Home»Enseignement»معضلة المنظومة التربوية حلها بين جدران الفصول الدراسية وبين متعلم ومعلم

معضلة المنظومة التربوية حلها بين جدران الفصول الدراسية وبين متعلم ومعلم

0
Shares
PinterestGoogle+

دخلت منظومتنا التربوية سنتها الثانية من رباعية الإصلاح الاستعجالية بعد عشرية إصلاح خلت بلا طائل ووضعيتها لم تعرف التغيير بالرغم من كثرة الشعارات المرفوعة ، وكثرة المال المهدور في باطل بلا طائل . لا زالت دار لقمان كما تركها لقمان . يتحدث المستفيدون من ريع المخطط الاستعجالي عن أمور جديدة في المنظومة صيغت في شكل مشاريع أطلقت عليها رموز ، وسجلت على أقراص مدمجة تعرض ليل نهار على شاشات الحواسيب بشكل يسبب وجع الرأس . وتتحدث برامج المخطط الاستعجالي عن أشياء لا وجود لها في واقع المنظومة التربوية . لا زال الموسم الدراسي كما كان منذ أفلست المنظومة يعرف التعثر حيث لم يلتحق المتعلمون في الموعد المحدد ، ولم تنطلق الدراسة في وقتها وهما مؤشران على صحة وعافية المنظومة ، أما ما عدا ذلك من الإجراءات الإشهارية وهي مجرد خبط فمحض ذر للرماد في العيون .

فالمنظومة التربوية تقوم على ركنين أساسيين هما المتعلم والمعلم ، فعندما تتوفر القناعة الجادة لدى المتعلم بالدراسة ، وتتوفر الإرادة الجادة للمعلم بالتدريس تنفرج معضلة المنظومة التربوية عندنا . وما دام المتعلم عندنا غير مقتنع بالدراسة وهو أمر واضح لأنه يلتحق متأخرا بسبب انعدام الرغبة ، ولو رغب لأسرع في الالتحاق ، وعندما أقول الالتحاق أقصد المعنى العام للالتحاق وهو عبارة عن التحاق بالتسجيل في الوقت المحدد ، والتحاق بالدراسة في الموعد المحدد عند انطلاقها أول يوم ، و اقتناء للوازم والكتب في الوقت المحدد ، والتحاق بالفصول الدراسية في المواعيد اليومية المحددة دون أن يحمل على ذلك حملا ويدفع إليه دفعا ، وانخراط فعلي في الدروس اليومية ، وقيام بالواجبات اليومية في وقتها ، وإنجاز للفروض على الوجه المطلوب دون غش أو احتيال . فهذا هو الالتحاق بالدراسة ، كما أن الانصراف عن الدراسة له نفس المعنى الشامل فهو انصراف بعد انقضاء زمن الموسم الدراسي إلى آخر يوم ، وانصراف من الفصول الدراسية إلى آخر دقيقة ،و إنهاء للمقررات إلى آخر كلمة ، وإنجاز للواجبات إلى آخر واجب ، وإنجاز للفروض إلى آخر سؤال ، وعماد ذلك كله الصدق وتنكب الغش والتدليس . وبين الالتحاق والانصراف بالمعنى الشامل لا يمكن أن نعدم المتعلم بالمعنى الصحيح بسلوك التعلم وأخلاق العلم شكلا ومضمونا بزي يوحي بالتعلم ، وكلام يشي بالتعلم ، وحركة تدل على التعلم ، وسحنة لا تعني شيئا غير التعلم . وما دامت منظومتنا تفتقر إلى هذا الركن الركين بهذه المواصفات فلن تقوم لها قائمة أبدا ولو أنفق ما في الأرض ذهبا عليها .

إن واقع منظومتنا أنها أمام نموذج متعلم غريب الأطوار بغض الطرف عن الاستثناءات حتى لا يقيم بعضهم الدنيا بسبب هذه الاستثناءات التي هي في حكم ما لا قياس عليه في كل المجالات ، والظواهر فوق الاستثناءات. المتعلم عندنا فاقد لحس التعلم ، يرى في التعلم وهو واجبه بحكم سنه عبارة عن عقوبة فكما يتلكأ السجين عندما يساق إلى السجن كذلك يتلكأ المتعلم عندنا عندما يحين موعد الدخول المدرسي ، ويماطل في التسجيل ، وفي اقتناء اللوازم كما يماطل السجين في اقتناء لوازم الزنزانة ، وهو متمرد على كل قوانين المؤسسة الدراسية تماما كما يتمرد السجين على قوانين السجن ، وهو مصر على الغش في كل شيء كما يصر السجين على الغش في ممارسة ما تقتضيه وضعيته ، وهو يتعمد تمديد فترات الاستراحة تماما كما يتعمد السجين ذلك تجنبا للعودة السريعة إلى الزنزانة ، وهو يدمر كل شيء في المؤسسة الدراسية يكسر زجاجها ، ويرسم على جدرانها وعلى طاولاتها تماما كما يفعل السجين داخل السجن ، وهو يتعجل الخروج من المؤسسة كما يتعجل السجين ترك السجن . وأما شكل هذا المتعلم فيوحي بكل شيء إلا بالانتماء للعلم والتعلم ، فأشكال تصفيف الشعر عنده ، وأنواع الألبسة والأصباغ تدل على رواد الأماكن الغريبة من مراقص وملاهي ليلية ، وخمارات ، وحتى ماخورات بحكم ما يخرج من فم هذا المتعلم من عبارات نابية تندى لسماعها الجباه ،وبحكم تكسره في الحركات وتغنجه ، ولقد صارت سلوكات المراقص والملاهي هي الغالبة في ضواحي المؤسسات الدراسية وداخلها فلا ترى إلا العناق والقبل المتبادلة والضحكات الهستيرية الصاخبة ، والعراك والملاكمة على طريقة الأفلام الأمريكية ، ولا يكاد ركن من أركان المؤسسات التربوية يخلو من خلوة بين الجنسين في لقطات فاضحة تعطي انطباعا بأن هذه المؤسسات مجرد أوكار لتلقين الدعارة للناشئة ، وهو ما يغري المتسكعين بالتسكع في محيط هذه المؤسسات بحثا عن الهوى بين المتعلمين من الجنسين . فهذه العينة من المتعلمين تجعل المعلمين في حيرة من أمرهم أيدرسونهم كما تفرض النصوص التنظيمية والتشريعية أم يعرضون عنهم وقد غابت عنهم كل مواصفات المتعلمين . يحار الحليم من رجال التعليم في شأن هذا النوع من المتعلم فيضطرون إلى إلقاء دروسهم على جدران الفصول والمتعلمون منشغلون عنها بأحاديثهم الخاصة التي بدأت خارج المؤسسات وهي أحاديث لا تغادر العلاقات الحميمة والأخبار الرياضية والفنية في أحسن الأحوال . وإذا ما انقطعت هذه الأحاديث لبعض الوقت فإنها تتحول إلى تفكه بالمعلمين الذين يلقون دروسا على جدران الفصول كما هو واقع الحال. ونظرا لهذا الوضع فكر كثير من المعلمين في إعطاء الدروس الخصوصية لأنها الدروس الوحيدة التي تقارب في الشبه ما كان يجب أن تكون عليه الدروس في المؤسسات الرسمية لأنها دروس مأجورة يحرص من يدفع أجرها على أن تأخذ شكل دروس حقيقية في حين لا يبالي أحد بالدروس التي تتولى الدولة دفع أجرها .

وبإعراض ركني المنظومة التربوية المتعلم والمعلم عن الانخراط الصحيح والكامل فيها تلفظ أنفسها ولا يمكن أن تقوم لها قائمة أبدا لا بمخطط استعجال ولا بمخطط استبطاء .وأمام هذه الوضعية المزرية تنشط عصابات تدمير المنظومة من خلال إجراءات إجرامية بما لكلمة إجرام من دلالة حيث بدأنا نسمع بفصول دراسية يحشر فيها أبناء الأعيان عن سبق إصرار ،و تسند إلى طوائف من المعلمين المتواطئين أو المتورطين في جرائم التدليس والغش والمتمثلة في بيع النتائج في المزاد عن طريق النفخ في نقط المراقبة المستمرة من أجل ضمان عتبات المعدلات التي تسمح بولوج أبناء الأعيان إلى معاهد ليسوا في مستواها . ومقابل انخراط المتاجرين من عديمي الضمائر في نقط المراقبة المستمرة يستفيدون من امتيازات أقلها جداول حصص مهيأة بشكل يمكنهم من ممارسة الدروس الخصوصية بشكل مريح يعود عليهم بالربح المليح. وأمام هذا الوضع المؤلم للمنظومة التربوية ينشغل المسؤولون بالدعاية الفارغة ، والاجتماعات النافقة وينتظرون أن تمخر سفينة المنظومة اليابسة في غياب العباب ولعمري صدق شاعرنا الحكيم إذ يقول :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. معلم متقاعد
    05/10/2010 at 23:54

    أشاطرك الرأي اخي الكريم وأضيف الى ما ترى طرفا ثالثا أساسيا وهو سياسة تعليمية جادة وواقعية،توفر المستلزمات الضرورية لتعلم حقيقي .وكي اكون واضحا أسوق مثالا على عدم توفر سياسة تعليمية حقيقية وواقعية في بلدنا،وكما أشرت فان جل التلاميذ لا يرغبون في ارتياد فصول الدراسة ويعرضون عن كل ما له صلة بذلك،بينما نجد فئة أخرى -وهم قلة -يتابعون ويثابرون وينفقون الجهد والمال ويحرزون معدلات جيدة.ان الخلل في نظري قد نشأ أيام عجزت الدولة عن مسايرة النمو الديموغرافي في سياستها التعليمية فكفت عن بناء المؤسسات الضرورية وتوظيف الاساتذة والعاملين في الحقل التعليمي وانشأت مديرية التخطيط وفروعها في النيابات من اجل تقرير عتبة الانتقال والعمل على تفادي التكرار في الفصل الواحد وهكذا فان التلميذ ينتقل خالي الوفاض وكلما « ارتقى » من مستوى لآخر الا و »تدنى » مستواه وينشأ عن ذلك نفور من الدراسة والتعلم والمعلم ..والغريب في أمر أصحاب القرار عندنا انهم يعلمون ذلك ولكنهم يشخصون الخلل في مناطق اخرى من جسد التعليم،ويعبدون السبل من اجل انفاق الأموال الطائلة في ما لا يعود بالنفع الا على جيوبهم.بالله عليكم هل تعليمنا في حاجة الى تزويد بعض رجال التعليم بأجهزة حواسيب محمولة وبهواتف خلوية من أحدث طراز بينما تقتقر بعض المؤسسات الى الوسائل الضرورية والاساتذة الكافين .ان التلميذ المغربي كباقي خلق الله قادر على ان يتعلم ويدرس ويتفوق وقد فعلت الاجيال السابقة ذلك بأبسط الوسائل ، وينبغي الكف عن مقاربات التدليس والتشخيص الخاطئ والانطلاق من ارضية تكوين صلبة تهتم باعداد أسس تعلم حقيقي انطلاقا من التعليم الأولي ومرورا بالتعليم الابتدائي وغير من الأطوار واعتماد اسلوب تكرار السنة ما لم يتحقق للنمتعلم المتوى الذي يؤهله للقسم الأعلى هذا فضلا عما اشرت اليه في المقال من اخلاص النية لدى المعلم والمتعلم..

  2. معلم
    05/10/2010 at 23:54

    و شهد شاهد من اهلها
    هاو احد المفتشين يراجع نفسه و يعترف للمدرس بانه هو المسؤول الاول والأخير عن التعلم و كثير من الناس لا يعترفون بذلك
    صدق رسول الله: كل بني ىدم خطاء و خير الخطائين التوابون

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *