Home»National»الوزارة الوصية على الشأن الديني تريد أن تلقن المغاربة الوطنية بخطبة منبرية رسمية واضحة التكلف

الوزارة الوصية على الشأن الديني تريد أن تلقن المغاربة الوطنية بخطبة منبرية رسمية واضحة التكلف

0
Shares
PinterestGoogle+

من المؤسف جدا أن تكون بعض آفاق المسؤولين في الوزارة الوصية عن الشأن الديني في بلادنا أضيق مما يتصور، وذلك حين تتفتق عبقرية بعضهم عن التفكير في تلقين الوطنية للمغاربة عبر خطبة منبرية رسمية من النوع الرديء كالعادة والتي هي من قبيل خطب الملح وداء الكلب وغير ذلك من المواضيع المستهلكة التي تفرض كلما حلت ظروف خاصة وصارت موضوع تندر المواطنين . وهؤلاء المسؤولين يخيل إليهم من قلة خبرتهم أنهم أذكى حينما يفكرون في تحرير مثل هذه الخطب في مثل تلك الظروف ظنا منهم أنهم يستبقون بها الأحداث والظروف ، والحقيقة أنهم يسيئون من حيث لا يشعرون إذ يتسببون في إثارة الشكوك في نفوس رواد المساجد الذين من حقهم أن يسألوا ما الذي دفع المسؤولين عن الشأن الديني لتحرير مثل تلك الخطب في مثل تلك الظروف. ولربما جاءت تلك الخطب بعكس ما أريد لها . وأما تحرير خطبة منبرية رسمية وفرضها على المغاربة من أجل تلقينهم دروسا في الوطنية في ظرف تحركات الشوارع في بعض البلاد العربية على إثر أحداث تونس فسوء تقدير وسوء حساب من المسوؤلين عن الشأن الديني لأن موضوع الوطنية عند المغاربة لا يقبل مثل هذا التلقين الساذج ، ذلك أن وطنية المغاربة من صميم تدينهم حيث تتمثل هذه الوطنية في ثوابت أصلها دين وهي العقيدة السنية والمذهب المالكي والإمامة العظمى أو الملكية الدستورية .

فلا أحد يمكنه أن يزايد على الآخر في المغرب فيلقنه دروسا في هذه الثوابت. فالمغاربة مسلمون سنيون مالكيون ملكيون دستوريون بفطرتهم يكنون كل الحب لدينهم ولعقيدتهم ولمذهبهم ولمن قلده الله عز وجل أمر دينهم ودنياهم. فماذا عسى خطبة منبرية رسمية أن تزيدهم عن هذا الحب وهذا التعلق ؟ والمغاربة يميزون بين الثوابت وبين غير الثوابت التمييز الصائب والصحيح . فإذا ما استاء المغاربة فإنما يستاءون من حكومات وراءها أحزاب تسيء التدبير. وشتان بين غضب المغاربة من سوء تدبير حكومات وأحزاب وبين محاولة هذه الحكومات والأحزاب الربط بين سوء تدبيرها وبين الثوابت التي يقدسها المغاربة . فلا يحق لحكومة ولا لحزب أن يخلط بين تدبيره الذي يخصه هو ويتحمل مسؤوليته وبين الثوابت ليوهم المغاربة أن تدبيره هو في مستوى الثوابت. والمغاربة أذكى من أن يخلطوا بين ملكية دستورية وهي من ثوابتهم وبين أداء حكومات وأحزاب مسؤولة أمام الملكية الدستورية بل الشعب المغربي يلجأ إلى الملكية الدستورية لمساءلة ومحاسبة الحكومات والأحزاب . وأحداث تونس أو غيرها من البلاد العربية إنما تقلق الحكومات والأحزاب لأنها تقوم بمقارنة بين تدبيرها الفاشل وتدبير الأنظمة التي اندلعت فيها الثورات الاجتماعية . والمغاربة ليسوا مجرد ببغاوات يقلدون غيرهم لهذا فكرت الوزارة الوصية عن الشأن الديني في تلقينهم دروسا في الوطنية في هذا الظرف بالذات. وللمسؤولين عن الشأن الديني عندنا نقول ليست الملكية الدستورية العريقة الضاربة في جذور التاريخ كالأنظمة الرئاسية في البلاد العربية التي تحول بعضها إلى رئاسة مدى الحياة أو رئاسة وراثية . لقد اختار المغاربة بدافع دينهم وعقيدتهم ومذهبهم الإمامة العظمى أو الملكية الدستورية كرمز لوحدتهم النابعة من وحدة دينهم منذ قرون وهي من صميم دينهم ، لهذا من الخطإ محاولة مقارنة ما يجري في البلاد العربية ذات الأنظمة الرئاسية مدى الحياة أو الوراثية بالملكية الدستورية عندنا في المغرب . ومن الخطإ أيضا نسبة سوء تدبير الحكومات والأحزاب للملكية الدستورية ، لأن الحكومات والأحزاب تتحمل وحدها مسؤولية سوء التدبير بموجب دستور متعاقد عليه. وكان على الأوصياء على الشأن الديني عندنا أن يتعظوا من التجربة التونسية حيث ظل التونسيون لأكثر من عقدين يستهلكون الخطب النافقة ، وهم يعرفون في أعماقهم وبفطرتهم الدينية أنها خطب نافقة ومنافقة ، ومع حلول أول فرصة وبعد فرار الدكتاتور عبروا عن هذه الحقيقة بكل وضوح .

ولهذا على المسؤولين عن الشأن الديني عندنا أن يتجنبوا أسلوب المسؤولين عن الشأن الديني في تونس في عهد النظام الفار، وأن يضعوا في حسابهم أن المغاربة شعب ناضج وواع وله خصوصياته وهو يحترم ثوابته ويقدسها . فإذا كان المغاربة لا يرضون حتى بالهزيمة في مباراة من مباريات لعبة كرة القدم ويفرحون بالفوز فيها فإنهم لن يرضوا بما هو فوق ذلك من الخسارات التي قد تكون بسبب سوء تدبير الحكومات والأحزاب ، ولن يقل فرحهم عما فوق ذلك من الانجازات المشرفة ، وتلك لعمري من مؤشرات الوطنية التي يريد أصحاب الشأن الديني تلقينها للمغاربة من خلال خطبة رديئة تجلب على أصحابها السخرية والشفقة .و لقد مارست الخطابة ولمست صدق المغاربة وثقتهم بمن يصدقهم فوق المنابر ولا يكذبهم . لقد ألقيت خطبا في مناسبات وطنية من غير الخطب الرسمية التي تحاول الوزارة الوصية فرضها على المغاربة ولمست عن قرب ثقة المغاربة فيما يقال لهم ، و لمست صدقهم في تشبثهم بثوابتهم ، وصدقهم في دعائهم لأميرهم ، وإن تأمينهم على الدعاء لأميرهم في خطب منبرية غير رسمية لهي أصدق من عبارات الدعاء المتكلفة التي تتضمنها الخطب الرسمية الواردة من الوزارة الوصية . وإن المغاربة ليؤمنون بكل صدق على الدعاء لأميرهم في خطب غير رسمية ، وهم بذلك أكثر وطنية من الذين أرادوا تلقينهم الوطنية عبر خطب منبرية رسمية ساذجة وواضحة التكلف .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. امين جمعية النبراس الساهرة على المسجد
    31/01/2011 at 14:38

    في الحقيقة نشكر وجدة سيتي والساهرين على هذا المنبر الحر كما نشكر الاخ شركي على مواضعه القيمة وتجنبه للنفاق والتذبذب في كتاباته اما عن وطنيتنا هذا لا نقاش قيه وخير دليل تعلق المغاربة باهداب العرش كيفما كان الحال اما اصحاب الشان الديني اقولها بكل صراحة مثل معضم المؤسسات فاذا القينا نضرة على اغلاق المساجد مثلا فنجد قرية كفايت التي بني فيها هذا الاخير من عهد الملك الحسن الاول ومع تقادمه اغلق دون سابق انذار يوم الخميس 3 مارس على الساعة الثانية زوالا مع العلم ان الجمعة عيد المسلمين ولا زال لحد الساعة فسؤالي هو كالتالي 1 هل يعقل ان يغلق المسجد ليلة الجمعة 2ماهو بديل الوزارة الوصية رغم انه المسجد الوحيد في الزاوية السفلى3 هل هؤلاء المسؤلين على دراية عن قيام الساكنة بالشعائر الدينية …لكن رغم الكل فنحن ساكنة كفايت متشبثين بالثوابت ونجدد اعتزازنا وفخرنا للسد العالية بالله

  2. mimoun
    31/01/2011 at 14:40

    اشكر الاخ الشركي لاثارته لهذا الموضوع والتحليل الموضوعي لاضيف ان المسؤولين في هذا البلد يخلطون الدين بالسياسة ويستغلونه لاغراض سياسوية حتى يتسترون على عيوبهم في دبير الشان العام ومواجهة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الشباب وما اكثرها هذا الشباب هو الذي يعطي الدرس في الوطنية وحب الوطن واخر درس اعطاه للداخل والخارج هو خروجه بالملايين في مظاهرة الدار البيضاء وفي زمن قياسي ادهلت العدو قبل الصديق وعليه عوض هروب المسؤولين بنهج اسلوب النعامة يجب اشراك الشباب في اتخاذ القرارات وهي مسؤولية الجميع من البيت الى المدرسة الى المجتمع المدني الى الاحزاب الى المسؤولين في الحكومة وللوصول لهذه الغاية لابد من التفكير في مشروع مجتمعي يروم تغيير اسلوب التدبير الكلاسيكي الى اسلوب تشاركي لاننا امام جيل يفكر باسلوب جديد ما ينقصه هو التاطير والاعتراف بقدراته تحت قيادة ملكنا الشاب صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله راعي الشباب

  3. oujdi
    01/02/2011 at 17:29

    سلام عليكم اولا نشكر السيد شركي على تحاليله التي دائما ما يثري بها منبر وجدة سيتي،كمانشكره على دعمه للقضية الوطنية والدينية،وأكثر الله من امثالك،فلقد حكوا لي انك تقدم دروسا ومواعظ في المساجد فحفظك الله وانا معك فيما تقول،هده الخطب لا داعي لارسالها لأن لاأحد يشكك في إيمان وإسلام المغاربة وفقكم الله والله أكبر والعزة للإسلام.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *