يحاولون – وضع تشريع لها يقيد من إطلاقها بما لم يقيده الله بها « 1وقد ذهب بعض قادة الغرب بعيداً في حملة النقد ، فقد اعتبر اللورد  » كرومر » المعتمد البريطاني في مصر :  » أنّ السبب في تأخّر المسلمين هو تعدّد الزوجات « 2ثم إن عداء القضاء الفرنسي لتعدد الزوجات حاضر أيضا لدى القضاء الإداري ، و في هذا الإطار فقد قرر المجلس الدستوري الفرنسي في قرار صادر عنه يوم 13 غشت 1993″ إن شروط حياة عائلية عادية هي التي تسري في فرنسا بلد الاستقبال، و التي تنبذ التعدد »بينما ذهبت المحكمة الإدارية ب « نانت »  في حكم لها صادر بتاريخ 23 ماي 1990م إلى  » أن الأجنبي المتعدد الزوجات يعتبر غير مندمج في المجتمع الفرنسي و بالتالي لا يحق له الاستفادة من الجنسية الفرنسية »3

و لعل من أهم النتائج المترتبة عن رفض الدولة الفرنسية الاعتراف بالزواج التعددي » حرمان الزوجة الثانية من الحق في التجمع العائلي ، لكن هل يستطيع القضاء الفرنسي إنصافها في النفقة و التعويض و الاعتراف بالنسب لأبنائها ما دام أنه قد كرّم الخليلة  و صان

 

 

 

1-      الإسلام عقيدة و شريعة – ص 178- محمود شلتوت- دار الشروق-القاهرة-  ط 17 -1997م

2-      تنظيم الأسرة وتنظيم النسل – ص 11 – مرجع سابق

3-      وضعية الأسرة المغربية في ضوء تطورات ضوابط الإسناد – ص123- موحى ولحسن ميموني- مجلة الملف – العدد الرابع- شتنبر 2004م

 

حقوقها حتى في حالة وجود الزوجة ؟ الأمر الذي دفع الفقيه جان ديبري إلى القول في صيغة من السخرية  » إن مجتمعنا الذي يقوم على أحادية الزواج يرفض التعدد المقنن في مجتمعات أخرى رغم أنه يعرف تماما كيف يغمض عينه عن تعدده هو »1 وعلى جري عادتهم  ردّد أعلام العلمانية في بلداننا هذه المزاعم الباطلة دون تمحيص أو تحقيق ، فهذا كمال أتاتورك يزعم :  » أن حق الرجل في الزواج من أكثر من واحدة شرّ اجتماعي،  وألغاه بجرّة قلم دون أي وازع ديني « 2

و من المؤسف أن بعض دعاة التغريب في أوطاننا العربية الإسلامية استغلوا ما وقع من بعض المسلمين من انحراف  » فقاموا يرفعون أصواتهم بإغلاق باب التعدد بالكلية و أمسوا و أصبحوا و هم يبدئون و يعيدون في الحديث عن مساوئ التعدد في حين يصمتون صمت القبور عن مساوئ الزنا الذي تبيحه –للأسف- القوانين الوضعية التي تحكم ديار المسلمين اليوم. و أعجب شيء في هذه القضية أن يراد تبريرها باسم الشرع ، و أن يحتجوا لها بأدلة تلبس لبوس الفقه. »3

فحين تحدث الحداد عن تعديد الزوجات قال: » ليس لي أن أقول بتعدد الزوجات في الإسلام لأني لم أر للإسلام أثرا فيه ، و إنما هو سيئة من سيئات الجاهلية التي جاهدها الإسلام طبق سياسته التدريجية « 4لكن الوارث الوفي لفكر منهج الحداد  » احميدة النيفر » نفى كل هذا سيرا على خطى أستاذه في مقال نشر تحت اسم حمزة الأسود ذكر فيه : » إن إباحة تعدد الزوجات في القرآن ينبغي أن يفهم على أنه حالة خاصة متعلقة بحادثة معينة – سبب النزول- يرتفع بانقضاء تلك الحادثة ليصبح القرآن متمحضا لمفهوم منع التعدد ، إذ لو كان التعدد مباحا من فائدته حلّ بعض المشاكل الاجتماعية ، فكيف لا يعد تعدد الأزواج للمرأة حكما مباحا لحل نفس المشاكل  » 5

 

1- وضعية الأسرة المغربية في ضوء تطورات ضوابط الإسناد – ص 123- موحى ولحسن ميموني- مجلة الملف – العدد الرابع- شتنبر 2004م

2- حول الدعوة إلى تطبيق الشريعة – ص75- حسين أحمد الأمين

3- مركز المرأة في الحياة الإسلامية-د. يوسف القرضاوي- ص 120/ 121المكتب الإسلامي- بيروت – ط3 – 1998م

4 – امرأتنا في الشريعة و المجتمع  – ص 55-  الطاهر الحداد- الدار التونسية للنشر – تونس- ط2-1972م

5– خلافة الإنسان بين الوحي و العقل- عبد المجيد النجار- ص 95- ط1- دار الغرب الإسلامي – بيروت- لبنان- بدون ت

 

تقول آسية الهاشمي تماشيا مع خطاب معلمها الطاهر الحداد: »إن النص القرآني المعتمد في الموضوع بريء من إباحة التعدد، إذا هو شرح  بنزاهة و تجرد و أمانة علمية »1

إذن فقد وجد من الشرقيين من اعتقد أن في  إطلاق التعدد ظلما للمرأة و هضما لحقوقها ثم

 » التفتوا إلى الآية الكريمة التي تبيح التعدد فوجدوها تقيد الإباحة بقيدين فدعوا إلى التقيد الذي يشبه المنع و نادى بالتفكير في ذلك الأستاذ الشيخ محمد عبده و أثمرت كلماته في بعض تلاميذه فوجدت مقترحات تتضمن تقييد تعدد الزواج قضائيا بالقيدين السابقين و هو العدل و القدرة على الإنفاق. »2 و هناك من يرى استحالة العدل و من ثم دعا إلى منع التعدد . يقول عبد السلام أديب : » فمع استمرار الحق في التعدد و كيفية الإذن به للزوج في ظل استحالة العدل بين الزوجات ، بل و انعدام الإمكانيات المادية لدى الزوج في كثير من الحالات ، يصبح استعماله كسلاح تهدد به الزوجة في كل لحظة، مما يجعلها مجردة من الكرامة و من الحق في الأمان و الاستقرار. »3 وهذه وثيقة إدماج المرأة في التنمية تذكر أنه  » يجب حذف التعدد اعتبارا  » لروح النص القرآني الذي يعلن و يقر بكل وضوح أنها مصدر لا عدالة بين النساء « 4 لكن لو قرئ النص القرآني إلى نهايته – و هو أيسر من كل يسير- لفهم أنه لا يقصد منع التعدد فالنص إذ يقرر استحالة العدل لا يقصد كل أنواعه ، و إنما يقصد نوعا منه و هو العدل القلبي ، »و لكن الخطة بالإضافة إلى ذهولها عن هذه الدلالة الواضحة و سوء تأويلها للنص بتوظيفها لمقاصد الشارع بما يسيء إلى الشارع نفسه ، فإنها لم تلتفت إلى المصالح المترتبة عن التعدد الشرعي و المفاسد التي يدرؤها في حالات أو إلى الموازنة بين المفاسد التي قد يوقعها أو المفاسد التي قد يدرؤها باعتبارها في أسوء الأحوال أهون الشرين و أخف الضررين على الفرد و المجتمع و ليس هذا بمقام إقامة هذه الموازنة. »5

 

1-      نضال امرأة في مجال المرأة- ص204- آسية الهاشمي البلغيثي- – مطبعة ديديكو-1996م – سلا- المغرب

2-      الأحوال الشخصية- ص97- محمد أبو زهرة- مطبعة مخيمرت- طبعة 1957م

3-      المرأة المغربية بين مدونة الأسرة و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان – ص11-عبد السلام أديب – سنة بعد مدونة الأسرة …لا جديد لا تحرر للمجتمع بدون تحرر المرأة- 2005م

4-      قراءة مقاصدية لأسس المقترحات القانونية لخطة إدماج المرأة في التنمية- ص 409- مرجع سلبق

5-      نفسه – ص 409/410

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *