Home»International»الأفق المغربي-الجزائري في ضوء همجية النظام الليبي

الأفق المغربي-الجزائري في ضوء همجية النظام الليبي

0
Shares
PinterestGoogle+

 

لقد أصبح من المؤكد أن ثمة زمنا عربيا قيد الولادة، وأن الثورة التي يقودها الشباب أصبحت يقينا لا يمسه الشك؛ وبالموازاة، اتضح أن أخطبوط الفساد الذي تعاظم في ظل أنظمة متخلفة ومستبدة، وبمباركة من لوبيات الغرب الإمبريالي، اتضح أنه أخطبوط يعاني من تصلب بنيوي في نسقه الفكري والنفسي، تصلبٌ حرمه من القدرة على الاستشفاء الذاتي. لقد كشفت لنا الثورة الليبية الحالة الصحية الحرجة التي يعانيها جسد ليبيا جراء وحشية القذافي أحد الأذرع الأكثر بطشا لهذا الأخطبوط. إن انتصار ثورتنا في ليبيا الذي بات وشيكا سيكون ثمنه غاليا؛ وعلى المؤمنين بالتغيير أن يأخذوا هذا المعطى في الحسبان، وعلى أصحاب القرار، وأخص بالذكر الفئة المؤمنة بالتغيير، أن تبذل قصارى جهدها لاستيعاب المتغيرات والإحاطة بها، وأن تساهم بإحداث تغيير حقيقي بأقل الخسائر. فالمعطيات تؤشر على أن هناك استخفافا وتجاهلا وتضليلا، بل وتماديا في الضلال. وعلى أصحاب القرار أن ينظفوا محيطهم من ذوي النظر القصير والأيادي الطويلة والألسنة المحترفة في حجب الحقائق.

 

مظاهرات 20 فبراير، كانت رسالة من الشعب المغربي أكد فيها تمسكه بالملك وأكد في ذات الوقت تطلعه إلى التغيير الديمقراطي بشكل سلمي، فالشعب ضم صوته إلى صوت الملك بالقدر ذاته الذي ضم به الملك صوته إلى صوت الشعب، وقد كانت الرسالة بليغة، لا تحتاج إلى تأويل، بقدر ما تحتاج إلى تقدير.

مظاهرات 20 فبراير، كانت رسالة من الشعب المغربي أكد فيها تمسكه بالملك وأكد في ذات الوقت تطلعه إلى التغيير الديمقراطي بشكل سلمي، فالشعب ضم صوته إلى صوت الملك بالقدر ذاته الذي ضم به الملك صوته إلى صوت الشعب، وقد كانت الرسالة بليغة، لا تحتاج إلى تأويل، بقدر ما تحتاج إلى تقدير.
لقد سقطت عصابة الاستبداد في تونس ثم في مصر، وبلا شك ستنهار شبكة الإجرام في ليبيا، والعصابة التي عاثت في الجزائر فسادا، وجدت نفسها معزولة بعد أن سقط حلفاؤها في تونس وليبيا، ولم يبق لها إلا حلفاؤها في جارها الغربي، حلفاؤها في المغرب سيسارعون لإنقاذها ليس حبا في التعاون مثلما يدعون ولا من أجل فتح صفحة جديدة، إنهم حلفاؤها وفقط، تجمعهم بها المصالح الضيقة والأنانية ومعاداة التغيير الديمقراطي، حلفاء هذه العصابة في المغرب لم يفلحوا في إقناع الملك وفشلوا في ثنيه عن تغيير الدستور. غير أن فشلهم في هذا المسعى لن يدفعهم إلى التسليم، فسيعملون، كعادتهم، على قرصنة كل المساعي والمشاريع الرامية إلى التغيير، وقد وجب التكتل المدني من أجل إقلاع مغربي ديمقراطي. أما بخصوص الجزائر، فإن أي تقارب بين الحكومتين الجزائرية والمغربية في هذا الظرف، لا يعني سوى شيء واحد: تغيير « حلف الفساد » لاستراتيجيته حتى يحافظ على نفوذه، وبالتالي كبح عجلة التغيير السلمي، أو تشويهها.

 

إن الرئيس، لا يريد للجزائر أن تعبر من ذات الممر الذي عبرت منه تونس ومصر؛ القذافي أيضا رفض أن تكون ليبيا مثل تونس ومصر؛ لذلك قرر التنكيل بشعبه، فالقذافي أكثر عتوا وجبروتا من نظيريه، وقد أعد العدة منذ عقود، وعقد العزم على تدمير ليبيا وإحراقها ما استطاع إلى ذلك سبيلا،

بالنسبة للجزائر، فقد كشفت الصحافة الجزائرية مؤخرا، أن تقارير استخباراتية، أكدت « الرضا » الذي يحظى به الرئيس بوتفليقة.
وعقب رفع هذه التقارير، قام بوتفليقة بجمع مستشاريه وعدد من الضباط الكبار في المخابرات والمؤسسة العسكرية واستشارهم في الوضع الراهن وآليات الخروج من هذه الأزمة بسلام وتجنيب الجزائر ما حدث في تونس ومصر.
وبغض النظر عن نزاهة هذه التقارير، فالسؤال الذي يفرض نفسه: ما الجدوى من هذه التقارير؟ وما الجدوى من تسريبها للإعلام؟
إن الرئيس، لا يريد للجزائر أن تعبر من ذات الممر الذي عبرت منه تونس ومصر؛ القذافي أيضا رفض أن تكون ليبيا مثل تونس ومصر؛ لذلك قرر التنكيل بشعبه، فالقذافي أكثر عتوا وجبروتا من نظيريه، وقد أعد العدة منذ عقود، وعقد العزم على تدمير ليبيا وإحراقها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وهذا لا يعني أبدا أن بن علي وحسني أكثر تمدنا وتحضرا، ولا لأنهما لا يمتلكان نفس الأنياب والمخالب، بل لسبب آخر، هو عدم توفر الشروط ذاتها. إن شبكة الفساد العربية لم تفلح في إحراق تونس ومصر مثلما أجهزت على الشعب الليبي الذي تواطأت ضده أغلب شبكات النفوذ العربية.

الرئيس بوتفليقة، أغدق عليه مستشاروه، وغمروه بكل النصائح والحلول والبدائل، ما بطن منها وماظهر، غير أنها نصائح بدون جدوى، وكان يكفيهم نصحه بشيء واحد لا غير، وهو أن يعترف للشعب الجزائري بأخطائه وبفشله وفشل تحالفه الرئاسي، ويطلب الصفح والاعتذار من الشعب

الرئيس بوتفليقة، أغدق عليه مستشاروه، وغمروه بكل النصائح والحلول والبدائل، ما بطن منها وماظهر، غير أنها نصائح بدون جدوى، وكان يكفيهم نصحه بشيء واحد لا غير، وهو أن يعترف للشعب الجزائري بأخطائه وبفشله وفشل تحالفه الرئاسي، ويطلب الصفح والاعتذار من الشعب أولا، ثم من الذين تسبب النظام في موتهم أو تشريدهم أو نفيهم، وأن يعلن ذلك أمام الملأ في خطاب متلفز، ويدعو إلى حوار شامل تشارك فيه كل القوى الحية، من أجل دستور ديمقراطي، وأن يتعهد كل الذين تورطوا في الاختلاس والفساد وراكموا الثروة، أن يتعهدوا بإرجاعها إلى خزينة الدولة. إنها البطولة الوحيدة التي ستجنب الجزائر مصير ليبيا وستجعل منها بلدا أكثر قوة وتماسكا وأمنا وعلاوة على ذلك ستجنب بوتفليقة وصحبه مصير القذافي وستجعل من بوتفليقة بطلا بالمعنى الحقيقي هذه المرة، وبهذه الطريقة سيكون الرئيس أكثر سخاء من مهري الذي بادر إلى اقتراحات من خلال رسالته، ومن آيت أحمد الذي عبر عن دعمه الكامل لرسالة مهري، ويجدر بنا أن نشير إلى مقترح الحقوقي والمحامي حسين زهوان، وأحمد بنبيتور. هل هذا ممكن؟
بالطبع لا، غير ممكن، فذهنية النظام، من أخمص قدميه حتى أم رأسه، تنتمي إلى نفس « النوسفير » الذي ظل القذافي يسبح فيه دون أن يقوى على الخروج منه. لقد تناقل الإعلام على نطاق واسع ضلوع جنسيات مختلفة في الحرب على الشعب الليبي، هذه الجنسيات التي تخندقت في صف القذافي من بينها جزائريون وسوريون وبوليساريو، والأمر لا يتعلق بمجرد مرتزقة انضموا بشكل انفرادي، للقتال من أجل المال، بل المسألة مبدئية والهدف منها إفشال الثورة الليبية؛ وهنا يجب أن نطرح بعض الأسئلة:
– لماذا لم يسارع النظام الجزائري إلى نصرة الشعب الليبي من أجل تقرير مصيره؟
– ما الجدوى من اللقاءات المغربية الجزائرية إذا لم تكن من أجل دعم الشعب الليبي؟ والتبرؤ من القذافي المجرم؟
– ما الجدوى من الاتحاد المغاربي إذا لم يكن من أجل الشعوب؟

إن التقارب المغربي الجزائري، في هذا الظرف لن يكون في مصلحة الشعبين ولا مصلحة الدولتين، ولحسن الحظ جاء الخطاب الملكي، ليقطع دابر الشك، وليضع المغرب على طريق الديمقراطية السيار، ومن واجب المغرب الجديد أن يدعم الشعب الليبي، ولن يزيده هذا الدعم إلا شرفا وقوة

إن طريقة تعاطي الحكومتين المغربية والجزائرية، مع ما يحدث في ليبيا، بين بالملموس أنهما تنتميان إلى نسق يجب أن يزول في أقرب وقت، فحديثهما عن فتح الحدود والتعاون في هذا الظرف، لا يحمل أية قيمة.
إن التقارب المغربي الجزائري، في هذا الظرف لن يكون في مصلحة الشعبين ولا مصلحة الدولتين، ولحسن الحظ جاء الخطاب الملكي، ليقطع دابر الشك، وليضع المغرب على طريق الديمقراطية السيار، ومن واجب المغرب الجديد أن يدعم الشعب الليبي، ولن يزيده هذا الدعم إلا شرفا وقوة، ثم أن طبيعة اختياراته تفرض عليه أن يكون في صف الشعب الليبي؛ أما النظام الجزائري فهو من الأنظمة التي لم تعد قادرة على التغير من تلقاء ذاتها، ومهما يكن فسيلقى هذا النظام حتفه، عاجلا أم آجلا. فحركة 12 فبراير ستتقوى وستهتدي لأسباب قوتها، وعلى صناع القرار في المغرب أن يضعوا في الحسبان، كل السيناريوهات الممكنة؛ فقد آن لصوت الديمقراطية أن يعلوا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *