Home»National»الشعب السوري قربان قوى الشر المتنافسة في منطقة الشرق الأوسط

الشعب السوري قربان قوى الشر المتنافسة في منطقة الشرق الأوسط

0
Shares
PinterestGoogle+

الأمة العربية تعرف جيدا أعداءها الذين يظهرون لها الود المغشوش. فالغرب بزعامة الولايات المتحدة يرعى مصالح الكيان الصهيوني ، ويموه على ذلك من خلال التظاهر بالحرص على الوطن العربي ، وحقيقة الأمر أنه يحرص على وطن عربي يضمن أمن وسلام الكيان الصهيوني ، ويحاول إقناع الأنظمة العربية الموالية له بـأنه جاد في صيانة أمنها من تهديد إيران الدولة الصفوية في المنطقة . ودولة إيران الصفوية بدورها تتظاهر بالتودد للشعوب العربية ، وتحاول دغدغة مشاعرها من خلال إظهار العداء للكيان الصهيوني ، والظهور بمظهر الدولة التي تقود الجهاد من أجل استرجاع فلسطين من خلال قاعدتها الرافضية المتقدمة في لبنان ، والحقيقة أنها ستخف بمشاعر الشعوب العربية وتستغلها من أجل مصالح لا تختلف عن مصالح الغرب الداعم للكيان الصهيوني. والخلاف بين الغرب بزعامة الولايات المتحدة وبين الدولة الصفوية صراع من أجل المصالح المكشوفة التي يحاول كل طرف إخفاءها عن طريق التمويه والدعاية الرخيصة التي لا يمكن أن تضلل الأمة العربية التي وجدت نفسها بين فكي كماشة : فك أمريكي، وآخر إيراني . ومعلوم أن كلا من الغرب بزعامة الولايات المتحدة وإيران يحاولان ركوب الثورات الشعبية العربية وفرض الوصاية عليها من أجل توسيع رقعة إدارة الصراع بينهما والتي كانت منحصرة في دولة لبنان التي قسم شعبها العربي إلى فئتين فئة موالية للغرب ، وأخرى موالية لإيران ، وبين الفئتين صراع مرير يعكس صراع الأجندة الغربية والأجندة الإيرانية في الساحة اللبنانية . ومن خلال تدخل الغرب وإيران في مسار الثورات العربية سقط قناعهما معها ، وانكشفت مؤامرتهما ضد الأمة العربية حيث حاولت إيران التودد إلى الشعبين التونسي والمصري ،وتبني ثورتهما نكاية في الغرب بعد سقوط النظامين في تونس ومصر المدعومين من طرف الغرب. وظهر الصراع واضحا بين إيران والغرب في الساحة البحرينية ، وهي ساحة تحرص إيران على جعلها قاعدة متقدمة أخرى على غرار قاعدتها في لبنان تماما على طريقة تنافس المعسكرين الشرقي والغربي زمن ما يسمى الحرب الباردة .

ولا زالت إيران تدفع بشدة عبر محطاتها الإعلامية خصوصا في القاعدة اللبنانية المتقدمة من أجل تقسيم الشعب البحريني على غرار تقسيم الشعب اللبناني ، مقابل نفس الرغبة لدى الغرب الذي غض الطرف عن تدخل الأنظمة الخليجية الموالية له عسكريا في البحرين في حين لم يسكت عن تدخل النظام الإيراني وقاعدته اللبنانية المتقدمة في سوريا. ونظرا لتقارب خطوط التماس بين الغرب وإيران في منطقة الشرق الأوسط ، وبسبب وجود الكيان الصهيوني الذي يحرص الغرب على استقراره وأمنه وسلامه بالدرجة الأولى لم يستطع الغرب نهج نفس أسلوب تعامله مع النظام الليبي المبيد للشعب العربي الليبي مع النظام السوري الأكثر دموية وبطشا بالشعب العربي السوري. وما تباطؤ الغرب في إسقاط النظام الليبي والنظام اليمني سوى مناورة مكشوفة من أجل تنكب نفس الأسلوب في سوريا التي هي عبارة عن نقطة تماس مع الغريم الإيراني في انتظار أن تفضي المفاوضات السرية بينهما إلى صيغة تمنع الاحتكاك بينهما من أجل سلامة الكيان الصهيوني أولا وأخيرا . وما حديث الغرب مؤخرا عن كلفة التدخل في ليبيا سوى مبرر من أجل تجنب الحرج الحاصل بسبب الوضع في سوريا . والغرب أحرص من غيره على إجهاض ثورة الشعب العربي السوري الذي لم يعد يطيق إهانة النظام الدموي المستبد له. ولقد لوح الغرب مرارا وتكرارا بما يسمى اقتراحات الإصلاحات السياسية في سوريا ، وهي محاولة التفاف على ثورة الشعب السوري مخافة أن يؤدي سقوط النظام المستبد في سوريا إلى ظهور نظام مهدد للكيان الصهيوني خلاف النظام الحالي الذي لم يجد غضاضة في نسبة أمن وسلام الكيان الصهيوني لوجوده واستمراره . والنظام السوري عبارة عن نظام عازل بين إيران والغرب وكل منهما يفضل أن لا تتعدى رقعة الصراع بينهما الساحة اللبنانية في الظرف الحالي خصوصا بعد ثورات الشعوب العربية مشرقا ومغربا والتي لم يتبن أمرها بعد . وقد يخوض الغرب صراعا مع إيران في حالة ما إذا أمن وجوده في الأقطار العربية التي فقد فيها أنظمة موالية صديقة ، ولكنه ما دام لم يتثبت بعد من بدائل مناسبة لهذه الأنظمة فإنه لن يغامر بصراع مع إيران التي قد تستغل مغازلتها لمشاعر الأمة العربية في هذا الظرف بالذات موظفة القضية الفلسطينية وراكبة الثورات العربية التي كان من وراء اندلاعها بطبيعة الحال القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى.

و الغرب أيضا يخشى من انتشار عدوى الثورات العربية إلى دول الخليج حيث يوجد أكبر احتياطي عالمي من النفط الذي يسيل لعابه ولعاب دولة إيران على حد سواء ، ولهذا تلكأ الغرب في تحديد موقفه من ثورة الشعب اليمني التي قد تمتد عدواها إلى شمال شبه الجزيرة العربية ، ولهذا الأمر انحشرت دول الخليج في مشكل الثورة اليمنية كأسلوب وقائي ضد العدوى بعد ظهور أعراض الثورة في قلب الخليج بدولة البحرين وقبالة الدولة الصفوية المتربصة بالخليج بعد ما وفر لها الغرب موطأ قدم في العراق أثناء احتلاله من خلال ركوب الطائفية التي كانت مركوبة سلفا من طرف النظام الإيراني الذي لم تضع منه فرصة التغلغل في العراق لكسب قاعدة أخرى من أجل إدارة صراعه مع الغرب ،وهي قاعدة خففت الضغط على قاعدة صراعه في لبنان . ولا نستغرب أن يعتبر النظام الإيراني الساحة السورية ضيعة تابعة لملكيته وخطا أحمر يهدد اجتيازه أمنه لأن سوريا هي معبره إلى قاعدته في لبنان ، مما يعني أن سقوط النظام السوري وحلول نظام عربي محله سواء كان معاديا للغرب أم مواليا له سيجعل القاعدة المتقدمة في لبنان مكشوفة ، ومن ثم ستضيع ورقة جد هامة من أوراق المساومة التي هي بيد الدولة الصفوية لصالح الغرب والكيان الصهيوني . وأمام هذا الصراع المحتدم بين الغرب وإيران تدفع الشعوب العربية وخاصة الشعب العربي السوري الثمن باهظا حيث يموت العشرات يوميا ويهاجر المئات نحو تركيا التي صارت في وضع حرج أيضا لأنها تريد التوفيق بين علاقتها مع الخصمين الغربي والإيراني حرصا على مصالحها بعدما صارت القوة الاقتصادية السادسة في أوروبا ، وهي تحاول احتضان المفاوضات السرية بين الخصمين من أجل حل يجنب كلا الطرفين ما لا يرغب فيه من صراع يدمر مصالحهما على حد سواء في المنطقة العربية . ولا نستغرب سماع لغة الاتهام التي يحاول كل طرف إلصاقها بفئة من الشعب السوري من أجل خلق وضع مشابه لوضع الشعب اللبناني ، ذلك أن الفئة الرافضة لاستبداد النظام السوري من السهل إلصاق تهمة الخيانة بها وتهمة موالاة الغرب ، والعمل وفق أجندته ، كما هو الحال مع الفئة اللبنانية الرافضة للوجود الإيراني في لبنان . وفي المقابل لا تنجو الفئة الموالية للنظام السوري من تهمة الولاء للنظام الإيراني والعمل بأجندته أيضا . وواقع الأمر في سوريا أن الشعب العربي السوري لا يرضى أجندة غربية ولا أجندة إيرانية ،فهو قد ثار على نظام مستبد فاسد متخصص في استغلال الصراع بين الشرق والغرب سابقا ، وبين إيران والغرب حاليا من أجل ضمان وجوده واستمراره على حساب كرامة الشعب العربي السوري. وهكذا صار هذا الشعب العربي السوري قربانا لصراع قوى الشر الغربي والصفوي في منطقة الشرق الأوسط .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *