Home»International»حصار القدس الشريف محاولة صهيونية يائسة لطمس معالم هويته الإسلامية

حصار القدس الشريف محاولة صهيونية يائسة لطمس معالم هويته الإسلامية

0
Shares
PinterestGoogle+

حصار القدس الشريف محاولة  صهيونية يائسة لطمس معالم هويته الإسلامية

 

محمد شركي

 

ساهمت بالمداخلة الآتية في الحملة الدولية لكسر حصار القدس الشريف بالثانوية الإعدادية الجاحظ بمدينة وجدة  لفائدة تلميذاتها وتلاميذها .

من المعلوم أن الغاية من حصار القدس الشريف هو محاولة يائسة من الكيان الصهيوني لطمس معالمه الإسلامية لفائدة أسطورة تزعم أن هويته يهودية . فما هي حقيقة هذه الأسطورة ؟  عندما استعمل الفيلسوف الفرنسي روجي أو رجاء غارودي عبارة :  » الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل  »  لم يصدر في ذلك عن  مجرد عاطفة  أو نزوة ، بل صدر عن رأي رصين لفيلسوف متميز عزز تجربته الفلسفية والفكرية من خلال الانتقال عبر محطات فكرية وعقدية  متنوعة كان آخرها المحطة العقدية والفكرية الإسلامية  بهدي من الله عز وجل ، وهو ما يعبر عن نضجه الفلسفي  والفكري، ويسقط كل تشكيك أو طعن في مصداقيته الفلسفية والفكرية والعلمية . فكلمة أسطورة أنسب للتاريخ اليهودي الغامض والمضطرب علميا وإجرائيا . فما يعول عليه اليهود مما يسمونه تاريخا ليس تاريخا بالمفهوم الدقيق للمصطلح، بل هو مجرد تلفيق قوامه الأسطورة المنسوبة للدين اليهودي المحرف . وأول فكرة متهافتة لما يسمى التاريخ اليهودي هو محاولة تلفيق النسب اليهودي لنبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام . وينهار هذا التلفيق أمام الحقيقة التاريخية ، وهي أن ما ينسب لهذا النبي الكريم  من تهويد إنما يعود إلى ما بعد نزول التوراة على نبي الله موسى عليه السلام . ومنهج اليهود في محاولة إثبات أساطيرهم ـ  وهي غير قابلة للإثبات بطبيعة الحال ـ  هو  فهم المتقدم من الأحداث التارخية  على ضوء  المتأخر منها خلافا لمنطق  التاريخ .

وقد جادل القرآن الكريم اليهود في تهافت منهجهم هذا في قوله تعالى : (( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والانجيل إلا من بعده أفلا تعقلون هاأنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون)). بهذا المنطق المفحم واجه القرآن الكريم أسطورة تهويد أو تنصير نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام . وبدحض أسطورة تهويده أو تنصيره تتهاوى باقي الأساطير اليهودية المرتبطة بحق أقامة وطن لليهود في فلسطين  . والمعروف تاريخيا أن نبي الله إبراهيم عليه السلام عاش حوالي القرن الثامن عشر قبل الميلاد وهو من أرض  » أور  » الكلدانية بجنوب شرق العراق ، ومنها هاجر إلى مكة ثم إلى جنوب سوريا حيث مات . وتاريخه كان قبل تاريخ العبرانيين ، لهذا حاول اليهود نسبة إبراهيم الخليل إليهم  من أجل التمويه على تأخر التاريخ  العبراني عن  تاريخ نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام القديم والذي نسج حوله اليهود أسطورة متهافتة فضحها القرآن الكريم المنسجم مع منطق التاريخ . والعبرانيون أو الخابيرو أو العابرو ، وهو اسم يدل على العبور وهو اجتياز وادي عربة جنوب سوريا قوم كانوا يوالون الشعوب السامية ضد فراعنة مصر. وأول من نظمهم كشعب نبي الله موسى عليه السلام . وليس العبرانيون ذرية نبي الله يعقوب عليه السلام ، وهو ولد نبي الله إسحق عليه السلام  والأخ غير الشقيق لنبي الله إسماعيل عليه السلام . ومعلوم أن نبي الله يعقوب المعروف بإسرائيل أي الرجل القوي حسب زعم اليهود في أسطورة صراعه مع الله تعالى اله عما يصفون  قد أنجب أبناء منهم يوسف عليه السلام  ، وهو الذي أتى به إلى مصر مع إخوته، فكانت تلك هي هجرة الأسباط . وبين هذا الحدث وتاريخ إبراهيم الخليل وقت معتبر.

ومن أساطير اليهود أن الجيش الذي خرج به  نبي الله موسى عليه السلام من مصر إلى أرض التيه بصحراء سيناء كان تعداده  حوالي سبع مائة ألف رجل أو يزيد علما بأنه لم يكن بين نبي الله يعقوب عليه السلام وبين  نبي الله موسى عليه السلام سوى أربعة آباء على ما ذكره المحققون الشيء الذي يعني أن تكاثر الأسباط بهذا العدد ضرب من الأسطورة . والذي يستقيم عقلا ومنطقا أن نبي الله موسى عليه السلام إنما رحل بالعبرانيين ولم يكن الأسباط يمثلون فيهم إلا نسبة قليلة. وقد فند العلامة ابن خلدون رحمه الله أسطورة عدد الأسباط الذين سار بهم موسى عليه السلام نحو أرض التيه بصحراء سيناء بعدما حرم الله عز وجل عليهم دخول أرض فلسطين المقدسة خوفا من الكنعانيين الجبارين وأصلهم من جزر بحر إيجه بين تركيا واليونان ،وإيجه هو والد تيزيوس ملك أثينا الأسطوري ، وكانوا قد استأثروا هم وأشقاؤهم الفنيقيين بالساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ، وكانوا من ضمن الشعوب السامية المهاجرة  في المنطقة منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد إلى جانب الآشوريين والبابليين  والآرميين  والفنيقيين . وفي عهد الكنعانيين ظهرت مدينة القدس الشريف وذلك في منتصف الالف الثانية قبل الميلاد ، وقبل دخول العبرانيين إليها ببضعة قرون. وكان أول من دخل فلسطين يوشع بن نون بعد موت موسى عليه السلام ، وكان ذلك عبر غور الأردن بمنطقة أريحا أواخر الألف الثالثة عشر قبل الميلاد . ولم يبسط العبرانيون سيطرتهم على فلسطين إلا بعد مرور قرنيين ونيف على دخولهم أريحا . وما وجد يوشع بن نون بفلسطين غير الكنعانيين . وكان العبرانيون أهل بداوة  ورعي ،بينما كان الكنعانيون أهل حضارة وعمران ، ومن ثم كانت جبروتهم كما وصفهم القرآن الكريم على لسان العبرانيين الذين عاقبهم الله عز و جل بالتيه في صحراء سيناء لما رفضوا قتال هؤلاء الكنعانيين. والذي قاتل الكنعانيين هو نبي الله داود عليه السلام حوالي القرن العاشر قبل الميلاد، وقتل زعيمهم جالوت على يد قائده طالوت في مرج ابن عامر، وكان ذلك بداية ظهور الدولة العبرانية في فلسطين . ونبي الله دواد عليه السلام هو الذي سمى مدينة القدس أورشاليم أي مدينة السلام . ولو صحت أسطورة نسبة نبي الله إبراهيم لليهود لكان نبي الله داود قد أمر بإعادة بناء مدينة الخليل التي تنسب لإبراهيم الخليل عليه السلام، والتي توجد جنوب مدينة القدس. وخلف نبي الله سليمان عليه السلام والده نبي الله داود وورث عنه الملك كما جاء ذلك في القرآن الكريم ، وهو الذي بنى قصرا له بالاعتماد على الملك الفينيقي ملك صورالمدعو حيرام، وقد جلب خشبه من أرز لبنان ، وحجارته  الغرانيت من مصر العليا

. وكانت فترة ملك سليمان هي أزهى فترات العبرانيين ، ولهذا ترتبط أسطورة البكاء عند جدار البراق بهذه  الفترة الذهبية . وهنا تناقش أسطورة البكاء على ملك سليمان عليه السلام ، ومحاولة استرجاع ما يسمى الهيكل  المنسوب لهذا النبي الكريم . فهل يجوز أن  يزعم اليهود مشروعية امتلاكهم لأرض فلسطين بناء  على فترة نبي الله سليمان عليه السلام وقد سبقتها فترات متعددة  أطول منها عمرا؟  علما بأن الأرض لله عز وجل يورثها من يشاء من عباده ، وهي سنته في خلقه . فلو صحت فكرة امتلاك قوم ما لأرض ما  في فترة ما من فترات التاريخ لما كانت جغرافيا العالم اليوم كما هي ؟ فالمعروف في التاريخ هو تدافع الأمم من أجل السيطرة على الجغرافيا  ، وهي سيطرة يحكمها منطق التاريخ الذي لا يدوم على حال  لأمة من الأمم ما دام البلى يبلي الجميع  والدوام لله عز وجل . وفي النصف الثاني من القرن الثامن قبل الميلاد هاجم سرجون الثاني الملك الأشوري يهود السامرة ،وهم طائفة من اليهود تقابلها طائفة يهود أورشليم على إثر الخلاف الذي نشب بينهما بعد عهد سليمان عليه السلام . وقد نكل سرجون باليهود وأخذهم أسرى إلى آشور، وأحل محلهم أعراقا أخرى . وفي مطلع القرن الأول الميلادي هدم الملك البابلي نبوخذ نصر أورشاليم وهدم هيكل سليمان ،وسبى يهود أورشاليم ونقلهم إلى بابل حتى أعادهم الملك الفارسي قورش وربما كان هو ذو القرنين المذكور في القرآن الكريم . وجاءت موجة الغزو الروماني حيث غزا بومباي القائد الروماني فلسطين وانتزعها من خلفاء الاسكندر المقدوني أي من البطالسة والسلوقيين . ونكل تيطس أحد قواد بومباي باليهود وخرب أورشاليم مرة أخرى كما هدم الهيكل الذي أعيد بناؤه . وهنا لا بد من السؤال أي هيكل يريد اليهود اليوم إعادة بنائه هل الهيكل الأصلي الذي خرب على يد  الملك البابلي نبوخذ نصر، أم الهيكل الذي أعيد بناؤه وخربه القائد الروماني تيطس ؟  وبعد ظهور المسيح عليه السلام وانتشار دعوته على يد بطرس الرسول وصلت النصرانية إلى روما بعد ثلاثة قرون وتبناها الامبراطور قسطنطين ، هو وأمه هيلانة  في شكلها المحرف تكفيرا عن جريمة قتل أحد أبنائه بسبب وشاية إحدى زوجاته بعدما رفض كهان الوثنية التي كان عليها  توبته ، وقبلت المسيحية المثلثة توبته ، وهي التي توزع صكوك الغفران على المذنبين بسخاء  .

ونسج النصارى من أصحاب الثالوث أسطورة صلب المسيح عليه السلام على غرار أساطير يهود . وحول قسطنطين اسم القدس من  اسم أورشاليم إلى اسم  إيلياء كناية عن الربوة التي توجد عليها مدينة القدس  جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط ،وهي بمثابة الشطر الأيسر من بلاد الهلال الخصيب ذات الحضارات العريقة  مع الزعم أن صليب المسيح وجد بها . ويقابل صليب المسيح عند النصارى  هيكل سليمان عند اليهود . مع فرق بينهما حيث كان الهيكل حقيقة ثم دمر  وزال كما زالت العديد من الآثار البشرية في الأرض ، بينما كان الصليب مجرد خيال تخيله النصارى كما وصف ذلك القرآن الكريم .  وقد استرد هرقل ملك الروم المعاصر لظهور الإسلام فلسطين من كسرى الفرس، وهو انتصار سجله القرآن الكريم أيضا في سورة الروم. وبدأ الفتح الإسلامي لفلسطين في السنة الثامنة للهجرة خلال القرن السابع الميلادي  بعد ضعف فارس وبزنطة على حد سواء . وارتبط فتح فلسطين بمعجزة الإسراء والمعراج  حيث أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس التي صلى فيها بأنبياء الله عليهم السلام ، وأعرج به  منها إلى السماء  حيث كشف له الغيب بما في ذلك  غيب ما بعد نهاية العالم. وكان الفتح الأول  في السنة الثامنة للهجرة  بجيش قوامه ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة زيد بن حارثة  وجعفر بن ابي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم وقد استشهدوا ، وتولى خالد بن الوليد قيادة الجيش بعدهم ، ثم اتنسحب تكتيكيا  وأثنى عليه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم  . وفي السنة التاسعة للهجرة  خرج النبي صلى الله عليه وسلم  إلى تبوك التي انصرف عنها الروم ودخلها دون حرب . وفي السنة العاشرة أعد رسول اله صلى الله عليه وسلم العدة لفتح فلسطين مما يدل على حرصه على الهوية الإسلامية لهذه الأرض إلا أنه التحق بالرفيق الأعلى ، فتولى الفتح بعده خليفته الصديق رضي الله عنه ، ثم من بعده الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أشار عليه علي بن ابي طالب رضي الله عنه بفتحها  بعد مناوشة البزنطيين لجيش المسلمين في منطقة أجنادين الواقعة بين الرملة والقدس . وبعد حصار عمر بن الخطاب رضي الله عنه القدس أربعة أشهر تدخل كبير الرهبان الجاثليق  بطلب الصلح ، فقبل عمر الصلح ورحل بنفسه إليها بعد أن استخلف علي رضي الله عنه في المدينة ، وكتب لأهلها عهده المشهور بالعهد العمري ، وهو ما لم  يسجله التاريخ على الزعماء الذين مروا بالقدس . ومما جاء في العهد ألا يساكن اليهود النصارى في القدس ، كما أنه تجنب الصلاة في كنيستهم حتى لا تحول إلى مسجد ، وبنى مسجده المعروف بالمسجد العمري . وفي خلافة الوليد بن عبد الملك أعيد بناء المسجد الأقصى الذي صلى فيه  رسول الله صلى اله عليه وسلم بالرسل صلوات الله عليهم أجمعين ، وهو أول قبلة صلى نحوها  قبل أن يأمره الله عز وجل بالتحول نحو المسجد الحرام بمكة المكرمة ، وبين ظهور هذين المسجدين في الأرض أربعون سنة كما جاء في الأثر، وكان المسجد الحرام هو الأسبق ، وهو الذي بناه آدم عليه السلام ، ورفع قواعده إبراهيم الخليل مع ابنه إسماعيل عليهما السلام ، كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم .

وأعيد بناء المسجد الأقصى في خلافة الأمير المأمون العباسي بعد أن دمره زلزال عنيف . وبعد ضعف الخلافة الإسلامية في المشرق والأندلس بدأت  أطماع الصليبيين في بيت المقدس، وكان ذلك  سببا في نشوب ما يسمى الحروب الصليبية التي دامت مائتي سنة ، وكانت سجالا بين الصليبيين والمسلمين  ما بين 1096 و1294 ميلادية  حيث  كانت خمسون سنة الأولى لصالح الصليبيين  وخمسون سنة الثانية كانت سجالا بينهم وبين المسلمين ،وخمسون سنة الثالثة لصالح المسلمين ، وخمسون سنة الرابعة اندحر فيها الصليبيون كما  أشار إلى ذلك المؤرخون . وقد اترتكب الصليبون المجازر ضد المسلمين في القدس ، والذين استماتوا في الدفاع عن المسجد الأقصى حتى خاض الصليبيون في دمائهم التي بلغت الأكارع . وفي العهد الفاطمي  ظهر الأمير صلاح الدين الأيوبي  وبدأ التخطيط لاسترجاع القدس  ، فتحقق له ذلك سنة 1187 ولم يعامل الصليبيين معاملتهم للمسلمين . وبعد سقوط الأندلس سنة 1492 تجددت أطماع الصليبيين في بيت المقدس . وفي نفس الفترة ظهرت الدولة العثمانية التي  فتحت أوروبا وأزالت الدولة البيزنطية الصليبية  . وبعد القرن التاسع عشر عادت من جديد التحالفات الأوروبية ضد الدولة العثمانية المسلمة ، وهي فترة ما يسمى الحروب الصليبية الجديدة  تكريسا لمقولة الصليبي البريطاني غلادستون المشهورة  : » ما يأخذه الهلال يسترده الصليب  ، وما يأخذه الصليب لن يسترده الهلال أبدا  » . وخضعت فلسطين للاحتلال البريطاني  وهو جزء من الاحتلال الأوروبي لمناطق نفوذ الدولة العثمانية  في حكاية تعرف باقتسام تركة الرجل المريض بعد مرور730 سنة على خروج الصليبيين منها .

وخلا ل هذا الاحتلال  عاد اليهود للظهور من جديد بعد غياب آلاف السنين عبر حركة عنصرية تعرف بالصهيونية  ، وحصلوا  من الاستعمار البريطاني الصليبي على ما يسمى بوعد بلفور المشؤوم ، وبلفور هو اسم وزير خارجية بريطانيا الذي تعهد لليهود بتكوين وطن قومي لهم بأرض فلسطين في وقت تولي اليهودي هربرت صمؤيل منصب المندوب السامي لبريطانيا على فلسطين  ، وهو الذي كثف الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين ، و وعد بلفور جاء ذكره في مذكرات الصهيوني حاييم ويزمان المنشورة سنة 1949. وكرست معاهدة فرسايل الفرنسية سنة 1919 نفس ما نص عليه وعد بلفور .وإبان إعلان بريطانيا انسحابها من فلسطين في 15 مايو 1948 تم تسليمها لليهود من خلال تسليح عصابات الهاغانا وشترن  وزفاي ليومي الصهيونية العنصرية وإعلان قيام الكيان الصهيوني . وبعدما كادت الجيوش العربية تهزم العصابات الصهيونية  تم إعلان وقف القتال في 19 يوليو 1948 في مؤامرة أمريكية محبوكة  لفائدة  الكيان الصهيوني . وتم تقسيم القدس إلى غربية بيد الصهاينة وشرقية بيد الفلسطينيين  . وبعد استثباب  الأمن للكيان الصهيوني بدأ في التفكير في التوسع في قلب الوطن العربي  من أجل تحقيق أسطورة  استرجاع ملك سليمان الضائع  عبر حروب خاضها إلى  جانبه ضد العرب الأمريكان والأوربيون بطرق مكشوفة . وبعد  انتهاء الصراع المسلح بين الكيان الصهيوني والكيانات العربية المنهزمة ، والتخلي عن المقاومة الفلسطينية الصامدة جاءت  حيلة ما يعرف بمسلسلات السلام بخرائط طرقها  المكشوفة ، والتي أعطت للكيان الصهيوني فرصة استرجاع أنفاسه من أجل إعادة الكرة لتحقيق حلم أسطورة إعادة ملك سليمان ، وهي أسطورة  من أجل التمويه على حقيقة قيام كيان  صهيوني عنصري يشكل خطرا وتهديدا كبيرين على السلم العالمي ، وهو كيان يدعمه اللوبي الصهيوني المستبد بمراكز صنع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية  حيث  القوة العسكرية والاقتصادية العالمية . و حصار القدس الذي اندلعت ضده الحملة الدولية  الحالية في كل أصقاع العالم  يتمحور حول فكرة هدم المسجد الأقصى ، وتعويضه بهيكل سليمان المزعوم . وقبل تحقيق فكرة الهدم ، يحاول الكيان الصهيوني إلغاء فكرة تقسيم  مدينة القدس إلى غربية وشرقية  ، وذلك من خلال عمليات تهجير المقدسيين الممنهجة  والخبيثة . وفي اعتقاد الصهاينة أن القضاء على الجغرافيا البشرية العربية  الفلسطينية لمدينة القدس ،هو المدخل لفرض الجغرافيا الصهيونية الطبيعية على هذه المدينة بعد جعل الجغرافيا البشرية الصهيونية واقعا مفروضا بالقوة ، وبدعم الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية  ودول أوروبا الغربية .

وقد وقر في اعتقاد الصهاينة أن قضية  تحويل أساطيرهم إلى واقع ممكنة في ظل الدعم الغربي غير المحدود لهم .ويلعب الغرب بزعامة الولايات المتحدة اليوم دورا خطيرا في الوطن العربي  في ظل ما يمكن تسميته بالفترة المعاصرة من الحروب الصليبية لتفتيت اللحمة العربية على غرار ما حدث بعد ضعف الدولة العثمانية من أجل ترجيح كفة الكيان الصهيوني في المنطقة العربية . وحتى الربيع العربي ركبه الغرب  من أجل إجهاضه قبل أن يثمر فكرة نسف الأساطير المؤسسة للكيان الصهيوني . فسياسة  غزو العراق ، وتقسيم السودان بعد تقسيم تيمور، وسياسة الدفع نحو  خلق الكيانات الانفصالية في الوطن العربي والإسلامي كل ذلك يفهم في إطار الحركة الصليبية المعاصرة التي تموه على حقيقتها البشعة بالنهج العلماني الذي يتظاهر  بإقصاء الصليبية نظريا  والتشبث بها عمليا وإجرائيا. ولو كان ادعاء اعتماد الغرب  العلمانية صحيحا  لما أجاز الحركة الصهيونية على عنصريتها وعلى أساطيرها القائمة على أسس  الديانة اليهودية المحرفة صنوة الديانة المسيحية المحرفة على غرارها والمتحالفة معها فيما يعرف  بالمسيحية الجديدة  ذات التوجه الصهيوني   .

وأخيرا لا بد من التأكيد لأجيال المسلمين الحاضرة والمستقبلية أن عملية مواجهة حصار القدس تكون بغرس فكرة الحق الإسلامي المشروع فيها على غرار غرس الصهاينة فكرة  باطل أو أسطورة الحق الصهيوني أو إعادة ملك سليمان . فلا بد أن ينهج الآباء المسلمون نفس نهج الآباء الصهاينة مع أبنائهم عندما كانوا  يبنون بيوتهم ويتركون مكان لبنة يشوهها ليتذكر الأبناء فكرة تحقيق الحلم الصهيوني الأسطوري، فلا بد من شيء يذكر أبناء المسلمين بواجب استرجاع القدس  من خلال ربطهم بالقرآن الكريم وحديث سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ،وفيهما وعد ناجز باستعادة المسلمين  للمسجد الأقصى بعد عتو الصهاينة . فمع استمرار  ملازمة أبناء المسلمين لهذا الوعد لا يمكن حصار القدس ولا تهويده . فإذا كان الصهاينة قد اعتمدوا على أساطير واستطاعوا تأسيس كيان فوق أرض مغتصبة ، فأولى بالمسلمين أن  يعتمدوا على حقيقة الوحي لتطهير هذه الأرض المغتصبة من الدنس الصهيوني . وأفضل طريق لاسترجاع الحق الضائع هو معرفة حقيقته أولا ، وهو أمر مغيب بالنسبة  للناشئة المسلمة في المؤسسات التربوية في البلاد العربية والإسلامية . وعسى أن  تكون مبادرة إنجاز أنشطة  لفك الحصار بهذه المؤسسات بداية خلق التواصل بين هذه الناشئة وبين حقهم المشروع في بيت المقدس . وإذا كان الكيان الصهيوني يحارب المسلمين هو وحلفاؤه بعقيدة اتحد فيها اليهودي بالصليبي ، فما بال المسلمين يخجلون من مواجهتهم  بعقيدتهم الإسلامية ، ويسايرونهم في نعتها بأبشع النعوت من أجل فصلها عن الناشئة المسلمة التي يراد تدجينها  عن طريق تسويق النموذج الغربي  المتظاهر بالعلمانية ظاهريا والمتعصب  لليهودية والصليبية المحرفتين باطنيا . وأول خطوة نحو فك الحصار عن القدس هو  استعادة خراف المسلمين الضالة التي  وقعت ضحية الكيد الغربي من خلال ترديد مقولاته ترديد ببغاء . فما دام في المسلمين من لا تفصله أية مسافة عن الغربيين في تفكيرهم وأشكالهم ومضامينهم ، في حين  تفصله  مسافة معتبرة عن أشقائه المسلمين ، فلا أمل في فك القيود الصهيونية عن القدس في الوقت الراهن حتى يحدث تغيير ما في نفوس هؤلاء ليغير الله عز وجل ما بهم  وفق سنته الجارية في خلقه .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *