Home»National»الجهود الإسلامية مشتتة بسبب الخلافات الهامشية والاشتغال بترهات العلمانية

الجهود الإسلامية مشتتة بسبب الخلافات الهامشية والاشتغال بترهات العلمانية

0
Shares
PinterestGoogle+

الجهود الإسلامية مشتتة بسبب الخلافات الهامشية والاشتغال بترهات العلمانية

محمد شركي

المغاربة عبر التاريخ مدينون للمشارقة بالسبق في  أمور شتى مع أنهم يحرصون على ما يميزهم عن كل وافد عليهم من المشرق . وأهم ما وفد عليهم من المشرق دين الإسلام الذي أدخلهم دائرة خير أمة أخرجت للناس . وكما وفد الإسلام من موطنه الأصلي الذي ارتضاه له الله عز وجل إلى بلاد المغرب ، وفدت إليه أمور شتى تتعلق  بالفكر والسياسة والاجتماع ، وحتى البلاء الذي  تمثل في الاحتلال الغربي  خلال القرن التاسع عشر . ولم تشد نهضة المغرب الحديثة عن نهضة المشرق حيث تداعى المغرب لكل ما عرفه المشرق من حركات المقاومة وحركات الإصلاح  ، وحتى حركات الإفساد . ومما وفد على المغرب من المشرق ظاهرة الجماعات الإسلامية حيث نشأت فيه جماعات متأثرة بمثيلاتها في المشرق، وليس في ذلك عيب لأن الأمة الإسلامية جسم واحد كما جاء  ذلك في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ، ثم بدأت تأخذ طابعها المغربي الخاص بها تماما كما كان الشأن بالنسبة لاستقلال الإمامة العظمى  في المغرب عن الإمامة العظمى في المشرق عبر التاريخ الإسلامي الطويل . وتتفاوت الجماعات الإسلامية المغربية من حيث  الولاء والارتباط بمثيلاتها في المشرق ، فبعضها يبدو شديد الصلة بالمشرق  حتى أنه يتهم  بتكرار التجربة المشرقية ، بينما البعض الآخر ضعيف أو منعدم الصلة بهذا المشرق . والمسجل على تأثر المغرب بالمشرق خصوصا في المجال الديني هو تأخر هذا التأثر نسبيا بحيث تظهر مظاهر في المشرق فتصل متأخرة إلى المغرب بفاصل زمني كفاصل البعد الجغرافي  بين المشرق والمغرب . وقد يعزى هذا التأخر إلى عادة التريث  التي ينهجها المغاربة  عادة في التعامل مع كل وافد من المشرق خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأمور الدينية . والمتأمل للجماعات الإسلامية في المغرب  يلاحظ أنها  متنوعة بتنوع المنطلقات العقدية ما بين  طرقية وحركية وما بينهما مما يجمع بين  الاتجاهين أو ينأى عنهما . فالطرقية في المغرب ثلاثة أنواع : الأولى طرقية تدعي انصرافها عن السياسية مع أنها تؤيد وتساند النظام ، وهو أمر يدحض ادعاءها الانصراف عن السياسة والاشتغال بالعبادة فقط . والثانية طرقية  متفرعة عن الأولى في الأصل إلا أنها تختلف عنها في موضوع الاشتغال بالسياسة حيث تقف معارضة للنظام. والثالثة طرقية وافدة من الشرق الأقصى تتنكر للسياسة  وتحصر همها في  دعوة وتبليغ الإسلام على طريقتها المبسطة للناس. وأما الحركية فأنواع أيضا منها  السلفية بأطيافها المختلفة ما بين متطرفة  تكفيرية معارضة للنظام ، ومعتدلة مداهنة للنظام ، وكلها ترتبط بسلفية المشرق خصوصا السلفية الوهابية حتى وهي تحاول التميز عنها كما هو الشأن في كل حركة تتقمص الشكل المشرقي في البداية  ، ثم ترغب بعد ذلك في الاستقلال عنه  بزي مغربي يميزها عن مثيلتها المشرقية . وفضلا عن السلفية المشتغلة بالسياسة  نجد فصائل إسلامية  حركية مختلفة  منها المراهن على الاشتغال بالسياسة ، ومنها المراهن على الاشتغال  بالعلم والفكر والاجتماع وغير ذلك ، وهي إما مغربية أصيلة أو  مشرقية النزعة أو حتى عالمية النزعة أحيانا . وفضلا عن الاتجاهات الكبرى الطرقية والسلفية  والحركية ، وبفعل  ظروف  خاصة  نشأت أشتات فصائل منها الفصيل الشيعي الرافضي الوافد من أوروبا الغربية  بسبب  التحرك الشيعي  الإيراني اللبناني في  أوروبا الغربية من أجل غزو العالم العربي  . وهذه الأخلاط المحسوبة  كلها على الإسلام لا يوجد انسجام أو تناغم بينها بالرغم من كونها تدعي كلها أنها تنهل من مصدر واحد هو القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . ومن المؤشرات الدالة على عدم انسجامها  وعدم تناغمها اشتغالها بالخلافات الهامشية فيما بينها  إلى درجة  تعاطي  الخطاب التكفيري فيما بينها أحيانا ،وفي أحسن الحالات تعاطي الخطاب  التضليلي  في حق بعضها البعض . وعند نتأمل الخلافات بينها نجدها لا تعدو  أمورا  شكلية تافهة من قبيل نوع الزي وطوله وقصره ، وشكل اللحى والشوارب وطولها وقصرها وإرسالها أوحلقها ….،  ومن قبيل تلاوة القرآن بطريقة جماعية أو فردية ، ومن  قبيل الصلاة على النبي جماعة  وجهارا إلى غير ذلك مما يعكس الخلاف على سبيل المثال بين منطلقات السلفية ، ومنطلقات الطرقية . ومقابل مبالغة الطرقية فيما تعتبره أمورا روحية من تقديس للأشخاص  أحياء وأمواتا  وأضرحة ، وشطحات ، ورؤى وأحلام …. نجد السلفية تبالغ وتتشدد في رفضها وتكفيرها  لهذه الأمور الشيء الذي  ينشأ عنه صراع عقدي كبير. وداخل السلفية  أو الطرقية  توجد خلافات كبيرة  بخصوص بعض القضايا ذلك أن الطرقية كما مر بنا منقسمة على نفسها بسبب موقفها من السياسة  حيث  يقف فصيل طرقي مع الإمامة العظمى بينما يعارضها الفصيل الآخر ، وهو الذي ولد وخرج أول مرة من رحم الفصيل الأول. والسلفية أيضا منقسمة على نفسها بسبب السياسة أيضا حيث يتشدد بعضها ويعتدل البعض الآخر بخصوص الموقف من النظام . والطرقية  والسلفية بأطيافهما يضمران الخصومة  إن لم نقل العداء للحركية  بأطيافها  والسبب في ذلك هو خيار الحركية المشاركة في اللعبة السياسية ، واختيار منهجية التربية الدينية على غير منهجية  الطرقية أو السلفية . وهذا الوضع إنما يعكس تشتت جهود التيارات الإسلامية ، وقد ورثه المغرب عن المشرق . وإذا كان المشرق قد بدأ يعرف نوعا من التقارب  بين  تياراته الإسلامية سبب الربيع العربي كما هو الحال بالنسبة للسلفية  والحركية في مصر ، فإن المغرب لا زال لم يعرف هذا التقارب بين سلفيته وحركيته أو بين  طرقيته وحركيته  أو بين سلفيته  وطرقيته وحركيته . ومن المؤشرات الدالة على حجم الشرخ  بين التيارات الإسلامية المغربية اشتغالها ببعض ترهات العلمانية  التي  تتعامل  مع كل هذه التيارات بشكل واحدة حيث تعتبرها   كلها عراقيل وعقبات  تقف في وجه المشروع الحضاري العلماني المنافس للمشروع الحضاري الإسلامي . وكمثال على الاختلاف بسبب الترهات العلمانية اختلاف الفصيل السلفي  بخصوص ما سمي السنة الأمازيغية التي تسوقها العلمانية ، وهي ترهة أو باطل  لا أساس له حيث  تتخذ العلمانية القضية الأمازيغية ذريعة من أجل  تسويق مشروعها الحضاري على  حساب  المشروع الحضاري الإسلامي من خلال إلصاق تهمة معاداة الأمازيغية  بالإسلام على غرار  تهمة معاداة السامية التي يروج لها اليهود من أجل خدمة مشروعهم التوسعي الاستيطاني على حساب الحق العربي  المشروع الضائع  . ورؤوس السلفية في المغرب شغلتهم ترهة رأس السنة الأمازيغية عما هو أهم في هذا الظرف ، ولم  يستفيدوا من السلفية في مصر التي كان لها الدور الفاعل في الحياة السياسية في مصر بعد الربيع المصري . وعلى غرار اشتغال السلفية   عندنا بهذه الترهة العلمانية ، نجد الطرقية المعارضة عندنا لا زالت تراهن على موقفها السابق الذي يجعلها خارج اللعبة السياسية مشتغلة بترهات أيضا  من قبيل  البيوت المشمعة وغيرها  في الوقت الذي كان عليها أن تخوض نفس الغمار الذي تخوضه  الحركية المشتغلة بالسياسة من أجل  ترجيح كفة  التيار الإسلامي عسى أن يفضي ذلك إلى إنجاح المشروع الحضاري الإسلامي الذي يهدده المشروع الحضاري العلماني  المتربص به في الخارج والداخل . فهل ستفيق التيارات الإسلامية  من سباتها  ، وتتدارك  ما فاتها ، وما ضاع منها من وقت ثمين صرفته  ولا زالت تصرفه في خلافات هامشية  تافهة فيما بينها ، وفي ترهات علمانية لا طائل من ورائها ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *