Home»International»عجبا لأمر مريد يريد من رئيس الحكومة التخلي عن مسؤوليته من أجل تحقيق حلم شيخه

عجبا لأمر مريد يريد من رئيس الحكومة التخلي عن مسؤوليته من أجل تحقيق حلم شيخه

0
Shares
PinterestGoogle+

عجبا لأمر مريد يريد من رئيس الحكومة التخلي عن مسؤوليته من أجل تحقيق حلم شيخه

 

محمد شركي

كثرت  الردود على رسالة مريد شيخ جماعة العدل والإحسان ، واختلفت أساليبها ولكنها اتفقت في أمر واحد وحد وجهات نظرها ،وهي التعجب من أمر هذا المريد الذي أراد من رئيس الحكومة الاستقالة ، والتخلي عن مسؤوليته من أجل أن يتحقق حلم شيخه.  والقضية في نظري المتواضع متعلقة  بظاهرة الوصاية على العباد باسم الدين . فلا يؤسس جماعة  تنسب إلى الدين إلا راغب في التحكم في رقاب العباد باسم الوصاية على الدين ، علما بأن الدين جاء لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد المعبود . ولا يخلو من يفكر في تكوين جماعة  باسم الدين من داء تضخم الأنا والغرور، وتزكية النفس حيث  تحدثه نفسه بالوصاية على العباد باسم الدين ، بل وبالوصاية على الدين نفسه ، بل تسول له نفسه الحديث باسم الدين  ، ومن ثم  باسم رب العزة تعالى رب العزة عن المتحدثين باسمه من غير رسله وأنبيائه الكرام صلواته وسلامه عليهم . وقضية الوصاية على الدين بدأت بتأويلات متعسفة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جعل العلماء ورثة الأنبياء مع تحديد الحديث لطبيعة الوراثة والموروث وهو العلم ، ولا  شيء غير العلم من درهم أو دينار أو دنيا أو سياسية أو حكم أو ما شابه . ووراثة علم الأنبياء  تتحدد في نقل الموروث بكل أمانة إلى العباد ، وليس لورثة الأنبياء من فضل على العباد إلا فضل نقل الموروث إليهم نقلا أمينا دون استغلاله أو الارتزاق به  من أجل دنيا أو جاه أو سلطان .وبعض العلماء يجعلون وصايتهم على العباد كوصاية الأوصياء على الأيتام . وإذا كان الأوصياء الفقراء يأكلون بالمعروف من تركة الأيتام ، فإن بعض العلماء يستغلون الموروث  بنهم وطمع  وجشع ، حيث يجعلونه مطية من أجل إصابة الجاه والسلطة والمال  وساء ذلك سبيلا ومصيرا . وتبدأ حكاية الواحد من هؤلاء مع الانتساب للعلم ، ومن  رتبة طالب علم ينتقل إلى رتبة عالم  ثم إلى رتبة  علامة أو تعلامة وهو العالم بميزة جيد  جدا ، أو هو الأستاذ ، وكلمة أستاذ معربة عن اللفظة الفارسية   » استاد  » ـ بضم الهمزة ودال مهملة خلافا للدال المعجمة في اللفظة المعربة ـ  وتعني في الفارسية العالم القدير في العلم .

و من رتبة العلامة أو التعلامة إلى رتبة الشيوخة أو الشيوخية  ـ بضم وكسر الشين ـ والشيخوخة والشيخوخية ، ليس بمعنى  ظهور الشيب والهرم ، وإنما بمعنى الرئاسة في العلم ، ومن ثم في أمور أخرى كلها أمور دنيوية  تقضى باسم الدين أو بذريعة الدين . والشيخ هو كل من كبر على غرار كبر السن في أعين قومه إما علما أو فضيلة  أو جاها  وسلطانا ،فبجلوه  وعظموه. وعلى  قدر تضخم أنا الشيخ وغروره يكون تبجيل أتباعه له ، وهو تبجيل يتعدى حدود التوقير إلى ما يشبه التقديس  أو يكون تقديسا أو يفوق حتى  التقديس  أحيانا. وقلما ينجو شيوخ الجماعات سواء كانوا أصحاب طرق أو أصحاب جماعات من مبالغة وإفراط أتباعهم  في تقديسهم . ومقابل ما ينسب لشيوخ الطرق من كرامات وخوارق ، ينسب لشيوخ الجماعات التقدم على غيرهم فراسة  وبعد نظر وغير ذلك من الخصائص التي ترفعه فوق أقدار خلق الله . ويوافق تقديس  وإطراء  الأتباع والمريدين أهواء الشيوخ  ،فيصير تضخم الأنا عندهم  مزمنا . وتعمل بطانتهم على استفحال هذا التضخم لديهم من خلال تسويق وترويج إشاعات تزكيتهم  والنفخ فيها  بكل أنواع النفخ من أجل استدراج العوام والسوقة إلى تقديسهم  وتزكيتهم إلى درجات تقارب درجة العصمة ، ويصير بعضهم في منزلة من لا يأكل الطعام الذي كان يأكله المسيح وأمه الصديقة عليهما السلام . والبطانة التي تحيط بالشيوخ لا تخلو من سوء لأن أصحابها يقومون مقام السماسرة الوسطاء بين الشيوخ والمردين والأتباع  ، ويستفيدون من الامتيازات المادية والمعنوية التي بسببها يبالغون في الدعاية لقدسية الشيوخ  بين الأتباع والمريدين حرصا على امتيازاتهم ،وليس اعتقادا في قدسية الشيوخ .

ويعرف الشيوخ ذلك في بطانتهم ويحرصون عليها لأن مصلحتهم مرتبطة بهذه البطانة ، ومصلحة البطانة مرتبطة بمصلحة الشيوخ ، وهي مصلحة متبادلة ، ولكنها على حساب عامة الأتباع والمريدين . وما أرداه مريد شيخ جماعة العدل والإحسان ، وهو المريد المقرب والصهر وأحد أعمدة البطانة هو إقناع رئيس الحكومة بأنه قد أخطأ شرعا في حق من له حق الوصاية على الدين وعلى العباد ، وأن عليه أن  يتوب توبة نصوحا من خطيئته من أجل أن  يحقق الشيخ حلمه  وينتقل من  شيخ جماعة أو طريقة إلى حاكم يتحكم في الرقاب باسم الدين  ، و بيده صكوك الغفران التي  تغري الأتباع بالنجاة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه  وبمن في الأرض جمعيا بما فيهم الشيوخ  الذين لن يكون حالهم  خير من حال أنبياء ورسل الله صلواته وسلامه عليهم  ، وكل واحد منهم يقول  لأتباعه  يومئذ وهم يطلبون شفاعته :  » نفسي نفسي  » إلا صاحب الشفاعة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم الذي يقول :  » أمتي أمتي يا رب  » مع أنه  أخبر ريحانته  فاطمة الزهراء رضي الله عنها بأنه لن يملك لها من الله شيئا إن هي  لقيت ربها  بما لا يرضى .  ولقد أراد مريد شيخ جماعة العدل والإحسان من رئيس الحكومة أن يتخلى عن منصبه  من أجل تحقيق حلم شيخه ، ومن ثم من أجل تحقيق حلم المريد الصهر، لأنه  قرين وارثة الشيخ  بما له من كرامات وامتيازات . ألا  يجدر بهذا المريد  ومن معه في بطانة شيخهم أن يفيقوا من أضغاث أحلامهم  التي ينزلونها تنزيل الرؤى ، وينفقون  وقتا ثمينا في عبورها وفق الأهواء التي  يحكمها داء تضخم الأنا والغرور وتزكية النفس الأمارة بالسوء حتى يرى الواحد منهم أنه قد  » قطع الوادي ونشفت رجلاه  « على حد التعبير العامي مع أن عاقبة أمور الخلق بيد الله لا يعلمها إلا هو سبحانه . وكذب من زكى نفسه على الله عز وجل من خلال ادعاء عبور الرؤى ادعاء واثق لا يخامره في ذلك شك مع أنه رهين شراك تلبيس إبليس . وأعتقد أن رئيس الحكومة أكثر واقعية من أصحاب أضغاث الأحلام ،لأنه جعل كفاءته وخبرته في خدمة أمته  ، ولم يلزم البرج العاجي الذي  يتحصن فيه  شيخ العدل والإحسان ، ولو عدل وأحسن  فعلا لنزل من برجه العاجي وانخرط مع أمته في همومها  ومشاغلها ، وجعل علمه إن كان بالفعل ذا علم  في خدمتها كما يفعل غيره من العلماء العاملين الذين لا يريدون سلطة ولا جاها  عوض أن يكون عالما حالما  يبيع الأحلام لمريديه وأتباعه  عوض أن يخلي بينهم وبين الواقع  لمكابدته  والعمل على التأثير فيه  بإيجابية الانخراط عوض سلبية النقد والبراء والتكفير والتجريم. وأخيرا أؤكد أنني بهذا المقال لست  ضد أحد ولا مع أحد ،بل أنا مع الحق والحقيقة .وأسأل الله تعالى الهداية لي ولكل موحد شهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، ولم يرد  بهذه الشهادة سوى وجه الله ، ولم يرد بها علوا في الأرض ولا استكبارا ، ولم يرد به ارتزاقا ولم ينصب نفسه وصيا عليها ، أو وسيطا بينها وبين عباد الله المؤمنين  يراقبهم ويحاسبهم ، ويصنفهم ، بل ويدعي أنه يستطيع معاقبتهم أو الإيعاز لمن بيده العقاب بمعاقبتهم ،وكأنه كشف له حجاب الغيب فرأى ما لا يرى الخلق  ، أو رأى رؤية من لم يزغ بصره ولم يكذب فؤاده صلى الله عليه وسلم . اللهم بصرنا بعيوبنا وأخرجنا من دار العيب بلا عيب ، واستر العيوب يا ستار .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *