Home»National»ما أفدح خسارة وطن يزهد في الكفاءات مع حاجته الماسة إليها

ما أفدح خسارة وطن يزهد في الكفاءات مع حاجته الماسة إليها

0
Shares
PinterestGoogle+

 

كلنا يؤرقه هاجس الفزع من التخلف المهدد لوطننا . وكلنا يحلم  لهذا الوطن الحبيب بمرتبة مشرفة تجعله يلحق بالركب الحضاري  العالمي ، ولكن قليل منا من يهتم بالهدر الفظيع الذي يصيب الكفاءات المختلفة في شتى المجالات ، وهي كفاءات من شأنها أن ترفع من قدرهذا الوطن عاليا . وإنه ليحز في النفس أن نعاين أو نسمع بخسارات  فادحة  لا تعوض تلحق  الوطن  بسبب بتعطيل هذه الكفاءات . إن الأمثلة  على مثل هذه الخسارات كثيرة في شتى التخصصات وفي شتى المجالات . وسنقتصر على ذكر حالتين في المجال الدعوي حيث تم الاستغناء عن كفاءتين مع أن المجتمع في أمس الحاجة إليهما.  فالكفاءتان معا تتعلقان بالمجال الدعوي   الأولى لداعية مشهور في الجهة الشرقية ندب نفسه للدعوة إلى الله عز وجل ، واستطاع أن يربي آلاف الشباب الذي عجزت الأسر والمؤسسات التربوية ، وجمعيات المجتمع المدني وغيرها عن توجيهه التوجيه الأخلاقي السليم ، فصار معظم هذا الشباب عرضة للانحرافات والانزلاقات الأخلاقية الخطيرة التي لا يقدر المجتمع عواقبها الوخيمة . واجتهد هذا الداعية الفاضل في توجيه  هذا الشباب من أبناء الأحياء الشعبية عن طريق مخالطتهم في أحيائهم ، ومن خلال تقديم  النموذج الأخلاقي الإسلامي العالي لهم ،والمتمثل في رسول الإسلام عليه السلام ، وفي صحابته الكرام رضوان الله عليهم . ومن خلال هذه النماذج المثالية  في الأخلاق استفاق هذا الشباب الذي كانت الخمر والمخدرات ومختلف الآفات تنحدر  به في مستنقعات  الرذيلة والانحراف . وصار الشباب المدمن على مساوىء الأخلاق  يتمثل نماذج الصاحبة الكرام في زيهم ، وسمتهم ، وسيرتهم  بفضل هذا الداعية الفاضل الذي  لا يستحيي بعض  السفهاء من التندر بذكره  كما يتندر بالمهرجين .وهؤلاء السفهاء الذين لا ولم يقدموا شيئا لهذا الشباب الضائع  سوى ازدرائه ، والحديث عنه باشمئزاز وتقزز لا يجدون حرجا في انتقاد الداعية المحسن إلى هؤلاء الشباب  . فحين كان هذا الداعية يجوب الأحياء الشعبية ، ويخلص الشباب الخراف  لمن براثن الرذيلة كما كان المسيح  يخلص خراف بني إسرائيل من الضلالة ، كان السفهاء من الناس  مشغولين بأبنائهم وأحوالهم وأموالهم ، لا تتجاوز هممهم  المطالب البهيمية من طعام ووقاع . وبعدما سطع نجم هذا الداعية ، وصار له إشعاع ، وصار محل ثقة الشباب الذي كان عرضة للضياع  اجتهد مخربو هذا الوطن المسكين من أجل تعطيل كفاءته  ، لأن إنقاذ الخراف  صار يقلقهم . فبعدما كان الشباب الضائع مشغولا بالخمور والمخدرات ، ومغامرات هتك الأعراض ، وارتياد الإصلاحيات والسجون ، صار يحاول إعادة إنتاج نموذج الصحابة  والسلف الصالح ، حيث  هجر الموبقات ، وخطب ود العفة والاستقامة  بفضل رعاية وعناية هذا الداعية الفاضل . وصار هذا الشباب يفكر في الصلاح والإصلاح بعدما كان وسيلة للفساد والإفساد . ولقد أقلق هذا التحول الحاصل في شريحة الشباب سماسرة الفساد الذين من مصلحتهم انشغال  هذا الشباب بالانحراف من أجل أن  تخلو لهم أجواء الفساد والإفساد . ولقد كان الشباب ضحية هؤلاء المفسدين الذين كانوا يروجون فسادهم بينه ، ويجربونه فيه ،ويبيعونه المخدرات والخمور ، ويسوقون له الفواحش ما ظهر منها وما بطن . ولهذا صار الداعية الفاضل مصدر قلق من يمكن اعتبارهم تجار حرب يغتنون على حساب غيرهم من الضحايا الأبرياء . وكان لا بد أن يتجند  سماسرة الفساد من أجل التخلص من هذا الداعية المقلق  المزعج الذي يهدد مصادر دخلهم غير المشروع . وما أسهل تلفيق التهم للدعاة والمصلحين ،  وكيف لا وقد لفقت للأنبياء والرسل  وهم صفوة الخلق .وطبخت التهمة ضد الداعية ، وسخر لها القانون المسخر تسخير المطية الذلول ،وركب ليسهم في خسارة فادحة ألا وهي خسارة داعية  يدعو إلى صراط مستقيم ، وهو صراط يخالف سبل الضلال التي يريدها  أهل الفساد في الأرض . وأما الخسارة الثانية فتتعلق بداعية آخر ، وهو رجل تربية  درس، وأطر،وأشرف ، ونشط في العمل الجمعوي ، وكتب وألف ، وأبدع ، وحاز الشواهد العلمية ، ولكن لم يشفع له كل ذلك ، فمنع من الدعوة كما منع الداعية السابق الشهير لمجرد أنه أشاد بثورة الشعب الليبي ، الذي اعترفت سياستنا الرسمية بثورته ، وساندتها منذ أول وهلة . فما معنى أن يمنع الدعاة  من ممارسة  مهام الدعوة لأنهم ساندوا الشعب الليبي ، في الوقت الذي لا  يختلف موقف من منعهم  من الدعوة عن موقفهم ، وفي الوقت الذي يكون الموقف الرسمي هو ما  أشاد به هؤلاء الدعاة  من قبل ؟  إن القضية إذن ليست منعا من الدعوة  بسبب مساندة الدعاة للشعب الليبي ،بل القضية تصفية حسابات مع الدعاة ، بسبب تراكمات  أصلها تهديد  هؤلاء الدعاة لمصالح أوكار الفساد . وإذا كان العالم الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد ، فلا شك أن الداعية الواحد أشد على المفسدين من آلاف العباد ، لأن العباد لا يجاوزون إصلاح ذواتهم وتزكيتها ، بينما الداعية  يصلح  آلاف الناس  ، ويزكيهم الشيء الذي يهدد مصادر الفساد والإفساد . والغريب أن مثل هذا الداعية المربي والمؤطر والمشرف ، والمبدع ، والكاتب لو وجد في غير وطننا ، لخطبت عدة جهات وده رغبة في كفاءاته ، ولكن المسؤولين عندنا  زهدوا فيه والوطن أحوج ما يكون إليه  ، وأهدروا كفاءاته ، وعطلوها ،لأن  من لا يعرف قدر العلم والتربية  والإشراف والإبداع والتأليف ، ولا يقدر الخسارة التي يسببها تضييع هذه الكفاءات  تطوع له نفسه المندفعة وراء القرار المتسلط الطائش إرضاء نوازعها دون أن يحسب أدنى حساب لما يتسبب فيه من خسارة لهذا الوطن المسكين . وعلى غرار الداعيتين تأتي حالات كل هدر يطال الكفاءات في كل المجالات . وما أفدح خسارة وطن يزهد في الكفاءات  مع حاجته الماسة إليها

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *